أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينة جورج - حميدان السوري يغادر الميدان العربي















المزيد.....


حميدان السوري يغادر الميدان العربي


لينة جورج

الحوار المتمدن-العدد: 2040 - 2007 / 9 / 16 - 07:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من مآثر الفضائيات في هذا العصر أنها كشفت الأقنعة التي كانت و لا تزال تلبسها المنظومات الفكرية الموجودة على ساحة التداول البشري من أقرب نقطة في الأرض إلى أقصاها.

و لأننا نحن معنيون بالأقربين الأولى بالمعروف فاهتمامنا ينصب على الأقنعة العربية أو القناع المسمى بالوحدة العربية أو بالعروبة أو بالشخصية العربية، أو ما شاء لكم أن تسموها................

و لأني أعلم أن الكثيرين سيصدمون بما يقرؤون الآن فسأقدم الأسباب التي دعتني إلى أن أتجرأ و أطرح فكرة أخذت مني الوقت الطويل ليس لأقتنع بها بل لأكرسها كمفهوم ربما آن لنا جميعاً أن نتبناه ألا و هو المناداة بالشخصية السورية والهوية الوطنية قبل القومية، أو القومية العربية كما يحلو للمصريين تسميتها حيث أنهم يؤمنون بالقومية المصرية و من بعدها يتحدثون عن قومية عربية، لا ندري حتى الآن مدى إيمانهم الحقيقي بها أم أنها كانت فكرة خدمت دورهم في المنطقة العربية في مرحلة ما و استفادوا منها ليأخذوا دوراً متقدماً على الساحة العربية بمساعدة الدول الأوربية مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح تلك الدول.

لماذا الشخصية السورية اليوم؟

لأن الإنسان السوري ومنذ أن طرح زكي الأرسوزي فكره فيما يتعلق بالعروبة و الشخصية العروبية و قام حزب البعث بتبني تلك الفكرة و الأجيال السورية كلها تترعرع تحت شعار العروبة أولاً. و من بعدها السورية ثانياً، و قد بدأت بتكريس هذه الفكرة بدءاً من اسم الجمهورية السورية حيث سبقت صفة العربية على السورية، و هي البلد العربي الوحيد الذي قام بذلك، و بما أن حزب البعث كان الحزب القائد للفكر و الممارسة فقد سيطرت هذه الفكرة على وجدان الإنسان السوري إلى درجة كدنا ننسى معها هويتنا الوطنية و نتماهى بما يسمى الهوية القومية، إلا أن الأحداث السريعة و المتلاحقة على الساحة العربية و الفضائيات كانت بمثابة الصفعة التي جعلت الإنسان السوري يصحو من سكرة العروبة و يرتد إلى واقع السورية.

و هذا الموقف لا دخل له لا بالحكومات و لا بالأنظمة، إنما أتحدث عن مواقف شعبية نلمسها كل يوم في ردود أفعال عفوية تأتي من جنسيات عربية مختلفة و الأمثلة كثيرة، أما عن اللبنانيين فحدث و لا حرج و إن كان هؤلاء الوحيدون الذين يملكون عذراً منطقياً أو مقبولاً نسبياً، يمكن من خلاله أن نبرر لهم قسوة موقفهم تجاه السوريين،-رغم المبالغة- و إن كنا لا نفهم حتى اليوم سبب شعورهم بالفوقية تجاه السوري، فاللبنانيون ما إن يتعاملون مع شخص سوري حتى يرسلون إشعاعاتهم الفوقية إليه، حتى و إن كانوا في دياره، رغم أن الشعب السوري لا يبدي إلا الترحيب و لم يكن عليك إلا أن تتجول في أسواق مدينة حمص أيام الأحد و السبت منذ سنتين حتى تلمس الود الذي يعامل السوريون اللبنانيين به، و المصيبة أن هؤلاء يفترضون أن الإنسان السوري يفعل هذا لشعوره بالدونية و التخلف تجاهه!!!!!!!!!!!!!!! و نحن نعذره أيضاً حيث أن اللبناني لا يرحب إلا بمن يضخ له المال، و بما أن لبنان ليست الخليج فهم لا يستطيعون تفسير هذه الظاهرة الترحيبية من قبل السوريين به.

