|
نايف حواتمة....المطلوب مؤتمر دولي للسلام تحضره جميع أطراف الصراع بما فيها سوريا ولبنان
نايف حواتمة
الحوار المتمدن-العدد: 2054 - 2007 / 9 / 30 - 11:59
المحور:
مقابلات و حوارات
• نرفض الاحتكار والإقصاء واستبدال احتكار باحتكار، والحل بانتخابات ديمقراطية على أساس التمثيل النسبي الكامل ومتوافق عليها حاورته: عائدة عم علي/ دمشق عاصر القضية الفلسطينية بكل منعطفاتها، صعودها وانكساراتها، وكانت له وللجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي تزعمها منذ نحو أربعة عقود مساهمات مفصلية رئيسية، وارتبط اسم الجبهة بالبرنامج المرحلي الذي طرحته في منتصف السبعينيات، وكان أول محاولة فلسطينية للولوج إلى التسوية السياسية. في حوارنا مع الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة كان له موقف اعتراضي على ما يجري في الساحة الفلسطينية، محمّلاً الفصيلين "فتح وحماس" المسؤولية، وطارحاً رؤيته للخروج من المأزق.
س1: الأزمة الفلسطينية التي نشهدها الآن؛ أظهرت غياباً واضحاً للفصائل الفلسطينية، وكأن فلسطين انقسمت إلى فصيلين فقط، أين الجبهة الديمقراطية وصوت نايف حواتمة ؟ ما نشهده جميعاً في الخارطة الفلسطينية ليس نتاج يوم، بل سلسلة من التراجعات والأحداث الإقليمية والدولية، فضلاً عن الأحداث الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية، وخاصةً في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، حيث انهارت جبهة الصمود العربية، وانهار التضامن العربي، ووقع الاصطفاف الواسع تحت الأجندة الأمريكية في حرب الخليج الثانية. وأيضاً انهار وتفكك الاتحاد السوفييتي وبلدان المعسكر الاشتراكي في أوروبا الوسطى والبلقان، كل هذا ترك سلسلة من التداعيات على مجموع الأوضاع، ليس فقط في فلسطين، بل في البلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط والعالم، وفي مقدمتها سياسات من نمط آخر تقوم على محاولة فك وتركيب الخارطة الفلسطينية على قاعدة يمين ـ يمين، يمين وطني شعبوي ممثلاً بحركة فتح، ويمين أصولي ديني مذهبي ممثلاً بحركة حماس والإخوان المسلمين. وعليه انصبت مجموع المساندات المالية الكبرى والسياسية والإعلامية على يد المحاور العربية المتصارعة بهذا الاتجاه، وكان من نتيجته جرّ جناح في منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً بحركة فتح برئاسة الأخ ياسر عرفات إلى مؤتمر مدريد والمفاوضات الثنائية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، فضلاً عن الثنائيات العربية ـ الإسرائيلية، وفقاً للشروط التي طرحها شامير مسنداً من الإدارة الأمريكية، وتحت عنوان خاطبوا به عرفات "راهنت على جواد خاسر" ـ أي صدام حسين ـ وعليك أن تدفع الثمن، هذا لم يدفعه عرفات بل الشعب الفلسطيني بكل أطيافه دفع هذا الثمن، فذهب إلى مدريد بشروط شامير، ومنذ تلك اللحظة؛ عرفات بما لديه من امكانات مادية ومالية وسياسية فلسطينية وعربية ودولية؛ فرض أيضاً حصاراً متناغماً مع الحصارات المحورية العربية على كل قوى التقدم والحداثة والعصرنة في حركات الثورة الفلسطينية. ومنذ عام 1991 جرى إحكام دائرة الحصار المالي والسياسي والإعلامي على القوى الفلسطينية التقدمية الديمقراطية، وعلى كل قوى الحداثة والعصرنة، وباتجاه