أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد السلام أديب - حتى لا ننسى إفريقيا















المزيد.....


حتى لا ننسى إفريقيا


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 630 - 2003 / 10 / 23 - 03:30
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الأربعاء 03 يناير 2001

عرف ملتقى داكار للمنظمات غير الحكومية المنعقد في الفترة المتراوحة ما بين 11 و14 دجنبر 2000 نجاحا منقطع النظير، سواء من حيث الحضور الافريقي التمثيلي الفريد من نوعه، أو من حيث التوافق الذي حصل بسرعة بين أطراف تحالف الشمال والجنوب للمنظمات غير الحكومية. وفيما يلي ترجمة لتصريح داكار 2000 الصادر عن هذا الملتقى والذي يعد بحق ثورة للمواطن الإفريقي في بداية الألفية الثالثة.
اعداد عبد السلام أديب
تصريح دكار 2000
النضال من أجل البدائل
أصبح اليوم مطلب الإلغاء التام وغير المشروط للمديونية الإفريقية ضرورة ملحة تقوم على معطيات اقتصادية، اجتماعية، أخلاقية، قانونية وتاريخية،  لا تقبل الطعن. حيث أن مشكلة المديونية الخارجية ليست مشكلة مالية أو تقنية، كما يحاول البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إيهامنا بذلك. فالمشكلة تتسم بطابع إنساني واجتماعي وسياسي أساسا. وقد ساهمت خدمة المديونية والشروط المرتبطة بها في تعميق ظاهرة الفقر في كل مكان. وعلاوة على ذلك، فإنه من المؤكد أن  المديونية الخارجية سبق سدادها منذ عدة سنوات، وأن إفريقيا أصبحت تحول  إلى البلاد  المتقدمة موارد مالية أكبر مما تتلقاه منها.
إضافة إلى ما سبق، تتسم الحصة الأكبر من المديونية الإفريقية بكونها  مديونية بغيضة، تدليسية وغير أخلاقية. حيث ابرمت أغلب اتفاقيات القروض من طرف أنظمة ذات تمثيلية شعبية ضعيفة، وأن المبالغ المحصل عليها استعملت في أغراض لا تخدم مصالح الشعوب. كما استعملت هذه القروض في العديد من الحالات لترسيخ وإسباغ الشرعية على أنظمة ديكتاتورية، أو في قمع الشعوب أو في شن الحروب، وذلك بمباركة وتواطؤ الدول الغربية.
كما أبرمت اتفاقيات القروض كذلك لتمويل مشاريع ضخمة تعمل أكثر على تحويل الاقتصاد نحو التصدير بدلا من اشباع الحاجيات الأساسية.
فتسديد مثل هذه المديونية غير أخلاقي: حيث تبتلع خدمتها موارد ضرورية لمكافحة الفقر والأمية والسيدا.
من هنا نجزم بأن مشكلة المديونية الإفريقية غير مقبولة. إضافة إلى أن المديونية التاريخية التي تدين بها إفريقيا للغرب تفوق كل تقدير.
لذا أصبح من حقنا المشروع المطالبة بإصلاح مختلف الأعمال الوحشية التي ارتكبت في حق إفريقيا والعمل بالتالي على استعادة كل الثروات التي اغتصبت عبر القرون الماضية.
في إطار التعبئة التي عبر عنها تصريح أمستردام لشهر أبريل 2000، نحن ممثلو المنظمات النسائية والشباب والعمال في البوادي والمدن إلى جانب التضامن الدولي،  المجتمعين في الفترة المتراوحة ما بين 11 و14 دجنبر 2000 بدكار وبدعم من حلفائنا الآخرين بباقي القارات.
- ندعو مرة أخرى إلى الإلغاء التام وغير المشروط للمديونية الإفريقية؛
- كما نطالب بشدة إيقاف برامج التقويم الهيكلي، الذي أعيدت صياغته تحت يافطة "استراتيجية محاربة الفقر"؛
- ونتبنى البرنامج التالي حيث نلتزم باتخاذ جميع التدابير الضرورية لإدخاله حيز التنفيذ.
