حسن جميل الحريس
الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 09:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قرصنة إسرائيلية عسكرية لأهداف سياسية
ليس من الحكمة أن أخوض في تحاليل كثيرة تناولت عملية اختراق طائرات إسرائيلية لأجوائنا السورية , لسبب بسيط / أن تحليل أمر كهذا هو من اختصاص أصحاب السلطة السياسية العسكرية القادرين على تحليل تلك العملية والتصرف بها , ومن باب إبداء الرأي ليس إلا / فإنني أطرح وجهة نظري التي أراها سبباً إضافياً يضاف لدوافع تلك الحادثة المنكرة .
إن لدى إسرائيل أقماراً صناعية تتجسس علينا وتراقب أجواءنا وتحركاتنا على أرضنا على مدار أعشار الثانية , فلماذا موّهت إذاً ؟؟؟ وادعّت أنها عملية استطلاع روتينية لا أكثر !!!!! إن أي جهاز استطلاع لدولة ما / يحتاج لمعلومات إضافية ميدانية يستقيها عن طريق عملاء له , وإن تقدير عمله مرتبط كلياً بمدى مصداقية المعلومات المتوفرة لديه وحجمها مما يشكل معياراً حقيقياً لقدرة ذاك الجهاز من عدمه , وبعودتنا لأجواء العملية النكراء نجد أن جهاز استطلاع إسرائيل قد صار فاشلاً كلياً , فمن تصريح المسؤول العسكري الأمريكي ومنذ أيام فقط / قال علانية :" إن طلعات سلاح الجو الإسرائيلي وعبوره لسماء سوريا , يمكن وصفه بطلعات استطلاعية لا يراد منها الاعتداء على سوريا " / فعل كمن فعل / عذر أقبح من ذنب / وتبريره لتلك الحادثة على هذه الصورة يثير شكوكنا لنبحث أكثر وأكثر عما أرادته إسرائيل من تلك العملية , وإلا كنا سذجّاً لا نملك بصيرة فكرية أو حتى ميدانية , ومن مقولة // من فمك أدينك // فقد أدان ذاك المسؤول نفسه عندما أصبغ على تلك العملية نيّة الاستطلاع فقط , لنرصد معاً كيف تمّت العملية وفق مصادر سورية :" دخلت طائرات العدو سماء ساحلنا السوري على ارتفاعات منخفضة وبسرعات اعتيادية !! وهنا ؟؟ وهنا!!!!! إن كانت مهمة تلك الطائرات استطلاعية فقط كما ادعى المسؤول العسكري الأمريكي لكانت عادت الطائرات حينها من حيث أتت دون أن تكمل طريقها نحو عمق الأجواء السورية ؟؟!! ولكنها استمرت لتكمل أهدافها فانطلقت باتجاه المنطقة الشمالية الشرقية السورية وهي منطقة تبعد عن ساحلنا السوري / 500 كلم / تقريباً , وكل ظن طائرات العدو أنهم في مأمن تام لم ترصدهم شبكات دفاعاتنا الجوية , ولم يأخذوا بحسبانهم أن قيادتنا العسكرية أوقعتهم بفخ تكتيكي يسمى بالعلوم العسكرية / عملية احتواء ثم انقضاض / فمن الأجدى تركهم ليدخلوا إلينا ومن ثم نبيدهم بدل أن نقصفهم عند حدودنا البحرية , وعندما شعروا بنيران مضاداتنا الجوية تقصفهم وتأكدوا من إقلاع طائرات سلاح الجو السورية لتتصدى لهم رموا حملهم وتخلصوا منه في منطقة صحراوية غير مأهولة ولا عمرانية من البادية السورية وفروا جبناء فزعين هاربين بسرعة فائقة خرقت جدار الصوت أي بسرعة تفوق ( 3600 م/ ثا ) وإن قدرّنا زمن هروبهم لكان ( 2,5 دقيقة ) تقريباً , فما هذه المهمة الاستطلاعية في ظل المعطيات التالية :
1 – مهمة استطلاع لهدف عشوائي غير محدد .
2 – مهمة استطلاع بظروف سرعة خرقت جدار الصوت .
3 – مهمة استطلاع لدقيقتين ونصف ليس إلا .
إنها عملية فاشلة بكل معاييرها , فهل تحققت إسرائيل من معلومات عملائها ميدانياً ؟؟!!!!!
لقد حيكت قصص وروايات حول تلك الحادثة بشكل درامي مختلق فخرج معظمها بعيداً جداً عن ماهية العملية ؟!!!! فمنها أشار إلى أن هدف العملية كان استهداف بطاريات صواريخ روسية استلمتها سوريا حديثاً , وأكثرها أثار فكرة بالونية فارغة فتحدث عن كونها عملية جس نبض للدفاعات الجوية السورية , وبعضها ذهب أبعد من هذا فربط العملية وكأنها تحريض لسوريا كي تكشف ما لديها من أسلحة صاروخية إيرانية حصلت عليها سوريا مؤخراً , ولكن صورة الحدث عكس ما ذكرناه آنفاً , كيف ستغامر إسرائيل ببقية ما تبقى لديها من ثقة بسلاحها من أجل أن تتأكد مما لدى سوريا من قدرات رادعة قوية !!!!!! ثم ماذا لو تم إسقاط طائراتها !! ماذا ستجني حينها ً في ظل انكساراتها المتلاحقة في المنطقة ؟؟!! والسؤال الذي يدّك تلك المزاعم المغرضة :/ لماذا رمت طائراتها حملها طالما أنها أخذت بعين الاعتبار حصول مواجهة قد تقضي على آمالها كلها "/ إن حقيقة أمرها لازال غامضاً ولكن إن دققنا بعض الشيء بمراميها الخفية عنا لاستطعنا أن نلمس أول أهدافها , إنها عملية تكتيكية سياسية بأدوات عسكرية تهدف إلى تحقيق مكاسب إسرائيلية على صعيدين :
1 – داخل إسرائيل نفسها : تعيد بعض الشيء ثقة الإسرائيليين بآلتهم العسكرية مما سيؤثر على رصيد الأحزاب السياسية الإسرائيلية المتنافسة على رئاسة الحكومة الإسرائيلية القادمة سيما وأن استحقاق الانتخابات الإسرائيلية بات قاب قوسين أو أدنى .
