علم التنجيم قديماً و حديثاً

بطرس بيو

الحوار المتمدن-العدد: 2048 - 2007 / 9 / 24 - 13:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

ترجمة عن الإنكليزية من كتاب "الإتصالات الكونية"Cosmic Connections
نشرت وسائل الإعلام في العالم في ربيع عام 1988 أن زوجة الرئيس رونالد ريكان نانسي كانت في بعض الأحيان تقنع زوجها بإجراء تغييرً في مواعيده الرسمية إستناداً إلى تنبئات المنجمين. و قد تبين أنه قبل إنعقاد أحدى مؤتمرات القمة أعد المنجم الخاص لنانسي إستطلاع الأبراج لميخائيل كورباشوف رئيس الإتحاد السوفييتي بإفتراض أن هذا الإستطلاع سيساعد ريكان في التفاوض معه. و قد سببت أخبار كهذه إستهجان و سخرية بعض الكتاب و المسؤولين: إذ كيف يمكن في عصرنا النووي هذا أن يتأثر و إن كان ذلك بقدر ضئيلً رجل يحكم أقوى دولة في العالم بأمور خرافية كهذه تم دحضها من قبل مقكرين منذ قرون مضت. فماذا سيكون إنطباع الناس عن سكان البيت الأبيض ألذين يعتمدون في قرارتهم على تحركات الكواكب السيارة و إشارات الأبراج و خزعبلات كهذه.

من المعروف أن التنجيم شائع في الشرق حيث لا يزال هذا الفن يعتد يه من قبل عامة الناس بخلاف ما حصل في الغرب. فكثير من المجتمعات الآسيوية حتى العائلات الراقية و المثقفة منها تستشير المنجمين فبل تحديد مواعيد الزيجات أو شراء و بيع الأملاك.و من الأمثلة البارزة على ذلك كان تغيير موعد حصول الهند على إستقلالها من 15 آب، 1947 إلى منتصف ليلة 14 آب لأن اليوم الأول كان غير ملائم. و عندما إفتتحت شركة الكوكا كولا أول معاملها لتعبئة القناني في تايلاند إنتظر المدراء لإشارة واضحة من النجوم قبل الإفتتاح. و قد أوضح أحد الإداريين أنه فيما لوتم رفض إستشارة المنجمين في موعد الإفتتاح يرفض الكهنة البوذيين مباركة مكائن التعبئة في الحفل الإفتتاحي و عليه سوف لن يقدم أيأ من السكان لشراء المنتج. و في مملكة سكين من ممالك هيمالايا أجل ولي العهد الأمير ثومدوب نامكيال زواجه من هوب كوك الأميريكية سنة كاملة بناء على توصية منجمي القصر.


أدت النهضة الحضارية في القرن الثامن عشر في الغرب إلى إنخفاض عدد الذين يؤمنون بالتنجيم و السحر و لكن زيادة التعامل بقضايا التنجيم منذ بداية القرن العشرين أقضت مضجع الكثير من المفكرين. فما يزيد عن عشرة آلاف منجم محترف يزاولون فنهم في الولايات المتحدة فقط و ما يقارب الخمسون مليون شخص يتعاملون معهم وقد يزداد عددهم إلى رقم أعلى من ذلك. و فد تبين من الإستفتاء الذي أجري عام 1987 أن نصف سكان أميريكا الذين تتراوح أعمارهم بين الثلاثة عشر و الثمانية عشر عاماً يؤمنون بالتنجيم و 98 بالمئة من الصحف و المجلات في عام 1988 إحتوت على أعمدة لإستطلاع الأبراج و قد كانت 78 بالمئة قبل تسع سنوات من ذلك التاريخ.

و فد شملت أعمال التنجيم بيع و شراء الأبنية السكنية فأحد العاملين في هذا الحقل أشار إلى أحدى زبائنه عام 1986 في لوس آنجلس أنه لا ينصحها ببيع دارها عندما يكون كوكب عطارد في الإنحسار و قد أخذت بهذه النصيحة و أخرت عرض الدار للبيع شهراً كاملاً و قد بيع الدار في مساء اليوم الذي عرض فيه للبيع بسعر زاد خمسة آلاف دولار عن السعر الذي كانت تتوقعه.

و فن التنجيم فن غارق في القدم و قد أظهرت الأعمال التنقيبية في أواسط القرن التاسع عشر التي قام بها هرمز رسام و هو شاب عراقي خريج اوكسفورد مختص بعلم الآثار مدى قدمه.

إبتدأ رسام عام 1853 أعمال التنقيب في تلة على ضفاف نهر دجلة قرب مقر سكناه. و كان هو و أعوانه يعملون أثناء الليل خفيةً خوفاً من البعثة الفرنسية التي كان لها حق التنقيب في هذا الموقع. و كان يأمل ان يعثر على آثار الإمبراطورية الآشورية التي كانت تسيطر على المنطقة. و كان إنبهاره لا يوصف عندما أظهرت أعمال التنقيب في شهر كانون الأول على ردهة واسعة تزين جدرانها زخارف و صور لصيد الأسود و الردهة مليئة بألواح طينية صغيرة محفور عليها كتابة بالخط المسماري.

و كانت هذه الردهة هي مكتبة القصر في نينوى عاصمة الإمبراطورية الآشورية.القديمة. و كانت فد شيدت بين سنة 668 و 627 قبل الميلاد من قبل الملك آشور بانيبال و هو من أقوى حكام الآشوريين. و حوت هذه المكتبة مجموعة من أغنى المخلفات الثقافية التي تم العثور عليها حتى ذاك التلريخ. فكان هناك ما يزيد عن 25,000 لوح مكتوبة باللغة الأكدية و البابلية و الآشورية القديمة. و كان ضمن هذه الوثائق تـواريخ البلدان، وثائق دينية، مراسيم و مراسلات ملكية، مؤلفات أدبية، نصوص طبية، معاجم و نصوص نحوية وكان بعضها يرجع إلى أكثر من ألف عام قبل زمن آشور بانيبال. و من ضمن تلك الثروة الثفافية عثر على أقدم جداول فلكية و تنبئات مختلفة.

#بطرس_بيو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات