أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - كمال سبتي - القصيدة ملجئي الوحيد للثأر















المزيد.....



القصيدة ملجئي الوحيد للثأر


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 620 - 2003 / 10 / 13 - 03:16
المحور: مقابلات و حوارات
    



مجلة غجر ـ هولندا
 
 
تسعى "غـجـر" إلى إلقاء حفنةٍ من الضوء على تجارب خاصة في الشعر العربي أغنت عوالمه وحاولت أن تترك ما أمكنها من بصمات على هذا المشهد الكبير. وتجربة الشاعر كمال سبتي شكّلت حلقةً مهمةً في هذا الاتجاه، وقد عدّها الكثيرون خصوصاً من الأجيال الشعرية الجديدة حرثاً في أراضٍ شعرية لم تتمكن تجربة التجديد الأسبق بعروضها وبدونه من اكتشافها أو الوصول إليها.
هكذا ارتأت "غـجـر" تبادل الحديث مع الشاعر كمال سبتي وتبادل الإصغاء لا سيّما ونحن في " غـجـر" ننتمي إلى الأجيال اللاحقة التي تفاعلت مع تجربته وتجارب زملائه تفاعلاً مباشراً لا بدّ له أن يثير لدينا أسئلةً وأسئلة كما أن لدى كمال سبتي أيضاً أسئلته الخاصة.. لذا كان هذا الحوار..
    إذن لنترك الشاعر كمال سبتي مستبداً وحده بالكلام..
 
-هانحن نلتقي بعد زمنٍ طويلٍ، لنتحدّث في الشعر والمنفى والحياة والموت.. فلنبدأْ إذن من هذه النقطة.. أعني كيف غيّر خروجك من العراق في نظرتك إلى الشعر والعالم والواقع الثقافي؟.. ما الذي يعنيه وجود الشاعر خارج الوسط الذي عاش تفاعلاته شعراً وتجربةً ومكابدةً حياتية؟ وهل يمكن للمنفى أن يعطي شكلاً آخر للتجربة، يعمّقها، يعيد تأسيسها؟
 
-كنتُ أفكّر بالخروج الشعريّ من العراق، الذين سبقوني كان خروجهم سياسياً..
 ضُـربتْ أحزابهم، وغادروا العراق، خرجتُ من العراق مدفوعاً بحلمٍ تجديديّ شخصيّ لإنقاذ خرابٍ ما في نفسي ولرؤية الذي كنتُ أحمله عن الثقافة الغربية، ما إذا كان حقيقةً يمكن أن تؤسسني من جديد أو تحرّضني على كتابةٍ أخرى.. في ظلّ مساحته/ها (الوهم/الحقيقة)، مساحة الحرية المعلن عنها..
    أعتقد أن كلّ فناني/ أدباء العالم، كلّ الموهومين، المجانين مأخوذون بوهم الحرية الغربية وزيارة باريس وقراءة رامبو بلغته، وما إلى ذلك..
    كان سؤالي مع نفسي: هل إذا التصقتُ في عملية تلاقحٍ اغتصابي مع الجسد الأوربي، هل أستطيع أن أتأسس من جديد أو أُحَـرَّض على كتابةٍ أخرى.. أو هل تنمّي وتدعم أسس ما كنتُ أسميه سابقاً لما أكتب بالكتابة الجديدة.. كلّنا قرأنا الغرب، وبقوّة ما كنّا مدعومين من قِبَل تراثٍ عربيّ هائل، إلا أننا أُخِذنا بما قرأنا وكل ّمنا تمنّى أن يعيش جوّاً ما عاشه شاعرٌ غربيّ أو حادثةً ما حدثت لأحدهم أو حتى أن يتمشّى في شارعٍ ما ذُكر في روايةٍ ما..
    لا أريد أن أقول أنني صُدمتُ أو أني لم أستفدْ شيئاً من الفكر الغربي، لكن من المؤكّد، مع نفسي في الأقلّ، أنني لا أستطيع القول بأني قد تكونتُ ثانيةً بسبب الفكر الغربي..
    أشعر أحياناً أننا كائناتٌ غير محظوظة، كان من الممكن لو لم يشاكسْنا التاريخ أن نبقى في العراق، العراق في هذا المعنى هو مركزٌ أحتاجه لأية انطلاقة تنتهي بعودة.. من هذا القول وبسببه أحن إلى بغداد، أشعر أنني لا أتحقق تماماً إلا بوجودي في المركز الذي عنيته..
    نظرياً أنا أحمل المركز معي وواقعاً أنا أدعمه الآن في ذهني، أنا أحميه من التبدّد بينما كان من المفروض أن يحميني أو يدعمني. هذه حالةٌ صعبة، هي صلب ما نسمّيه المنفى.. المركز مع أنك تحمله إلا أنه أحياناً لا يُمسـَك.. صورةٌ من بعيد لا تتذكرها جيداً، تحاول جاهداً أن تلمّ أجزاءها..
    سأُجابَه بسؤال الحرية، لقد هربنا من المركز بسبب الحرية، هذا ما يشاع، هذا ما نقوله كلّ لحظة.. قال سارتر مرّة: "لقد كنا أكثر حريةً في زمن الاحتلال" ما كان يعنيه أمام احتجاجات غبية من الفرنسيين لما قاله، أن الحرية لا تتحقق إلا بوجود عائقٍ موضوعيّ، الفرنسيّ وقتها كان عندما يكتب شعاراً ضدّ هتلر على حائطٍ في فرنسا فانه يفعل هذا رغم خطر أن يراه ألمانيٌّ مسلّح وبالتالي تهديد حياته بالموت.. في اللحظة التي يحقق الفرنسيّ فيها فعله فانه كان يحقق حريته.
في العراق كنّا نمارس هذا، نملأ قصائدنا برموز وإيماءات تدلّل على مقاومتنا لجبّار لا نفهمه ولا يفهمنا، كنّا نقاوم وأمام أي تقرير تفسيريّ لمقطعٍ شعريّ، كان يمكن أن نواجه مصيراً صعباً.. أشعر أننا كنّا نحقق حريتنا هناك في المفهوم السارتري الذي أشرتُ إليه..
الآن من الممكن أن أقول أنني من كثر ما أصرّح بما كنتُ لا أستطيع أن أصرّح به هناك.. من كثر ما أفعل  ما كنتُ لا أستطيع فعله هناك، فانني لا أملك الحرية!!
هذه مفارقةٌ لا يفهما الناس: أنت هربتَ من هناك ففقدتَ المركز ولكنك هنا لم تحصلْ على ما كان سبباً للهروب.
    لستُ متذمّراً من وجودي في أوربا، لكني متذمّرٌ من إطالة التاريخ لمشاكسته لنا!!
    هل استفدتُ من هذا الوجود؟ إذا ما تأكّد لنا أن التجربة الشخصية تُسهم  بمرارتها وهنائها في التجربة الشعرية، فانني سأقول نعم، لقد استفدتُ من هذا الوجود خارج المركز.
 
