نشأ الارهاب ومن ثم الحروب مع نشوء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ومعها
استغلال الانسان للانسان، وانقسام المجتمع الى طبقات . واستخدمتهما الطبقات
المالكة لاخضاع الطبقات المستغلة ونهب الشعوب . وتطورت اشكال الارهاب والحروب
ووسائلها مع تطور اشكال الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وبلغت اخطر مراحلها في
عصرنا، مرحلة عولمة الراسمال، واستغلالها لمنجزات الثورة العلمية التكنولوجية
لاخضاع البشرية لهيمنة قطبها الاكبر الولايات المتحدة المدججة باخطر اسلحة
الفناء الشامل التي تهدد البشرية والكرة الارضية من خلال تسليح الارض والفضاء.
لقد بدأت علاقات الانتاج الراسمالية وتطورت من خلال ابادة الشعوب الاصلية في
امريكا واستراليا وتنظيم تجارة الرقيق واستعباد شعوب اسيا وافريقيا وامريكا
اللاتينية بمختلف اشكال ووسائل الارهاب والحروب تحت شعار "التمدين" و"التحضر"
ومع تطورها اندلعت الحروب بين اقطابها لاقتسام العالم واعادة اقتسامه. وكانت
الشعوب ضحيتها. فقد قتل في الحرب العالمية الاولى 20 مليون انسان وفي الحرب
العالمية الثانية 50 مليون انسان وشوه عشرات الملايين من البشر ودمرت منجزات
اجيال.
وشكل انتصار الاشتراكية تحول نوعي في تاريخ البشرية واصبح بلد الاشتراكية الاول
رغم كل مثالبه مثلا يحتذى وخطرا يهدد استمرار علاقات الانتاج الراسمالية في حين
اصبحت الحرب العالمية الثالثة مستحيلة آنذاك ، بسبب توازن القوى وامتلاك
الاتحاد السوفيتي السلاح النووي. فاستنفرت جميع المراكز الراسمالية لمحاربة
الشيوعية بمختلف اشكال الارهاب ، فضلا عن الحروب الداخلية والاقليمية.ولم تتورع
عن استخدام مختلف اسلحة الابادة الشاملة كالاسلحة الكيمياوية والبايولوجية في
الحرب الكورية والفيتنامية، وفي سبيل نهب شعوب افريقيا واسيا. وكان اخطر اسلحة
الارهاب الانسان الارهابي الذي تعده من خلال الهندسة السايكولوجية
لتفقده كل سماته الانسانية وتحوله الى اداة لافضع الجرائم بحق البشر ، انسان
يستطيع قتل الاطفال والنساء والشيوخ باوحش الطرق، لابدافع الجوع كما تفعل
الوحوش ولا بدافع الدفاع عن النفس او الممتلكات ولكن بدافع التلذذ بسفك الدماء
وبمشاهد الموت والدمار . واخذت تصطاد الاطفال والشباب كما كانت تصطاد العبيد
قبل قرون، لهذا الغرض واستخدام وسائل الاغراء واستغلال الفقر والظلم الاجتماعي
فضلا عن استغلال الطموحات غير المشروعة لدى بعض الحكام. هكذا ربت ابن لادن
والاف غيره وهكذا دعمت وحمت حكام دكتاتوريين وارهابيين مثل صدام حسين وشارون
وسوهارتو وعشرات غيرهم. وقد يفلت زمام بعضهم وينقلبون ضد اسيادهم ولكنهم يبقون
نتاجهم وادواتهم واعداء للبشرية.
ان الحروب والارهاب سمتان ملازمتان للراسمالية ولاسيما في مرحلتها الحالية حيث
تتفاقم ازماتها بعد ان استنفذت كل امكانيات الخروج منها ، فاصبحت خطرا يهدد
الشرية. لقد ناضلت الشعوب ضد الارهاب والحروب باشكال واساليب مختلفة منفردة
ومجتمعة ولكنها اليوم تواجه خطر الفناء . فقد اعلن رئيس الولايات المتحدة بدء
الحرب العالمية الثالثة تحت شعارات لا تضاهيها شعارات الفاشية الهتلرية عدوانية
وعنصرية، وعملت على تكوين تحالف دولي تحت طائلة الارهاب، فمن ليس معها فهو مع
الارهاب، والباس الارهاب لياس الدين والحضارات لبذر العداء بين البشر على اساس
اختلاف الاديان والحضارات وتشويه اعلا اشكال الوعي الانساني في محاربة الاحتلال
والعدوان ومساواته بالارهاب ودعم افضع اشكال الارهاب ضده ، الارهاب الصهيوني
علنا، في فلسطين. واعلن عن مجالها الذي سيشمل 52 دولة تضم اكثر من نصف البشرية
واشار الى اسماء ثلاثة منها وفي مقدمتهم العراق بحجة محاربة ارهاب صدام حسين
والادارات الامريكية هي التي حمته ووجهت كل جرائمه بحق شعبنا والشعوب المجاورة.
ان الحرب هي اخطر اشكال الارهاب ، ودعاة الحرب وتجاره وادواتهم من الارهابيين
معسكر واحد معاد للبشرية، فاذا كانت احداث 11مايلول/2001 عملا اجراميا قتل 5
الاف امريكي برئ وحطم عدة بنايات امريكية تشكل رموز الغطرسة الامريكية، فان
الحروب التي شنتها الادارة الامريكية خلال نصف القرن الاخير مثل الحرب
الفيتنامية قتلت ثلاثة ملايين انسان بريء وحرب الخليج الثانية قتلت مليون ونصف
انسان عراقي معظمهم من الاطفال، حتى اليوم وينتظر الموت الملايين. ان الحرب
العالمية الثالثة التي بدأتها الادارة الامريكية في الحقيقة في العراق عام 1991
ومدتها الى قلب اوربا في يوغسلافيا واليوم الى قلب اسيا في افغانستان خالقة
الحجج والذرائع التي تروجها وسائل اعلامها الجبارة ، مستغلة سلاح الخوف
والارهاب، تماما كما فعلت الفاشية الهتلرية ، بما قدمته من امثلة مرعبة في تلك
البلدان من قتل وتدمير لكل من بتحدى هيمنتها، وبما تنتجه وتستخدمه من اسلحة
الفناء الشامل تريدها ان تشمل العالم اجمع.
ان احداث 11/ايلول ، ارهاب مجرم والحرب العالمية الثالثة ، التي اعلنتها
الادارة الامريكية اشمل وافضع اجراما. وعلى البشرية لجمها والنضال من اجل
استئصال اسبابها وجذورها الكامنة في علاقات الانتاج الراسمالية . وهكذا يتأكد
يوما بعد يوم ان لا خيار امام البشرية : فاما الاشتراكية او الفناء!
وتتيح الثورة العلمية التكنولوجية للبشرية القدرة على الاختيار، كما اتاحت
للراسمالية امكانية ابادة البشر فهي تتيح للبشرية امكانية عولمة الكفاح ضد
علاقات الانتاج الراسمالية ونزع جميع اسلحتها.. فبمقدور شغيلة اليد والفكر
الواعين ان يحولوا دون القاء الطائرات قنابلها على اخوتهم من البشر، وبامكانهم
شل جميع اسلحة الدمار الشامل وتحويل حاملات الطائرات الى حاملات مصحات الراحة
ورياض للاطفال واستخدام كل وسائل العلم والتكنولوجيا لتحقيق الرخاء والسعادة
لعموم البشر.وبمقدور البشرية ينضالها الموحد لجم هذه الموجة العاتية من الدمار
وهي تملك تجربة ما زالت طرية في مكافحة الفاشية الهتلرية وحربها قبل نصف قرن
وعدم تكرار اخطاء الماضي في التهاون في ردعها منذ البداية .ومحاربة الرعب
واليأس ، اخطر اسلحة الراسمالية لشل وعي البشرية وارادتها في تقرير مصيرها
وبناء المجتمع الانساني الحقيقي المتحرر من الارهاب والحروب، ومن جميع اشكال
الاستغلال والاضطهاد.
9/3/2002