|
طبق الََسَلطة الفلسطيني، ما بين خصائص المركب والمخلوط
تغريد كشك
الحوار المتمدن-العدد: 2030 - 2007 / 9 / 6 - 05:12
المحور:
كتابات ساخرة
عُرف عن الفلسطينيين إجادة الفنون بمجملها وخاصة فنون الطهي وتزيين المائدة، ورغم التنوع الكبير في المطبخ الفلسطيني واختلاف طرق الطبخ ومكونات الوجبات بين المدن والقرى الفلسطينية، إلاّ أن طبق السلطة الفلاحية كان وحتى وقت قريب هو من يجمع الفلسطينيين حول المائدة الواحدة، فرغم أن هذا الطبق يشمل في مكوناته قطعا صغيرة جدا تكاد تكون من جميع أنواع الخضار الموسمية المتوفرة من الخيار والبندورة والفليفلة والبصل والنعناع والفجل والفقوس مضافا إليها زيت الزيتون والملح والليمون، إلاّ أن كل مكون من مكونات الطبق كان يحتفظ بطعمه الخاص والخاص جدا ، ومع ذلك تجد الطعم لذيذا والشكل جذابا والرائحة تحيط بأركان غرفة الطعام وكأن طبق السلطة يدعوك أن تحتضن ملعقتك وصحنك وتبدأ بالأكل حتى قبل أن تكتمل المائدة وتجتمع العائلة.
وللأمانة العلمية فإن طبق السلطة الفلسطينية يمكن تصنيفه علميا على انه مخلوط لا مركب، فكيف يمكن له أن يحقق هذا التجانس بين مركباته إذا عرفنا أن المواد المخلوطة تبقى محتفظة بخواصها الأصلية من اللون والرائحة والطعم والتركيب الكيميائي؛ بعكس المركب الذي تفقد مكوناته خصائصها الأصلية لتكوين شيء جديد يحمل خصائص فريدة ومتميزة. لقد كان السر آنذاك يكمن في التربة الخصبة وفي يد المزارع البارع والطباخ الماهر وفي الألفة والمحبة التي كانت تجمع أفراد البيت الفلسطيني الواحد حتى عهد قريب.
أما الآن فقد دخلت على التربة الفلسطينية محسنات إقليمية ودولية جديدة ومختلفة شملت السماد والمبيدات الحشرية والماء العسر، وتعلم الطباخ الفلسطيني وصفات لأكلات إيرانية وسورية وأمريكية وإسرائيلية ومصرية لم تكن على قائمة المائدة الفلسطينية من قبل، وأصبح الذوق الحمساوي يختلف عن الذوق الفتحاوي في اختيار الأطعمة، أما ذوق الفصائل الأخرى فقد تدنى حتى وصل إلى الرضي والإحساس بالشبع حتى عند التقاط فتات المائدة ودون الجلوس إليها.
وانتشرت الفتاوى الفلسطينية التي تحرم الدجاج المذبوح في المسالخ الحكومية والبيض الملون لأنه بدعة من بدع الكفار، واللبن منزوع الدسم على افتراض أنه غير معروف المصدر، وتم وقف استيراد المواد الغذائية من الدنمرك واستبدالها بماليزيا وتايلاند والصين على افتراض أن هذه تستعمل دهن الحوت بدل دهن الخنزير، متناسية أن الجسد الفلسطيني الآن هو جسد منزوع الدهن والعظم واللحم والدسم بعد أن أصبح دمه كالماء لا لون له ولا طعم ولا رائحة.
وهنا يجب أن لا ننسى أن لون طبق السلطة الفلسطيني قد تغير أيضا ، فبعد أن كان خليطا من ألوان الطيف الفلسطيني أصبح الآن اخضرا بلون الخيار والنعناع فقط حين تم ذبح مكوناته على الطريقة الإسلامية وتم تزيينه بختم "حلال".
وقد أصبح طبق السلطة الفلسطينية خاليا من الزيت بعد أن توقف سيل الأموال البترودلارية بالشكل المعهود وذلك لسببين، أولهما أن بلدان النفط تخشى على أنظمتها من أن تطالها "هبة الإسلام الراديكالي الإخوانجي، والثاني أن هذه البلدان لن تغضب سادة البيت الأبيض وتدعم "منظمة إرهابية" وفق التصنيف الأمريكي.
واعتبارا من اليوم الذي تربعت فيه السلطة الحمساوية على المائدة الفلسطينية في غزة أدخلت نوعا جديدا من الخضار إلى السلطة الفلسطينية وهو الفلفل الحار الذي استعملته حماس لفرك ألسنة الإعلام بعد أن كبّلت حياة الفلسطينيين بآلاف القيود و صادرت حرياتهم العامة والشخصية، وتعاظمت فوضى الخضار داخل طبق السلطة إلى حد العبث وأجواء العصابات .. وبدأ كل من يستطيع من الفلسطينيين بالهرب من غرفة الطعام قبل أن تسيل دموعه من قنابل البصل الحارقة التي تلعب دور الفتنة الطائفية والدينية ، وطبعاً الفنون والأدب والمسرح والغناء وأي نوع من الإبداع أصبح بالمفهوم الحمساوي حرام لأنه يقع ضمن البهارات والمتبلات والمشهيات التي صدرت بشأنها فتاوى التحريم لأنها تذهب بالعقل والتعقل. لكل ذلك فقد قرر الفلسطينيون أن يمتنعوا عن أكل السلطة الفلسطينية لأنها لم تعد خاضعة لدائرة المواصفات والمقاييس الوطنية وقرروا استبدالها بالسلطة التي تحمل ما يشير إلى أن ذبحها قد تم حسب الشريعة الإسلامية متناسين الحديث النبوي الشريف:
" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه، فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه". أحمد في مسنده ومتفق عليه[البخاري ومسلم] وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة ابن ماجة عن أبي موسى.
#تغريد_كشك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تطبيق مفهوم تقرير المصير على الحالة الفلسطينية
-
فتوى فلسطينية تحرم استعمال معطر الغسيل
-
منهجية التخطيط وعشوائية التنفيذ، ظاهرة سياسية فلسطينية
-
ظاهرة العمليات الانتحارية التفجيرية جدل مستمر
المزيد.....
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|