علي المقري
الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 10:58
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
لا أتفق مع سياسيين ومثقفين قوميين عديدين في وضعهم مسألة الوحدة العربية كأولوية ملحّة للراهن العربي تسبق كل الأولويات.
فمنذ أكثر من نصف قرن رُفع شعار الوحدة العربية من قبل مستويات رسمية وشعبية، وخلال كل هذه المدّة لم نجد إلاّ ما يؤكد فشل هذا المشروع القومي الوحدوي ؛ فهناك حكّام تشدّقوا بالوحدة ومجابهة العدو هرباً من مشاكلهم وأزماتهم الوطنية الداخلية التي كانوا سبباً فيها. وحكّام استخدموا هذه الشعارات بحسب الوقت والمصلحة لامتصاص مشاعر المواطن العربي المحقونة بالعاطفة الدينية والعروبية العرقية، وحكّام وجدوا في شعارات الوحدة والقومية مبرراً لتسلطهم وقمعهم للشعوب. كما أنّ هناك أحزاباً سياسية تحت هذه الشعارات كبّلت حرّية الرأي ، على المستوى التنظيمي والوطني ، وانتخبت قيادات أبدية لها وللوطن. وهناك أفراد وتنظيمات ومؤتمرات ومؤسسات وجدت في هذه الشعارات مجالاً للمتاجرة والارتزاق.
وبين هؤلاء جميعاً ومعهم ، شعوب مغلوبة على أمرها يتم استلابها في كل حين ، ببث هذه الشعارات العاطفية باعتبارها المنقذ والمخلّص لها من العذابات المعيشية والمصيرية.
وعلى الرغم أن كل الوقائع السياسية التاريخية تؤكد استحالة توافق الحكّام العرب، وتحويلهم شعار الوحدة العربية إلى واقع وممارسة ، وذلك بحكم بنية أنظمتهم القائمة، فإننا نقرأ ونسمع من يطالب هؤلاء الحكّام بوضع مسألة الوحدة كأولوية تسبق كل الأولويات.
والمطالبون بالوحدة من رافعي الشعارات يقدّمون عشرات الأعذار والتبريرات والإمكانيات لقيام الوحدة ، لكنهم في الحقيقة يقومون من خلال عملهم هذا بالتماهي أو التوحد مع الحكّام المستبدين والقامعين للشعوب ،بحجة هذه الأولوية، أو أولوية ( مواجهة العدو المتآمر على وحدة الأمة العربية الصامدة).
ومن هنا ، يمكن القول أنه بعد كل الانتكاسات الخائبة تحت الشعار القومي صار من الضروري تحويل الحديث من قدرية الوحدة العربية وقدسيتها إلى حديث عن إمكانية إيجاد علاقات سياسية واقتصادية حرّة بين البلدان العربية ترتكز على المصالح المشتركة ، كما هو حال العلاقات الإقليمية الناجحة في جميع أنحاء العالم. ووضع الديمقراطية كأولوية ملحّة بدلاً عن أولوية الوحدة.
فالديمقراطية إذا ما تأسست ، على مستوى كل بلد عربي على الأقل ، ومنحت للمواطن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وبدون تزييف أو تزوير، ستكون كفيلة بإيجاد نهضة حديثة تتكامل في مصالحها ونموها مع المحيط الإقليمي والقومي وبشكل فاعل ومؤثر دون شعارات قومية وبلا مناضلين وحدويين.
#علي_المقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