دفع الأمور نحو سياسات فلسطينية ـ فلسطينية تتمحور على خارطة من نوع آخر تماماً. وكما أشرت تقوم على حالة جاذبة محولة بمليارات الدولارات من على الجانبين لتحصر الحالة الفلسطينية بين يمين شعبوي ممثلاً بياسر عرفات، ويمين أصولي ممثلاً بحماس. وهذا بنى أهراماً من الإمكانات المالية والمادية والأبواب المفتوحة من العواصم العربية، لبناء الحالة الفلسطينية على قاعدة يمين ـ يمين بدلاً عن الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي تمثل الائتلاف الوطني الذي يجمع كل ألوان الطيف الإيديولوجي والسياسي الفلسطيني، ما أدى له على امتداد ثلاثين عاماً (من 1964 إلى عام 1994)، إلى بناء حركة وطنية فلسطينية جديدة كانت سلسلة التوازنات فيها يمين ـ يسار، وقوى وسطية متواضعة، وهذا أدى إلى تطوير هائل لمجمل أوضاع الثورة الفلسطينية، ما مكّننا من أن نبني وحدة وطنية نهضت بمهامها الكبرى الوطنية والقومية، وأعادت فلسطين على خارطة الجغرافيا الفلسطينية على صدر إسرائيل، وعلى الخارطة العربية والإقليمية المحيطة بنا . وكذلك الحال على الخارطة الدولية ومنذ عام 1974، دخلنا إلى الأمم المتحدة وانتزعنا الإقرار العالمي الواسع بمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية، التي تمثل كل ألوان الطيف الفلسطيني ممثلة بالشرعية لكل شعب فلسطين، وانتزاعنا إقراراً عربياً وإقليمياً ودولياً، بما فيه القرارات الصادرة تباعاً عن الأمم المتحدة؛ بحقوق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، ولبناء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، وعودة الشعب اللاجئ إلى دياره عملاً بالقرار الأممي 194. هذا المسار العظيم الذي بنيناه على مدى ثلاثين عاماً، لم يعد مقبولاً للدول العربية وللإدارة الأمريكية بعد حرب الخليج الثانية، والاصطفاف الذي تم تحت الأجندة الأمريكية وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي. هذا يجب أن نلحظه فيما جرى وما يجري عندنا في فلسطين، ومع ذلك وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي تنصب من جانب على السلطة الفلسطينية ومن جانب آخر على حماس، فقد فرضنا مناخاً أدى إلى أن نحتفظ بخمس قوى كبرى في صفوف الحركة الفلسطينية داخل الأرض المحتلة (فتح، الجبهة الديمقراطية، الجبهة الشعبية، حماس، الجهاد)، وهذا كله أدى إلى سلسلة من عمليات الحوار الضاغط على فتح وحماس، ما أدى بالنتيجة بعد ثلاثة مشاريع تم اختتامها بالمشروع الرابع الذي يمثل القواسم المشتركة بين الجميع، والإطار الجامع للوحدة الوطنية الفلسطينية، ممثلاً ببرنامج وثيقة الوفاق الوطني الذي وقعنا عليه جميعاً في 27 حزيران/ يونيو 2006، أي كل الفصائل بلا استثناء، ومؤسسات المجتمع المدني وعديد من الشخصيات البارزة، لكن في اليوم التالي أيضاً، وبتحريض من العواصم العربية وبتحريضات دولية ارتد كل من فتح وحماس على وثيقة الاتفاق الوطني وتراجعتا باتجاه الاحتكارية الثنائية، والتي تم احتضانها فيما بعد بعدد من العواصم العربية، ما أدى إلى توقيع اتفاق فتح وحماس في مكة في 8 شباط/ فبراير 2007، لتعطيل وثيقة الوحدة الوطنية التي تشكل برنامجاً أرقى من البرنامج الذي عبرت عنه ثنائية فتح وحماس بمكة، وبالتحديد بكتاب التكليف من عباس لهنيّة، وردّ هنية على كتاب التكليف، ولذلك مرة أخرى أقول: "لا لاتفاق المحاصصة الثنائي الاحتكاري". ناضلنا من أجل إعادة بناء الحالة الفلسطينية على أساس وثيقة الوفاق الوطني، لكن التحريضات الفئوية الضيقة داخل الأرض المحتلة بين فتح وحماس، والتحضيرات من العديد من العواصم العربية، كلها أدت إلى كسر وثيقة الوفاق الوطني، وفتح جحيم "الحرب الأهلية" التي أعطت الانقلاب العسكري لحماس في غزة، صوملة قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية والقدس، هذا كله؛ محصلة لأوضاع فلسطينية داخلية ناتجة عن مسار يميني بكل وضوح، وعن إمدادات عربية من عواصم عربية ومليارات الدولارات، فضلاً عن إمدادات دولية أيضاً، لأن حركة فلسطين منقسمة على نفسها، والمال والإمكانات بيد إما يمين وطني شعبوي ممثلاً بفتح، التي تحوي كل ألوان الطيف، وما يترتب على ذلك من توهان وضياع في القرار السياسي الانفرادي، وكذلك الحال يمين أصولي ديني مذهبي مشدود إلى خط سياسي عابر للحدود. ورغم كل هذا فقد حافظنا على قوى أساسية في الحركة الفلسطينية، ممثلةً بالقوى الخمس بنسب متفاوتة داخل الأرض المحتلة، وثلاثة قوى رئيسية (فتح، ديمقراطية، شعبية)، في اقطار اللجوء والشتات حيث 62% من الشعب الفلسطيني، وهذا التفاوت بحكم درجة النضج والرؤية التي تستجيب لنداء العقل والحكمة، نداء الوحدة الوطنية على أساس برنامج القواسم المشتركة، ولم نمكن لما أرادته المحاور المحلية والإقليمية والدولية، بل بنينا وثيقة البرنامج الوطني الموحد ممثلاً بوثيقة الاتفاق الوطني والصراع الآن يدور بين هذه الوثيقة وعودة الجميع إليها، حتى ينتظم حوار فلسطيني شامل لتنفيذ هذه الوثيقة بآلياتها المحددة التي تنصّ عليها، وبين الاتجاه الانقسامي الآخر الناجم إما عن احتكارية أحادية تمثلت بتسع حكومات فتحوية وبحكومة حمساوية عاشرة، وتمثلت بحروب الاقتتال بين فتح وحماس، وأخيراً بصوملة قطاع غزة، وما يترتب على هذا ببرنامج سياسي هابط أودى بكثير من برنامج الوحدة الوطنية. س2: هناك موقف لحماس من الانتخابات، حيث تعتبر أن القرارات التي تصدر عن الرئيس عباس يمكن أن تكون غير شرعية قانونياً، في حال رفضت حماس المشاركة في الانتخابات ورفضت إشراك غزة ... هل توافقون على إجراء انتخابات في الضفة الغربية فقط ؟ الانتخابات هي حلقة، وربما تكون الحلقة الأخيرة في بناء مناخ وثقافة ديمقراطية في أي بلد في الشرق الأوسط وكذلك عندنا في فلسطين، والانتخابات التي جرت في كانون الثاني/ يناير 2006؛ ليست بالضرورة تعبيرٌ عن الديمقراطيات. حتى في دول أوروبية متطورة، على سبيل المثال في الثلاثينيات من القرن الماضي، جرت انتخابات في ألمانيا، وبالأغلبية الساحقة فاز هتلر والحركة النازية، وكذلك الحال في إيطاليا فاز أيضاً موسوليني والحركة الفاشية، ولذلك علينا أن ندرك ما جرى في ظل انسداد الحلول السياسية من جانب، وفساد حكومات فتح من جانب آخر، ومع ذلك نحن احترمنا نتائج الانتخابات التي جرت في كانون الثاني/ يناير 2006، وبدلاً من أن تستفيد حماس من تجربة حكومات فتح التسع التي أشرت إليها بالاحتكارية الأحادية، فإنها استنسخت نفس التجربة، فذهبت إلى تشكيل حكومة أحادية احتكارية حمساوية، ووصلت إلى الطريق المسدود فقط بعد ثلاثة أشهر، ما أدى إلى تنزل عن