أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - رواية المسرات والأوجاع لفؤاد التكرلي / إلى الأستاذ فاروق سلّوم ... الجزء الأول















المزيد.....

رواية المسرات والأوجاع لفؤاد التكرلي / إلى الأستاذ فاروق سلّوم ... الجزء الأول


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2038 - 2007 / 9 / 14 - 11:49
المحور: الادب والفن
    



( للروائي العراقي فؤاد التكرلي . الناشر : دار المدى للثقافة والنشر . الطبعة الأولى 1988 . دمشق / سوريا ) .

من هو توفيق لام ؟؟

أبدأ دراستي بهذا السؤال لأن توفيق لام هو محور الرواية ومحرك أحداثها وشخصها الأول . لعب فيها الدور الأكبر ففصل من وظيفته وتحمل ما تحمل طوال فترة الفصل . وخلافا لكل ما قيل عن المؤلف أو عن بطل روايته ... أرى أن هذا الحدث بالذات هو جوهر الرواية وعمودها الفقري وأن توفيق لام يمثل فيه أرفع مستوى خلقي وسياسي وأنساني . لقد راح هذا الأنسان ضحية ما حدث في العراق في تموز 1968 اذ رفض ظاهرة صعود وتحكم الجهلة وفراشي الأمن والمخابرات في الدوائر الحكومية مستهترين بألمألوف والمعروف من القيم والتقاليد وقوانين الدولة . تصدى لها بشتى الأساليب فبدأت متاعبه ومحنته موظفا في احدى الوزارات ملاحظا ومن ثم مديرا لقسم التحرير . نقرأ على الصفحة 93 ما يلي :

(( مضت الشهور اذن والسنوات, والحياة تتراوح بين تدن وارتفاع, ورغد في العيش وشظف, وملل كثير وسعادات قصار, فأنقضت سنة 1968 وما حدث فيها,
تبعتها سنة 1969 ومثيلتها 1970 , وكان أبو فتحية يزداد ثرثرة ونقمة, فهو لا يرتاح , باطنيا, لأي تغيير لا يجده منطقيا ولا مناسبا, ولكنه, في الظاهر, يمتدح كل ما يجري ترتيبه. بداية سنة 1971 دخل عليه ببعض الهياج فأخبره بأن سليمان فتح الله الملقب بالأعرج قد عين, وهوفراش, مسؤول الأستعلامات وأنه يجلس مثل الموظفين, في مكتب مدخل الوزارة, يسأل كل من يروم الدخول عمن يريد وقابلته وماذا يريد منه .
- قل لي بصراحة يا سيدي, أليست الدنيا في طريقها لتنقلب أم ماذا ؟ هون عليه, ضاحكا, واستغرب في قرارة نفسه هذا التعيين, فسليمان لا يستطيع القراءة والكتابة الا بصعوبة, اذ لم يكمل دراسته الأبتدائية, فكيف يمكن اعتبار تعيينه قانونيا ؟ )).

هنا نجد مفارقات كثيرة منها ازدواجية البعض من بسطاء العراقيين ( وغير البسطاء ) , فهم يخفون شيئا ويظهرون أشياء أخرى مناقضة للأولى . هذا هو سلوك الفراش أبو فتحية . ثم اختيار المؤلف لأسم الفراش الأمي الذي قفز موظفا ليعيث بأصول المعاملات وسلم التدرج الوظيفي المتبع في دوائر الدولة العراقية منذ تأسيسها . فسليمان هو مليك الجن والريح في التوراة والقرآن . ثم هو ( فتح الله ) ... فأية فاتحة يسلطها الله على عباده ؟؟ ثم هو أعرج مشوه الخلقة لكأن الله ابتلاه بما هو أهل له . ولكن لماذا يبتلي الله عباده بالمجانين والمشوهين ومحترفي القتل والأجرام والسموم ؟؟
لقد جاءت نهاية توفيق لام المأساوية على يد هذا المسخ الأعرج الأمي . فقد تسبب في فصله من وظيفته يوم الخميس الموافق 17/11/1977 ليغدو بعد حين مديرا عاما في الوزارة نفسها ( الصفحة 301 من الكتاب ) .
توفيق لام هو العراق وشعب العراق معا , وسليمان فتح الله الأمي الأعرج هو رمز لمافيا دموية . وانها لمفارقة أخرى أن يحمل هذا الموظف التعيس المفصول والمحروم من مصدر رزقه اسم توفيق . أهذه هي قسمة البعض منا في الحياة ؟؟
اذا قال المرحوم طه حسين في معرض كلامه عن الشاعر أبي الطيب المتنبيء :

(( ثم تريد الظروف التي تحب المزاح أحيانا ... ))

في كتابه ( من تأريخ الأدب العربي , المجلد الثالث , دار العلم للملايين . بيروت, الطبعة الثالثة 1980 , الصفحة 335 ) فلقد قال توفيق لام شيئا قريبا من ذلك :

(( كانت الأيام تتحايل, لتجلب لنا أمورا مضحكة حقا ... , الصفحة 129 )) .

أعود لأسأل ثانية : من هو توفيق لام ؟؟

لقد نجح الأستاذ فؤاد التكرلي في رسم الصور الدقيقة المتألقة صعودا ونزولا لبطله توفيق لام ( ولعله هو بالذات مع بعض الأضافات وربما الحذف ) طفلا وصبيا وشابا جامعيا يدرس القانون والمحاماة في كلية الحقوق في بغداد وبعد تخرجه في الكلية تم تعيينه شهر تموز 1954 موظفا بدرجة ملاحظ في احدى الوزارات العراقية .
توفيق لام رجل مفعم بالحس الأنساني ودائم التذكير بقيمة الأنسان في الوجود. نقرأ على الصفحة 122 :

(( هل في الأنسان مادة غير مادية يمكن أن تسحق أو تداس, والى أية درجة من الضعف وتقبل المهانة باستطاعة هذا الأنسان أن يصل ؟ )) . ثم قد قال على الصفحة 160 :

(( لست ضعيفا ولا قابلا للكسر, وهذا الأنكماش الذي يعتريني بين الحين والحين, هو علامة من علامات دفاع النفس عن وجودها, فأنا الأنسان, أعز من أضيع تحت أقدام مهووس بالسلطة ونتن كسليمان فتح الله, أو مخبولة مثل كميلة )) . كما أنه كان رائعا في متابعته لخط نمو وتطور غسان ابن صديقه الرسام عبد الأله كمال .
لقد كان بارعا في رسم صعود الخط البياني لحياة هذا الأنسان الذي تركته أمه طفلا لتتزوج رجلا آخر غير أبيه .
هل في العراق الكثير ممن هم على شاكلة توفيق لام ؟؟ لقد كان شابا لاهيا قبل الزواج ومقامرا يخون أحد زملائه في لعب القمار ( سليم مروان ) . يدخل بيته ليلعب ويأكل ويشرب ثم يخونه مع زوجته الفرنسية ( آديل ) . وظل يراود
( أ نوار ) زوجة أحد أبناء عمومته ويتشهاها بقية عمره رغم فارق السن الكبير بينهما . وأخيرا اغتصابه لفتحية الأرملة الشابة ابنة فراشه في الوزارة , والتي آوته في بيتها بعد فصله من وظيفته وبعد أن طلقته زوجته كميلة ولفظته من بيتها فلم يجد له مكانا ينام فيه حتى في بيت شقيقه عبد الباري . لربما يثير هذا الأمر الكثير من التساؤلات !! زد على ذلك الألحاح الشديد في ذكر الطعام . فلقد جاء الكتاب مليئا بذكر الأكل والجوع والموائد والطعام . فهل كان قصد الروائي الكريم أن يعطي الأنطباع أن ليس في الوجود ما هو أكثر أهمية من الجنس والطعام ؟؟
ما الفرق بين الحيوان والأنسان اذن ؟؟

لا أحد ينكر القدرة الفائقة للمؤلف على وصف العمليلت الجنسية سواء مع زوجته كميلة ( وتلك ظاهرة غير مألوفة في الأدب والأداب العراقية ) أو مع آديل زوجة صديقه الفرنسية ثم مع فتحية ابنة فراش دائرته . التركيز المفرط والمبتذل أحيانا على الجنس والطعام لدى توفيق لام أمر يتناقض مع كونه مثقفا لم يعرف الفاقة والعوز في حياته قبل فصله من الوظيفة . فهو مثقف من الطبقة الأولى . قرأ تولستوي ونجيب محفوظ وكامو وكافكا وديستويفسكي وهمنغواي وأندريه جيد وستندال ومورياك وتورجنيف ثم استوعب ( أيام ) طه حسين ولم يعجبه أنه يتكلم بضمير الغائب , علما أن كتاب ( المسرات والأوجاع ) جاء هو الآخر خليطا من الكلام بصيغة الأنا حينا وبصيغة ضمير الغائب أحيانا أخرى .

