|
برنامج المعارضة
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 2041 - 2007 / 9 / 17 - 06:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لابد لأي حكومة ديمقراطية من برنامج سياسي يشكل اطارا مرجعيا لعملها بما يكسبها شرعية عملية تضاف الى شرعيتها الدستورية التي سبق وان اكتسبتها عبر صناديق الاقتراع، وبرنامج الحكومة يستدعي بدوره برنامجا للمعارضة، تصوغه وتعتمده القوى التي تعيش في حالة مواجهة مع الحكومة سواء بطرق سلمية او غير سلمية، وهذا البرنامج هو ما سيكسب المعارضة شرعيتها ايضا، لأنه بدون هذين النوعين من البرامج، سيكون الصراع بين الطرفين مجرد صراع سافر على السلطة، وهو اقرب الى صراعات الديكة منه الى الحياة السياسية الحقيقية حتى في مراحل تلوثها بالدماء. هناك اتهامات شتى تطال الحكومة العراقية من جهة برنامجها، منها ما يقال بعدم التزام رئيس الوزراء بالبرنامج، او تعطيله للبرنامج، واحيانا يصل البعض الى القول بان الحكومة بلا برنامج اصلا ثم يتجاوز ذلك الى اتهامها بتنفيذ اجندات طائفية او اجنبية تمثل مصالح احدى دول الجوار وقوى معينة. الا ان معظم هذه الاتهامات اخذت تنطلق في الاسابيع بل الايام الاولى من تشكيل الحكومة، وربما في اليوم الاول وبعض من تصدر عنه هذه الاتهامات كان جزءا من الحكومة واستمر في عضويتها حتى وقت قريب بينما كان بامكانه اما تعديل مسارها في وقت مبكر او تعطيلها انذاك على الاقل سواء بالاستقالة او بعدم الدخول فيها اصلا. غير ان الصياغات التخوينية التي تساق بها الاتهامات كثيرا ما تعبر عن عقلية سياسية ما زالت متعلقة بالفكر السياسي الفردي الاستبدادي الذي يرى في الذات كل الحقيقة والصواب والصدق، ويرى في الاخر كل الزيف والخطأ والكذب، ولذلك تتردد في السجالات الاعلامية بين الساسة والمحللين عبارات مثل الاصلاء والدخلاء، والوطنيين المخلصين في اشارة الى وجود اشخاص غير وطنيين واخرين وطنيين غير مخلصين، بما يكثف كل صفات ومعاني الخير في طرف ونقيضها في الطرف الاخر، لكن هذه الاساليب لا تنفع في نظام ديمقراطي وما يطالب به احد اطراف الصراع يمكن ان يطالب به الطرف الاخر، ومن هنا يتحتم السؤال عن البرنامج الذي تحمله القوى المعارضة، سواء كان ذلك البرنامج موحدا او متعددا بتعدد قوى المعارضة، علما ان الاشارة الى عدم وجود برنامج سياسي معارض لا يأتي من باب التشفي او الردح الخطابي بل من باب تشخيص الازمة، فاذا كانت الحكومة لا تملك برنامجا او لا تتمسك بما تعلنه من برنامج وفي نفس الوقت يكون معارضو الحكومة بلا برنامج، فان ذلك يعني ان لا احد في العراق يملك رؤية سياسية مستقبلية، فالذين يريدون اسقاط رئيس الوزراء غير مجمعين على بديل له، والذين يريدون الغاء العملية السياسية لا يطرحون رؤية بديلة عنها تكون الخطوة التالية، وحتى اولئك الذين يطالبون بخروج الامريكان ليس لديهم اي تصور عن اليوم التالي الذي سيعقب خروجهم، بل ان نبرة الخطابات المتبادلة تشي بمقدار كبير من القسوة والكراهية والرغبة في الانتقام عند الذين يعيبون على الحكومة اجراءات يعتبرونها هم انتقامية، بل اننا نواجه اليوم حالة مريبة في العراق فهناك من الليبراليين والعلمانيين، او من المحسوبين عليهم والذين لطالما رفعوا شعارات الديمقراطية، هم اليوم يحرضون الولايات المتحدة على انتهاج اساليب غير ديمقراطية للاطاحة برئيس الوزراء، وهم انما يحرضون بذلك على الغاء