شجرتها الإيديولوجية ونزعتها الاحتكارية كما نزلت فتح أيضاً، وعليها وقعنا وثيقة الوحدة الوطنية في 27 حزيران/ يونيو 2006، ورغم هذه التواقيع التي لم تُحترم من قبل هذين الفريقين، فارتدا عنها بتشجيعات عربية ودولية، ما أدى إلى سلسلة الحروب وعمليات الاقتتال الوحشية والهمجية. بوضوح سادت فيها عقلية الغزو والثأر، ولم يظهر مليمتر واحد من الثقافة الديمقراطية في العلاقات الوطنية الفلسطينية ـ الفلسطينية. الآن ليس مطروحاً على جدول الأعمال انتخابات جديدة قريبة، بل المطروح على هذا الجدول أن نعيد بناء النظام السياسي الفلسطيني بمجموعه؛ داخل وخارج البلاد على أساس قوانين انتخابية جديدة ديمقراطية، لا تولد مزيداً من الانقسامات والأحادية، وهذا يعني بلغة واحدة توحيد المجتمع، توحيد كل القوى على قاعدة قوانين انتخابية تقوم على التمثيل النسبي الكامل. هذه القوانين التي تنص عليها وثيقة الاتفاق الوطني، تنكرت لها حماس وفتح طويلاً، ومؤخراً فقط نزلت فتح عندها، بعد صوملة قطاع غزة وفصلها عن الضفة والقدس، وانحنت لضرورة هذا القانون بقرارات صدرت عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير في 20 حزيران/ يونيو 2007، أي بعد عام كامل من توقيع فتح عليها من حزيران/ يونيو 2006، فحماس حتى الآن لم تنزل عند هذه القوانين. صدر الآن قانون انتخابات تشريعية ورئاسية تقوم على التمثيل النسبي الكامل في الأراضي المحتلة عام 1967، وهذا سيؤدي إلى نتائج انتخابية جديدة تؤدي إلى شراكة أوسع، سياسية واجتماعية في صفوف القوى الفلسطينية، وأيضاً صدر قانون لانتخابات كل المؤسسات النقابية والمهنية والاتحادات الشعبية، تقوم على التمثيل النسبي الكامل داخل الأرض الفلسطينية المحتلة لإعادة توحيد المجتمع، وحتى الآن لم يصدر قانون تمثيل نسبي كامل لانتخاب مجلس وطني فلسطيني موحد جديد لكل الشعب الفلسطيني داخل وخارج الأرض المحتلة، لأن 62% من الشعب الفلسطيني خارج فلسطين حتى الآن لا يشاركون بأي انتخابات منذ عام 1993، أي منذ اتفاقات أوسلو. النقطة الأخيرة في هذا الميدان: أنا لا أعتقد ونحن لسنا مع أن تجري انتخابات في الضفة الغربية والقدس بمعزل عن قطاع غزة، بل نحن مع إجراء انتخابات بالتوافق الوطني بين الجميع، وهذا يشترط بالضرورة إنهاء الوضع القائم في غزة وعودتنا جميعاً إلى طاولة الحوار الوطني الشامل لوضع الأشكال العملية الملموسة لتنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بآلياتها المحددة الداعية لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قواعد ديمقراطية جديدة من التمثيل النسبي الكامل، هذا ما يجب أن يكون وأن ندفع باتجاهه. س3: حكومة باراك عام 1999 سمحت بعودتك إلى فلسطين، ولكن سرعان ما تراجعت بسبب تصريحاتك عن حق أي شعب يرزخ تحت الاحتلال بالمقاومة، ما الجديد في سيناريو الحديث عن عودة حواتمة، وهل تعتقد أنك يمكن أن تعود لفلسطين دون شروط إسرائيلية ؟ نقول إنه لا عودة بأي شروط أو قيود إسرائيلية، وقد أعلنا ذلك ونواصل سياستنا، نعود بموجب حقنا بالعودة وحرية الحركة داخل وخارج بلادنا، لأنه يوجد 62% من الشعب الفلسطيني في دول الشتات لهم حقوق علينا، ونعود بموجب القانون الدولي وقرارات حقوق الإنسان للأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة، التي تُحرّم على المحتلين إجراء أي تغييرات جغرافية أو ديموغرافية في بلادنا المحتلة، إذا وقع هذا تتم العودة، وإلاّ فلا عودة عملاً بالشروط والقيود الإسرائيلية. وهنا أذكر بوضوح أن الكثير من القيادات والكوادر الفلسطينية قد عادت، من ياسر عرفات إلى كثيرين عادوا واستشهدوا ... مثال على ذلك أبو علي مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية، أو تعرضوا لأكثر من محاولة اغتيال مثل: قيس عبد الكريم عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، واعتقال تيسير خالد عضو المكتب السياسي للديمقراطية عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واعتقال ابراهيم أبو حجلة عضو المكتب السياسي للديمقراطية المحكوم الآن اسيراً لثلاثين عاماً. أيضاً لنذكر أن الكثيرين من قيادات فصائل فلسطينية من فتح وحماس مثل الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، وإسماعيل هنية والزهار والعشرات دخلوا وخرجوا تكراراً، وبالتالي هذا حق يجب أن يكون للجميع. الآن حكومة الاحتلال تمارس سياسة التمييز، وهي تدرك لماذا تمارس هذه السياسة. س4: أجريتم مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، هل هذه أول مقابلة في وسيلة إعلام إسرائيلية، وهل هناك رسالة معينة أو أسلوب آخر في التعاطي مع الإسرائيليين عبر هذه المقابلة ؟ لقد أجرى العديد من القيادات الفلسطينية مقابلات عبر التلفزيون الإسرائيلي، وكثيراً ما رأى الرأي العام ياسر عرفات وعباس والشيخ أحمد ياسين والزهار وهنية وآخرين على الشاشة الإسرائيلية. ما أشرتم له حمل بالضرورة رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي، وقد أشرت إلى الكثير من هذا في كتابي "الانتفاضة ـ الاستعصاء ـ فلسطين إلى أين ؟!". الحراك في المجتمع الإسرائيلي أدى إلى انقسام عميق داخل صفوفه بين قوى يمينية ويمينية متطرفة تتنكر للحقوق الفلسطينية وقوى أخرى تتعاطى بنسبة أو بأخرى مع ضرورات الاستجابة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وبناء دولته المستقلة، وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين. وقد أصدرت هذه القوى وثائق كثيرة بهذا الاتجاه، كما أن الاستطلاعات في المجتمع الإسرائيلي تجد أن الغالبية تطورت لصالح شعارات السلام مع الفلسطينيين وحق الفلسطينيين بدولة مستقلة، ولكن بذات الاستطلاع الأغلبية تصوّت لصالح اليمين واليمين المتطرف، لأنها تعتقد أن اليمين سيأتي لها بالأمن والسلام معاً بشروط أفضل من النتائج التي يمكن أن يأتي بها الفريق الآخر، من أمثال بيريز وعامي أيالون متسناع ـ بيلين وأخرين. ما يجب أن يظهر للمجتمع الإسرائيلي أنك واقع أيها المجتمع الإسرائيلي بحالة من التناقض مع شعارات السلام وحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وحقه بدولة مستقلة من جانب، ومن جانب آخر مع انتخاب اليمين واليمين المتطرف الذي لم يأتِ لك بالسلام، بل جاء لك بسلسلة من الحروب منذ عام 1977، عندما وصل بيغن الزعيم الأكثر تطرفاً لأغلبية البرلمانية، حتى يومنا وقعت سلسلة من الحروب، ستة حروب على يد اليمين على لبنان، وسلسلة حروب على المقاومة الفلسطينية وحلفائها الوطنيين عام 1968 بجنوب لبنان والغزو الشامل للبنان عام 