أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة















المزيد.....


حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 626 - 2003 / 10 / 19 - 06:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


         
د. ثائر دوري
إن الأحداث الهائلة التي تمر بها منطقتنا العربية يجب أن لا تبعدنا عن متابعة ما يجري في بقية أنحاء العالم ، لأن العالم مترابط و ما يجري في أمريكا اللاتينية يؤثر على منطقتنا و على آسيا أفريقيا و بالعكس . كما أن ذلك يمنحنا نظرة شاملة إلى النظام المرابي العالمي فتظهر لنا الصورة كاملة و هي أن كل البشرية تعاني من هذا النظام و أنها بدأت بالتمرد عليه و هذا يصلب أقدامنا أكثر في مقاومته .
هذه المرة بدأ الحريق يشتعل في بوليفيا الواقعة في أمريكا اللاتينية و التي يطلق عليها،  كقارة ، اسم الحديقة الخلفية للولايات المتحدة . بمعنى أنها ضمن الفضاء السياسي و الاقتصادي الذي يخص الولايات المتحدة تماماً . و من المعروف أن مبدأ مونرو الذي تطبقه الولايات المتحدة الأمريكية منذ السبعينيات على منطقتنا العربية ، و ينص على أن هذه المنطقة مغلقة للولايات المتحدة فقط . و لا يحق للقوى الدولية الأخرى كالأوربيين و اليابانيين و الروس ، التدخل في شؤونها إلا بمقدار ما تحدده الولايات المتحدة الأمريكية . كما انه لا يحق للقوى المحلية أن تفعل ذلك ، بمعنى انه لا يحق للشعوب في منطقتنا أن تتدخل بإدارة شؤونها .
من المعلوم أن هذا المبدأ أول ما طبق على أمريكا اللاتينية خلال القرن التاسع عشر . فتم طرد الإسبان من المنطقة و منع الانكليز و الفرنسيون من التدخل . و لا حقا منع الإتحاد السوفييتي . و بالطبع لا يحق لشعوب هذه المنطقة أن تقرر مصيرها أو طريقة حياتها . لكن مقاومة المشروع الأمريكي في تلك المنطقة لم تتوقف فتدخلت الولايات المتحدة عدة مرات إما بشكل مباشر بأساطيلها ، أو عبر المؤامرات و تدبير الانقلابات العسكرية ، أو عبر افتعال حروب أهلية .
شكل نجاح الثورة الكوبية نقطة تحول حاسمة في مصير القارة الأمريكية ككل . فقد كانت أول محاولة تمرد يكتب لها النجاح الطويل ، حيث استطاعت الاستمرار أكثر من أربعة عقود . و بنت مجتمعاً على أسس اقتصادية و اجتماعية جديدة و لم تتوقف عن تحدي الولايات المتحدة و مساعدة شعوب العالم الثالث و خاصة في افريقيا و أمريكا اللاتينية . أدرك الأمريكان أن المعركة مع كوبا معركة حاسمة رغم صغر حجم كوبا و قلة مواردها ، لأنها تقدم للعالم و خاصة للجيران اللاتينيين النموذج الذي يجب إتباعه ، و الأمريكان يعتقدون كثيراً بنظرية ، التفاحة الفاسدة التي تفسد الصندوق بأكمله ، لذلك كان لا بد من التعامل بكل الأساليب مع النموذج الكوبي . فكانت محولات الغزو العسكري ، و التخريب الاقتصادي و محاولات اغتيال القادة و اختراق المجتمع و الحصار الاقتصادي . لكن كل ذلك فشل و بقيت كوبا صامدة تقدم النموذج .
و خلال التسعينات و بينما الأمريكان يحسبون الوقت اللازم لسقوط كوبا بدون حرب بعد انهيار الإتحاد السوفييتي ، و قد ظنوه أياماً أو ربما ساعات ، في هذا الجو صعد إلى السلطة في فنزويلا  ضابط مسرح من الجيش بعد محاولته القيام بانقلاب عسكري فاشل ،  و بطريقة ديمقراطية . و ما لبث هذا الضابط أن بدأ يتحدث بلهجة لم تعهدها الولايات المتحدة في حديقتها الخلفية ، فقد بدأ تحداها بسياسته الداخلية القائمة على وضع مصلحة الفقراء أولاً و محاربة الاحتكارات المعولمة ، وأعاد التنسيق إلى داخل منظمة اوبك للحفاظ على سعر عادل لبرميل البترول . و قام بخطوة أصابت الولايات المتحدة الأمريكية بالعصبية فقد خرق الحصار المفروض على العراق ليكون أول رئيس دولة يفعل ذلك .
