|
وجاهة :قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2030 - 2007 / 9 / 6 - 04:58
المحور:
الادب والفن
المطعم في ازدحام رهيب ، حركة دائبة وطلبات لاتنتهي ، منذ اشتغلت فيه منذ ثلاث سنوات ، وأنا أتحرج من الظهور أمام الناس ، وأخشى ان يعرفني احد النزلاء او الضيوف الكثيرين ، الذين يترددون على هذا المكان ، فتسقط هيبتي ، وأصبح موضع هزء وسخرية من قبل الجميع ، انا رجل مسالم ، احرص دائما على إرضاء الجميع ، وان كانت الحكمة العربية تقول ( رضا الناس غاية لا تدرك) الا إنني اجتهدت كثيرا فيما مضى من أيامي لأحافظ على احترام الناس وتقديرهم ، الناس كلهم يحافظون على المظاهر ، ما شأنهم بما اعمل ، وان كان شغلي الذي يدر علي الربح الحلال محترما ، لم يراه الناس من الأعمال المحتقرة ؟، استطعت بالعمل الإضافي الذي أقوم به بعد الدوام الرسمي ، ان احصل على شقة محترمة ، تحتوي على حديقة جميلة ، زرعتها بأنواع من الأشجار الباسقة ذات الثمار اللذيذة ، أشجار نخل فارعة ، وكروم تتسلق الجدران ، ورمان ، مع ورود مختلفة الألوان والأنواع ، رائحتها تخلب الألباب ، وتمتلك القلوب ، نصبت الأرجوحة التي طلبتها زوجتي الحبيبة ، نجلس في الاماسي التي تبقى لي ، بعد الانتهاء من عمليّ الاثنين ، ساعات قليلة ، اقضيها في راحة من عناء الأعمال الكثير ة ، والتي تثير في التعب طوال النهار ، استمع الى أحاديث زوجتي التي لا تنقضي ، ومطالبها التي تتجدد كلما نفذت إحداها - سيارتنا أصبحت قديمة الآن المطعم في حركة دائبة ، استمع الى طلبات الزبائن ، وأنفذها في التو ، من طبيعتي ، أتميز بالنشاط ، لااحب الكسل والتباطؤ في الحركة ، ما ان يطلب مني احدهم شيئا حتى أسارع الى تلبيته على الفور ، هذا رزقي ، وعلي ان أحافظ عليه كما اعتني بعيني أسجل كل ما يطلبونه مني ، شراب ، طعام على اختلاف أنواعه ، مطعمنا يقدم كل أنواع الأطعمة ، المشرقية والمغربية ، وأصنافا كثيرة من أنواع المقبلات والسلطات هذا الصباح كان متعبا لي ، طلاب الثانوية ، يرهقونني بأسئلتهم التي لا تنتهي أبدا ، وخاصة الطالب المشاغب حسام ، يمطرني باستفساراته عن الأمور السياسية التي يعلم تمام العلم أنها من الأحاديث الممنوع التطرق اليها داخل الفصول ، سألني بوقاحة حاولت الا أبدو اهتمامي بها - ما رأيك أستاذ ، هل يعتبر الشخص الخائف الجازع ، مخلوقا طبيعيا ؟ ألا ترى انه في منتهى درجات الجبن والخنوع ؟ أحاول أن أقنعه أنني موظف لدى الدولة وعلي ان أنفذ برامجها التعليمية ، دون التطرق الى الأمور السياسية التي أجدها تشتت أذهان الطلاب وتبدد انتباههم ، ولكن كل ما أقوم به لكسب هذا الطالب المشاغب الى صفي تبوء بالفشل الذريع ، رأسه جامدة ولا يقبل الإقناع ، تماما كما كنت أنا ، في مثل سنه. ناقشتني أختي هذا الصباح بوضعي ، استنكرت هي ان أقوم وأنا الأستاذ بعمل النادل بعد ساعات العمل الرسمية ، وحين وضحت لها حالتي الصعبة ، وان راتبي المتواضع لا يكفي للقيام بمتطلبات أسرتي ، ظهر عليها الإنكار لكلامي - أي أسرة ، زوجتك الأمية لوحدها ؟ انا رجل مسالم ، زوجتي امرأة ، ومن حقها ان تطلب مني ما تريد ، من يفيها حقوقها ، وهي جليسة المنزل لم تحصل على تعليم كاف. وهذا الصباح حين ناقشني الطلاب بالأمور السياسية ، وكيف يكون الإنسان المحترم ، وان الشخص المناسب في المكان المناسب ، سمعت قهقهات مكتومة من الطلاب يحاولون إخفاءها ، كنت سابقا محل التقدير والاحترام ، وحين اخذ عصام هذا يقود الطلاب ، ويقنعهم بمناقشة الأمور الممنوع مناقشتها في حصة الدروس الاجتماعية. وجدت ان منزلتي التي كنت احرص عليها بين الطلاب ، قد أسيء إليها كثيرا المطعم هذا المساء في حركة دائبة ،وازدحام قل نظيره في المساءات الماضية ، ربما لان غدا يوم عطلة رسمية ، الكراسي حول الموائد قد امتلأت بالضيوف ، وكل منهم يطلب شيئا مني ، أسجل الطلبات ورقم كل مائدة وأنواع طلباتها - أنت ترهق نفسك بالعمل ، دعني أساعدك مسكينة زوجتي تريد ان تعينني ، كيف يتأتى لها مساعدتي وهي لم تكمل الثانوية العامة أنهيت تنفيذ ما طلبه الزبائن مني ، - أيها النادل ، تعال هنا يسكب الزبون العصير على المائدة آمرا إياي - هيا أيها النادل ، امسح ما هرق مني من شراب - اعتدت دائما ان اضبط أعصابي ، وألا أدع الزمام يفلت مني ، أتنفس بعمق ،محاولا إدخال ما تيسر من هواء الى رئتي المتعبتين ،بهدوء ذهبت الى المائدة المعنية ، ومسحت ما فيها من بلل ، ينطلق صوت أعرفه جيدا ، كم أتعبني شغبه - مرحبا أستاذ
صبيحة شبر 29 ايار 2000
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول اشاعة الديمقراطية في العراق
-
أحلام محبطة
-
حالة
-
القسم
-
المسابقة : قصة قصيرة
-
المرأة العراقية في ظل التحولات الجديدة
-
لست أنت
-
الطائفية في العراق
-
التابوت
-
قراءة في مجموعة قصصية
-
الصورة
-
ثقافتنا والتعميم
-
لماذا الاساءة للاديان ؟
-
القزمة
-
تشابك مهن
-
كيف نقرأ نصا أدبيا ؟
-
ظلم يدوم ولا أمل قريب
-
أية ثقافة ؟؟
-
البشر نسخ مكررة
-
مع الاعدام ؟ ام مع الغائه ؟
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|