|
فى بيت الامة بالاقصر ذ كريات هذا الرجل توفيق اندراوس بطل ثورة 1919
عبد المنعم عبد العظيم
الحوار المتمدن-العدد: 2029 - 2007 / 9 / 5 - 04:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الذين يحاولون طمس التراث الانسانى ويصورون مجتمع الصعيد بأنه مجتمع متعصب وشبابه ارهابى ويحاولون النفخ فى السفاسف الصغيره التى تطفوا من خلال المعاملات اليومية للناس وتولد الاحتكاكات بينهم وبمجرد ان يكون احد أطراف هذه العلاقة مسيحى تتحول الجنحة العادية الى جناية ولا تنظر قبل المرور على مباحث امن الدولة وتتحرك الصحافة الصفراء لتوقد النار فى الهشيم وتظل تنفخ فيه حتى تزيد الأمور اشتعالا وعندما ينظر القضاء هذه الحكايات ويحكم فيها من خلال الوقائع المجردة والعدالة العمياء التى لاتحكم إلا بالادلة الدامغة والبراهين والأوراق المنتجة فى الدعوى وتضع الأمور فى نصابها الصحيح وتحكم بالبراءة او الحبس البسيط تثور الفتنة مرة أخرى ويقولون ان القضاء صرح العدالة انحاز او تعصب وربما يكون القاضي الذى اصدر الحكم مسيحيا لكنه موضوعيا 0 شدتنى المقدمة لازداد أسفا على أيامنا الحلوة أيام كنا لا نعرف فيها التعصب ولم تنبت فينا هذه النبتة الشيطانية التى قلبت موازين العلاقات بين النسيج الواحد 0 أدعو صديقى القبطى والمسلم لنرى هذا المبنى الملاصق لمعبد الاقصر الذى يطل على النيل حتى تخاله جزء من هذا التراث التليد فى إطلالته على شريان الحياة حابى العظيم وأطلال الأجداد وبقايا تخوم مدينة الاقصر القديمة0 هذا المبنى كان الى وقت ليس ببعيد ملتقى كل رجال الاقصر وضيوفها وفيه استقبلت الاقصر سعد باشا زغلول والزعيم مصطفى النحاس وكان الناس يسمونه بيت الأمة فى الاقصر0 هنا عاش توفيق اندراوس احد اخلص رجالات الحركة الوطنية ونائب الاقصر لثلاث دورات ولم تنتخب الاقصر نائبا غيره حتى وافته المنية وهو يعد للمؤتمر الوطنى فى السادس من يناير 1935 وبين هذا التاريخ وميلاده سنة 1893 سطر التاريخ سيرة هذا المناضل الوطنى فى انصع صفحات أسفار التاريخ الوطنى 0 من هذا المسيحى الثائر الذى انتخبته الأغلبية المسلمة نائبا لها فى البرلمان ثلاث دورات ولو عاش ما انتخبوا غيره 0 لم تكن تعوزه المادة فوالده اندراوس باشا بشارة من أثرى أثرياء مصر لكن هذا الثراء لم يكسب أسرته أنانية وتكبرا بل سخاءا وعطاءا وخيرية فهذا والدة يوقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الاقصر مناصفة وأوقف عشرة أفدنة لخمة المدرسة الصناعية لأنه كان يؤمن ان الصناعة والحرف تشكل المستقبل لشباب الاقصر 0 وبنى على نفته مدرسة الأقباط التى مازالت قائمة وبنى مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية ماذا بنى اثرياء هذا الزمان وماذا قدموا ؟ أكمل توفيق مرحلة التعليم الابتدائي بمدرسة الأقباط بالاقصر وبعد حصوله على الابتدائية بتفوق التحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة وكان من أنجب طلابها ثم التحق بجامعة أكسفورد البريطانية العريقة وحصل على ارفع اجازاتها ثم عاد الى مصر متسلحا بالمعارف والآداب 0 كان يمكن لهذا الشاب ابن الأسرة الموسرة خريج اكسفورد ان يجد وظيفة مرموقة فى دواويين الحكومة او السلك الدبلوماسى لكنه اثر طريق الجهاد واعترك السياسة الى جانب زعيم الأمة سعد زغلول باشا فى 13نوفمبر 1918 عندما قابل سعد زغلول باشا ورفاقه عبدالعزيز فهمى وعلى شعراوى المعتمد البريطانى للمطالبة باستقلال مصر ذهب فخرى عبدالنور وويصا واصف وتوفيق اندراوس بعد اجتماع بنادى رمسيس الى سعد زغلول مساء نفس اليوم وأعلنوا باسم أقباط مصر ان الصليب مع الهلال وراء سعد زغلول