(تَحْتْ )

محاسن الحمصي

الحوار المتمدن-العدد: 2048 - 2007 / 9 / 24 - 09:33
المحور: كتابات ساخرة
    

تلتقطها الآذان كالرادار أو (زامور الإسعاف) , أينما كنتَ ,في البيت , الشارع ,التلفزيون , الراديو.. تقرأها في الصحف المحلية والعربية على النازلة والطالعة في كل المواضيع : سياسية , اجتماعية , فنية وعلى الشفاه الجافة من العطش والصامتة من تعب الكلام والشكوى للأنام ...
تراها في العيون تتحرك بخبث أو حزن دفين .
تلوِّح بها أصابع اليدين بشكلٍِِ عفويّ تشرح لك المعنى …
والمعنى ( تَحْتْ ) !!
وليس ( تخــــــــت ) بالفصحى السرير. فالتخت هو أربعة قوائم خشبية أو معدنية بفرشة ديلوكس لا تكسر الظهر أو تسبّب (ديسك), بأغطية ناعمة الملمس ومخدات ريش نعام ..
ما أن ( تتلقح عليه ) حتى تروح بسابع نومة وترى أحلاما سعيدة ..
وهناك التخت ..الأرضي , بساط أحمدي من قش أو جَنْبِية , وليس جاعــــدْ (خروف بلدي) بــَطـّـلْ الموديل لغلاء اللحوم .. تتمدد عليها أجسادٌ منهكة , كل خمسة أزواج
تتشابك أيديهم وأرجلهم لحف ومخدات , يحلمون برغيف خبز نظيف من ( تَحْتْ) يد فران أمين..

أتحدث عن ( تََحْْتْ) .. ثلاثة أرباع الشعب المحلي يعيش (تَحْْتْ) سقف حدود الدنيا و الفقـــــــر.. (تََحْْتْ) سقف الحرية في التعبير عن الرأي , المعارضة ومحاورة الطرف الآخر بروح رياضية , من (تََحْْتْ) الزانة ودنك (تََحْْتْ) السلة .. مشاريع حكومية (تََحْْتْ) الدراسة المستفيضة وتشكيل لجان لبحث تلك الدراسات البناءة لخدمة الطبقات الكادحة .. علاقات محرّمة (تََحْْتْ) الدرج , وأبناء خطيئة يسكنون الحاويات ..
لا يجوز التقدم للانتخابات النيابية لمن هو(تََحْْتْ) قبضة العشائرية والشللية والقدرة المالية.. من يرفع الأسعار ويتلاعب بقوت المواطن يوضع (تََحْْتْ )الرقابة ويحجز - كما قال دولة الرئيس - لا أحد فوق القانون , كل من تسوّل له نفسه ارتكاب جنحة أو جريمة احتيال , نصب , تزوير , اختلاس , غسيل أموال , لهف , بلع , يكون(تََحْْتْ) طائلة التوقيف , السجن ,المسائلة والمحاكمة العادلة ..
الجينز (تََحْْتْ) الخصر , والبلوز فوق الصرة , موديل الصبايا الواوْوْوْوْوْوْوْوْ ( بابا سمحْ لي ) البوكسر المشجر والملون لأحلى الشباب (تََحْْتْ) البنطلون (الساحل ) .

الاتهامات , الخناقات , المناوشات في دوائر , برلمان , وزارات تسفر عن ضرب كلام (تََحْْتْ) الحزام وفوق الحزام , لكمات وبوكسات كــْلاي (تََحْْتْ) الكًايش بدون حكم دولي .
مؤتمرات , اجتماعات , قرارات , بيانات (تََحْْتْ) مظلة وشرعية الأمم المتحدة
وحكومات الفيتو الخمس وأتباعها , ملفات داخلية , خارجية , أوراق , خرائط لتقسيم , تحديد أو ترسيم تمرر من (تََحْْتْ) الطاولات ..المستديرة , المربعة والمستطيلة , العامرة بالمؤامرت الكيدية ..
أنباء عاجلة تتحدث ..
عن بؤس الشعب الفلسطيني (تََحْْتْ) نير الاحتلال , الضفة والقطاع (تََحْْتْ) القصف الجنوني ,الاجتياح اليومي والقتل العشوائي . لبنان (تََحْْتْ) التهديد والوعيد.. الوطن العربي من الماء إلى الماء (تََحْْتْ) المجهر والرقابة الصارمة من إرهاب محتمل التسلل كانفلونزا الطيور برًا , جوّ ًًا , بحرًا , عابرًا للقارات .. من مصافحة, عناق أو قبلات ..!!
العراق (تََحْْتْ) رحمة الأعداء حتى شفطْ آخر نقطة بترول أسود وقطران.. وآخر قطرة دم عربي تسفك في سبيل ديمقراطية (مبهدلة) , وخياطة قانون على قياس الدولة . وينسى بعض ( الظــُلاّم) من يكون فوق سينزل يوما (تََحْْتْ), ويتجاهل مقولة: " لو دامت لغيرك , ما آلت إليك " , ومن تعود النظر لفوق قد تقصف رقبته ويصعب عليه التركيز للأمام أو تحت أرنبة ( خشمه ).
ومادام الذهب في العلالي , والأسعار شاعلة نار.. من الدبوس حتى السيجار, مهما طرحت الحكومات من حلول و أفكار , سيأتي يوم تجد المواطن يحمل (بــُقــْـجة) ويمشي حافيا , مهاجرا ,على طريق المطار .. في مشية رومانسية (تََحْْتْ) زخات المطر أو… يجلس في العراء (تََحْْتْ) الأشعة الفوق بنفسيجة و (طاقة) الأوزون تصيبه بضربة شمس تكون القاضية , فينام ويرتاح (تََحْْتْ) التراب , إن وجد مدفنا رُخـَيــّصْ , كويّس , ابن آوادم مع ارتفاع أسعار الأراضي , وإما سيجد نفسه يحمل طبلا ومزمارا وحوله الأولاد , الأحفاد , الجيران , والأقارب يهتفون وراءه " :التوتُ نَيْ ..التوتُ نَيْ .." .
حفظنا الدرس:
كَــرْجْ المَّيْ ..
فوق النار ..
(تََحْْتْ) النار ..
ارحمونا من الأسعار..
و (تََحْْتْ) الشجر يا وهيبة ياما أكلنـــــــــا ( خ(…) وشمّينا هوا…. ) عفوا برتقان …!!

من المرقاب والمجهر الراصد .
تحـــــــــــــــ ……. يا……….. تي .

محاسن الحمصي
20-9-2007

#محاسن_الحمصي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات