أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وليد المسعودي - محددات ثقافة الارهاب















المزيد.....

محددات ثقافة الارهاب


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 10:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم يوجد الارهاب كمقولة وظاهرة حديثة في التداول الاعلامي والثقافي الحديث إلا من خلال كونه مرتبط بالمحددات والاسس التي تستند عليه ، وقد تختلف هذه المحددات من طبيعة الى اخرى تبعا لايديولوجيا المنتصر السياسي والثقافي في مجتمع ما ، بحيث يغدو ذلك الارهاب من حيث أثره وحضوره وانتشاره على الافراد الذين يملكون صفات الخروج عن النسق السياسي الجاهز ، مالكا لمسميات ليس لها علاقة معينة بالارهاب وترويع الجماهير ، وذلك الامر وجد كثيرا عندما تريد السلطة ان تحافظ على شمولها واستبدادها ، وهنا مثالنا الدكتاتور صدام ، الذي عمل على اقصاء المغاير والمختلف عن جاهزه السياسي السلطوي من خلال شبكة علائقية من الاتهام والتخوين والخروج على الامة .. الخ من الاساطير ، بحيث غدا او اصبح النظير المطلق المدافع عن تلك " الامة النقية " وغيره من يقف في خانة الرفض ، فان مكانه الخيانة والنبذ والموت ، ومن ثم هنالك الارهاب الذي يغطي المجتمع بأساليب الخوف والترويع والقتل المجاني ، كل ذلك يشكل اسلوبا امنيا متبعا من قبل السلطة الشمولية ، ولا تختلف بذلك " اميركا " من حيث وصفها لثقافة الارهاب وتحليلها للفكر الاحادي الذي يقصي الاخرين ، ولكنها تملك ذات الاساليب التي تتبعها السلطة الشمولية ، وان اختلفت الطرق والمناهج والايديولوجيات ، ولكن في النهاية ان المنتصر يملك جاهزا معينا عن ثقافة الارهاب يكمن في الاحادية في التفكير ، عدم احترام حقوق الانسان ، التعصب الفكري والوجودي ، النظرة الى الاخر بشكل مريب ومعزز من خلال اساطير الوقوع في نظرية المؤامرة ومحاولات الالغاء الكلي للذات وكيانها ، وهنا قد تبدو بعض هذه المحددات موضوعية لدى المجتمعات التي لا تدرك الزمن الثقافي التاريخي الحديث او لا تعي الاخر إلا من خلال الذات التي تفكر وتنتج التصورات التي عادة ما تكون غير موضوعية وبعيدة عن القراءة المعرفية والوجودية لذلك الاخر . ان اميركا تتبنى خيار مواجهة الارهاب ، ولكنها تفتقد الى الجوهر الحقيقي في كيفية محاربته ، متمثلا في عدم احترام ارادة الشعوب وتدخلها السافر في كثير من الدول ، عن طريق رسم عوالم مستقبلية مظلمة ( وما يحدث في العراق مثالا ) بحجة نشر الديمقراطية واحترام حقوق الانسان محاولة بذلك تعميم نموذجها وتأطير العالم بسياقها ، ومن ثم هنالك الارهاب الممارس بحق من يعتمد اسلوبا يخرج عن النسق الشمولي الذي تمتلك ، وهنا نقول ان جميع الانساق الشمولية من رأسمالية واشتراكية زائفة ، تمارس الارهاب بحق المختلف والمغاير ، وما موجود اليوم من ظواهر من الارهاب بجميع اشكاله في المنطقة العربية الاسلامية ، لا يخرج من طبيعة التعامل بين مزدوجتين الغرب " متطور حديث" ينظر الى الدول العربية الاسلامية وفق اسلوب دعائي اعلامي على انها بؤرة للارهاب والعنف وكذلك " العالم العربي ، الاسلامي " يرى الغرب رائدا للانحلال والهيمنة والالغاء الكلي للذات وفق اسلوب دعائي عقائدي لدى الكثير من الاصوليات ، ولا نقول ان المنطقة العربية ليست بؤرة للارهاب والعنف في الازمنة الراهنة ، وذلك بسبب جمود الانظمة السياسية وفساد الوعي المجتمعي ، فضلا عن تخريب العلاقة الحقيقية مع العالم المعاش وسيادة النزعات الاصولية التي تتبنى خيار العنف والاقصاء المادي المباشر لجميع التشكيلات المختلفة عن جاهزها الثقافي ، حتى غدت هذه المجتمعات رائدة للكثير من الحركات الخلاصية التي تستند الى فكرة " المطهر " او المنقذ الذي يجب ان يسود العالم وان اختلفت التسميات ، فتنظيم القاعدة يمتلك محددات نهائية للارهاب تكمن في تأسيس " الدولة الاسلامية " التي ينبغي لها ان تحارب الجميع وتصدر ادوات العنف والاقصاء الى الاخرين ، ولو اطلع باحث ما على طبيعة الحوارات الجاهزة والتعليقات المكتوبة على الانترنيت ، فان المحصلة النهائية هي وجود كم هائل من العرب المسلمين من يناصر القاعدة في توجهاتها او يحسب الدكتاتور صدام شهيدا ، وذلك ان دل على شئ فانه يدل على ان بنية الشموليات طاغية على الوعي العربي الاسلامي ، ولا توجد هنالك اساليب تفكير حقيقية من الممكن ان تساهم في الخروج من ازدواجية الذات والاخر على حد سواء من حيث وجود الاول قائما على الاقصاء والعنف ، والثاني داعما اساسيا لهذه الذات من حيث طبيعة التعامل معها وفق منهج السيطرة والهيمنة والالغاء ، والنتيجة ان ذات الانساق تحمل الشموليات بحيث تغدو محاربة الارهاب امرا في غاية الوهم . ان محاربة الارهاب في المنطقة العرببية الاسلامية ينبغي ان تتم من خلال كشف الكثير من الحقائق حول الذات والاخر بشكل يجعل الاول واعيا للزمن من حيث التخلف والراجع والنظرة السلبية القائمة على عبادة الماضي الذهبي ، ومن خلال تعرية الاخر الراسمالي الذي يستهدف تكوين المزيد من التوسع والهيمنة على حساب الانسان وتطوره وكرامته ، وما يحدث في العراق دليل حقيقي على ان الارهاب لايحمل وجها واحدا او ايديولوجيا واحدة معينة ، بل هنالك التداخل فيما بين القديم والحديث والصراع على امتلاك السلطة وتقسيم المكان والزمان الى كتل بشرية منغلقة على نفسها ، ورافضة لفكرة التعايش والاندماج في بوتقة الكل الاجتماعي ، بشكل يضمن حالة الاحترام والتعددية والمساواة في الكسب والحصول على السلطة ، من خلال اساليب التداول السلمي الاجتماعي . ان محددات ثقافة الارهاب تظهر في العالم العربي الاسلامي من خلال اسس التربية الاجتماعية التي تعمل الدولة على نشرها ، وهذه الاسس قائمة على وجود الفكر الاحادي ، الذي يخلو من امكانية توجيه النقد اليه او محاولة الشك في اصوله ومناهجه ، وهذه الاصول غالبا ما تتلاعب بها القوى السياسية التي تدعم الثقافة والتوجيه المجتمعي والتربوي ، بحيث انتج لدينا ذلك التفكير الاحادي محددات اخرى تكمن في غياب النظرة التاريخانية او غياب النظرة الى الزمن على انه فاعل بشري محدد من خلال اساليب الصراع على الثروات والخيرات وامتلاك المعنى الذي يضفي ويدعم شرعية الامتلاك تلك ، وذلك الامر موجود في القوانين والشرائع التي تقسم العالم الى امتيازات وطبقات واشكال اقتصادية وثقافية وسياسية مختلفة في ما بينها . وهناك ايضا المحدد الثالث يكمن في غياب الاسلوب العقلاني في التعامل مع الاخر ، الذي كثيرا ما يستغل الشموليات التي نمتلك من حيث الجهل في قواعد اللعبة السياسية والثقافية التي من الممكن ان تجعل المجتمعات العربية الاسلامية في حالة مختلفة ومغايرة لو انها اعتمدت على التوازن في تحقيق الفرص والامكانيات التي تساهم في التطور والبناء والتنمية الاقتصادية واستيراد التكنلوجيا في حالة التخلي عن التفكير الاحادي او وجود الانظمة الواحدية السلطوية في قيادة الكثير من البلدان ، فذلك الامر من شأنه ان يخفف الكثير من بوادر المواجهة ويجعلها خفية قائمة على سلطات تعمل بواسطة الاقتصاد والاستقلال الثقافي الحر والمختلف عن تأثير الاخر ، فضلا عن بناء حداثة مختلفة واكثر انسانية من تلك القائمة على الاستعلاء والهيمنة والوصول الى مصادر الثروات والكشف عنها عن طريق العنف والارهاب ، وتجربة اليابان خير دليل على النجاح الذي تحقق في الكثير من الميادين الاقتصادية والسياسية والثقافية ، الامر الذي جعلها مختلفة في حداثتها وتطورها وعمرانها . ان تجاوز محددات ثقافة الارهاب التي ذكرناها اعلاه بحاجة الى قراءة تاريخنا العربي الاسلامي بشكل جديد ومختلف عن جميع الجاهزيات السائدة ، مع تعرية الفكر الاحادي السلطوي الذي ما يزال يحكم الكثير من المؤسسات ، من حيث الاصل والنشأة وذلك بحكم تقادم الانظمة وجمودها على حالة معينة دون اخرى ، كذلك الحال مع وجود الوعي بالزمن وتغيير العلاقة مع الاخر ، وهنا لا نعني الاخر الغربي فحسب بل نعني الغريب ، المختلف ، المتعدد ، الذي يعيش داخل الجغرافية الاجتماعية التي نمتلك ويفكر بطريقة مختلفة عنا ، ان تغيير علاقتنا مع الاخر يجعل الوجود مؤنسنا وقائما على الفهم الحقيقي لثقافة الهيمنة ، سواء تلك التي تبثها القوى السياسية والاقتصادية والثقافية الجاهزة لدينا او تلك التي تبثها القوى المعروفة في جاهزها العنفي ، المسلح ، التي تتدعي امتلاك المفاهيم الحديثة حول حقوق الانسان والديمقراطية والحريات كافة ، ولكن بشكل مزدوج وخال من التطبيق والمساواة في تحقيق هذه الحقوق بالنسبة للمجتمعات التي تقع في خانة التخلف والتطرف وانهيار الزمن كبعد انساني تطوري بشكل دائم .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يفشل المثقف الحر في في انتاج ابداع مختلف (المثقف والمؤ ...
- الاحزاب السياسية والوعي العمالي ( نكوص مجتمعي ام استقلال سيا ...
- المؤسسات الثقافية العراقية ( مصدر ابداع أم تأسيس فراغ معرفي ...
- جذور الغنيمة والانتهازية لدى المثقف العراقي (محاولة في نقد ا ...
- سيميائيات حجاب المرأة
- الكتابة بين نموذجين
- نحو مدينة عراقية ..بلا هوامش واطراف .. بلا عنف واستبداد
- الهويات المغلقة - الهويات المفتوحة
- نقد سلطة المعرفة .. الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
- هل يمكننا تجاوز تاريخ الانغلاق في المجتمعات العربية الاسلامي ...
- التعليم وصناعة الخوف لدى الطلبة .. نحو تعليم عراقي جديد
- نحو تكوين فلسفة شعبية عراقية
- لحظة إعدام صدام .. نهاية الاستبداد في العالم العربي ؟
- خصائص تربية الابداع في المؤسسة التربوية العراقية
- جماليات الاحتلال
- الثابت والمتحول في انماط الاستبداد(الطريق الى مقاربة وطنية ت ...
- المعرفة العامة نسق ثقافي سلطوي
- المجتمع بين العقل والغريزة
- كتابة السلطة – سلطة الكتابة
- تاريخية العنف في المجتمعات العربية الاسلامية


المزيد.....




- سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص ...
- السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
- النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا ...
- لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت ...
- فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
- -حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م ...
- -الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في ...
- -حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد ...
- اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا ...
- روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وليد المسعودي - محددات ثقافة الارهاب