أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 12:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
تبرز اعتقالات ومحاكمات الأخوان المسلمين على سطح الحياة السياسية وتستقطب اهتمام الكثيرين. وتترواح مواقف اليسار المصري من الإخوان ما بين تأييدهم وصولا حتى إلي التحالف معهم ، أو الهجوم عليهم لصالح الحكومة المستنيرة ، أو وهو الموقف الأعم إدانة الاعتقالات والمحاكمات والمطالبة بالإفراج عنهم . وينطوي الموقف الأعم والصحيح ، أي إدانة الاعتقالات مع الحفاظ على مسافة سياسية كافية من الإخوان ، على رسالة موجهة للمجتمع أكثر مما هي موجهة للإخوان للتشبث بالحرية ، لأن الأخوان قلما توقفوا عند مغزى دفاع الآخرين عن الحرية بما فيها حرية الخصوم . يحتج الإخوان على الدولة ومعتقلاتها، وتحتج الدولة على تنامي قوة الأخوان وبلوغها درجة الاستعراضات العسكرية في معسكرات للشباب. لكن ذلك الاحتجاج المتبادل لا ينفي التحالف الذي قام أكثر من مرة بين دولة تستعين بالأخوان لكسر شوكة الحركة الوطنية ، وإخوان يستعينون بالدولة لنشر نفوذهم . وقد كان النظام هو الذي بادر بفتح الأبواب على مصراعيها بدءا من عام 1972 للإخوان على يد أنور السادات ، حين قام بتصفية أعداءه في السلطة ، ثم مضى في قمع اليساريين والناصريين ، فدعا د . محمود الجامع إلي منزله – حسب رواية الأخير - وقال له ما نصه : " يا محمود العيال الناصريين والشيوعيين ها يتعبوني في الجامعة . وأنا عايز نربي شباب مسلم ونصرف عليهم ويصبحوا ركيزتنا ". وهكذا بدأ ذلك الحلف لمواجهة الحركة الوطنية وصبغ بلونه القاتم الحياة السياسية والاجتماعية. للإخوان مصلحة عند الحكومة ، وللحكومة مصلحة عند الإخوان ، لكن تطلع الإخوان إلي الحكم ، وتشبث الدولة بالحكم ، كثيرا ما يفسد شهور العسل المشتركة . وقد سبق لحكومة النقراشي أن استعانت بالإخوان واستخدمت قوتهم لكسر شعبية حزب الوفد والحركة الوطنية في الأربعينات، وكان للإخوان فرق جوالة شبه عسكرية بلغ تعداد أفرادها نحو عشرين ألف كانت تستخدم العصي والسياط والرصاص الحي في حوارها مع طلبة الجامعة. وعندما أدرك محمود النقراشي رئيس الوزراء أن الإخوان يخرجون عن السيطرة متطلعين إلي الحكم قرر حل جماعتهم في مطلع ديسمبر 1948 ، وانتهى ذلك التحالف باغتيال الإخوان للنقراشي ، ولم تتعظ الحكومة بذلك الدرس ، فتحالف السادات مع ذلك التيار وانتهى حلفه باغتياله . ورغم ارتفاع درجة حرارة العداء بين الحكومة والإخوان حاليا ، فإن الحاجة المشتركة لمواجهة الحركة الوطنية ستجمعهما في اللحظات الحاسمة ، فيتحركان معا وكل منهما مقيد للآخر بالتعاون والكراهية والعنف المتبادل .
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