أولا: على المدى القصير والمتوسط:
ندعو الحركات المواطنة لتكثيف حملاتها الهادفة إلى تحقيق الإلغاء غير المشروط للمديونية الإفريقية ولباقي دول العالم الثالث. كما ندعو إلى العمل في كل المناسبات على تكثيف الضغط على دائني إفريقيا، من خلال العمل أو المشاركة في مبادرات من مختلف الأشكال لجذب انتباه الرأي العام الدولي حول الطبيعة الإجرامية للسياسات المفروضة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، على الدول الإفريقية سداد ديونا سبق سدادها لعدة مرات.  سنجعل من مختلف اجتماعات هاتين المؤسستين ومن اجتماعات قادة الغرب الرئيسيين (مجموعة السبعة) ومن الملتقيات الدولية الأخرى، مناسبات للتعبير عن إصرارنا. إلى جانب  ذلك، نطالب حكوماتنا بتشكيل جبهة للدول المدينة الرافضة للمديونية الخارجية عبر استعمال المبالغ التي سيتم اقتصادها لصالح الجماهير.
وحتى نتمكن من تحقيق السياسات السابقة، سنعمل على دعم الشبكة الدولية لمكافحة مديونية العالم الثالث. كما  سنعمل قبل كل شيء على تعزيز العلاقات فيما بين المنظمات المنخرطة في هذا النضال في إفريقيا وفي الدول الأخرى السائرة في طريق النمو، في إطار حركة يوبيلي الجنوب (Jubilé Sud). من هنا ، يصبح  تعزيز مثل هذه الروابط أحد رهانات نجاح حملة إلغاء المديونية. فالعلاقات بين هذه المنظمات يشكل القاعدة التي يجب أن يبنى عليها التضامن بين منظمات الجنوب والشمال. كما أن  التحالف الاستراتيجي بين هذه الأخيرة يشكل حلقة متينة في سلسلة التضامن الانساني العالمي للقضاء على مقاومة وأنانية الدول الغربية والمؤسسات المتعددة الأطراف.
وستنظم في هذا الاطار، حملات جهوية وأخرى دولية. حيث سنعمد الى اشراك واسع للرأي العام لدى كل دولة لممارسة ضغوطات حاسمة على الحكومات بهدف دفعها الى اعادة النظر في علاقاتها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورفض سداد المديونية. وسيؤدي التضامن بين أعضاء الشبكة الى المزيد من الالتحام والدعم عبر تبادل المعطيات وتنظيم التظاهرات المشتركة والاشراف المتبادل على  تعزيز القدرات الانسانية والتنظيمية بهدف الاستعداد أحسن للارتقاء بالنضال الى مستوى أعلى.
إن مصداقية الحملة تقوم على مقدرة منظمات المجتمع المدني على صياغة استراتيجيات منسجمة واقتراح البدائل. لذا فإن تعزيز قدرات تدخل المجتمع المدني تعتبر مهمة صعبة وتتطلب عملا صبورا.
يجب أن تتعزز  الحركات المواطنة حتى تكون قادرة ليس فقط على دحض حجج الدائنين وإنما  كذلك على تركيز النقاش وطرح المشاكل الحقيقية على الخصوص.
ثانيا: البرنامج الاستراتيجي:
1 - تغيير جذري للسياسات:
إن  مهاجمة العوامل البنيوية التي تشكل أساس أزمة المديونية الخارجية يعتبر أساسيا. فمن الضروري اجراء مراجعة عميقة لسياسات الاقتراض الخارجي للدول الافريقية اضافة الى كيفية استعمال هذه القروض. وعندما تكون هناك حاجة للجوء اليها فيجب أن تستدعى المؤسسات البرلمانية لمناقشتها.
كما يجب أن يطبق على  الاقتراض الخارجي قواعد الشفافية والديموقراطية تحت مراقبة جموع المواطنات والمواطنين.
يجب أن يتقلص اللجوء الى الاقتراضات الخارجية الى الحد الأدنى عبر تعبئة الادخار الداخلي بواسطة سياسة جبائية تصاعدية تدفع الأكثر غنى الى المساهمة الايجابية في جهود التنمية.
على المستوى الخارجي، يجب العمل على عدة واجهات.لإيقاف، وقلب الاتجاه المتدهور لشروط التبادل التجاري.  فيجب وضع ميكانيزمات تستهدف تثبيت أسعار المواد الأولية والمنتجات الأساسية. كما  يجب أن تشكل الدول المنتجة كرتلات للدفاع عن أسعارها في مواجهة التلاعب الذي تتعرض له  من طرف الشركات الكبرى الشمالية المفاوضة. كما يجب التفاوض في اطار نظام الأمم المتحدة حول اتفاقيات دولية لتثبيت الأسعار،  مما سيمكن من زيادة مداخيل الصادرات مع الحد من انهاك الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة.
