أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - الحق على الحمار !














المزيد.....

الحق على الحمار !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 06:26
المحور: الادب والفن
    


اعتاد ابو الصابر منذ سنين ان يسرح الى كرمه البعيد ممتطيا حماره القبرصي الكبير الحجم ليحرث الارض وينقل ثمار الزيتون والماء لسقي الغرس الجديد من الشجر عليه , وحتى عندما يذهب لشراء اغراض البيت وحاجياته من المدينة كان يفضل امتطاؤه على ركوب السيارة على الرغم من المسافة التي يقطعها خلال مشواره , الا انه كان دائما يقول لاي واحد يساله لماذا تذهب بالسيارة , يرد بنبرة قاطعة " هيك انا مرتاح , لا انزل ولا اطلع , ولا انحشر في الكرسي وراء الشفير , ولا تدفع عن حد ولا تسبب احراج لغيرك ويدفع عنك " وعندما يلح عليه احد اصدقائه واقاربه او اولاده ليذهب بالسيارة يقول " ما تفكروني بخيل , لكن صدقوني اني مبسوط هيك احسن من كل السيارات " . وعندما ساله احد الاشخاص مازحا ليبدل حماره بسيارته رفض ابو الصابر الصفقة وقال بنبرة جادة " اذا كنت تمازحني فانا جاد معك . صدقني لا ابادلك , لان حماري لا يحتاج ترخيص او تامين , ولا يحتاج لرخصة سياقة ولا ميكانيكي مثل سيارتك , ولا اخشى دهس ولد او عمل حادث سير " . ذهب يوما الى الكرم كعادته وحمل معه زوادته , وجالون ماء بارد في الخرج , وامتطى حماره وهو يضربه احيانا بعصاه المؤلمة الضربات على مؤخرته , واحيانا يخزه برقبته بقوة ليحث الخطى اكثر . وعندما اقترب من الكرم كان عليه ان يمر طريقه المعتادة من بين صخرتين عاليتين فيضطر ابوالصابر ان يرفع ركبتيه لاعلىحتى لا تصطدمان بالصخرتين الجاثمتين في الطريق للكرم بينهما ممر ضيق, واحيانا ينسى الرجل نفسه بانه وصل الممر الضيق بين الصخرتين وهو يلف سيكارته فترتطم ركبتاه بهما بقسوة فيتالم بعض الوقت ويقرر في داخله ان يغير الطريق في المرة القادمة ليتفادى الممر الذي سبب له الالم , ويغير عادة الحمار التي داب عليها منذ كان" كرا " صغيرا . وعبثا حاول معه ولكن دون جدوى فالحمار يتحمل كل الضربات بالعصا على مؤخرته وراسه ورقبته ويحاول تفاديها بحركة عنيفة من راسه من ناحية الى اخرى وبدا ان كل منهما قد صمم على التمسك بموقفه . فالرجل قد بلغ الستين من عمره ولم يعد ذلك الشاب القوي البنية الذي طبع حصانا اصيلا مرة خلال اسبوع , واجبر بغلتهم التي احرنت عن المشي بالحمل الثقيل من القمح المحصود , ان تفك حرنتها وتمشي منقادة اليه رغم انفها . واليوم جاء دور الحمار القبرصي , حيث تناسى ابو الصابر ان حماره في عنفوان قوته وليس سهلا عليه اجباره ان يفعل شيئا لا يرغب به . وعندما راى الرجل ان كل المحاولات مع حماره لم تجد نفعا , احس بالحرج من نفسه , واذا به يحلف يمين الطلاق من ام صابر ان يجبره على المرور من مكان اخر غير الممر الضيق من بين الصخور . واشتدت ضرباته على رقبة الحمار وراسه حتى صار يلف حول نفسه في دائرة صغيرة مثيرا الغبار فوق راسه , وعندما ضغط عليه صاحبه اكثر رفس رجليه في الهواء بحركة مفاجئة فاذا ابو الصابر يسقط على الارض بين حوافر الحمار الذي بدوره "عنفص " راكضا من بين الصخرتين تجاه الكرم تاركا وراءه الرجل معفرا بالتراب وقد تطايرت حطته وعقاله بضعة امتار بعيدا عنه , وبالكاد تمكن من النهوض مستندا الى عصاه , ونفض الغبار عن قمبازه وثبت حطته وعقاله على راسه من جديد متلفتا حواليه خوفا ان يكون قد راه احد وقال بنيرة مقهورة " يلا من هون او من هون .كله واحد " . عندما وصل الكرم بذل جهدا كبيرا قبل ان يتمكن من الامساك بحماره ليكمل حراثة الارض عليه . وفي المساء عندما رجع الى البيت كان الحمار يسير منهكا تعبا من حمل الحطب الذي يثقل كاهله ويغطي عينيه وبالكاد كان يرى معالم الطريق امامه . ما ان وصل الرجل الى البيت يسبقه حماره حتى لاقته زوجته لتساعده بفك الحبال التي تقيد حمل الحطب الى ظهر الحمار بشكل متقن .سالته وقد رات تقطيبة جادة على جبينه " خير يا ابو الصابر , شايفتك زعلان . تقاتلت مع حدا "؟ رد بنبرة مقتضبة " لا بس تعبان من الحراث طول النهار ومن المشوار , عشان بعيد " . ما ان تساقط حمل الحطب عن ظهر الحمار حتى ركض في باحة الدار الى مكانه الذي يبيت فيه وبدا يتمرغ بالتراب ليزيل العرق عن ظهره, وما لحقه الرجل بعصاه وبدا يضربه ثانية على راسه ورقبته ومؤخرته دون شفقة حتى سمع زوجته تقول بنبرة معاتبة , "حرام عليك , ليش تضربه هيك ما هو ختيار مثلك ؟" صاح من بعيد " ايش بتقولي , ما سمعتك منيح "؟ اعادت العبارة من جديد , فصاح بها ثانية " كنت بدي اروح الصبح اقطع فتوى عند القاضي , واتراجع عن يمين الطلاق , لكني غيرت رايي وبطلت " سالته دون ان تفهم مقصده " مش فاهمة شو قصدك " رد بعصبية " يجعلك لا تفهمي , وقت تروحي عند اهلك تفهمي منيح " .في اليوم التالي استراح الحمار من الحراثة وظل ياكل التبن والشعير ويتلفت طوال النهار تجاه البيت , لكن الرجل لم يسرح الى عمله المعتاد الى الكرم لانه ذهب الى المحكمة مشيا على الاقدام , لابسا قمبازه النظيف ليشرح للقاضي ما حدث معه بالامس , ويعرف منه اذا كان الحق على الحمار !

بقلم: نايف أبو عيشه
26/9/200



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من طين بلادك ...!
- العدس ولحم الفقراء !
- زوجة الاستاذ !
- الاختيار !
- - خربطيطة مروكية-!
- تحليق في سماء الحرية !
- صبرا وشاتيلا,جرح نازف !
- لماذا تاخر هنية في دعوته !
- السيارة والسياسة وما بينهما !
- تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - الحق على الحمار !