أما الإخوة الفلسطينيين فهم لا يفتأوون يشتمون بهذا البلد الذي يعيشون فيه كأي مواطن سوري لهم فرص التعليم و الإقامة و العمل و التعبير عن الرأي مثلهم مثل أي سوري، و لا داعي لحساب كلفة هذا اقتصادياً و فرص عمل و أموراً أخرى كثيرة كانت ستتوفر للسوريين لولا هذا الوجود الهائل لهم في سوريا. من منهم ينكر هذا فليرد على ما أقول، في الوقت الذي لا يسمح للفلسطيني دخول و لا الكويت، ناهيك عن طردهم من ليبيا، و هذا موقف لا ينسى حين شردت ليبيا الفلسطينيين في عرض البحر بقسوة أشد من قسوة اليهود، و لم تفتح الأبواب لهم إلا سوريا.و كذلك مصر التي لا تسمح للفلسطيني أن يتجاوز حدود المطار في الوقت الذي يدخل الإسرائيليون و يخرجون كأصحاب البيت، و على ذكر مصر فيبدو أن هؤلاء لا يحتملون أن يدخل بلدهم غير العرق الأجنبي المحتل، فكل الثقافات في العالم تسعى لتبادل الخبرات و الكفاءات و التعاون بينها إلا مصر، فهؤلاء لم يحتملوا فكر أن يشترك فنان سوري في عمل مصري حتى تنادوا لخروجه من مصر و عودة السوريين إلى ديارهم، و السبب نجاح أولئك في عملهم و انتشارهم، و هذا يضع الشخصية الفنية المصرية تحت سؤال (إلى أي مدى حقاً استطعتم أن تشكلوا هوية فنية تثقون بها و بوجودها جاءكم من جاء و شارككم من شارك؟) هل يعقل أن قمم الشخصيات الفنية و التي تعتبر من حوامل الفكر تكون أول من ينادي بعودة الفنانين السوريين إل ديارهم، كأنهم لاجئين! متناسين أن أولئك ذهبوا بناء على دعوات من زملائهم، و على خلفية نجاحهم و تفوقهم في أوطانهم و على امتداد الشاشات التلفزيونية؟ إن كان لديهم هذه الثقة بتاريخهم و إنجازاتهم فلم كل هذا الرعب من مشاركة السوريين بالأعمال المصرية، و السؤال الآخر هل كان سيكون موقف السوريين بالمثل لو أن الموقف كان معكوساً؟أجزم بالنفي لا. لأن السوريين تعودوا على أن يرحبوا بمكل من يؤم بلدهم بانفتاح لا أحد يستطيع إنكاره. و هذا الانفتاح ليس وليد لحظة بقدر ما هو ثقافة حية في وجدان الإنسان السوري.

و المصيبة أن كل من هؤلاء الإخوة العرب يجير الترحيب السوري على هواه فالخليجي يعتقد أن أمواله هي صاحبة الفضل! و المصري يتحدث بشفقة عن المواطن السوري الذي يعاني القمع من نظام الحكم، و كأن مصر تعيش في نعيم الحرية الخالي من أشكال الاضطهاد السياسي، و كأن السجون المصرية لا تستضيف أحداً ، متناسين أن صاحب الفضل في تأسيس القمع في سوريا كان من تصديرهم إلينا في زمن (الوحدة) المزعوم، في الوقت الذي صدّرت سوريا لهم مؤسسي أول جريدة في مصرو العالم العربي (الأهرام)، و هما الصحافيان بشارة و سليم تقلا. و هم لا يزالون يعيشون في وهم الريادة المصرية في قيادة مركب العروبة( نعود هنا إلى زمن كشف الأقنعة)، أما اللبنانيون فإن فوقيتهم تنطلق من شعورهم أنهم الشعب الأكثر حضارة و الأكثر انفتاحاً و على الغرب!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟ و حالياً على الخليج.؟؟؟ و هم حين يسخرون من فكرة الشعب الواحد أو الأرض الواحدة التي نعيشها نحن السوريون يكتفون بالابتسام لأن الدخول بالتفاصيل ليس لمصلحتهم.

و نحن نقول لأصحاب هذه النظريات أنكم مخطئون بالإجماع، ذاك أن الشخصية السورية تاريخياً رائدة بالفكر العروبي، و النضج الثقافي، و التصدير الإبداعي، و الإباء النفسي. و عدم الانبطاح الأخلاقي و المجتمعي تحت أقدام المال الخليجي. مع العلم أننا لا ننكر أحداً. و نقدر كل مبدع و رائد من و نفخر به من أي مكان كان. و ربما في مقالات قادمة سنسوق أمثلة حية و تاريخية عن ذلك.