على الدول الافريقية، في نفس الوقت، أن تسرع اندماجها الاقتصادي بهدف التقليص من تبعيتها الخارجية، وخلق شروط سوق جهوي قادر على دعم تصنيع جهوي، وربح رهان تنويع الصادرات، بفضل اضافة قيمة مضافة أكبر للمنتجات المحلية. كما يجب أن يترافق هذا الاندماج بخلق منطقة نقدية ذات مصداقية في مختلف جهات القارة، وهي الوسيلة الوحيدة التي تمكن من التخلص من الاستبداد الذي يمارسه النقد الأجنبي على اقتصاديات القارة.
2 - تعزيز التعاون بين دول الجنوب:
يجب أن يعتبر التعاون بين دول الجنوب كمحور أساسي، سواء من طرف الحركات المواطنة أو من طرف الحكومات الافريقية، مما يتيح للدول الافريقية تعزيز الاتجاه نحو تقليص التبعية اتجاه البلاد المتقدمة. من هذه الزاوية، نشجع الدول الافريقية المجتمعة في اطار منظمة الوحدة الافريقية على استغلال جميع الامكانيات الموجودة، خصوصا منها التوصيات التي يتضمنها تقرير لجنة الجنوب، تحت اشراف الراحل "جوليوس نيريري"، وادخال ملموس الى حيز التنفيذ للاتفاقيات المبرمة فيما بينهم في قمة سرت سنة 1999 في مجال الغاء المديونية. وكذا تنمية التعاون بين دول مجموعة السبعة والسبعين، ومجموعة الدول الخمسة عشر وأشكال التعاون الأخرى في جميع المجالات.
وقد شكلت القمة الجنوبية الأولى (مجموعة السبعة والسبعين)، المنعقدة في هافانا (كوبا) في الفترة المتراوحة ما بين 12 و14 أبريل 2000، حدثا تاريخيا اساسيا وخطوة حاسمة في هذا الاتجاه.
يجب أن تعمل الحركات المواطنة على أن توفر وتوزع  على نطاق واسع الاتفاقيات الموقعة فيما بين دول الجنوب.
يجب أن تدفع الدول الافريقية وحلفائها من دول الجنوب، الأمم المتحدة الى تبني اجراءات إنعقد الاجماع عليها لإحباط المضاربة المالية الدولية. فقد كانت عواقب هذه المضاربة وخيمة على دول جنوب شرق آسيا، وعلى البرازيل وروسيا خلال السنوات الأخيرة.  ومن بين الاجراءات الملائمة هناك  فرض ضريبة توبن، والتي يجب أن تستعمل مداخيلها في مجال  التنمية البشرية، ومحاربة تبيض الأموال (خصوصا عبر الغاء السر البنكي) واغلاق أو فرض ضرائب عقابية على الجنات الجبائية.
3 - الارجاعات والاصلاحات:
المحور الآخر لجدول الأعمال الاستراتيجي يتمثل في قضية الارجاعات والاصلاحات التي تدين بها الدول الافريقية للدول الغربية. فالعبودية والاستعمار ومختلف أشكال الاستغلال ونهب الثروات قد استنزف دماء افريقيا  وتسبب في تأخر إقتصادي واجتماعي وعلمي وثقافي لا نظير له. ولا يمكننا أن نفهم الوضعية الحالية للقارة بدون أن نأخذ بعين الاعتبار الدمار والاغتصاب والنهب الذي تعرضت له افريقيا من طرف الدول الغربية.
من هنا نحن مدعوون للمطالبة بشدة بارجاع ما تم انتزاعه بالقوة من افريقيا واصلاح كل الجرائم والاضرار التي ارتكبت في حق شعوبها. ويتعلق الارجاع بكل الممتلكات بما فيها الثقافية والعلمية.
كما  يتعلق الأمر باسترجاع الممتلكات التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة من طرف القادة الأفارقة واعادتها الى السكان الذين نهبت منهم.
لبلوغ هذا الهدف، يجب اعتماد الاجراءات القانونية الملائمة.
4 - من أجل تنمية مستقلة تعتمد على الذات:
يجب أن نعمل على استبدال "أوفاق واشنطون" الشهيرة السيئة السمعة، بمنظور جديد للتنمية،  يستقي أسسه من  قيم النهضة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعلمية الافريقية من خلال تنمية التوافق بين الشعوب الافريقية. إن القيم الاساسية التي تشترك مع هذه النهضة  تتمثل في استعادة الأفارقة لعنصر الثقة في قدراتهم ورفضهم لكل أشكال القهر والهيمنة واشاعة ثقافة التضامن وروح الاعتماد على قدراتهم الذاتية، ووضع الثقة في عبقريتهم الابداعية لتأسيس حضارة تنموية جديدة من شأنها المساهمة بقيمة اضافية في الحضارة الانسانية.