توفيق والأم و ( آديل )

لم يقدم المؤلف تعليلا مقنعا واحدا يفسر به أسباب جفاء والدته التي حرمته حتى من حقه في بيت أبيه الا ما ورد على الصفحة 114 حيث أفاد (( سألتها بهدوء مبالغ فيه ... هل تعتقد بأني لست ابنها ؟ بهتت ونظرت الي لأول مرة, فأعدت عليها السؤال مضيفا بأن تصرفاتها اللامعقولة توحي بأنها تعتقد هذا الأعتقاد الشاذ
... - ولا أدري هل أن سبب ذلك هو أن الله سبحانه وتعالى أراد لي أن أكون بخلقة تختلف عن خلقة أبي وأخي وأولاد أعمامي, أم أن ضميرك لا يزال يعذبك لأنك تصرفت بأموال لي وضعت أمانة بيدك وأنك تنزعجين من رؤيتي لأني أذكرك بذلك ؟ )) . علاقة توفيق بأمه يعتورها بعض الغموض, وما كان يسميها الا ( أم عبد الباري ) !! لهذا - من المحتمل - كان يرتمي في أحضان ( آديل ) الدافئة طلبا للحنان المفقود واستجابة غريزية لسكب الدموع على صدور الأمهات,
عقدة أوديب ؟؟ أجل, كانت آديل له أما وعشيقة في عين الوقت . فعلى الصفحة 66 قالت له (( أنت خسران مع الجميع, الا معي ... يا حبيبي )) ثم قال هو على الصفحة 67 (( فأحتضنته وشدته الى جسمها كأنها تحميه من شر يلاحقه. كم شعر بأمان غريب )) .
الغريب أن كافة لقاءاته الهامة مع هذه السيدة الفرنسية تمت في شهر أعياد ميلاد السيد المسيح ورأس السنة الميلادية . فلقد تم اللقاء الأول بينهما في بيت صديق مسيحي لأحد أصدقائه مساء 31-12-1952 وكان اللقاء الثاني في يوم 4-12-1959 على مائدة قمار زوجها, في حين جرى اللقاء الأخير في شهر كانون الأول عام 1979 . فما دلالة ذلك ؟؟ أهو ولع توفيق لام بالأجواء الأوربية الغربية وتوقه الشديد لأن يتمتع بمثل هذه الأجواء في بغداد ان لم يستطعها هناك ؟؟ السيدة آديل امرأة غريبة : عملت موظفة في مصرف الرافدين في بغداد أولا وكانت معها أمها فقط . ماذا عن أبيها ومن هو ؟؟ وكيف وقعت هذه الفرنسية الجميلة في بغداد ؟؟ ثم ما الذي يدفعها الى خيانة زوجها التاجر الموسر مع أحد زملاء القمار ؟؟ أليس وجودها في بغداد سرا لا يعرفه الا الراسخون في العلم ؟؟ قتل زوجها سليم مروان بعد الثامن من شباط 1963 فباعت الدار وهربت أموال زوجها وتركت العراق خلسة !! فأي نوع من النساء أحب السيد توفيق لام, وأي نوع من النساء هي آديل؟؟ الأكثر غرابة هو أن توفيق قد وقع فعلا في حب هذه المرأة في حين لم يستطع أن يحب زوجته كميلة ولا المسكينة الأرملة الشابة فتحية التي مارس معها الجنس ضد رغبتها مستغلا بعض نقاط ضعف النساء الطبيعية . نعم لقد اغتصبها بلغة القانون الذي درسه توفيق والذي يفهمه جيدا .
ما يلفت النظر أكثر من سواه هو التزامن المدهش بين محنة الفصل من الوظيفة يوم 17-11-1977 وطلاقه من زوجته في أوائل عام 1978 , أي في غضون بضعة أشهر وقعت على رأسه بليتان , الواحدة أدهى وأسوأ من الأخرى .



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية المسرات والأوجاع لفؤاد التكرلي / الجزء الثاني . إلى ال ...
- المتنبي لا يقرأ الشعر مع الموسيقى
- قصيدة [ مرحىً غيلان ] لبدر شاكر السياب
- [ المسيح بعد الصلب ] / قصيدة لبدر شاكر السياب
- المتنبي وفاتك المجنون
- المتنبي بين البدويات وحَضَريات ميونيخ
- المتنبي أمام إله الماء - نبتون -
- المتنبي في أوربا / بعد اللجوء
- المتنبي يبقى في لندن / الشاعر سعدي شيرازي يُرثي بغداد
- المتنبي في لندن / إبن طاووس وإبن خلدون
- المتنبي في متحف الشمع في لندن
- المتنبي يزور المتحف البريطاني في لندن
- المتنبي يُقيم ويعمل في لندن
- المتنبي في لندن / مع الشاعر عزيز السماوي
- المتنبي في أوربا / مع كارمن ودولة الخروف الأسود
- حوارات مع المتنبي / المتنبي في أوربا
- تصحيح معلومة خاطئة / إلى الأستاذ سلام عبود ... حول قصص جلال ...
- مقبرة الغرباء / رثاء الجواهري
- آليات الإبداع في الشعر / المتنبي نموذجاً
- الأوزون ... درع الأرض الهش


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - رواية المسرات والأوجاع لفؤاد التكرلي / إلى الأستاذ فاروق سلّوم ... الجزء الأول