العملية السياسية ليلتقوا في ذلك مع القوى المتطرفة التي عارضت العملية السياسية منذ البداية ولا يدركون انهم بهذه الممارسات انما يطيحون بالشرعية الانسانية والاخلاقية التي يقوم عليها فعل التغيير السياسي في العراق منذ نيسان 2003 ، بل ان بعض من رفضوا (الاحتلال) صاروا مستعدين للتعامل معه وبرحابة صدر شريطة ان يعيدهم الى السلطة، ليكتسبوا بذلك الصفة التي طالما وصموا بها خصومهم (عملاء الاحتلال) وليأتوا هم بالطريقة التي وبخوا غيرهم على استعمالها ( على ظهر الدبابة الامريكية)، ولكن هذه المرة للإطاحة بحكومة شرعية جاءت بقرار شعبي وفي انتخابات شارك فيها عدد هائل من المواطنين العراقيين، وما يوجهونه من اتهامات للحكومة من تعامل او تعاون مع دولة من دول الجوار يقومون هم به ايضا عندما يجتمعون ويتعاونون مع دول اخرى، ولا نعرف ان كان هناك فهم متعدد لعبارة (دولة اخرى) . الحكومة العراقية الحالية تعاني من مشاكل ولديها اخفاقات كبيرة وهي عموما على المحك وجزء من هذا الوضع يعود الى ان اطرافا في الحكومة كانت طوال الوقت المنصرم تعمل على افشالها، وفي كل الاحوال فان سقوط اية حكومة ليس نهاية العالم ولكن المهم هو باية طريقة تسقط، وهل هناك بديل لها؟. بعض الخطابات السياسية ترشح منها نوايا لتكرار ما يعتبره اصحابها اخطاء امريكية مثل حل مؤسسات الدولة، فهم لا يخفون رغبتهم بحل المؤسسات الجديدة، كما انهم يعبرون عن رغبة في تقليص الممارسة السياسية العامة وربما الغائها عبر اقصاء وتهميش كل من لا يروق لهم بشتى الحجج، واذا كانت هذه مجرد تحليلات لما يكمن في نبرة الخطاب السياسي لا يمكن الاعتماد عليها فالسؤال هو، هل هناك برنامج اخر للمعارضة؟، او خطاب معلن يمثل رؤية لهذه القوى السياسية التي تريد تغيير الوضع في العراق يحل محل برنامج الحكومة الحالية او يعوض افتقارها الاصلي الى برنامج؟!.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية صيف التوقعات
-
بوش في الانبار
-
قصف الجيران والواجب الامريكي
-
حصيلة كربلاء
-
وجه القاعدة
-
ضرب تحت الحزام
-
خطوة حاسمة
-
المصالحة..مفاهيم متعددة
-
توطين الفلسفة
-
ادارة المعرفة( قراءة في الاضحوية لابن سينا )
-
الاداء الضعيف
-
المالكي.. حكومة وأزمة
-
مهمة عاجلة
-
جبهة التوافق..المواقف المتأرجحة
-
تصريحات ليست عابرة
-
قانون النفط..صفقات اللحظة الأخيرة
-
نقد النص القديم - بنية التورية والسرد الحكائي
-
السعودية هدف أيضا
-
جدل امريكي
-
سرديات الاختلاف/ بابل :صراع اللغات
المزيد.....
-
حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
-
الكويت.. فيديو -سري للغاية- ومداهمة أشخاص بمؤسسات ودوائر يثي
...
-
-بطائرة سعودية خاصة-.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إل
...
-
مسيّرات إسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات
-
الرئيس الصومالي يهنّئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
نتنياهو يفاخر بأنه أول زعيم يلتقي ترامب بعد انتخابه (فيديو)
...
-
بزشكيان: قدراتنا العسكرية هي للدفاع وليست من أجل الهجوم على
...
-
الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فديديوه
...
-
توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة
...
-
الكرياتين: مكمل رياضي يعزز الصحة النفسية ويخفف أعراض الاكتئا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|