و سوريا لا تحمّل أحداً جميلاً أو عرفاناً و لكن كل ما يطلبه السوريون قدراً من الاحترام المعقول لبلدهم و قيادته و شعبه، فقد ضقنا ذرعاً بشتائم (الإخوة العرب) و سلوكهم المتعجرف تجاه سوريا و السوريين في الوقت الذي لا يجدون ملجأ في أوقات الشدة إلا سوريا، وأبناء سوريا.

وأحدث نسخة عن هذه الصورة هي صورة العراقيين اللاجئين إلى سوريا، و الذين لم يستغرقوا الوقت الذي استغرقه الفلسطينيون للاستيطان، فقد كان للأخير قضية آمن بها يوماً و عمل عليها قبل أن يستسلم ليأس تحقيق الوطن أما العراقيين فقد جاؤوا مواطنين من الدرجة الأولى، لا بل لديهم الشعور بأنهم ينتقلون من حي إلى حي فأسسوا الأعمال، و فتحوا المتاجر، و أطلقوا نيران المشاكسات و كأنهم أولاد الحارة.

و نحن السوريون لا زلنا نرحب و نؤوي و ننادي أيها الأخوة العرب، في وقت نكتشف فيه أن العروبة التي تربينا عليها ليست أكثر من كذبة صدّقها حزب البعث، و آمن بها و ربّى أجيال البلد عليها.

ربما لم يكن حزب البعث مخطئاً يومها، و ربما كانت تلك الفترة الأكثر خصوبة لتبني ذاك الفكر، لكن الثابت و الأكيد أن حزب البعث أخطأ بهيمنته الفكرية على أجيال البلد فلم يتح فرصة لفكر آخر أن ينشأ و يعيش في سوريا غير فكر (الأمة العربية الواحدة) التي لا وجود لها إلا في شعاره و على جميع المستويات، سواء المستويات القيادية أو المستويات الشعبية.

سأعلن أني من أكثر الناس سعادة حين أسمع شباننا يتحدثون بتعصب عن الشخصية السورية و يفخرون بالهوية السورية، و هم واعون تماماً لارتباط سوريا بكيان عربي، و لكن دون التماهي به، فالكيان العربي كيان واه و ضعيف لا يرتقي إلى قوة و أصالة الكيان السوري، و أقصد بالسوري (الجمهورية السورية) فقط دون أن يلتصق بها أي كيان آخر. فقد آن الأوان لنا أن نعي أن هذا الميدان لم يعد فيه إلا حميدان و على حميدان أن يبحث عن ميدانه الأم و الأصل. و هذا يتطلب إعادة النظر بالنظام التربوي كله و على جميع المستويات التعليمي، و الإعلامي و حتى الأسري. و آن لنا أن نضع خريطة سوريا على جدران بيوتنا، و آن للإعلام السوري أن يعزز الهوية السورية قبل أي شيء آخر.

آن لأطفالنا أن يغنوا سوريا في المدارس و يتغنوا بها، قبل أن يرددوا (بلاد العرب أوطاني).

علينا أن نعيد النظر بمناهجنا، و كتبنا، مضمونا و شكلاً من الحرف و الكلمة و الفكرة وصولاً إلى الغلاف.

لسنا نقول أننا لا نرحب بالآخرين ، و لكن على الآخرين ألا ينسوا أننا نحن أصحاب البيت، و سنبقى. و ستظل سوريا الكريمة السمحاء ملجأ لكل من يقصدها، لأنها سوريا الأصيلة.

حمص

15 -9 -2007



#لينة_جورج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوثر البشراوي : غلطة الشاطر بألف


المزيد.....




- بهدف جذب السياح.. الصين تمدد فترة الإقامة للعبور من دون تأشي ...
- رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م ...
- مصاد عسكرية تكشف: حماس جندت آلاف المقاتلين الجدد في غزة
- عملية إنقاذ محفوفة بالمخاطر في إيطاليا.. 75 ساعة من الجهد لإ ...
- -لبنان لنا- .. إسرائيليون يدخلون لأول مرة جنوب لبنان وينصبون ...
- من ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للص ...
- بالصور.. دمشق بعد سقوط الأسد
- من اتفاق السائقين إلى البطاقة الذكية.. ماذا تغير في العشر ال ...
- زعيم حزب -الناس الجدد- في الدوما الروسي رئيسا للمجلس الإشراف ...
- الخارجية الروسية: الولايات المتحدة تحاول تغيير السلطة في كوب ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينة جورج - حميدان السوري يغادر الميدان العربي