    -وهل منحك وجودك الاضطراري هذا خارج المركز فرصةً للنظر إلى الخارطة الشعرية التي كنتَ فيها، بشكلٍ آخر؟
    -لقد أعدتُ ترتيب المشهد الشعريّ كلّه في ذهني، كنتُ متواضعاً لكني تعلّمتُ أن أكون  متواضعاً أكثر، أنظر إلى حماسٍ كان يعترينا في تلك الفترة، فأحياناً أبتسم بسبب حجم إدعاءٍ كان يكتنفه وأحياناً أمجّد ذلك الحماس لما فيه من معاني الطهارة والرفض والبراءة.
    تحقق في تلك الفترة هذيانٌ كتابيّ أرّخ لتأريخٍ شعريّ جديد.. أزاح من الخارطة الشعرية العراقية الكثير من الأكاذيب وبخاصة أولئك الذين وُجدوا شعراء قبل تلك الفترة.ز في ذهني الآن أن المشهد الشعري العراقي لا أتممه بالتراتبية المعهودة: رواد، خمسينيون، ستينيون، سبعينيون، ثمانينيون..الخ، إنما بحجم الإنجاز.
    أيَّ إنجازٍ أقصد؟ للإجابة على هذا السؤال عليّ أن أوضح أن مصطلح "الشعر العراقي" هو مصطلح فضفاضٌ ومهلهل.. هنــاك "أشعارٌ عراقية"، تياراتٌ متعددة، لا أنتمي بالضرورة إليها كلّها، في الفترة التي تحدّثتُ عنها حدث انقلابٌ تقنيّ ومعنويّ ضد ركامٍ معرفيّ وشعريّّ سابق. في ذلك الركام كان هناك أيضاً من نستطيع أن نلجأ إليه للبحث عن أبٍ لنا شرعيّ، لم يكن لنا آباء شرعيون كثيرون، لقد كنّا أبناء عاقّين، أحياناً، كنتَ من الممكن أن تسمينا أبناء ضالّين وغير شرعيين،،، إذن ربما أكون قد وضّحتُ شيئاً مما أعنيه حول تلك الفترة التي بدأتُ فيها نشاطاً ما، لتحقيق ذلك الانقلاب.
    التراتبية التي أملكها الآن هي تراتبية شعرية.. تخصّ المنجز الشعريّ، وقد خلّصتني تماماً وإلى أن أموت من ذكر مصطلح الأجيال الشعرية.. أبحث عن شاعر وعندما أجده مساهما فعالا في التيار الشعري الذي أحدث الانقلاب الكتابيّ المعرفيّ فانني سأتمنى لو أنه ينتمي إليّ أو أنتمي إليه.. لا أجيال شعرية في ذهني.
 
