|
الغلاء استغلال إضافي للطبقة الكادحة من طرف الرأسمال
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 2052 - 2007 / 9 / 28 - 11:03
المحور:
مقابلات و حوارات
أجرى الصحافي ادريس ولد القابلة حوارا مع عبد السلام أديب حول الواقع الحالي للغلاء وأشكال المقواومة الشعبية له، فجاء كما يلي:
* كيف تقيمون الزيادات الأخيرة في مواد الاستهلاك الأساسية؟ ** تشكل الزيادات الأخيرة في مواد الاستهلاك الأساسية الموجة الرابعة من نوعها منذ بداية سنة 2006، فقد انطلقت الموجة الأولى مع تنفيذ القانون المالي لسنة 2006 الذي رفع معدلات الضريبة على القيمة المضافة على عدد من المواد والخدمات الأساسية كما قام بتضريب سلع وخدمات لم تكن خاضعة من قبل لهذه الضريبة، ومن جملة الخدمات التي ارتفعت أسعارها نتيجة لذلك الماء والكهرباء. كما طبقت الموجة الثانية من الزيادات شهر شتنبر وأكتوبر من سنة 2006 أي عقب رفع أسعار المحروقات مما رفع من تكاليف النقل كما استغلت الشركات الاحتكارية والوسطاء هذه الموجة للرفع من أسعار مختلف المواد والخدمات، الموجة الثالثة ستأتي عقب تنفيذ القانون المالي لسنة 2007 وذلك من شهر مارس 2007، أما الموجة الرابعة فتبدأ يوم 8 شتنبر 2007 بالزيادة في أسعار الطحين والخبز أي بعد يوم واحد من الانتخابات التشريعية التي قاطعها المغاربة بشكل واسع فظهرت كما لو أن النظام ينتقم من الشعب الذي قال لا للانتخابات رغم شدة إلحاحه وإهداره للملايير من أجل تحسين صورته والخروج بانتخابات تمنحه الشرعية للاستمرار في نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية الطبقية والمملاة من طرف الامبريالية عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. يظهر جيدا أن هذه الزيادات جاءت بإرادة واضحة من طرف الدولة التي تخلت عن دورها في الحفاظ على التوازن الاقتصادي والاجتماعي، وفتحت المجال واسعا أمام ديكتاتورية السوق التي تتحكم فيه بضعة شركات رأسمالية احتكارية مكنتها من جني أرباح خيالية على حساب الطبقة العاملة والفلاحين والموظفين وعموم المسحوقين. * ما هي انعكاساتها؟ و من المستفيد منها؟ ** هذه الزيادات الأخيرة التي بلغت حوالي 13 % ترفع نسبة التضخم إلى حوالي 5 %، وتؤدي إلى تدهور الدرهم بنفس النسبة، وهو إجراء وان كان سيحسن من صادرات بعض المنسوجات إلا أنه يعمق من الاختلالات الماكرو اقتصادية كارتفاع حجم المديونية وعجز ميزان الأداءات وتفاقم العجز التجاري. على المستوى الاجتماعي فإن هذه الزيادات تشكل كارثة على ذوي الدخل المحدود، فمعلوم أن المداخيل مجمدة منذ 1989 وأن الحد الأدنى للأجور لم يتحرك منذ 1985 وأن العامل أو الفلاح أو الموظف يعاني من بطالة أبنائه (أكثر من 20 % من البطالة) من بينهم حتى حاملي الشهادات العليا حيث يضطر العامل إلى اقتسام أجره مع أبنائه العاطلين الكبار، فالزيادات المتوالية في الأسعار تزيد من تدني أجره، وتجعله غير قادر على تلبية الضروريات: التغذية السليمة، الصحة الجيدة، التعليم الملائم، اللباس .... الخ. فالزيادات في الأسعار تؤدي إلى المزيد من الإفقار ومن انتشار الأمراض الفتاكة ومن الأمية ومن تدنى الأخلاق والضمير لأن الرشوة والغش في السلع والفساد والدعارة تتفشى بسرعة كوسائل قصوى للتغلب على قساوة العيش. من هنا يمكن القول أن الدولة المغربية تقوم بخرق خطير للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومنها على الخصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي تمت المصادقة عليه في 8 نونبر 1979 (أنظر المادة 2 من هذا العهد وباقي المواد التي تليها). أما بالنسبة للمستفيدين من هذه الوضعية فهم كل الرأسماليين والشركات الاحتكارية للمواد الأساسية والمضاربين وذوي النفوذ وباقي المافيات المخزنية. * هل ارتفاع الأسعار هو بقرار حكومي أم مجرد إحدى التبعات العادية و المنتظرة لقوانين السوق؟ ** السياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة في المغرب منذ الحصول على الاستقلال الشكلي للمغرب تخضع لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية ومن ورائها أقطاب الامبريالية الدولية، وهي سياسات توضع حسب تقارير ووصفات خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تزور المغرب دوريا، وهي سياسات تخدم مصالح الطبقة الحاكمة أيضا، وهذا يعني أنها سياسات إرادية لجهاز الدولة، الذي لم يتصف أبدا بالديمقراطية نظرا لانغلاق النظام السياسي المغربي وغياب فصل السلط وانعدام مسؤولية المقرر لهذه السياسات، وعجز الأحزاب وتخاذلها بل وانخراطها في الاستفادة من هذا النظام وهو الأمر الذي وعته الجماهير الشعبية وبدأت تقاطع انتخاباته الشكلية بشكل واسع. * هناك من اعتبر زيادات الأسعار عقاب للأغلبية الصامتة من جراء موقفها من المشاركة في اللعبة السياسية؟ ** كل شيء ممكن في بلادنا، فإذا كانت توصيات المؤسسات المالية الدولية تطالب منذ مدة بتحرير الأسعار أي رفعها لتصبح في مستوى الأسعار الدولية مع تجميد سعر العمل المأجور، وإذا كان تنفيذ هذه التوصيات متواصل، فإن قرار معاقبة الشعب بسبب مقاطعته للمسرحية الانتخابية وارد أيضا، وذلك عبر الإسراع بتنفيذ تلك التوصيات، أي باعتماد قرار تنفيذ مختلف القرارات اللاشعبية دفعة واحدة. * كيف تفسرون صمت النقابات على موجات الزيادات في الأسعار منذ 2006؟ ** ومتى كانت البروقراطيات النقابية إلى جانب الجماهير الشعبية حتى تواجه هذه الزيادات في الأسعار، فهي منصرفة كما هو الشأن بالنسبة لمختلف الأحزاب إلى التسابق من أجل التموقع جيدا ضمن المافيا المخزنية لخدمة مصالحها الشخصية بالدرجة الأولى. لو كانت هناك مركزية نقابية واحدة مستقلة وتحترم الطبقة العاملة فعلا لواجهت الزيادات الحالية بالدعوة إلى الإضراب العام واستطاعت بعملها هذا أن تجبر الطبقة الحاكمة على التراجع عن إقرار هذه القرارات اللاشعبية. * هل في نظركم السلم الاجتماعي في خطر بالمغرب الآن؟ ** ومتى كان هناك سلم اجتماعي، بل كانت هناك دائما حربا طبقية باردة تتجلى في التفقير والأمية والبطالة وتسريح العمال واستفحال الجرائم الاقتصادية والسياسية والإفلات من العقاب ونهب المؤسسات العمومية وانتشار الرشوة والعلاقات الزبونية، فأي رد فعل جماهيري لن يكون سوى بحثا عن تغيير جذري من اجل العدالة واقامة المجتمع الديمقراطي الاشتراكي.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ويستمر النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
-
ماذا بعد المقاطعة العارمة للانتخابات المخزنية؟
-
الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي
-
المنتخبون في المغرب لا يملكون السلطة لتنفيذ برامجهم الانتخاب
...
-
من حقنا أن نشكك في نتائج الانتخابات المعلن عن نسبها المائوية
...
-
معركة الشعب ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في واد والطبقة
...
-
لنصنع تاريخنا من جديد أيها المناضلون
-
أين كانت الأحزاب المغربية وقت الزيادة في المواد الاستهلاكية؟
-
انفجار حركة الاحتجاج على غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومي
...
-
الديمقراطية الحقيقية هي الكفيلة بوقف تبذير المال العام
-
المقدس هو الشعب
-
الكثير من المسئولين في المغرب كانوا يتطلعون إلى فوز اليمين ا
...
-
معارك حقوقية لا تنتهي؟
-
سياسة الأجور في المغرب
-
لنفتح مرحلة جديدة من النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومي
...
-
حماية الأشخاص المصابين بأمراض عقلية
-
أجور البرلمانيين الضخمة وغياب الجدوى السياسية
-
إعلان الدار البيضاء لدعم مقاومة الشعوب ضد الامبريالية
-
الأزمة، الامبريالية، الحرب والثورة
-
تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تعيد للدار البيضاء أمجادها ال
...
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|