على طريق الاستقلال ودوت صرختهم فألهبت نيران الثورة وصنعت وحدة وطنية حقيقية بين عنصرى الأمة تصدر توفيق اندراوس صفوف الثورة ووهب لها عمره 0 حاول القصر الملكى ان يثنيه وعرض عليه احمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى وكان زميل له فى جامعة أكسفورد رغبة الملك فؤاد فى تعيينه سفير فى لندن على ان يترك سعد فكان رده الرفض بشدة 0 وعندما نفت السلطات سعد ورفاقه علم ان أم المصريين صفية هانم زغلول تشكو من نضوب خزينة الوفد فما كان من توفيق اندراوس إلا ان باع سبعمائة فدان ووضع ثمنها تحت تصرف ام المصريين للصرف على الحركة الوطنية 0 وفى رحلة سعد زغلول النيلية الى الصعيد استقبله توفيق اندراوس على راس اهالى الاقصر وماحولها رغم كل محاولات بدر الدين بك مدير الامن العام أيامها وكان فى عنفوان قوته وجبروته ولم يهاب توفيق اندراوس قوات بدر الدين وأسلحته التى حاولت الحيلولة دون رسو باخرة سعد باشا نوبيا فى الاقصر بحجة دواعى الامن فتصدى لهم توفيق واستقبل سعد بداره وكان اجتماعا تاريخيا مشهودا للوطنية فى الصعيد فى سنة1921 ودوت الجماهير بهتافها المدوى يحيا سعد وهتف سعد زغلول بل يحيا توفيق اندراوس 0 خدم الاقصر نائبا عنها منذ 1921 حتى وافاه الأجل سنة 1935 دون منافس وفى إحدى الدورات رشح القصر أمامه خيرى باشا زوج ابنة السلطانة مللك ولم يحصل خيرى باشا هذا الا على صوت واحد 0 ويذكر التاريخ انه نتيجة لطلباته دخلت المياه النقية والنور الى الاقصر قبل محافظة الجيزه وكان له العديد من الموافق البرلمانية الوطنية المشهودة ومات توفيق اندراوس فى ريعان شبابه ووافقت وفاته مناسبة لاتتكرر اجتماع عيد الفطر المبارك وعيد الميلاد المجيد فى يوم واحد فخيم على الاقصر الحزن العميق وخرجت جماهير الاقصر وقوص وارمنت فى موكبه الحزين وشهدت جنازته العديد من الشخصيان منهم مكرم عبيد باشا سكرتير الوفد وتوفيق دوس وزير الواصلات ونقيب الأشراف محمد ابو الحجاج الحجاجى والعلم الجليل الحسين الحجاجى 0 وفى ذكرى الأربعين حضر الرئيس مصطفى النحاس لرثائه فى كنيسة الاقباط بالاقصر مع العديد من رموز الحركة الوطنية 0 ولاننا ننسى التاريخ وننساق وراء دعاوى الفتنة لم نسال انفسنا كيف انتخب شعب الاقصر صاحب الاغلبية المسلمة توفيق نائبا عنه دون تعصب ولم يختاره رئيس الجمهورية فى قوائم المنة ضمن العشرة المبشرين بالمجلس لانه كان وطنيا مخلصا و مسيحيا حقيقا لم يعرف قلبه التعصب والحقد عاش الثورة جنديا والحياة مناضلا عنيدا فاستحق الزعامة دون ان طلب نسبه فى قائمة او تفريغ دائرة له لينجح يحيا توفيق اندراوس كما قال سعد زغلول فارسا وطنيا فى مدرسة السماحة المصرية 0
#عبد_المنعم_عبد_العظيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيثاغورس يستقي نظريته من عُقد الحبال
-
صفحات من تاريخ أحمد عبود باشا أحد أعمدة الأقتصاد المصرى فى ا
...
-
مأساة الأرملة الحزينة عنخس ان مون
-
باحث يكشف الأكذوبة التى عاشت فى ضمير الشعب المصرى عبر مئات ا
...
-
آمنا الغولة والآلهة سخمت
-
جمهوريتنا الملكية
-
ختان الإناث في مصر يبدأ في الانحسار
-
صور من تاريخ الحركة العمالية بمصانع السكر فى مصر
-
عشق الخس
-
السنة القبطية والأمثال الشعبية
-
أمل دنقل شاعرا عاطفيا
-
أمونوفيس الضائع بين شامة وطامة وممنون
-
قدم المومياء بين رسام وقصاص
-
رؤية حول مجالس الأمناء والآباء فى تطوير العملية التعليمية لل
...
-
أدريس أفندى ينقذ بوابة معبد الكرنك
-
الأمير والحلم
-
الطفل الأنجلو مصرى فى بيت فرنسا بالأقصر
-
مجذ وب سيدى توت
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|