    -لا أريد أيضاً أن أجرّك إلى الحديث عن أجيال شعريّة، ولكن أنت تحدّثتَ عن انقلابٍ شعريّ ومعرفيّ.. أتمنى لو تتحدّث عنه بشكلٍ أكثر تحديداً..
 
    -هذا سؤالٌ هامّ، عليّ أن أتحدث عن معارف تقنيّة وذهنيّة تخصّ ما سمّيتُه بالانقلاب. كان الشعر واقعيّاً بالمعنى المدرسيّ ورومانتيكياً وثوريّاً بمعنى الصراخ، وحداثويّاً عند البعض بلا تسلّحٍ كافٍ (روحيّ وعقليّ) للدفاع عن حداثته المزعومة.
    كانوا يتحدّثون عن ريفٍ، عن مدينة، عن ثورةٍ، عن شخصيّةٍ سياسيّة، عن تلاعبٍ لغويّ بحجة الإتيان بتقنيةٍ جديدة. كانت اللغة ميتةً، يؤتى بها من بلاغاتٍ اُنتُـهـِكتْ طويلاً، ومرّةً كان يؤتى بها من باصٍ في شارع الرشيد للتدليل على شعريّةٍ مستحدثةٍ من ضغط ما يمرره اليوم على الناس، أحياناً كان يؤتى باللغة من سواحل البحر المتوسط، ميّتةً في معناها، لا تشير حتى إلى تاريخها، بالنتيجة تكوّنت حالةٌ شعرية (هكذا يسمونها) جعلت الشعر يقول ويعبّر، بمعنى أنها أفقدت الشعر روحه التي هي غير ذلك، كلن هناك شعراء يمتدحون أنفسهم كثيراً ويتباهون على غيرهم بأن لغتهم (أسلوبهم الشعري) هي التي تطغى على هذه الحالة (الشعرية) وليس أسلوب غيرهم أو لغته.
    مرّت أيامٌ في العراق كنتَ تقرأ فيها قصيدةً واحدةً لعشرات الأسماء ومن بحر المتدارك/المتقارب، ثمّ مرّت أيّامٌ شاع فيها الكامل شيوعاً تاماً أزاح المتدارك/ المتقارب من صفحات الثقافة العراقية. كان هناك بيتٌ شعريّ واحدٌ في الشعر الحرّ يقوله الجميع. في قصيدة النثر هناك أسماء قد كتبتْها خجلاً من معرفة الناس بعدم معرفتهم بالأوزان، كانوا يسمونها قصيدة نثر.. تصور أن الشعر يسمى قصيدة نثر.
    أمام هذه الحالة، حدث هذيان شعري هائل، أسفر عن كتابةٍ سمّيتُها في يومٍ من الأيام بالكتابة الجديدة أو النص الآخر..
    -لكن الكتابة الجديدة أو النص الآخر مصطلحاتٌ موجودة في فترةٍ سابقة، وقد استخدمه آخرون لوصف الحالة الشعرية؟
    -ممكنٌ جداً أن يكون هذا المصطلح قد استخدمه آخرون، لكني أشير به إلى حالةٍ "هذيانٍ شعريّ" معيّن في فترةٍ معيّنة،، أعود إلى ما كنتُ أتحدّث عنه..
    لقد انطلقتُ في كتابتي من فكرةٍ حاولتُ أن أقولها في بيانٍ شعريّ سميتُه "البيان البدائي"، لم أنشرْه كاملاً لكني نشرتُ أفكاره الرئيسة، مع إعلان الثورة الشعرية الثانية في مجلة "الطليعة الأدبية". من الممكن الآن أن أستنجد بفكرةٍ منه: أن هناك شكلاً زائداً في المخيّلة ينبغي أن يُزاح كي تعود المخيّلة إلى بدائيّتها الأولى وتبدأ كتابةَ الشعر، الشكل الزائد هو كلّ قرون المؤامرات والذاكرة والحروب والأفكار والأشعار وكلّ ما حدث في التاريخ. من المؤكّد ان هذا كلامٌ صعب لا يستطيع أحد أن يتخلّص من الذاكرة، لكن محاولة التخلّص من الذاكرة هي وحدها ممكنة للحصول أيضاً على مخيلة بدائية تجعلك تكتب شعراً لا يشبه شعراً آخر.
    كانت هناك قوالب جاهزة للتعبير تكتنف الشعر العربي، مثلاً شاعر مشهور في الحداثة، أقارن بين بيت شعريّ كتبه وبين بيتٍ مشهور للمتنبي جاءا صدفةً على بحرٍ شعريّ واحد، هو بحر الخفيف، لم أجد أي اختلاف إيقاعي أو شكليّ بينهما، ما معنى هذا؟ معناه أن الوزن الشعري يملك قالبه أو شكله قبل أن يكتب الشاعر بيته الشعريّ، الشكل العياني للشعر هو شكل الوزن الشعري وهذه  قـــد  تكررت عبر ( كما يقولون عن عمر الشعر العربي) ألفي سنة، إذن كان لابدّ من التخلّص من هذا التآمر المضاد للشعر..
    أمام القصيدة الواحدة، المتشابهة، التي كانت تُنشر يومياً في الصحافة منذ بداية السبعينات، كنتُ أحاول أن أكون خارج تلك الموسيقى الرتيبة، التي أصبحت مملةً إلى حدّ بعيد، ومثيرة للقرف في أكثر الأحيان، فكتبتُ بين عامي 1974-1975 قصيدة "الوجه النائي" في تدوير مجزوء الخفيف (فاعلاتن مستفعلن)، التي في ذلك الوقت في مجلة "الطليعة الأدبية"، ثم في ديواني الأول "وردة البحر" عام 1980، كما كتبتُ في تدوير السريع "مستفعلن مستفعلن فاعلن" قصيدة "غابة في نهر" عام 1982، ثم قصيدة "المـاء" في تدوير العروض العربي كله، البحور الصافية وغير الصافية، عام 1983، والتي نُشرت في تلك السنة في مجلة "الأقلام"، ثم في ديواني الثالث "حكيمٌ بلا مدن" الصادر عام 1986. ومع هذه التجارب، كانت تتولّد أحياناً تجارب أخرى لي مُتخلية عن الوزن، وأعتقد أن تجارب الوزن، وتجارب الكتابة بدونه، كانت خطواتٍ حاسمة في الطريق إلى الثورة الكتابية.
    كُتبتْ في تلك الفترة محاولاتٌ ناضجة وجادة متخلية عن الوزن الشعري (أعني به البحر الشعري) ومنطلقةً من نيّة تأسيسيّة تحت إدعاءٍ كبير أو وهمٍ كبير من أنها تؤسس من الصفر.
    هل كانت تؤسس من الصفر كتابةً أخرى للشعر العربي؟
    الجواب سيكون للناس والتاريخ.
    تخلّت هذه الكتابات عن الوزن الشعري وعن الأخلاقية الكتابية السابقة التي أشرتُ إليها، من هنا تستطيع أن تفهم صرختي في مقابلةٍ أجرتها "اليوم السابع" مع خمسةٍ من شعراء العراق منتصفَ الثمانينات: "ليذهب الشعر إلى الجحيم، أهلاً بالكتابة"، وقد وُضِع عنواناً للمقابلة. الشعر الذي كنتُ أعنيه بالذهاب إلى الجحيم هو ما أسميتُه في بداية الجواب الركام المعرفيّ والشعريّ السابق..
 
