أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف ابو عيشه - جرحنا النازف في غزة














المزيد.....

جرحنا النازف في غزة


نايف ابو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2033 - 2007 / 9 / 9 - 10:41
المحور: الادب والفن
    



1
افاقت من نومها مرتعبة ومذعورة بسبب حلم رهيب اخافها. شعرت بالعطش والجفاف في حلقها وفمها.روت عطشها بجرعات ماء متلاحقة. جلست على حافة السرير لبعض الوقت . لم تشا ايقاظ زوجها النائم بعمق . حاولت تذكر تفاصيل الحلم لكنها لم تقدر .كل ما تذكرته انها كانت تصرخ خائفة وتبحث عن زوجها الذي تركها وحيدة مع اطفالها الاربعة في ظلام دامس. تفلت ناحية كتفها الايسر وتعوذت من شر الحلم, عدة مرات, وقرات اية الكرسي, وحاولت النوم من جديد ولسانها يلهج بالاستغفار. تاملت وجه زوجها مطولا, وقبل ان تغفو ثانية كان الفجر قد بدا يشق طريقه ليعلن مجيء يوم جديد , لا يعرف احد ماذا يحمل في ثناياه.
2
حين غادر والدها بيروت مع المقاتلين , تركها وحيدة مع امها في مخيم صبرا الملاصق لشاتيلا , وكانت هي لم تكمل عامها الثالث بعد, في منتصف ايلول من ذلك العام . وبعد ايام هاجمت "الكتائب اللبنانية "المخيمين وقتلت على مدار ثلاثة ايام الاف الابرياء من مختلف الاعمار رجالا ونساء واطفال. اما هي فقد اختبات بين جثث الشهداء, ونجت من موت محقق, في حين قتلت امها واخوها غسان ابن التاسعة مع الاخرين .
3
عندما اتاحت الفرصة لوالدها ان يعود ثانية الى لبنان وجدها تعيش لدى جيرانهم في المخيم , وعرف تفاصيل المجزرة واستشهاد زوجته وابنه البكر. فغادرا الى سوريا , ومن ثم استقرا في الاردن . بعد اتفاقية اوسلو دخل الوطن مع السلطة , وتقرر نقله الى غزة. رفض الزواج ثانية لانه كان محبا لزوجته فظل وفيا مخلصا لها .مع بداية الانتفاضة سقط شهيدا مع بعض زملائه قرب حاجز للامن الوطني كان هو مسئولا عنه.
4
قبل استشهاده باشهر قليلة تزوجت ابنته من احد الضباط العاملين معه. فانجبت اربعة اطفال , اطلقت على اكبرهم اسم والدها الشهيد, اما الخامس فسيخرج للحياة بعد ايام , واتفقت مع زوجها ان تسميه غسان على اسم شقيقها , الذي ما زالت تعلق ميدالية صغيرة برقبتها فيها صورتان له ولامها.
5
في الصباح الباكر , ودعت زوجها , بمشاعر خائفة , اوصته ان ينتبه لنفسه جيدا بسبب التوتر الامني والاشتباكات المتكررة منذ اشهر مع عناصر "القوة التنفيذية", دون ان تخبره عن حلم الليلة الماضية.طمئنها وهو يقبل ابناءه , الا تقلق عليه , لانه مؤمن بالله وقضائه وقدره ," والمكتوب ما منه مهروب", واوصاها ان تهتم بنفسها وتعتني بالاولاد.
6
عند الظهر اتصل بها واخبرها عن هجوم " كتائب التنفيذية" عليهم . اوصته بنبرة خائفة ان ينتبه لنفسه , وان يتصل بالبيت كلما اتيحت له الفرصة . ارتجفت من الخوف وضمت اطفالها اليها , وهي تتمتم "الله يستر . اللهم اني اعوذ بك من شر حلم الليلة الماضية". وعندما سالها احد الاولاد عن الحلم رفضت ان تخبرهم به , لكنها طلبت منهم يفعلوا مثلها , وتفلت وتعوذت مرة اخرى من شره.
7
قالت في نفسها " الكتائب اللبنانية المسيحية" قتلوا اهلنا على الهوية بكراهية وحقد اسود , لاننا كنا بنظرهم اعداء وارادوا طردنا من بيروت ولبنان كلها " ولكن لماذا تفعل" كتائب التنفيذية " وهم مسلمون مثلنا الشيء ذاته بكراهية وحقد اسود ضدنا , ونحن ابناء شعب واحد وقضية واحدة ونعيش نفس الظروف والمعاناة والحصار , ويحاصرنا العدو ويقتل فينا ويجرف اراضينا ويدمر بيوتنا ؟؟؟
8
حاولت الاتصال اكثر من مرة لتطمئن على زوجها خلال النهار لكن جهازه المحمول كان مغلقا كل الوقت.سيطر عليها الخوف والقلق اكثر على مصيره مع تصاعد الاشتباكات وحدة النيران واخبار القتل والسلب والنهب من مقرات السلطة , وتجمع اطفالها حولها يبكون متسائلين عن والدهم , ومتى يعود للبيت, وخاصة عندما راوا حالة الجزع والخوف الذي سيطر على والدتهم.
9
في ساعات المساء عرفت انه اصيب , وتم نقله للمستشفى للعلاج , وان حالته مطمئنة . لم
تستوعب الخبر , وانهارت على الارض فاقدة الوعي, وتجمع اطفالها يصرخون خائفين غير مدركين ما يحدث , وكل ما يفهونه ان " حماس" و" فتح" اشتبكوا من جديد .
10
في المستشفى , بدات آلام المخاض تشتد عليها اكثر, وهي تستجدي ان يخبرها احد عن مصير زوجها , لكن أي من الاطباء والمرضى لم يشا اخبارها انه في قسم العمليات , يخضع لعملية بتر ساقيه , حيث اطلقوا عليه النار بصورة متعمدة في منطقة الركبة , بعد ان صادروا سيارته وسلاح واغراضه الشخصية وكل ما تبقى معه من نقود " كغنائم حرب" !!!

نايف ابو عيشه
دائرة الدفاع عن الارض
ومقاومة الاستيطان
7/9/2007



#نايف_ابو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الفلتان الغذائي !!!
- -حماس- : اجتهدت كثيرا وسقطت بجدارة في الامتحان !
- مشهد من فصول الانقلاب في غزة الحكم قبل المداولة !!!
- عن أي حوار يتحدثون ؟؟؟


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف ابو عيشه - جرحنا النازف في غزة