1982. وزعيم آخر مثل شارون الذي قام بجرّ إسرائيل إلى الغزو الشامل لبيروت نفسه قد خاض الانتخابات عام 2000 في إسرائيل تحت شعار "دعوا الجيش ينتصر" "مئة يوم ويأتي النصر الكامل" و "لا شريك فلسطيني" نفس هذا الشارون عام 2004، يعلن أن التجربة علّمته أنه "لا يمكن بالحراب احتلال شعب آخر إلى الأبد"، وعليه بنى خططه الجزئية بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، وتفكيك 32 مستوطنة في غزة، وكان بيده مشروع للضفة تحت عنوان "الانطواء" أي خطة الانطواء والتجميع التي نزل على أساسها في الانتخابات كل من أولمرت وحزب كاديما الذي شكله شارون، وهذا يؤشر بوضوح أنه علينا أن نحاول الفعل داخل هذا المجتمع، فضلاً عن أنه لدينا داخل الخط الأخضر مليون وربع فلسطيني يجب أن نعطيهم الاهتمام نفسه، حتى يفعلوا داخل هذا المجتمع، ولذلك خاطبت المجتمع الإسرائيلي: تعالوا لنحوّل السيوف إلى مناجل، وإلى متى تواصلون سياسة تقوم على أن يدفن الآباء أبناءهم بدلاً من أن يدفن الأبناء آباءهم، وعليه وقعت سلسلة من التفاعلات داخل المجتمع الإسرائيلي، واتضح هذا عندما انقسمت حكومة أولمرت على نفسها بشأن حقنا للعودة أو إبقاء جدار برلين بوجهنا في هذا الميدان. س5: ماذا عن المحاولات الحثيثة التي يقوم بها محمود عباس لإقصاء حماس من النظام السياسي الفلسطيني، رغم أنها فازت بانتخابات ديمقراطية يشهد الجميع بنزاهتها وشفافيتها ؟ سأعطي مثالاً عن التجربة التركية، عندما استعصت الأمور بين الأغلبية في انتخابات تركية نزيهة وشفافة عام 2003، ونشب نزاع بين الأغلبية ورئيس البلاد والجيش، بادرت الأغلبية الدعوى إلى انتخابات مبكرة لحل هذا النزاع، هذه هي الروح المسؤولة، ولم يلجأ أي من اطراف النزاع إلى الانقلاب المسلح على الأخرين. عندما جرت انتخابات في كانون الثاني/ يناير 2006، بقانون انتخابات لا ديمقراطي، ناضلنا ضده وأخذنا قراراً بمؤتمر القاهرة لكل الفصائل والقوى بالتمثيل النسبي الكامل، لكن فتح لم تذهب هذا المذهب لأنها كانت تعتقد أنها ستعود بقانون الانتخاب الأعرج وبيدها الأغلبية. هنا علينا أن نرصد الأرقام 59% من مجموع الأصوات المقترعة حصدت 41% من المقاعد، و41% من الأصوات المقترعة حصدت 59% من المقاعد ... لماذا ؟! لأن حماس نزلت بقائمة واحدة ولم تتشتت الأصوات، بينما القوى الوطنية والديمقراطية على اختلاف طيفها اليساري والتقدمي والليبرالي نزلت بقوائم متعددة هدرت أصوات بعضها بعضاً هذا جانب، الجانب الثاني أن 23% من الأصوات التي أخذتها حماس هي أصوات احتجاجية على فساد حكومة فتح ونهب المال العام هذا أولاً، وثانياً أقول بلغة واضحة يوجد استعصاء، وهذا الاستعصاء حاولت حماس أن تحلّه بوزارة حمساوية لم تعش أكثر من ثلاثة أشهر، وعليه نزلت من على الشجرة هي وفتح التي تجنح نحو الاحتكار أيضاً. ووقعنا معاً جميعاً وثيقة الوفاق الوطني في 27 حزيران/ يونيو 2006. وثالثاً: حماس وفتح ارتدتا عن هذه الوثيقة لأنهما كانتا بمناخ استبدال الاحتكار الأحادي باحتكار ثنائي، الأمر الذي أدى إلى اتفاق المحاصصة ثم انهياره بانقلاب حماس في غزة. رابعاً: الانقلاب العسكري عملية غير ديمقراطية تمت بالتناقض والصدام مع الحوار الوطني والخيار الديمقراطي، ومن ثم كل الحالة باتت خارجة عن إطارها الديمقراطي. في