    -تطرقتَ في بداية إلى التآمر المضاد للشعر، أثار هذا في ذهني السؤال التالي: هل من الجائز أن نتآمر من أجل الشعر، أشير هنا إلى جوابٍ لأدونيس عمّا أحدثه مع مجلة "شعر"، إذ كان جواباً تسويغياً مفاده أنهم غضوا الطرف آنذاك عن أشياء كثيرة؛ تراجم غير دقيقة، سرقات، انتحالات.. الخ، دفعاً بمشروع الحداثة الشعرية العربية نحو مجاهل الاكتشاف والخلق والابتكار.. ما حدث إذن هو بشكل حرفيّ تآمرٌ على الشعر من أجل الشعر…؟
 
    -لا يمكن أن تتآمر من أجل الشعر، عندما تكون شاعراً لا يمكن أن تكون متآمراً، والجواب الذي نقلتــَه لي عن شاعرٍ قال هذا، هو جواب رجلٍ سياسيّ أكثر منه شاعراً، لا يمكن للشاعر أن يقبل بتمرير أكاذيب يبصق عليها الشعر بحجة دفع الشعر إلى الأمام، لا يحتاج الشعر إلى أن يـُدفع إلى الأمام أو أن يعود إلى الخلف، هذا كلام سياسيين وقادة جيوش..
 
    -كان الحديث يدور حول انقلاب حدث في الشعر العراقي، وكان جوابك يدور بشكلٍ خاص حول تجربتك الشعرية، وقد أضأتَ فيه جوانب مهمة من هذه التجربة، سؤالي هو هل هذا الجواب اختصارٌ لهذا الانقلاب بتجربتك الشعرية أم وصفٌ لأحد تمظهرات ما أسميتـَه بالانقلاب؟ وفي هذه الحالة ما هي التمظهرات الأخرى؟
 
    -بشكلٍ عام نحن نخجل من الحديث عن النفس بسبب الاتهامات اللاحقة التي سينالها أيّ متحدّثٍ عن نفسه، لم أمتدحْ نفسي ومن المؤكد أنني لم أذمّها، لكن من المؤكد أيضاً أنني أستطيع أن أتحدث عن أفضل مما أتحدث عن آخر.. تحدثتُ أنا كتابات شعرية أُنجزتْ في تلك الفترة التي أشرتُ إليها، أعني بها الفترة التي كتبتُ بها أنا أيضاً النصوص التي تعرفونها. مرّت فترةٌ طويلةٌ وأنا لا أعرف شيئاً عن زملاء كانوا يشاركونني همّ الانقلاب، كلٌ بحسب إمكاناته وبطرقه الخاصة، من المؤسف أنني لا أعرف شيئاً عنهم الآن، هل هم مستمرون بالحماس ذاته الذي كنتُ أعرفه عنهم سابقاً؟ أم أنهم قد تغيروا؟ لكنني أتصل بآخرين لم يكونوا معي في الفترة ذاتها، وهم مكابرون على دعم وتقوية هذا التيار الشعري في الخارج، وهذا يسعدني كثيراً..
 