حسب الأمريكان أن التعامل مع هذا الرئيس سهل فانقلاب عسكري كفيل بحل المشكلة كما حلها بينوشت في تشيلي من قبل . لكن الانقلاب فشل بفضل الجماهير التي نزلت إلى الشوارع مساندة الرئيس هوغو شافيز ، و بفضل انحياز جزء من المؤسسة العسكرية إلى شعبها فعاد الرئيس أقوى مما سبق . ثم فشل الإضراب الاقتصادي  و البترولي الذي شل البلد و دفعها إلى حافة الهاوية و يبدو أن فنزويلا قد اجتازت العتبة و انطلق شافيز في برنامجه .
و كرت سبحة الهزائم الأمريكية في حديقتها اللاتينية فانهار النموذج الليبرالي المعولم في الأرجنتين معلناً الفشل الصارخ لهذا النموذج ، و أنه لا يؤدي سوى للكوارث . و كرت الإكوادور وراء الأرجنتين . و في البرازيل ، عملاق القارة ، صعد إلى السلطة رئيس يساري منتخب يتبنى برامج تنحاز إلى الفقراء في حدث نادر في تاريخ هذا البلد .
 و الآن جاء الدور على بوليفيا أفقر بلدان هذه القارة حيث دمرتها ثلاث قرون من الغزو الغربي و العولمة الرأسمالية ، فقد استنزفت ثرواتها المنجمية بالاستغلال الجائر و ما بقي لها من ثروات يتعرض لاستغلال جائر .
بدأ التمرد الشعبي في هذا البلد قبل ثلاثة أسابيع ، و كانت الشرارة عقود تصدير الغاز التي وقعتها الحكومة مع الشركات متعددة الجنسيات ، فمن أصل 1300 مليون دولار، هي قيمة الغاز المصدر ، سيعود للخزينة البوليفية فقط 70 مليون دولار !!
اندلع إضراب عام و بدأ الفلاحون بقطع الطرقات في البلاد و زجت الحكومة بالجيش في الصراع فجرت عملية قمع دامية لكنها لم تستطع إنهاء الإضراب الذي يشترك به نقابيون و عمال و فلاحون و بعض رجالات الكنيسة و منظمات السكان الأصليين و الدفاع عن حقوق الإنسان . و الأمور مرشحة للتصعيد خاصة بعد انضمام نائب الرئيس إلى جانب المضربين .
يدرك جميع سكان العالم اليوم أن الخلاص من هذا النظام الرأسمالي العبودي هو مفتاح إعادة بناء الحياة على أسس أكثر عدالة و تحترم التعدد الثقافي للشعوب . أما الولايات المتحدة فهي تدرك أكثر من أي وقت مضى أنها تدخل بمعادلة صفرية مع شعوب العالم لا تقبل أي حل آخر ، فإما أن يكون صفر في طرفها أو صفر في طرف شعوب العالم . لذلك نراها أكثر شراسة و عدوانية و تستنفر كل نزعاتها الحربية فهي تحس أن العالم قد بدأ يفلت من يديها و إن حدث هذا فستنهار حتماً . لكن بالتأكيد المستقبل سيكون للشعوب و أمتنا العربية من هذه الشعوب .
ملاحظة : بعد انتهائي من كتابة هذا المقال تواردت الخبار باستقالة الرئيس البوليفي و تولي نائبه السلطة .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم هناك إمكانية لعالم آخر بديل لعالم الربح
- تحية إلى كوبا


المزيد.....




- نخب -صداقة العمر-..4 صديقات يُعدن إحياء صورة لهنّ بعد 35 عام ...
- السعودية تتقدم على مصر ودولة عربية تلحق بهما.. ترتيب القوة ا ...
- -الكتاب الأبيض-.. استثمارات الصناعة العسكرية والدفاع في أورو ...
- اليوم العالمي للنوم: إليك خمس نصائح إن فعلتها في الصباح تمنح ...
- كالاس: واشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إل ...
- علاج بطعم الموت لمدة 10 دقائق
- مصري يدخل موسوعة غينيس ويحطم رقما جديدا خلال صيامه
- عاصفة مدمرة في كاليفورنيا (فيديو)
- المجلس الوطني الكردي يرفض الإعلان الدستوري السوري المؤقت
- أرمينيا وأذربيجان تتوصلان إلى -اتفاق سلام- بعد نحو 40 عاما م ...


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة