|
عندما أحب
عبدالرحيم الحمصي
الحوار المتمدن-العدد: 2049 - 2007 / 9 / 25 - 11:18
المحور:
الادب والفن
حبيبتي الغالية .... أخط لك هذا الكتاب و أرجو أن تتقبلي مني هذا المدخل الغنائي الذي يعبر عن مناداتي اللانهائية لطيفك و متخيل عشقك و لكل ما هو جميل في اندلاقه الساحر نحو ضحى أيام مضت ... تأتي ...هنا ...البارحة ...اليوم ...و غدا...
_ روح عيني.... _ حبيبي.... _ حياتي _ مشتاق لعينيك ..... _ ما أجمل النبش حبيبتي في هذه الأغوار العبد حليمية التي لازالت حلم شيب و شباب ... رقي فكر حالم ... شعرا و لحنا و أداء ...
في زنزانته التي سكنته و الشجن ، كخصلتي شعر ابنته ( حلم ) التي لازالت تنتظر عودة أب من سفر بأقاصي الدنيا كما أفهمتها أمها ( راضية ) الغارقة في بحر تجاذبات يومية تجر من خلالها أثقال مسؤوليات لم تخطر لها ببال . بعد كل لبابة طويلة المسافة ، و عسيرة المقصد تستنكف راضية طوق نجاة حب استبطن حواصل أفاق واعدة ، كلما شربت من كاس خدنها الرقراق ، رسمت الزهو في عينيها ، تطايرت نجمات فؤاد خافق خفقان صغير الوروار الخائف من سقوط غير محسوب العواقب .. لازال (أيوب ) مستركنا تحت النافدة المعلقة فوق رأسه و كأنها الفانوس الذي يضيء عتمة أيامه الهاربة من مشعل انتزع منه انتزاعا ... لازال يفترش ورقته ... و لازال قلمه مسلولا يسبح بمداده عبر مسافات تشييد عالمه الحالم بأيقونات رسخت ثوابت وجودية ذاتية .. لقد سافر مداده عبر دروب وأزقة راضية الحبيبة و الصديقة و الأم و الزوجة و الأخت و الوطن ... لقد تذكر يوم حاصره زوار الليل أو الفجر كما يحلو له نعتهم و هو غارق في حلم بناء تصورات مفاهيمية عميقة تتيح له تعبيد طرقات مدينته الفاضلة المتاركة... إلا أن خفافيش الظلام أبوا إلا أن يحولوا الحلم الجميل إلى كابوس متسربل بجميع التأويلات المتقوننة المدفوعة الأجر مسبقا ، و إلى أسئلة مستغورة تنفت قيئها المطحلب بنرجسية صلعاء جاهلة مدجنة . _ حبيبتي راضية. و أنا الهائم بين روح وعين و حياة عبد الحليم، الذي يذكرني بخطواتك الراسخة في دنيا تفاصيلي الخفية ، التي تخاف على نسيمات زلال أديمك العاكس لضوء قمري، القابع بين جدران الداخل و الخارج ... قمري المسافر مع غيماتك الشاعرة المتدفقة عطاء و حبا و حيوية و خفة و جمالا ....
_ حبيبتي ... كي لا احلم ثانية أو كما يظنون ... يحاولون إبعادك عني ...يعلمون انك طاقتي و أكسجيني ... لكن الذي لا يعرفونه انك الامتداد الأسطوري و خيط الضوء الذهبي الذي لا يقف أمامه جدار العار. و لا أسطورة سور الصين العظيم .... يظنون أنني السجين ... إلا أنهم هم سجناء فكرهم الضيق و سجناء المبهم من سجني ... سأستهجن حضورهم المار تحت قناطر حبي لك .. لن يستطيع احد لجم عقلي عن التفكير فيك مهما طال العمر... حتى و إن هجرتني آمالي ... وبيع عقالي و كوفيتي في سوق وول استريت العامرة، والمكدسة ببنكنوت عرق الفقراء والكادحين من بني جلدتي. و الممولة لنكبة وطني و شعبي، عبر ركوب موجات الخسة و تشحيم للجسم الصهيو أمريكي المقيت... أفاقت راضية مع نجمة الفجر لتتسربل بردائها الخفيف و شال رباعي الألوان ، بعد أن حاولت بالأمس جمع ما يمكن جمعه من مواد، و لوازم قد يحتاجها الأسير لفك إيقاع احتياجات ذاتية و فكرية تشفع لعبثية تواجد غير ذي منطق ...و بعد أن تركت أحلام عند جارتها أم محمد جمال للعب و النوم مع الأطفال إلى حين عودتها من زيارة أيوب ، حبيب العمر و صفي الدرب ورفيق المبادئ .. جمعت ما لها و ما عليها ، و ركبت إحدى الباصات المتوجهة للسجن في يومها الأسبوعي الذي غدا عيدا و سلوى لعذابات ليال صقيعية الفراش . و جافة الوكثة كهضاب لافحة من شدة الفوارح .... _ كلو في صف...كلو في صف...يزمجر الجندي المدجج بجميع أسلحة الدمار الشامل زرقة الموج بعيني راضية تخطت كل الحواجز و الأسلاك و الحيطان لتستقر داخل زنزانة أيوب الذي لازال جلسا القرفصاء و ظهره مسند للحائط ... من كوة باب الزنزانة الانفرادية يطل جندي برأسه ليخرج أيوب من تأملاته الوجدانية الحالمة السابحة في بحر عيون راضية ... _ ماذا تكتب يا أيوب ؟؟؟ _ رسالة حب يا أفرم .. تريدون سرقة و مصادرة كل شيء ...حتى الحب و الود ... _ حبيبتي ...لن تحزني و لن تجف غيمات أيوبك المطرة بكل قناعات الدنيا ، الحالمة بأكل حلوى عيد استقلالنا ..و عيد مولد محمدنا ( ص ) ... و عيد عيسانا ( ع س ) .. و عيد حلمنا الجميلة الوديعة التي تنتظر عودتي بفارغ من صبر. لاهف جالد على فوحان رائحة عطرة لاممة لقلب منكسر بين ثنايا حضور مؤجج لمشاعر أبوة ضالة.... لن اسمح لكم بسرقة لقاء حبيبتي كما اللبوئة المفزوعة من القادم و المغتصب للماء و الهواء و المكان و الزمان .... سنحتفل يوم أكلي للحلوى بميلاد كل الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن حبيبتي .... _ يقاطعه الجندي ..فتح الباب.... يكاد قلب راضية يخرج من بين ضلوعها ... تتشابك الأيادي و تكاد تلتصق الوجوه رغم الحاجز الزجاجي إلا أن السجان لم يتمكن من وضع جداره بين قلبيهما ... تتناجى الحواس و يتسلل العرق كما يخرج الفنن بين صخرتين .... تسلم أيوب أوراقا و أقلاما و تسلمت هي رسالته الغرامية .... دق الجرس _ انتهاء المقابلة .. يصرخ الجندي... _ الرسالة غير شافية .... تذكر راضية _ عندما آكل الحلوى ... تكونين قد توصلت بباقي الرسالة ....ينهي صابر ..
#عبدالرحيم_الحمصي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|