    -ما هو دور النقد في هذه التجربة؟ وإذا سلمنا بغياب النقد في هذه التجربة فهل يمكن للشعر أن يتطور بمعزلٍ عن النقد؟
 
    -مرّةً أجرى الشاعر العراقي صلاح فائق في منتصف الثمانينات لقاءً معي نُشر في مجلة الدستور، عنوان اللقاء يقول: "نحن جيلٌ بلا ناقد".. ماذا كنتُ أعني بهذا القول؟ يبدأ المشروع الشعري من الشاعر وينتهي إذا كان لابدّ أن ينتهي إلى الشاعر نفسه، ربما يتفق معك شاعرٌ أو أكثر في هذا المشروع، ربما يتحمسّ رجلٌ يكتب ونسمّي كتابته نقداً إلى هذا المشروع، فيصبح للمشروع ناقدٌ. لم يكن ثمة ناقدٌ تبنى المشروع الشعريّ كما تبناه شعراؤه. إذن كان على الشعراء أن يتحملوا في الوقت نفسه مهمّتين: كتابة النصّ والكتابة التنظيرية حول هذا النصّ. الكتابة التنظيرية التي تتخذ اسم النقد أحياناً مهمةٌ جدّاً في توضيح خفايا التجربة الشعرية، خاصةً وأنت في معركةٍ مع أطرافٍ عديدة تحتاج فيها إلى الدفاع عن نفسك وعن أفكارك المخالفة بالضرورة للآخرين.
 
    -هل يريد أن يقول الشاعر كمال سبتي القول بأن هذه التجربة نخبوية؟ وهل هناك مجازفة في أن يكون الشعر نخبوياً؟ هل تذكّرنا هذه التجربة بالشعر الخالص أو بتجربة رامبو؟
 
    -أنا أفهم أن الشعر نخبويٌّ عبر كلّ العصور..  الشعراء المتفرّدون شعراء نخبويون، وعبر كلّ العصور أيضاً، الشعر العربي كله وعبر كل العصور هو شعرٌ نخبويّ، لأسبابٍ اجتماعية وثقافية ولغوية، عمر بن أبي ربيعة في تفرّد تكوينه شاعرٌ نخبويّ، أبو نؤاس كذلك، والمتنبي أيضاً..
    أن تكون مفهوماً من الجميع لا يعني أنك شاعرٌ للجميع، بالضرورة أنت شاعرٌ لنخبةٍ معينة، الشعر العربي الحديث كلّه الآن هو شعر النخبة فلذلك لا أعتقد أن المفارقة التاريخية والاجتماعية والمدنية والثقافية بين الناس العرب والشاعر الحديث، ستضغط على الشاعر على أن يغير مسيره، ويتنازل للعامة من الناس، ولدينا نصف قرنٍ دليلٌ على ما أقول.
 
    -ألا يمكن أن يكون نصف القرن هذا ذاته دليلاً على العكس، دليلاً على خللٍ أصليّ في الحداثة الشعرية العربية بسبب الهوّة الكبيرة بين حداثةٍ شعرية ولاحداثةٍ سائدةٍ في المجتمع؟ 
 
    -عليّ الآن أن أتحدّث عن حداثةٍ لا أنتمي إليها، لقد تحدّنا في الأجوبة السابقة عن اعتبارٍ ربما يفهمه البعض إدعاءً من أن ما يسمى الحداثة الشعرية العربية كانت تآمراً ضدّ الشعر، ولكن سآخذ الموضوع كما لو أننا نملك حقاً حداثةً شعرية قبلنا تستحقّ الدفاع..
    في ذهني أن كل الحداثات الشعرية التي قرأنا عنها قد عاشت في مجتمعاتٍ لا تعيش حداثةً اجتماعية كما ذكرتَ أنت، أنا لا أعتقد أن المجتمع الإنكليزي في وقت شكسبير كان يملك المستوى العقليّ ذاته لمسرح شكسبير، والأمر ذاته ينطبق على سوفوكلس والمتنبي..
    ولنأتِ الآن إلى ما نسميه في الكتب النقدية بالحداثة الشعرية الأوربية، كيف كان المجتمع الفرنسيّ مع بود لير ورامبو ومالارميه، حتى هذه اللحظة تستطيع أن تقرأ أن فرنسياً يرى أن مالارميه متقدمٌ عليه كثيراً.. الحركات الفكرية الفلسفية الحديثة كانت دائماً تأتي إلى مجتمع متخلف عنها عقلياً كثيراً.. لكن هذا لا يعني أن على مدرسة فرانكفورت وفلاسفتها أن يتنحـّوا جانباً أو أن الشكلانيين الروس يتنحــّون جانباً أيضاً قبل ثورة أكتوبر وهم الذين لم يتنحـّوا حتى بعد الثورة واتجهوا لأسباب عقائدية إلى الكتابة والبحث في الأدب الروسيّ السابق للثورة..
    لذلك ليس بالضرورة أن تأتي الحداثة الشعرية من مجتمعٍ حديث. رغم أنني لا أفهم مصطلح مجتمع حديث، لكنني أفهم أن الحداثة الشعرية هي ثورةٌ دائماً ضدّ المجتمع إذا كان أفريقياً أو عربياً أو فرنسياً ..
 