2 – مكاسب مؤثرة على مستوى منطقتنا : عبر دفع سوريا لتغرّد داخل سرب من وافقوا على مبادىء وتوجهات مؤتمر السلام الذي أعلنه بوش منذ شهرين , وهو مؤتمر فاشل قطعياً إن كان وفق الرؤية الأمريكية لإنه يحمل في طياته خطة إستراتيجية تقضي على ثوابت قوميتنا العربية وتذهب بحقوقنا الشرعية لمهب الريح خدمة للدولة العبرية .
كان أملهم زعزعة القرار السياسي السوري بأدوات عسكرية ليذهب ويرجو من رضوا السلام بشروط إسرائيلية ولينضوي تحت جناحهم , وبهذا تنفرط عقود الوئام والأخوة الصادقة القائمة بين إيران وسوريا , ولكن العملية جاءت بنتائج عكس ما تمنوه منها إذ زادت من مشاعر غضب جماهيرنا العربية وأوقدت في نفوس أبناء سوريا إكباراً وعزّة فزادت من حماستهم لمواجهتها وباتت الشهادة مطلبهم الوحيد حتى يعيدوا كامل حقوقهم الشرعية .
ليست أهداف العملية / استطلاعية / كما ادعوا , فما تفعله إسرائيل في منطقة شمالية يكون غطاءً لها لما تريد أن تستهدفه في منطقة جنوبية , وتعتمد إسرائيل على خريطة قسّمتها لقطاعات وفق أهمية كل قطاع بنظرة إستراتيجية , فمن هذا الباب نرسم صورة تلك القطاعات ونرمّزها ضمن الرؤية التالية :
1 – قطاع / أ / : وهو هام جداً بالنسبة لها وهو محصور بجنوب لبنان كله .
2 – قطاع / ب / : القدس العربية لتهويدها كلها .
3 – قطاع / ج / : الحدود الشمالية لإسرائيل .
4 – قطاع / د / : قطاع غزة والعريش المصرية .
5 - قطاع / ه / : منطقة بيروت كلها .
6 - قطاع / و / : المياه الإقليمية اللبنانية .
7 - قطاع / ز / : هضبة الجولان المحتلة .
8 - قطاع / ح / : قمة وسفوح جبل الشيخ .
9 - قطاع / ط / : منطقة الحدود الشمالية اللبنانية السورية .
10 - قطاع / ي / : صحراء النقب وسيناء .
11 - قطاع / ك / : البادية السورية .
12 - قطاع / ل / : منطقة الحمّة السورية الأردنية .
ربما تختلف أهمية قطاع عن آخر وفق ضرورات تكتيكية ليس إلا , ولكنها كلها أهداف تعمل إسرائيل على جعلها تحت سيطرتها كي تصل لاحقاً لتسيطر على كل أمتنا العربية .
ثم ماذا إن كان للقرصنة الجوية علاقة ما بنهاية أحداث نهر البارد الدراماتيكية فقد تمت العملية في يوم الخميس 06/09/2007 وكان الجيش اللبناني قد أعلن أن مخيم نهر البارد صار تحت سيطرته في 24/08/2007 وعمل على تطهير المخيم من معاقل مقاتلي فتح الإسلام في 02/09/2007 ولم يعثر حتى الآن على زعيم التنظيم / شاكر العبسي / حتى أن زوجته راوغت بمعلومات مزيفة أن زوجها قتل وجثته بين الجثث التي عثر عليها الجيش اللبناني وتبين أنها ماطلت في اعترافها لاحقاً بأن الجثة ليست لزوجها وعادت عقدة قضيته إلى مفاصل الاستفهام الأولية / أين اختفى ومن له مصلحة في ذلك ؟؟!!!!! / .
المعلومات كلها أشارت أن شاكر العبسي قد تلقى أموالاً طائلة من زعيم تيار لبناني معروف بولائه للإدارة الأمريكية وبحبه منقطع النظير للدولة العبرية , وعندما وقع التنظيم تحت رحمة أيادي الشرف والعزة / الجيش اللبناني / صار من الطبيعي أن يسعى ذاك الطرف المشبوه إلى إقصاء العبسي عن الساحة اللبنانية نهائياً فاستجار بمن انضوى تحت جناحهم وتم التخطيط للعملية , افتعال عملية تلفت أنظار الجيشين السوري واللبناني لفترة يظنان فيها أن حرباً إقليمية قد اندلعت بينما يتم ترحيل العبسي من لبنان على متن زوارق حربية إسرائيلية!!!!!!!!!! ذلك ليس بغريب على من طالب يوماً ما الإدارة الأمريكية أن تحتل سوريا ؟؟؟!!! ومن ادعى علانية أنه يزداد شرفاً وعزّة أن تكون إسرائيل جارته الوفية !!!! ولن تفعل إسرائيل ذلك لتبييض ماء وجه العبسي طبعاً بل من أجل أن لا تنكشف خيوط مؤامرة زرع جذورها أطراف لبنانية مشبوهة بما كان يسمى منظمة فتح الإسلام !!!! كل شيء جائز .... أليس كذلك !!!!!!!!!
#حسن_جميل_الحريس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