|
مقدمات تصدع
حيدر عوض الله
الحوار المتمدن-العدد: 2029 - 2007 / 9 / 5 - 10:17
المحور:
القضية الفلسطينية
لا نستطيع التكهن بقدرة مظاهر العصيان المتتالية والمتصاعدة للجمهور الفلسطيني ضد الفاشية الحمساوية على أن تؤتى أُكلها في مدة زمنية قريبة. لكننا على ثقة تامة بأن مظاهر العصيان، المنظمة أو العفوية، المتوالدة باستمرار كرد فعل مباشر على نظام الملالي في غزة، والرد الدموي الموتور على مظاهر العصيان هذه، يشيران إلى بدء تضعضع قدرة حركة حماس على إدارة قطاع غزة تحت حد السيف. ولقد جاءت هذه التحركات الشعبية الواعدة بالتطور والاتساع لتؤكد من جديد حيوية المجتمع الفلسطيني، وصعوبة أن تفرض أية "بلطجية" الخضوع والاستسلام لها. ومع عدم تقليلي من قدرة "القوة الغاشمة" ولو إلى حين على فرض الخضوع التام لها، فإن خبرة شعبنا المتراكمة في مقارعة الاحتلال وانتفاضه على كل سلطة مطلقة جائرة قد حصنا الفلسطينيين ولو جزئياً من الرضوخ والاستسلام لها. إن سيكولوجيا التمرد، بإيجابها وسلبها، ستنتصر مهما أخذت من وقت. والمثير هنا أن مظاهر ما يسمى بالحالة الثورية تترسم باستمرار وبسرعة غير عادية قياساً إلى تجارب أخرى، فها نحن نرى جمهوراً متمرداً على "إدارته السياسية"، وقيادة غير قادرة على إنفاذ حكمها في الناس، رغم مظاهر البطش والقمع المبالغ فيه. فهي بالإضافة إلى عجزها المطلق على إدارة احتياجات ومصالح سكانها، وسرقتها المعلنة لهم من خلال فرض جباية الضرائب بالقوة، تستنفد هيبة "احتكار القمع" بمعنى أنها تفقد نتائج امتياز القوة، لأن الجمهور الواقع تحت بطش هذه القوة يقبل بدفع الثمن، أي امتصاص نتائج قمع حركة حماس، مقابل إسقاطها من مدة الحكم المغتصب، وهذا بالضبط ما سيثير جنون الغطرسة لدى حماس وسيدفعها إلى الإمعان في استنفاد القوة، وهي في هذا المسار إنما تسير مهرولة إلى حتفها كقوة سياسية "حاكمة "، تماماً كالقطة التي تلحس المبرد "فكلما سال دمها، أمعنت في لعقه". لقد أتحفنا البعض بمقولة أن حماس استطاعت أن تفرض الهدوء والأمن في قطاع غزة، حيث فشلت السلطة. ولا يعرف هذا البعض أن أية قوة أيّ كانت قادرة بقوة النار والقتل على صناعة منطقة هادئة، لكنها ميتة. ولا أدري هنا إن كان فرض الموات على مجتمع ما له أية علاقة بما يسمى ضبط الأمن وتحقيق الأمان. الحقيقة أن هذا البعض يرمي إلى تبرير تخاذله عن اتخاذ موقف واضح وملموس تجاه حركة قامت باغتصاب النظام السياسي والمجتمع بأكمله، ولا يصح هنا افتعال "التوازن" بين حركة حماس وحركة فتح من بوابة وضع القوتين بنفس المسافة. فحركة حماس بانقلابها وسلوكها السياسي وما يترتب عليه من مخاطر استراتيجية على المشروع الوطني الفلسطيني التحرري وعلى المجتمع الفلسطيني وتنوعه السياسي والاجتماعي والديني تجعل من التصدي لها مهمة لا تقل أهمية عن مهمة التحرر الوطني والخلاص من الاحتلال. أما الخلاف مع حركة فتح، وهو بالمناسبة ليس جديداً، فعلى الدوام اختلف معها حول شكل إدارة الصراع مع الاحتلال وشكل بناء الدولة الفلسطينية ونظامها السياسي، وكيفية إدارة السلطة الوطنية، لكن حركة فتح بقيت حركة سياسية تتحرك في إطار المشروع الوطني والديمقراطي الفلسطيني، وحافظت على التعددية السياسية، ولم تبادر إلى قمع أو إقصاء أية قوة سياسية متعارضة مع سلوكها ونهجها في الحكم وفي إدارة المفاوضات. لقد دعونا وهللنا لانخراط حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني الرسمي، وتجاوزنا كل السلوك السياسي الحمساوي، والذي أدى بنا إلى كوارث حقيقية دفعت السلطة الوطنية والحركة الوطنية برمتها نتائج هذا السلوك، والذي اتضح أنه سلوك كان هدفه التأثير على الوضع الداخلي، وليس على الاحتلال. وتصادمها المباشر والمستمر مع تكتيك الحركة الوطنية في الصراع مع الاحتلال كان هدفه الانقلاب على الحركة الوطنية الفلسطينية وتصفيتها، سواء من خلال استدراج البطش الإسرائيلي، الذي بقيت بنية حماس الأساسية بمعزل عنه، أو من خلال تقدمها المضطرد على حطام السلطة الوطنية وضعف الحركة الوطنية، ولعل سلوك "حماس" تجاه الاحتلال الإسرائيلي بعد انقلابها مؤشر مهم، سيزداد وضوحاً كلما طال عمر انقلابها. أما وقد أخرجت حركة حماس نفسها من النظام السياسي الفلسطيني، من خلال انقلابها، فإن الأصوات الداعية إلى بقائها تصبح غير مفهومة، ولا معنى لها. ومن يراهن على تراجع حركة حماس عن انقلابها، طوعاً، ففعله أقرب للمراهقة إن لم يكن للسذاجة السياسية، وهو لا يفعل في الحقيقة سوى إجهاض أو إضعاف الحراك الشعبي المتنامي والرامي إلى تصفية انقلابها ونتائجه. إنني أدعو إلى التفكير الجدي بالإعلان عن حركة حماس حركة غير شرعية، وهذا قد يشكل رافعه أساسية وغطاء سياسياً بالغ الأهمية للعصيان الشعبي المتصاعد ضدها في قطاع غزة.
#حيدر_عوض_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأزق بنيوي
-
لليسار در
-
تضليل بامتياز
-
قواعد جديدة
-
تقاطع مصالح
-
المربع الذهبي
-
كلام قي اوانه
-
لعبة جديدة
-
اغتراب النص في الخطاب الديني
-
ايران في مرمى النيران
-
اوهام متجددة
-
انهيار التنظير القومي للوحدة
-
العولمة
-
انتحار معلن
-
فتح- استنفذت قدرتها على هضم تناقضاتها الداخلية على مفترق طرق
...
-
الدمقراطية المتوحشة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|