    -ذكرتَ سابقاً أن الابتعاد عن المركز أسرف في منحك غربةً ناتجةً عن هذا الهجر الكبير للمؤثر المباشر في النصّ الشعريّ.. غربة ابتكرها الظرف الحالي.. وهناك غربة الكتابة الجديدة (الغريبة)، أقول ما علاقة هذين الشكلين للغربة بالقياس إلى الغربة الأصلية التي يطرحها الشعر؟
 
    -هناك قصيدة عراقية قديمة تقول:
 لقد نفتنا الآلهة
 إننا غرباء حتى مع أنفسنا
    هذه  الغربة التي تعودناها، تنفسناها، وأصبحت مثل الهوية الشخصية للشاعر، عذابٌ وفي الوقت نفسه محرّض على الشعر.. آسفٌ الآن أن يكون جوابي على هذا السؤال غناءً، أنت سألتني سؤالاً غنائياً لا أستطيع أن أجيب عليه بتفاصيل وأمثلة بل سأغني معك أيضاً ما قالته القصيدة العراقية القديمة.. إننا غرباء حتى مع أنفسنا.. كتابتنا غريبة.. نحن غرباء .. عالمٌ غريب……
 
    -يـُلاحظ في شعرك سيادة المناخ الشعريّ أو السرد الشعري، ليحلّ محلّ الصورة الشعرية المتعارف عليها كبنيةٍ أساسية في القصيدة؛ هل لهذا الأمر علاقة بمفهومٍ مغاير للشعر كجنسٍ أدبيّ عن المفهوم السائد للشعر باعتباره فنّاً لغوياً أساسا؟ وهل له علاقة بقراءاتك الخاصة وبحثك عن الشعر في مكانٍ خارج الشعر المتعارف عليه؟
 
    -وصلتُ حدّاً إلى إعلان أنني أكره الشعر، وقلتُ مرّةً عني، وعن آخرين يكتبون شعراً مغايراً، إننا لسنا شعراء، استاء من هذا القول الستينيون الشعراء الذين كانوا هناك، وعدّوه شتيمةً لهم.. لماذا قلتُ هذا الكلام؟ لأنني بدأتُ في ذلك الوقت أبحث عن الشعر، مثلما قال حميد، خارج منطقته المأهولة، وقد كتبتُ هذا الكلام كثيراً في بغداد، سمّيتُ الشعر الذي يـُكتب (الشعر المتعارف عليه)، المنطقةَ الشائعةَ وأحياناً المأهولةَ وقلتُ في ما نـُشر من "البيان البدائيّ" بأنك تستطيع أن تجد الشعر والشعر كلــَّه إذا ما استطعتَ أن تزيح ما سميتُه الشكلَ الزائدَ للمخيلة.
    لا علاقة لي بالصور الفنية، وقد أصدر الدكتور حسن البصير عضو المجمع العلمي العراقيّ كتاباً عن الصورة الفنية في الشعر العربي، وقد خصص لي فصلاً بعنوان: "كمال سبتي ومصير الصور الفنية في الشعر العربي". ولك أن تتصور ماذا يعني عنوانٌ كهذا لرجلٍ كلاسيكيّ على رجلٍ مثلي..
    المناخ الشعريّ في القصيدة التي أكتبها هو الصورة الفنية التي يبحث عنها السيد البصير، هذا –إذا جاز لي أن أدّعي بأنني أختلف عن الشعر- هو إنجازي..
    لا تجد عندي صورةً شعرية بالمعنى الذي يـُفهم من هذه الكلمة.. قصيدتي حربٌ ضدّ البلاغة.. تلك هي قصيدتي ببساطة..
 