يجب النظر الى مفهوم التنمية المستقلة المعتمدة على الذات كعملية تفكير استراتيجي في الشروط الجوهرية لتحقيق التنمية الافريقية، فهي تبدو كمشروع تحرري متعدد الأبعاد، أي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعلمي والثقافي والنوعي.
فضرورة تبني مقترب تنموي مستقل يعتمد على الذات ينطلق من حقيقة تاريخية جوهرية تؤمن بعدم وجود  "نموذج كوني"، خارج الزمان والمكان،  أي صالح لكل الأمكنة والأزمنة. فالتنمية مرهونة بالتاريخ والثقافة وتجربة الشعوب. كما لا يمكن للتنمية أن تكون نسخة مطابقة لتجربة أخرى، خصوصا تلك التي تقوم على منظور تقليصي للتاريخ الحقيقي للشعوب، مليئة بالأحكام الثقافية المسبقة المتعصبة والمبنية على الهيمنة والاستغلال ونهب موارد الشعوب الأخرى.
من بين خصائص مقترب تنموي افريقي مستقل يعتمد على الذات، هناك مايلي:
أ - تنمية ترتكز على الانسان:
تستجيب هذه التنمية  للحاجيات الأساسية الحقيقية المعبر عنها من طرف الشعوب الافريقية. فالتجربة الافريقية كانت ذات دلالة كبيرة على فشل النموذج النيوكلاسيكي المفروض كنموذج جاهز. فكلما تحدثنا عن معدل النمو، كلما انتشر الفقر. لكن في أي شيء يفيد "النمو" الذي يسحق الانسان ويزيد من حدة الفقر والاقصاء؟ الحقيقة هي أن الشكل الوحيد للتنمية الذي يستحق هذا الاسم هو ذاك الذي يساهم في الازدهار الكامل للإنسان. انطلاقا من هذا المنظور، تصبح التنمية قبل كل شيء ظاهرة نوعية وليست كمية خالصة. فالتنمية ليست بحثا بدون ضوابط عن تراكم الثروات، تتم في الغالب لفائدة حفنة من الأشخاص، ولكنها تتمثل في  البحث المتواصل عن وضع الحلول للمشاكل الجوهرية للسواد الأعظم من الشعب.
ب - تنمية تقوم قبل كل شيء على نظرتنا الى مستقبلنا والدفاع عن مصالحنا الجوهرية:
فالافارقة أنفسهم من يضع أسس هذه التنمية وينفذونها  بحسب أولوياتهم. من هنا فإن المقاطعة الجوهرية الثانية التي يجب انجازها تتمثل في رفض تنمية مستوردة تعتبر القارة كسوق تلقى فيه فضلات الدول الأكثر تصنعا.
ج - خاصية أخرى للمقترب التنموي الجديد  تتمثل في أن التنمية لا يجب أبدا أن تكون قضية "نخبة"، وإنما تنمية تشاركية، اندماجية وديموقراطية. فهي تنمية تقوم على الخصوص  على الفلاحة وتعبئة موارد مادية وبشرية هائلة لهذا القطاع ويتبناها في نفس الوقت  المثقوين وغير المثقفين، و العالم القروي والمناطق الحضرية. ويطرح ذلك قضية النهضة الثقافية الافريقية واستعمال اللغات الافريقية في التفكير وفي تنفيذ برامج التنمية. فادخال اللغات الوطنية الافريقية يعني السماح لمئات الملايين من الأفارقة باستعمال قدراتهم الابداعية للمساهمة بشكل واسع في وضع الاستراتيجيات وسياسات التنمية. وبدون المساهمة الواعية للشعب في تحديد السياسة التي تؤثر على حياته ومستقبله، لن تتحقق التنمية أبدا، ذلك أن الشعب هو القوة المحركة لكل عملية تحول اقتصادي واجتماعي.
