|
بدون انفعال: حسنة ملص تتذكر
جواد مبارك سعود
الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 08:45
المحور:
كتابات ساخرة
أتذكر في الخمسينات أنه بعدما صدرت مذكرات خروتشوف تحت عنوان" خروتشوف يتذكر" نشرت في مجلات مثل "الشبكة" و"الموعد" في ذلك الوقت مذكرات لفنانات وراقصات بالعنوان نفسه "ميمي شكيب تتذكر" و"الراقصة اش اش تتذكر" يذكرن فيها على وزن الباشا الفلاني أشعل لفلانة سيجارة بورقة مائة جنيه عندما كان راتب الموظف نصف جنيه.
وعندما يجلس العراقيون تذكر من باب الطرافة أسماء وسيطات نلن شهرة في جنوب العراق ووسطه مثل حسنة ملص ، وريما أم العظام ، بهية العربية ، ريما حكاك ، وبنات توحه ليلو ووبنات مريم خان الثلاث تفاحة ونجيبة رجو أم البارات ، وفي الشمال خضرة نيم كار ووردة دو شلواري يذكرن بالإسم وتذكر أفعالهن بالتفصيل الدقيق الممل.
إذاً تذكر مثل هذه الأسماء يعني أن أسماءاً ذات أهمية أكبر لم تمح إلى الآن من ذاكرة الكثيرين ولكن هناك من يعرف ولا يريد أن يتكلم خوفاً أو تحفظاً ليترك العراق الحزين يتمزق من دون رحمة ويترك في الوقت نفسه الكلام لمن لهم مصالح أو لمن يحبون الخير للعراق ولكنهم يجهلون الحقائق.
يدور الحديث هذه الأيام عن إنقاذ العراق والحل عندهم هو عودة النظام الملكي ، فهذا هو البلسم الشافي ، ثري كويتي بحسن نية يصول ويجول في هذا الموضوع ، لكن من دون إدراك للحقائق التاريخية ، بل أضحك لأني أتذكر كتابه عن العائلات الكويتية وكيف نسب إلى نجد مثلاً عائلة بشرتهم بيضاء تكاد لا تفرق بين بعضهم وأهل بافاريا ، وهم عائلة من الصابئة المندائية هربت من بطش الصفويين بهم فتركوا دزفول والشوش وأتوا إلى الكويت ، فكيف تكون فتوى نسابة بهذا الشكل ؟!
أيعقل أن الناس لا تتذكر آباء وأسر كل هؤلاء اللذين هم في الحكم الآن ؟ أليسوا هم من تلك الأسر التي حكمت قبل ثورة 14 يوليو 1958 وإلا فإن ملوك العراق رحمهم الله لم يكونوا إلا أناساً بسطاء ولم يعرفوا لا العراق ولا العراقيين ! فيصل الأول كان بسيطاً لا ينافسه في سوء لبسه للبشت مثلاً إلا بعض المسؤولين في بلدنا فكان يضع الغترة خارج البشت ! أتوا به إلى العراق ولم يكن له حتى دار فيها فسكن قصر الثري شعشعوع ، وحدثني جدي أنه كان شخصية قلقة يدخن سيجارة من سيجارة لا يأكل إلا القليل وكان كريماً يعبث بالطعام ليوهم ضيوفه بأنه يأكل معهم ! أما ابنه الملك غازي فمن سذاجته كشاب صغير أن أنشأ في قصره قصر الزهور إذاعة خاصة به – غير إذاعة بغداد – وهذه الإذاعة يديرها بنفسه حتى من الناحية الفنية ، وأحياناً يقوم من نومه بعد منتصف الليل ليطالب بضم الكويت ويشتم الإنجليز وجنود أبو ناجي على بعد خطوات من قصره ولم يكن حاسماً حتى في قراراته الشخصية منها أمر زواجه ، لذا تغنوا ( هالله هالله وشجاني ، زوجوني بنت العم ال ما يخافون من الله ! ) لأنه كان يحب نعمت بنت ياسين الهاشمي ، رئيس وزراء العراق وفرضوا عليه ابنة عمه عالية بنت علي بن الحسين. والرجال كما يقال تربي الرجال فقط ، بينما عاش الطفل فيصل الثاني رحمه الله في كنف أمه عالية ، وهي سيدة عاشت حياتها في تركيا لا تعرف عن أمور العراق شيئاً.
لنسرد فقط أسماء بعض من في الحكم الآن ونحاول تجنب رجال الدين حتى لا نثير أحداً ، وهذه الأمثلة حقائق ولا تقل من شأنهم كأفراد.
أحمد عبدالهادي عبدالحسين الجلبي ، والده عبدالهادي الجلبي وزير ونائب رئيس مجلس الأعيان حتى قيام ثورة يوليو 1958 وجده عبدالحسين الجلبي من أكثر اللذين شغلوا منصب وزير ، قريبه اياد جعفر علاوي كثيراً ما شغل عمه عبدالأمير علاوي منصب وزير الصحة إبان الحكم الملكي وابنه علي عبدالأمير علاوي في الحكم. عدنان مزاحم الباجه جي ، والده مزاحم غني عن التعريف كأحد أركان الحكم في العهد الملكي وتطرقه كان علناً ضد الكثير من فئات المجتمع العراقي ، عادل عبدالمهدي المنتفج كان والده عضواً في مجلس الأعيان وشغل منصب وزير التربية ، ونوري محمد حسن أبوالمحاسن ( المالكي ) ، وطارق أحمد الهاشمي ... وغيرهم.
وفيما عدا الأعمال الإرهابية فقد كانت الحال أيام الملكية أسوء مما هي عليه الآن ؛ فقر وبؤس وتخلف بكل معنى الكلمة. يحدثني الدكتور طوفان الشلال كيف أنه في العصر الملكي لم يكن في مقدور الفرد الذهاب إلى الطبيب فيتم علاج الخراج الناجم عن مرض "اللشمانيا الجلدية" والتي تترك ندباً على وجه المصاب تعرف في العراق باسم "أخت" ، هذا المرض لا عن جهل بل عن قصر اليد يتم علاجه "بضروق الدجاج" ويقول أن جده باع بعيراً وهايشه ( بقرة! ) ليدفع للأرمني كريكور صانع الأحذية ثمناً لحذاء يذهب به والده إلى المدرسة.
إن أمة نشأت قبل فجر التاريخ لا يمثل فيها البعثيون إلا ثلاثة عقود لا يستحق موضوعهم أكثر من أن يأتي رجل مثل ديسموند توتو الجنوب أفريقي وينشئ محاكم العفو وتنتهي المشكلة خلال أسابيع ( فضوها عاد ! أحسن للعراق وللمنطقة ). إن اللذين يطالبون بعودة النظام الملكي لحل الأزمة القائمة يريدون إصلاح الخطأ بخطأ وهو حل لا يقبله إلا الخبثاء في عالم السياسة ، عند الإنفعال يذهب البغدادي ويطلب ( بردار شربت كشمش من محل حجي عبدالله زبالة – وأقسم على صحة الإسم – يبرد على قلبه " !
--------------------------------------------------------------------------------
د. جواد مبارك سعود (طبيب وكاتب كويتي) [email protected] صحيفة (الراي ) الكويتية : الأحد 19 أغسطس 2007م --------------------------------------------------------------------------------
#جواد_مبارك_سعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
-
فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو
...
-
منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا
...
-
لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي
...
-
فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
-
بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي-
...
-
نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|