    -نرى أيضاً في نصوصك تقنية الجملة القصيرة والمقطوعة، هل هو نتيجة توافقٍ مع إيقاعك النفسيّ؟ أم هو هروبٌ من التفاصيل التي يمكن أن تضرّ فنيّاً بالمناخ الشعريّ المنجز في النصّ؟
 
    -أولاً شكراً لهذا السؤال، الشاعر يكتب نفسه، لذلك لا أستطيع أن أستسيغ ولم أستسغْ قصيدةً لشاعرٍ مكتوبة عن شخصٍ آخر، مع أن الشاعر يمكن أن يكون قد كتب فيها نفسه.. أنت تغضب وتضحك وتمشي، ثمّ تقطع مشيتك.. تخرج من البيت ثم تعود إلى البيت،، تفتح الباب، تخرج لتأخذ الباص، وقبل أن تأخذ الباص تعود لأنك تعتقد أنك مثلاً لم تُطفئ الطباخ أو الكهرباء، تعود إلى البيت، تجد أن كلّ شيء على ما يرام، وأنه كان عليك أن تأخذ الباص.
     هذا الوضع النفسيّ يحتم بالضرورة قصيدةً مشابهة له، أحياناً تتكلم مع أصدقائك، لا تكمل الموضوع الذي كنتَ فيه، تنتقل إلى موضوعٍ آخر.. هذا هو أنت، فبالضرورة ستكون قصيدتك كما أنت..
    من هنا أرفض أيّ تعريفٍ للشعر، كنتُ سابقاً أخشى أن أُسأَل عن تعريف الشعر لأنني في ذلك الوقت لم أكن مقتنعاً بجوابي عن هذا السؤال.. الآن أقول إن كلّ التعاريف هي ناقصة ومضحكة، لأنها تعاريف تقنية لا يمكن أن تكون كاملةً وتحيط بهذا الشيء الذي هو خفيٌّ دائماً الذي اسمه الشعر.. الشعر هو أنت، وضعك النفسيّ في هذه اللحظة، بمعنى أن التعريف الحقيقيّ للشعر هو التعريف الشخصيّ، كلّ شاعرٍ يملك تعريفه الخاص للشعر، أنا لا أهرب من التفاصيل في القصيدة –إذا ما هربتُ- لأنني أريد أن أهرب، إنما في أحيانٍ كثيرة تكون القصيدة ملجأي الوحيد للثأر من أخطاء فادحةٍ في حياتي، وللثأر من أشخاصٍ أيضاً، بما أنني لا املك القدرة على القتل ولا على الضرب،، ولا حتى أحياناً على القول وداعاً، فان القصيدة ستكون حقاً الملجأ المثاليّ والوحيد للثأر من كلّ هذا..
 
    -الأسطورة، الحكاية الشعبية، الخرافة، الميثولوجيا.. نراها كلّها حاضرةً في مجاميعك الشعرية وفي "آخر المدن المقدّسة" بالذات.. هل ينتظر الشاعر من قارئه إلماماً بكلّ هذه التراثات وبالتالي قدرةً على التقاط تلك الإحالات المتشابكة؟
 
    -قصيدتي تشكيلٌ لحياةٍ عقلية وواقعية، لا أميل إلى استخدام الأسطورة برموزها التي تختصرها أسماؤها، إنما أخلق أسطورتي الخاصة من ذهنٍ معرفيّ وحياةٍ ضاجة، هي ذكرياتٌ أحتفظ بها قراءةً أو حياةً معاشة.. أحوّل أحداثها وأشخاصها كما يشاء وضعي النفسيّ الذي يتحكم بخلق الأسطورة الشعرية التي هي القصيدة في ذلك اليوم.. لا يحتاج القارئ إلى أيّ هامشٍ تعريفيّ بمن يمرّون في قصيدتي من أشخاص أو أحداث، لأن هؤلاء الأشخاص وهذه الأحداث قد تغيروا في القصيدة وأصبحوا عناصر تـُعرّفهم لحظة الشعر نفسها.. مندمجين مع عناصر أخرى حكائية أستنجد بها أحياناً..من خيالٍ خربٍ لإتمام خلق الأسطورة/القصيدة التي أكتبها.
 
    -تحدّثتَ عن مشهدٍ شعريّ كنتَ وما زلت طرفاً فاعلاً فيه، وهو المشهد الشعري العراقي منذ السبعينات، هل لك أن تموضع هذا المشهد داخل خارطة الشعر العربي ككل؟ وهل تمكنت التجارب المغايرة التي خاضها الشعراء العراقيون في العقود الأخيرة من خلخلة تلك الخارطة؟
 
    -نعم، استطاعت تجاربنا أن تخلخل تلك الخارطة كثيراً. فبسبب تجاربنا، انتهى ما يسمّى بـ "الشعر الحر"، ولم تبقَ منه إلا مكابرةٌ هنا أو هناك لا تعني شيئاً، وانظر إلى مصر التي بقيت محافِظةً فترةً طويلةً من الدهر، انظر ماذا يفعل شعراؤها الآن هناك، والأمر نفسه ينطبق على بلدان أخرى، بل إن لبنان نفسه الذي عاش تجارب سابقة مثل مجلة شعر، تأثر شعراؤه بتجارب الكتابة عندنا، وغادروا ذلك الضيق الحداثويّ الذي أوجدته "شعر" إلى أفق الكتابة الأرحب، الذي نادت به تجاربنا، كذلك فقد ساعدناهم كثيراً، هم وشعراء المغرب العربي، على هجر النصوص المشابهة للنصوص المترجمة، والبدء بحداثةٍ لا تخرج إلا منا، من ذلك التراث الصعب، والمزاج الصعب، والعالم الصعب.
 