د - يجب أن يأخذ المقترب الجديد بعين الاعتبار كذلك، البحث عن الاستقلال الجماعي للقارة كحاجة أساسية واستراتيجية، في الميادين  الفلاحية والصناعية. لأجل ذلك، يجب الانخراط في دينامية الاندماج الافريقي، الذي يشكل الاطار الاساسي للتنمية المستقلة الدائمة. فمن البديهي التأكيد على أنه بدون اندماج، لن يكون هناك أمل أمام افريقيا لتحقيق التنمية. لقد أدت الأحداث التاريخية المؤلمة بافريقيا الى أن تصبح احدى القارات الأكثر تفتتا في العالم. فهذه الاحداث شكلت  أحدى العوامل الأساسية لتأخرها وتهميشها الحالي. ولن تكون افريقيا في القرن الواحد والعشرين افريقية بالفعل الا إذا استطاعت القارة أن تحقق اندماجها وبدأت تتحدث بصوت واحد ووحيد في جوقة الأمم. ولا يتضمن  هذا المقترب انكفاء لافريقيا على نفسها. بل على العكس من ذلك، يتعلق الأمر بضمان مشاركة شعوب القارة في عملية عولمة بديلة للعولمة  الليبرالية. اننا ندعوا الى  عولمة تقوم على توافق بين شعوب الشمال والجنوب وتمنح الأولوية لإشباع الحاجيات الانسانية الأساسية.
هـ - لأجل ذلك على افريقيا استعادة المثالية الافرقانية، و يعني ذلك  أنه يجب المشي على الرجلين، أي اعتماد الفلاحة كأساس للتنمية ورمي قواعد التصنيع الحديث المتقدم.
و - إن التنمية البديلة تعني انعاش وضمان العدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين والديموقراطية واحترام حقوق الانسان. فانتشار الفقر والاقصاء يعتبر نتيجة مساوئ سياسة "كل شيء للسوق" والبحث غير المنضبط عن الربح الخالص الذي يدفع الدولة الى التخلي عن السياسة التي تستهدف انعاش المساواة والعدالة الاجتماعية.
ز -تتناول التنميةالبديلة بافريقيا خلق مؤسسات جديدة للتنمية، حيث تؤسس دولة جديدة متخلصة من ارثها الاستعماري الجائر والاستغلالي والقمعي. فمن الضروري في الواقع اعادة النظر في مجموع المؤسسات الموروثة عن الاستعمار وانشاء مؤسسات جديدة متلائمة بدلها مع تبني مقترب  تنموي يعتمد على الذات. فالدولة وأغلب المؤسسات الحالية هي من النوع القائم على "النخبة" وتعد نسخة عن مثيلاتها الأوروبية. لأجل ذلك تعمل الدول الحالية أكثر على قمع واستغلال الشعوب الافريقية بدلا من خلق الظروف التي تمكنها من تنمية كل امكانياتها وازدهارها. وعليه فإن المؤسسات التي تنشأ لإستعباد الأفارقة لن تستطيع بأي حال العمل على تحريرهم. فيجب إذن تأسيس مؤسسات جديدة، تكون طبيعتها ووظائفها مختلفة تماما عن تلك الموروثة عن المستعمر. فالأمر يتعلق بإقامة دولة جديدة تضمن العدالة بين الجميع وتفضل تنمية بشرية مندمجة.
ح - قضية الحكم يجب أن تدرس وتعالج من هذه الزاوية وليس من الزاوية التي تفرضها  علينا الدول الغربية، التي لا تسعى سوى الى أن تجعل من مؤسساتنا أدوات أكثر خضوعا لخدمة مصالحها. فيجب أن يستعيد المواطنون تملك الفضاءات المفقودة من طرف الديموقراطية.
ستشكل المؤسسات المتماثلة مع التنمية المستقلة المعتمدة على الذات، والتي يتم تبنيها من طرف ومن أجل الأفارقة، أدوات تحرير الشعوب الافريقية، فهي مؤسسات يجد فيها الأفارقة أنفسهم، انطلاقا من مساهمتهم في تأسيسها، واختزانها لطبيعتهم وتحكمهم في عملها.

 



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء سبل تحقيق عالم بديل لنعمل معا على عولمة المقاومة
- سوء التنمية ومحاربة الفقر
- أوهام التأهيل والمنافسة الحرة
- النساء والعولمة الليبرالية
- المعجزات التنموية ودور الدولة
- الهجرة الى الفردوس الاقتصادي
- التقسيم الدولي الجديد للعمل
- تناقضات العولمة الليبرالية
- نقطة نظام الانقلاب التكنولوجي
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- أزمة المالية العامة في المغرب
- خوصصة المرافق العمومية أداة تنمية أم أداة نهب للمواطنين
- التجارة الخارجية في زمن العولمة الليبرالية
- البعد المالي في إتفاقية الشراكة المبرمة بين المغرب والاتحاد ...
- مــــأزق البطالــــــة
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب - ...
- الاستعمار الأمريكي واستراتيجية المقاومة
- خلفيات الحرب الإمبريالية الأمريكية على العراق
- الاستثمارات الأجنبية الخاصة عامل تنمية أم استعمار جديد؟


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد السلام أديب - حتى لا ننسى إفريقيا