هذا الميدان أننا نحن كجبهة ديمقراطية نرفض الاحتكار والإقصاء، ومحمود عباس لا يستطيع إصدار قوانين تقوم على إقصاء أي فريق، والدليل على هذا أن قانون الانتخابات الذي صدر قبل أيام بشأن انتخابات تشريعية ورئاسية دون تحديد متى قام على أساس التمثيل النسبي الكامل، كما مضى أيضاً على تخفيض نسبة الحسم إلى 1.5%، والانتخابات ستكون مفتوحة للجميع دون احتكار ودون إقصاء. النقطة الأخيرة أنه في كل حركات التحرر الوطني كما في كل دول العالم، يتم بناء سلسلة من القواعد والقوانين في مسار حركة التحرر الوطني، وبالتالي عندما يأتي فصيل ما من حركة التحرر الوطني وهو يحمل برنامجه الخاص بالانتخابات، ليس من حقه أن يلغي كل ما أنجزته الثورة وحركة التحرر وفقاً لبرنامجه الخاص غير المجمع عليه. وبالتالي نحن في الثورة الفلسطينية أنجزنا لشعبنا خلال أربعين عاماً إعادة بناء القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية بعد أن نسيها العرب، ولم تعد هناك قضية فلسطينية بل باتت فقط قضية لاجئين من عام 1948 إلى عام 1967، لذلك في العام 1967 لم يأتِ القرار الأممي 242 على ذكر القضية الفلسطينية ولا الشعب الفلسطيني ولا حقوق وطنية فلسطينية، بل جاء فقط على ذكر قضية اللاجئين وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين، دون أن يقول ما هو هذا الحل، وعلى أية قاعدة يتم، وتكرر هذا بعد حرب تشرين/اكتوبر 1973 بالقرار الأممي 338. وبالتالي أية دعوة يجب أن تبنى على ما تم إنجازه إيجاباً في صالح الشعب الفلسطيني، وليس على التراجع عنه إلى المربع الصفر، لأن هذا التراجع هو بكل وضوح نقيض كل تجارب حركات التحرر الوطني بهذا العالم، ونقيض الدفع إلى الأمام، بل العودة إلى المربع الصفر، أي العودة إلى ما قبل نهوض الثورة الفلسطينية المعاصرة إلى ما قبل عام 1967. س6: موضوع السلام والمقاومة ... هناك قرار صادر عن الرئاسة بتوحيد السلاح الفلسطيني، هل توافقون على تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية ؟ أكيد لا، لأن الأجنحة العسكرية الخمسة لفصائل المقاومة تواصل قتالها للاحتلال والاستيطان، وعلى طريق حق شعبنا بالحرية والاستقلال، ونحن نعلن بوضوح أنه ليس من حق أية حكومة فلسطينية أن تصادر سلاح المقاومة، وأعلنت الأجنحة العسكرية للفصائل الخمسة جميعها أنها ترفض أي دعوات لنزع سلاح المقاومة، بل واصلت مقاومتها في الميدان. س7: دعوة الرئيس الأمريكي جورج بوش لعقد مؤتمر دولي في الخريف المقبل، هل هذه الدعوة تشكل فرصة لطرح مبادرة سلام عربية وتسويقها دولياً ؟ ألا يشكل هذا مكسباً يعتد به ويبرر التجاوب مع بوش ؟ الاجتماع الدولي الذي دعا إليه بوش لم يحدد حتى الآن جدول الأعمال بعناصره الرئيسة السياسية، ولم يحدد الدول المدعوة، ولم يحدد مدى مشاركة الأمم المتحدة والمجمع الدولي، وبالتالي أشار بوش إلى: 1 ـ الحضور فلسطينيون وإسرائيليون وعدد من دول الجوار العربية لم يسمّها. وأشار إلى أنه على إسرائيل إنهاء احتلالها للضفة الغربية بدءاً من حدود 67. ولكن أضاف: يجب أن تؤخذ بالحسبان الوقائع التي جرت على الأرض، مشيراً بذلك إلى الكتل الاستيطانية الكبرى والرسائل المتبادلة بينه وبين شارون في نيسان 2004، أي ضمها لإسرائيل، وبالتالي لا أحد يعلم ماذا سيكون بجدول أعمال هذا الاجتماع وبالقوى المشاركة، وفقط في 23/9/2007 قررت الرباعية الدولية دعوة جميع دول لجنة المتابعة العربية لمبادرة السلام العربية (12 دولة + أمين عام جامعة الدول العربية) بما فيها السعودية، مصر، سوريا، لبنان، الاردن، الامارات، قطر، السودان…. 