|
القراءة -الجهادية- للدين تقود حتما إلى العنف والإرهاب(1)
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2020 - 2007 / 8 / 27 - 11:33
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يهمنا ، في هذا المقام ، التركيز على استغلال أعضاء التيار الجهادي للدين بهدف التأسيس لقناعتهم التكفيرية وشرعنة ميولاتهم العدائية وعقائدهم الدموية . والقراءة "الجهادية" للدين تخرجه من بُعده الروحي والأخلاقي وتجعله عقيدة تقوم أساسا على التالي : 1 ـ اعتبار عقيدة المسلم هي وطنه ، بمعنى أن هذا التفسير لا يؤمن بالمفهوم السياسي والجغرافي للوطن والدولة . إذ حيثما وُجد الإسلام صار المكان وطنا للمسلمين . ومن ثم فالتيار الجهادي لا يعترف بالحدود الجغرافية للدول ولا بالهويات السياسية أو الثقافية أو الإثنية للشعوب والأفراد . بل يعتمد فقط التمييز بين "المؤمن" و "الكافر" بغض النظر عن جنسيتهما . هذا ما أكدته أم آدم زوجة المجاطي ( وأنا بلدي ليس المغرب وحده ولكن كل بلد تنطق فيه كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله... من المغرب إلى جاكرتا... ومن أفغانستان إلى السودان... وكم أكون سعيدة عندما أتلقى خبرا جيدا عن أحوال المسلمين وتنفيذهم لبعض العمليات ضد الأعداء المحتلين، وفي الوقت نفسه أعيش أسوأ اللحظات كلما بلغني خبر سيء عن أحوالهم.. لا يمكنني ألا أتفاعل مع إخواني المسلمين، فذلك أمر خارج عن طاقتي ولا يمكنني أن أنزعه من قلبي ) المساء :26/7/2007 . 2 ـ إن الإسلام لا يتحقق إلا بقيام الدولة الإسلامية وفق مواصفات محددة على مستوى نظام الحكم وطبيعة التشريعات وهياكل الدولة ووضعية الأفراد/المواطنين السياسية والقانونية والإدارية والعقائدية . فالإسلام ـ بالنسبة لهذا التيار ـ ليس فقط عبادات وقيما ، بل هو بالأساس نظام حكم شامل لكل مجالات الحياة ولجميع الأجناس البشرية . 3 ـ الإسلام هو قرآن يهدي الناس وسيف ينصر ويقهر . بمعنى أن الإسلام ليس فقط دعوة بالتي هي أحسن تترك للناس حرية اختيار عقائدهم ، بل هو أيضا وأساسا سيف ومدفع وطائرة يقتل المُعرض عن الدين ويرغم الشعوب "الكافرة" على اعتناق الإسلام . 4 ـ الإسلام شرائع سماوية تناقض الشرائع المدنية . الأمر الذي يجعل الإسلام في تناقض مطلق مع كل المكتسبات الحضارية والإنجازات البشرية . 5 ـ الإسلام عقيدة تنقُض غيرها من العقائد السماوية والأرضية ، ومن ثم لا مجال للحديث عن التعايش بين الديانات أو الحوار بين الحضارات . فهذا التيار يسعى لإبادة كل الحضارات وتدمير كل المنجزات والمكتسبات الحضارية . هذا النوع من التفسير "الجهادي" للإسلام يرفض ما عداه من التفاسير لأنها لا تخدم أهدافه التدميرية ولا تخلق له الشروط النفسية والفكرية للتحكم في إرادة الأتباع وتشكيل قناعاتهم . إن التفسير "الجهادي" يجعل من أتباعه : ـ يسعون لتقويض كل الأنظمة السياسية التي لا تخضع لتوجهاتهم ، إما بحجة أنها تجسد "الطاغوت" الذي أمر القرآن الكريم بمحاربته ، أو كونها أنظمة شركية لأنها تشارك الله تعالى سلطة التشريع . وسواء كانت هذه الأنظمة استبدادية أو ديمقراطية ، فهي في حكم هذا التيار "كافرة" . هكذا نجد مثلا يوسف فكري يكفّر نظام الحكم في المغرب بقوله ( إن دين الله وحكم الإسلام في واد ونظامنا الحاكم في واد آخر .. فمتى كانت قوانين أوربا ودساتير أمريكا واستشارة اليهود مقدمة على شريعة أحكم الحاكمين ؟ قال تعالى : " أم لهم شركاء شرّعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " ) . ونفس الحكم أصدره أبو حفص في قوله : ( الإسلام السيادة فيه لله عز وجل . والنظام الإسلامي يقوم على الاستسلام لأمره سبحانه وتعالى ، وبالتالي فالإسلام أو الشرع أو الله سبحانه وتعالى هو الذي له السيادة المطلقة ، والسيادة العليا . فهو الذي له حق الحل وحق التحريم وحق التشريع . وأما سيادة غيره ، هذا هو مفهوم الديمقراطية ، أن تكون السيادة للشعب ، فهذا مما لا يرضاه الله عز وجل ، ومما لا نرضاه ، يعني من منظورنا الشرعي . هذا باطل شرعا أن تكون السيادة لغير الله سبحانه وتعالى ) . ـ يعلنون "الجهاد" ضد كل المواطنين الذين يؤمنون بالديمقراطية وبحق الناس في التشريع لأنفسهم أو يقبلون بالعيش في ظل الأنظمة "الطاغوتية" . في هذا الإطار أفتى عبد الكريم الشاذلي بالكفر في حق المغاربة كالتالي ( كل من اتخذ مع الله آلهة أخرى في التشريع فقد أشرك بالله .. وعلينا أن نعلم أن المرء لا يكون من الموحدين حتى يكفر بكل طاغوت قديما كان أو معاصرا . فإن لكل عصر وزمان ومكان طواغيته وأشنعها طواغيت عصرنا الذين يحكمون الناس بالقوانين الوضعية في صور شتى ) . وبسبب هذه العقيدة الدموية يصبح قتل المواطنين المتهمين بالردة مقدما على قتل الأجانب بمن فيهم اليهود الذين هم ألد أعداء "الجهاديين" . فقد برر عبد الكريم الشاذلي ذلك بأن ( جهادهم مقدم على جهاد اليهود لسببين : القرب والردة ) . ـ يرون القتل والتدمير هو الأسلوب الوحيد لإقامة مملكة الله في الأرض . من هنا يجعلون من قتل الأبرياء أعظم قربة يتقربون بها إلى الله تعالى . هذا ما أقر به يوسف فكري في رسالته حيث قال ( وبعد شهرين رجعنا إلى مدينة اليوسفية لكي نترك للسلطة رسالة عملية مفادها أنكم بسبب اعتقالكم لأولئك الإخوة فإننا سنلجأ إلى عمل من نوع خاص والذي يعتمد على السرية التامة فكان المدعو عمر الفراك أول عدو أتقرب به إلى الله عز وجل ) . كما يجعلون من قتل أنفسهم ، عبر العمليات التفجيرية أو تنفيذ أحكام الإعدام ، "استشهادا" يبوئ صاحبه أعلى درجات الجنان . لهذا هم ينتظرون لحظة الموت بشوق وسعادة . هذا ما أفصح عنه يوسف فكري في دعواه ( وأنا قادم على لقاء الله عز وجل وقد يكرمني ربي بشهادة في سبيله على يد هؤلاء المرتدين ) . ومن ثم لا يرى التكفيريون وأمراء الدم في إجرامهم إلا "جهادا" وفريضة دينية كما صرح الإرهابي محمد دومير أمام المحكمة ( أحيطكم علما أن الأفعال المنسوبة إلي اقترفتها وقمت بها عن علم من كتاب الله وسنة نبيه .. أنا مسرور .. أنا أسعد الناس في هذا الزمان لأنني أحاكَم بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، بينما يعتبرون اعتقالهم ومحاكمتهم "إجراما" . فقد قال يوسف فكري لهيئة المحكمة ( قلتم إننا مجرمون ، بل أنتم المجرمون ) . فما هو تأثير هذه العقائد على سلوك الإرهابيين وموقفهم من المجتمع ؟ قضية تكون موضوع المقالة القادمة إن شاء الله .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن أن يصير العثماني أردوغان المغرب ؟
-
هل ستكون الأحزاب في الموعد الذي حدده الملك ؟
-
حوار لفائدة موقع إسلام أون لاين
-
لتكن المواجهة شمولية ضد الفساد والإرهاب
-
بريطانيا تذوق السم الذي طبخته
-
العدل والإحسان تداري عن الفضيحة بادعاء الفضيلة
-
أوهام المراهنة على التحالف أو الإدماج السياسي لجماعة العدل و
...
-
حتى لا تتسلل ولاية الفقيه إلى البرلمان .
-
هيئات العلماء ومواجهة الإرهاب أية استراتيجية ؟
-
حماس لن تقبل بأقل من الإمارة والسلطة
-
هيئات العلماء ومسئولية الانخراط في حركة الإصلاح الشامل .
-
مواجهة الإرهاب قضية خارج دائرة اهتمام المجالس العلمية.
-
العيب في ثقافة البداوة وليس في بول الإبل
-
الجزائر نيوز تحاور الباحث والكاتب المتخصص في الجماعات الإسلا
...
-
المراجعة فضيلة لم تنضج بعد شروطها لدى شيوخ التطرف
-
أحداث 16ماي الإرهابية بين النجاح الأمني والفشل الثقافي
-
حتى لا تفلح القاعدة في أفغنة شمال إفريقيا
-
هل سيفلح تنظيم القاعدة في أفغنة شمال إفريقيا ؟
-
لن ينتهي الإرهاب إلا بتجفيف منابع التكفير وتشجيع منابر التنو
...
-
وزارة الأوقاف ومسئولية التصدي للتطرف والإرهاب 2/2
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|