    -سؤالٌ أخير.. هل تفكّر بالموت؟.. هل تخافه؟ أم ربما تتوق إليه بوصفه اتحاداً بالمطلق أو عودةً إلى الأصل؟ وهل يمكن لفكرة الخلود بالأعمال الصالحة/ الإنجاز الإبداعي أن تغير من دلالة الموت فلا يعود نهايةً بل بدايةً لوجود آخر؟؟
 
    -نعم أنا أخاف من الموت، لا أحبه، ولا أدري إذا كان اتحاداً بالمطلق، لأنني لا أدري إذا كنتُ سأعي ذلك لاحقاً بعد الموت. المطلق الذي أبحــــث عنه هو ذلـك   " المجهول الرامبوي" الذي تجده في رسائل رامبو إلى أستاذه.
    ليس بالضرورة الوصول إليه عن طريق الموت، إنما عن طريق الحياة، وهو أمرٌ صعب، لكن محاولة الوصول وحدها هي التي تستحقّ الذكر، أعني الطريق إلى المطلق. (المتصوفة مثلاً).
    كلّ شعرنا هو محاولة للاتحاد بالمطلق، لتحسسه ونحن أحياء. أما هل نموت من أجل ذلك؟ ربما، رغم أننا لا نحب الموت. إذ أن لحظته، هي لحظةٌ عصيـّةٌ على الفهم، إذ أنك لا تدري شيئاً عن هذا، فليس ثمة كتابةٌ-شهادة لأحدٍ قرّر أن يموت فوصف لنا نفسه في تلك اللحظة، ثمّ مات ، فوصف لنا كيف هو الموت. لا ندري شيئاً عن هذا، إننا نتصور، أو نحاول أن  نتصور كيف تكون لحظة الموت.
    الخلود بالأعمال الصالحة، فكرةٌ جلجامشية.  شخصياً لا أعرف فكرةً سابقة لملحمة جلجامش عن هذا الأمر، عندما سرق الثعبان عشبة الخلود. السفساطائيون – العمليون، لا يفقهون شيئاً عن هذا الأمر، لأنهم لا يؤمنون به. إنهم سرّاق الفرصة، واللحظة المؤاتية للإنقضاض على الفريسة. دائماً ثمة غنيمةٌ يسعون إليها.
    أما الشهداء فهم غير أولئك.
    إنهم يموتون في الحياة، من أجلنا، كما تصورنا موتهم لاحقاً في حياتنا، أي إن موتهم شعريّ يتعالى على كلّ حساب، سبارتاكوس والحلاج وتروتسكي وغيرهم.
    والطبيعة البشرية تحتاج إلى هذه الفئة من الشهداء للعلوّ على ما فيها من غنائم وسفالة ونذالة، وكائنات عضوية حيوانية، بمعنى آخر: بدون موت هؤلاء الشهداء، سيتحول البشر إلى حيوانات. هل غيّر موت هؤلاء الشهداء من دلالة الموت فلا يبدو نهايةً؟
    نعم، فهم أحياء، إلى الأبد، لكنهم موتى عضوياً.
    لقد تحاشيت في بداية جوابي أن أتطرق إلى إشكالٍ فكريّ وشعريّ في السؤال، فأنت تقول الخلود بالأعمال الصالحة/ الإنجاز الإبداعي. هذا يعني أنك تسمي العمل الصالح إنجازاً إبداعياً، والإنجاز الإبداعيّ عملاً صالحاً.
    فإذا صدق ظنّي من أنك لا توفــّر لهما أية مرجعية لاهوتية، بمعنى الشرع، فستكون إجابتي قد عرفت مقصدها تماماً.
 
    -بلى، لقد عرفتْ إجابتك مقصدها تماماً، لقد حاولتُ بالضبط نزع الصفة اللاهوتية عن التي أُضفيت (في ما بعد ربما) على الفكرة الجلجامشية عن الخلود بالأعمال الصالحة بجعل هذه الأخيرة رديفاً للانجاز الابداعيّ، الذي يحققه المبدع لذاته لا لأجل مرجعياتٍ مفارقة..
 
أجرى اللقاء :
شعلان شريف ، فلاح الصوفي ، حميد حدّاد  

 



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البلاد
- الحرب والشعر
- اِبْنُ رُشْد ..
- آخِرُالمُدُنِ المُقَدَّسَة
- جراح الضحايا
- أُدباءُ الحَفيز!
- جلسةٌ قبل الحرب
- فــي الأصــلِ الشـّـعـريّ


المزيد.....




- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - كمال سبتي - القصيدة ملجئي الوحيد للثأر