2 ـ بوش لم يعلن أن مبادرة السلام العربية ستأخذ موقعها على طاولة المباحثات، كما أن حكومة أولمرت لم تعلن ذلك، ولهذا نحن في الجبهة الديمقراطية ندعو إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، يحضره جميع أطراف الصراع بلا استثناء بما فيها سورية ولبنان، وتحضره أيضاً الكتل الدولية الكبرى تحت راية الأمم المتحدة، وأن يكون على جدول الأعمال كل قضايا الصراع العربي والفلسطيني ـ الإسرائيلي، وهكذا يمكن أن تكون قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية حاضرة، ولذا نقول من جديد: إن هذا الاجتماع حتى يكون مثمراً من الضروري قبل الوصول إليه أن يجري تحديد هذه القضايا، وإلا سيتحول إلى مجرّد اجتماع ولوحات من الصور، بينما الخطوات العملية لحل قضايا الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي تبقى غائبة. س8: هل تتوقعون حرباً في الخريف القادم ؟ أقول لا، ليس من حرب في الخريف القادم. هذا الصيف انتهى ولم تقع الحرب، وسينتهي هذا العام دون حرب، ولكن ما أعتقده في العام القادم على صعيد الصراع العربي ـ الإسرائيلي، لن تكون هناك حرب على المنطقة، دون أن ينفي ذلك احتمال توجيه ضربة عسكرية إلى إيران لنقل الصراع إلى منطقة الخليج كما حصل على مساحة الثلاثين عاماً الاخيرة لثلاث حروب مدمرة بعيداً عن الصراع العربي والفلسطيني-الاسرائيلي.
#نايف_حواتمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حواتمة - ندعو إلى اعادة بناء العملية السياسية والتفاوضية
-
-الانتفاضة الاستعصاء فلسطين إلى أين ؟! ...-
-
حواتمة في حوار حول القضايا الفلسطينية والعربية الساخنة
-
الوحدة الوطنية ليس مجرد خيار بل ضرورة لازمة لا يمكن دونها أن
...
-
حواتمة في حوار الخلاص من الأزمات الفلسطينية المدمرة
-
نايف حواتمة في حوار ساخن
-
حواتمة....الحالة الفلسطينية لا تسر صديقاً،و الابتعاد عن وثيق
...
-
حوار مع نايف حواتمة حول آخر المستجدات السياسية
-
حواتمة: الرئيس عباس يتلمس أفقاً سياسياً لإحياء مسار جانبي لل
...
-
حواتمة فتح وحماس ارتدا عن وثيقة الوفاق الوطني وجنحا باتجاه ح
...
-
-الخيار الأردني- بعيون توسعية إسرائيلية
-
قراءة نقدية في قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير
-
حواتمة: لابد من الالتزام بوثائق الوحدة الوطنية وإعلان الق
...
-
حوار مع نايف حواتمة حول آخر التطورات السياسية
-
حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية والشاملة لم ترَ النور بعد
-
لا أفق سياسي لاستئناف العملية السياسية الفلسطينية الإسرائيل
...
-
اذا بقيت الحكومة قائمة على المحاصصة الثنائية ستكون امام طريق
...
-
الوحدة الوطنية الفلسطينية غائبة بسبب عقلية احتكار السلطة بين
...
-
حواتمة يجيب على الأسئلة المطروحة على قمة الرياض
-
لا للضغوط والشروط الأمريكية الإسرائيلية لإفراغ مبادرة السلام
...
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|