أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد المجيد - وداعا بسام : الرحيل الوردي














المزيد.....

وداعا بسام : الرحيل الوردي


فراس عبد المجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 12:39
المحور: الادب والفن
    


حين يرتحل بسام الوردي، فان رحيله يكون مختلفا ، فهو ليس كأي رحيل. بل هو رحيل الشمس الى مغيبها، ورحيل الورد الى عطره ، ورحيل السيف الى غمده :
"منجردا كالسيف أتيت
لا يبكي السيف ، ولكني في الغمد بكيت "
هذا هو بسام الذي حمل الينا التلفاز خبر رحيله يوم الثلاثاء 18 أيلول / سبتمبر 2007 عن 65 عاما كانت أيامها الأخيرة صراعا مريرا مع المرض ، وانتصارا عليه . فالجسد المسجى لابد أن يتمرد على العلة المستعصية ، ويرتحل نحو الشمس. ها هو يستعصي على الغمد ، وينطلق نحو الذاكرة ونحو الخلود. ها هو يأتي " منجردا " في وجه القبح والضغينة والظلام .
بسام لم يكن مخرجا سينمائيا فحسب ، كما جاء في النعي الذي يثته أكثر من قناة فضائية عراقية ، بل كان شاعرا وانسانا وعاشقا . وكان منضلا صلبا في وجه الفاشية:
"" ها يالغارق بدمك
دشدّ تراب قبرك وارفع الراية "
وحين تحول القاف الى جيم معطشة ، كما في الدارجة العراقية ، فأن هذا المقطع من الشعر الشعبي العراقي يكون صرخة تؤرخ للنضال ضد الفاشية التي أغرقت البلاد بالدم في انقلاب 1963 الأسود ، ما زال صداها يتردد الى الآن ، وأرض العراق ما زالت تحتضن كل يوم كوكبة من الشهداء ، ضحايا الغدر والدكتاتورية البغيضة وقوى الظلام .
دعوني أعترف : ارتبطت ببسام الوردي في علاقة نَسَب ، الا أني وجدت فيه ، منذ أواسط ستينات القرن الماضي ، صديقا ورفيقا بدد ما كان عالقا أو شبه عالق في ذهني من ترسبات ذات منحى يساري غائم ومشوّه . عندها أدركت أن الشمس حمراء ، ليس في مغيبها فحسب ، بل حتى حين تتوارى خلف المدى . المدى الذي طالما تاق اليه بسام ، وأبدع له فيلما عن الفنان والقاص يحيى جواد . المدى الذي حلّقت فيه ، وتحت ظلاله ، طيور الفنان العراقي الخالد أرداش كاكافيان ، في فيلم وثائقي جميل لم يكتب له أن يشهد النور . وهذه حكاية لم يتضمنها خبر النعي . ففي زيارة له الى بغداد ، في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي ،زار بغداد الفنان أرداش كاكافيان ، بعد اغتراب طويل في فرنسا ، فلمعت في بال بسام فكرة انتاج فيلم عن هذا الفنان لمصلحة المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون والسينما . وفعلا جندت الامكانيات لهذا الانتاج ، ووضع بسام السيناريو، وباشر في اخراج الفيلم . الا أن المتغيرات في أجهزة اعلام السلطة وقتها ، والحقد الأعمى ، أجهض هذا المشروع الفني الكبير .
ماذا يمكن أن أزيد ؟ الذاكرة محملة بكل ما هو جميل ووردي عن بسام . هل أسترجع بهاء وكبرياء هور الجبايش ونخيل أبي الخصيب ، حين شددنامعا الرحال الى جنوب العراق ، في رحلة لأعادة اكتشاف الوطن والذات والحقيقة ؟ الوطن الذي كان يئن ويتطلع عبثا الى مستقبل أفضل .. يومها كانت الشاحنات تأتي من كردستان محملة بأبطال ومناضلي الكرد " اليشمه ركه "في أوسع عملية تهجيرالى الجنوب ، حيث كانت المفابر الجماعية في انتظارهم ، بعد اتفاقية الجزائر التي وقعها الدكتاتور مع شاه ايران ، وعاد فمزقها ، ثم عاد وألصق قصاصاتها المتطايرة . وبين التوقيع والتمزيق والاعادة سالت جداول من دم لا يزال ينزف . نعم . شاهدنا الشاحنات المحملة ، لكننا لم نشاهد المقابر الجماعية الا بعد حين .
هل أسترجع الفسم الثقافي في تلفزيون بغداد في السبعينات ؟ الذي كان يرأسه الناقد محمد مبارك ( وقد رحل عنا قبل أيام ) ، حيث كان بسام الوردي مخرجا أنجز العديد من المشاريع الثقافية والفنية الهامة ، بمشاركة العديد من الفنانين والمبدعين والأدباء التقدميين ، وكان من بينهم الشاعر حميد الخاقاني والمخرج المصري حسين حامد وآخرون . ومن بين تلك المشاريع البرنامج الثقافي " البرنامج الثاني " الذي كان يقدمه الشاعر صادق الصائغ ويخرجه بسام الوردي ، والذي كان يعنى بالثقافة التفدمية والانسانية الرفيعة ، وكان أن تعرض الى تبرم ومضايقات االقيادة الدكتاتورية المتخلفة، بل وأحمد حسن البكر شخصيا، فأجهض هذا المشروع التنويري الواعد.
أم هل أستحضر فرقة مسرح اليوم التي كان بسام الوردي من مؤسسيها ، الى جانب الفنان الراحل جعفر علي وقاسم حول ومنذر حلمي وعلي فوزي وآخرين ؟ حيث كانت هذه الفرقة تشكل الى جانب جارتها في" عمارة الأخوان " بشارع السعدون ، فرقة المسرح الشعبي ، دعامة راسخة للمسرح التقدمي الجاد .
لنتأمل بعضا من عناوين أفلام ومسرحيات وقصائد بسام الوردي: فيلم " ليلة سفر " الذي تعرض للمنع طويلا .. وحصد جوائز هامة .فيلم حكاية للمدى .. مسرحية الصليب . ومن قصائده " مرثية الى رشدي العامل " و " المفاتيح الأسئلة " وغيرها مما لم تجمع في ديوان شعري حسب علمي .
الرحيل الوردي لبسام ليس دعوة للحزن والبكاء . وان كانت الدموع قد رسمت خريطة هذه الكلمات ومسارها . هذا الرحيل ، وهذه الكلمات : دعوة الى الجميع لجمع تراث هذا الفنان الشامل والمناضل والمبدع ، في الشعر ( الشعبي والفصيح ) وفي المسرح والسينما ، واشاعته بين الناس أمثولة للالتزام بقضاياهم ، وارتقاء بوعيهم الجمالي والانساني الشامل.



#فراس_عبد_المجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تموز يقرع الناقوس
- شجاعة نائب
- ورود ملونة على ضريح ابو نبيل
- الأمهات
- سفيان الخزرجي والاتجاه المعاكس
- ° طريق أغمات
- برزان التكريتي ونزار قباني
- شموع الميلاد
- بين وزارة الداخلية وقوى الأرهاب.. الخطاب والممارسة
- اختطاف المواطنين المغربيين في العراق.. الارهاب والدكتاتورية ...


المزيد.....




- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد المجيد - وداعا بسام : الرحيل الوردي