مرهف مينو
الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 04:30
المحور:
الادب والفن
بحثت في فناء الدار عن بقايا أخشاب سقفنا العتيق , تلك المداميك التي كانت تحجب السماء عنا وقلت : أشقها من المنتصف وأصنع منها نعشا لك أعلقك عليه ... شققت الأخشاب بمنشار أبي القديم الصدئ وجمعت المسامير من ورشة قريبة منا حتى إن الدم سال من إصبعي وأنا أحاول إصلاحها لأدقها في نعشك , حملت نعشك النحيل وجررته إلى أعلى التلة ... قلت لتأكله الطيور والنسور بعد أن أعلقه , وصلت ربما بعد سنة لا أتذكر تماما الوقت ولكن كل ما أذكره أن الشمس كانت تأتي وتذهب وأنا أجر مشنقتك على ظهري .....
استلقيت كالحمل الوديع بين يديّ. لم تتفوه ولا بكلمة. عيناك ربما كانتا تتكلم ولكني كنت مشغولا بغرز المسامير في كفيك بمطرقتي الفولاذية اللامعة. عرقي يتساقط على جسدك الأبيض حقدا وحيرة من سكونك القاتل . انتقلت إلى قدميك ... لويتهما ووضعتهما فوق بعض وبضربة واحدة استقر أكبر مسمار لديّ في بياض قدميك ليسيل خط دقيق من الدم الأحمر ويستقر على تلك الصخور السوداء كقلبي .
قطفت أشواك الجبل كلها وصنعت إكليلاَ يصل حتى قلبك .
استللت الرمح الذي تركه أعدائي خلفهم وطعنتك في جنبك ... لم تتألم كما كنت أتوقع ... لم تصرخ كما كانوا قد أخبروني .... السماء فقط في ذلك اليوم حزنت عليك . حتى الجوارح اختفت . لففت جسمي النحيل بعباءتك الحمراء المشهورة واستدرت وتركتك خلفي وأنت تنظر إلى الأعلى وتتكلم بكلمات لم أسمع بها ولغة لم أستطع فهمها ...... علّقت نفسي على جذع شجرة يابسة بحبل سرقته من سفينة عتيقة . شممت رائحة الموت تنبعث مني قبل أن أموت.... ومئات الغربان والجوارح تنهش جسدي ....
أعطيت نصف ما أعطوني من مال " للفلاسفة " ..... و نثرت تحتي دراهم الفضة المتبقية .... وقفزت وأنا أطلب منك المغفرة .
#مرهف_مينو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