أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار - اللص- قصة قصيرة














المزيد.....

اللص- قصة قصيرة


صالح جبار

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 06:49
المحور: الادب والفن
    



نظر بعينيه الصغيرتين الى الافق الممتد أمامه , كان البرد يسري في أوصال جسده المتدثر بالأسمال البالية ..
لم يبقى شيئا
قال ذلك وشعر بقدميه الموحلتين تغوران في الارض الطينية , كان الليل يطبق على المزارع الممتدة بكل الاتجاهات . لم يكن قد وضع في ذهنه خطة محددة .. لكنه يعي شيئا واحدا هو أن يقتنص الفرصة حين تحين , لم تكن المرة الاولى , ولن تكون الأخيرة بالتأكيد ...
توقف وهو يتحسس بقدميه برك المياه الصغيرة ..
لقد أمطرت البارحة بغزارة أنهاتنبىء بموسم جيد ...
هكذا تحدث مع نفسه , وهو يحاول أن يلف لفافة تبغ , لمح ضوء فوانيس القرية الصغيرة , ومع رائحة التبغ شم رائحة الروث .. تقدم بهدوء وحذر .. لم يكن قد حدد وجهته بعد .. وحين عبر بالقرب من جامع القرية حيث جلس (الشيخ ) على دكة محاطا بالرجال .. رآه يقرأ لهم من كتاب ي يديه , سمعه يقول :
أشتد بالفقراء الجوع حتى أكلوا الميتة , ثم تعدوا ذلك الى أكل صغار بني أدم , حتى صار بحكم المألوف لايستحق العجب ...!!!
أستغفرت حلقة الرجال بصوت عال .. تركهم ومضى .. وعند آخر دار صادفه في الطرف البعيد , من القرية الطينية , تناهى الى سمعه صراخ مكتوم .. أقترب نحو الصوت المستغيث .. وقد تحفزت أعصابه المشدودة من البرد والخوف .. حاول أن يميز الصوت , أنه صوت أمرأة ...!!!
كان لايزال يتحدث مع نفسه , وقد أقترب من الكوخ المنعزل .. تلمس الجدار الطيني , ودفع الباب الخشبي بهدوء وحذر , تطلع من زاوية الباب الموارب , كان ثمة ضوء خافت , ينبعث من فانوس معلق , على الحائط المقابل له , وقد تمددت أمرأة نحيلة , على حصير ة من سعف النخيل , وهي تتلوى بألم واضح , ملتفعة بعباءة سوداء , مد رأسه نحو الداخل , وحين أبصرته , سألته بصوت غليظ :
من أنت ...؟؟!!!
أحتار في لاجابة عن سؤالها .. وفي لحظة .. أجاب :
كنت مارا من هنا , وسمعت صوت الصراخ ....
وبنبرة متوسلة , وهي تصك على أسنانها , من ألالم قالت :
أأأأأأأأأأأأأرجوك ساعدني ..
هل أنت مريضة ؟؟!!
ألا ترى بطني المنتفخة , أني في حالة الطلق ...!!!
بدا كمن وقع في فخ , حاول أن يضحك في سره , ساخرا من نفسه , ودوى صوتها , وقد تشنجت عضلات بطتها , وهي تكاد تقضم قطعة النسيج بين فكيها ...
أرجوك أوقد نارا , وضع عليه قدر الماء ...
بحث عن الحطب وعثر عليه خلف الباب , أوقد النار .. ولما عاد بقدر الماء من خارج الكوخ , كان الدخان قد ملاء , الغرفة البائسة , لكنه شعر بالدفء , وتابع حديثه معهابسؤال :

ألاتوجد في قريتكم , قابلة ..؟!
لا ...
هل هناك أحد أستدعيه لك .. ؟
أرجوك لآتتركني ...ألان فقط عاهدني أنك أخي ..!!!
بتلقائية الريفي الغيور , قال :
ربي يعلم ذلك .. لكن ألا يوجد أحد معك وأنت بهذه الحالة ؟؟!!
قبل يومين , ذهبنا الى المدينة , وأخبرتنا الطبيبة , سألد بعد أسبوع , لكن المخاض فاجئني ألان .. أطلقت صرخةأخرى وقد تصبب العرق من وجهها الشاحب ... فكرأن يمضي بعيدا عن هذه الورطة ..
لكن آلامها المبرحة,وهي متلوية بشدة , وقد أنفرجت ساقيها , بقوة , والدم يسيل تحتها .. أستوقفته ..؟؟!!




كان الطفل , ملفوفا بخرقة بيضاء , متمددا بجوار أمه , باكيا ... أحتاج الرجل أن يسألها , مرة آخرى قائلا :
أين زوجك ياأمرأة ...؟؟!!
ومن تحت ركام وجعها ,أجابت بصوت واهن :
أنه لص , خرج البارحة , ولم يعد لحد ألان ....
وتابعت , وقد علت الصفرة وجهها الذاوي ,
يبدو أنك غريب عن قريتنا ...
لم يجد مناصا من أن يخبرها بالحقيقة ...
أنا أيضا لص ...!!!!! خرجت من أهلي البارحة , ولم أرجع لهم حتى الساعة ..
وعندما مضى خارجا , كانت السماء , صافية , وصياح الديكة يسمع من بعيد ...

_ _ 2005



#صالح_جبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والسلعة البائرة
- صناعة ألازمة الثقافية
- ثقافة المقاهي ومقاهي الثقافة
- الواقع المفروض
- قصةقصيرة
- قصة قصيرة --الكاظمين الغيظ
- عمتي النخلة
- الحيواني في الانسان
- القومية العربية .. حقيقة ؟ خيال ؟ أم ...؟؟؟
- النكات والتسويق السياسي
- قصة قصيرة


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار - اللص- قصة قصيرة