أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - سويسرا في القلب-1-














المزيد.....


سويسرا في القلب-1-


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 2019 - 2007 / 8 / 26 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن يخطر في بالي، وأنا أعد ثواني السجن ودقائقه وأيامه شهوره وسنواته، أنني سأكون بعد مضي أكثر من اثني عشر عاما على السجن المديد من ساكني سويسرا، ربما محض الصدفة، وصداقة الأصدقاء، والخوف من تكرار ولو ثوان من سجن كنت فيه أعد نفسي ربما للموت داخله رغم حبي للحياة، لأن الثلاث سنوات الأولى من هذا السجن جعلتني أقول في قرارة نفسي: إنني ورفاقي لن نخرج من السجن قبل وفاة الرجل الذي سجننا مع سورية سويا في المهاجع نفسه وتحت العنوان
والبسطار نفسه، ربما كنا نحتاج إلى قليل من العالم الذي لم نعد نراه إلا بعيون سورية! والعيون السورية عيون لا وجود فيها لذاكرة بصرية غير صور القائد ومسلسلات غوار الطوشة وحواجز المخابرات وقصص السجون وفيما بعد قناة الجزيرة.
فعن أي ذاكرة بصرية يمكن لنا أن نتحدث كسوريين؟ هل يكفي أن نعدد صور أرواحنا وكيف تقلبت على مفارش السجن وزواياه، أم عن صور أمهاتنا التي كانت تقف خلف القضبان لكي ترى ذريتها خلف هذه القضبان من الجهة الأخرى: حيث صور القائد الرمز؟!
من الصعب أن ننكر رمزيته وقيادته مهما فعل بنا، فرجل استطاع سجن شعب بملايين البشر وبقي هنالك ويصفقون له من سجنهم يستحق حقيقة هذا اللقب.القائد الرمز. فصوره وصوته تعشعش وتعشش في ذاكرتنا الخائنة لكل شيء، لمبادئنا ولبلدنا ولشعبنا ولأنفسنا. والخيانة هنا شرط للعيش نخون كي نأكل ونشرب ونتزوج ونربي أطفالنا، نخون كي نصبح مثل بقية شعوب الأرض.
بعد أن دخلت إلى سويسرا كان يشدني خضار لم أر مثله من قبل، لم أر تناسقه مع لون بقايا الثلج على سفوح جبال الألب، أول ما لفت نظري في هذه السويسرا وجود شعوب الشرق هنا معززة مكرمة، منهم من مازال يشتم الغرب ومنهم من بات يحبه ويحترم عيشه، ومنهم من هو حيادي ومنهم من يتلاعب في كل شيء من أجل جني المال.
كل هؤلاء موجود منهم عينة ولكن العينة الأكبر هي تلك التي تتعلم احترام القوانين السويسرية وتعلم أبناءها حب هذا البلد المضياف، والذي يتحول إلى وطن لكل إنسان من هذه الجاليات، فالإنسان هو تعلم وتربية وعيش، وليس مجرد كلمة تقال، الإنسان حقوق وقوانين ومؤسسات تحترم هذه القوانين ومدرسة تعلم النشئ الجديد كل مرة أنه إنسان له كل هذا وعليه كل هذه الواجبات، والواجبات تتحول مع الزمن إلى حق.
ليس الحديث عن سويسرا بالأمر السهل فهي بلد خلق كله خلقا حديثا خلق من بقايا قوميات متعددة كانت مرمية في جبال لا ترحم.
كلما تتخيل صورة هذه الجبال بلا كهرباء ولا سيارات ولا طرقات معبدة ..الخ عندها تتأكد أي شعب عظيم كان خلف هذه السويسرا. ولا يعني أن هذا الشعب العظيم لا يوجد بينه من هو عنصري أو يميني أو يساري أو يميل بهذا الاتجاه أو ذاك في السياسة العالمية والأوروبية والسويسرية، فيها الصليب الأحمر الدولي وعهدة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان..
كما يوجد فيها البنوك والجزء الأهم من القرار الاقتصادي العالمي كما توحي بذلك قرية دافوس الرائعة في منتداها العالمي. فيها أربع لغات رسمية وفيها يهود من السكان الأصليين لسويسرا ، ومع ذلك فالعلم السويسري عنوانه الأساس الصليب الأبيض.
فيها شعب متدين كما فيها علمانية صارمة. فيها شرطي يبتسم لك مهما كان لون بشرتك وفيها شرطي يعقد حياتك بأسئلته لمجرد أن لون بشرتك ليس أبيض.
ولكن كله في مساحة القانون والحقوق الإنسانية، فيها شرطي يرى وثائقك من دون أن يسألك سؤالا ذا شبهة ما وفيها شرطي آخر يسألك ليقول لك تحت هذه الأسئلة أنت أجنبي غير مرغوب بك هنا.
فسويسرا للخراف البيضاء وليست للسوداء كما جاء في شعار حزب الشعب اليميني بزعامة السياسي المخضرم أرنست بلوخر، في تلاعب متعمد بالمعنى من الكلمات الألمانية المستخدمة في هذا الإعلان بين عنصرية المعنى والأمن الذي يخل به الأجانب في المبنى.
ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية في 21 أكتوبر من هذا العام. ماذا تفعل إذا كنت خروفا أسود بين خراف بيض؟، هذا هو الطبيعي في مجتمعات طبيعية.
أما الطبيعي عندنا فهو أن تنام وتحت وسادتك صورة القائد الرمز، فالشعب السويسري لم ينتخبه الله لكي ينتج قائدا رمزا يجعل سويسرا بلدا متطورا كسورية، وليس فيها طوائف وقوميات متعددة وإثنيات مهاجرة هي عبارة عن شعب واحد يبحث عن قائد واحد إلى الأبد!



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر مشاكل الحكم العراقي- رغد صدام حسين
- إعلان دمشق وجبهة الخلاص والمطلب الديمقراطي السوري.
- اليزيديون والمسيحيون يدفعون الثمن وسنة السلطات وشيعتها يتحار ...
- ضد ودفاعا عن الاخوان المسلمين في سورية
- مؤتمر السلام المرتقب...مصداقية السياسة الأميركية
- منى واصف سوريانا سيدة الحب والانتقام والتاريخ
- الديمقراطية بين عنف الثقافة وعنف السلطة تنويعات 2
- الديمقراطية بين عنف الثقافة وعنف السلطة
- الإرهاب الإسلامي في العالم آخر معاقل السلطات الهجينة 3
- الإرهاب الإسلامي في العالم غزوات لندن الجزء الثاني
- الإسلام السياسي في العالم آخر معاقل السلطة الهجينة غزوات لند ...
- المعارضة السورية بين مشروع السلطة ومشروع الدولة
- زيارة كوسران إلى دمشق نصر إسرائيلي وأزمة 14آذار
- مشكلتنا مع مافيا النظام وليس مع الديمقراطية
- الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 5
- الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 4
- الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 3
- الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 2
- الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية
- ردا على د. برهان غليون في مقالة سورية والمحكمة الدولية


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يتهم -حماس- بممارسة -الحرب النفسية- بشأن الرهائ ...
- بيت لاهيا.. صناعة الخبز فوق الأنقاض
- لبنان.. مطالب بالضغط على إسرائيل
- تركيا وروسيا.. توسيع التعاون في الطاقة
- الجزائر.. أزمة تبذير الخبز بالشهر الكريم
- تونس.. عادات أصيلة في رمضان المبارك
- ترامب: المحتال جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
- روته: انضمام أوكرانيا إلى حلف -الناتو- لم يعد قيد الدراسة
- لوكاشينكو: بوتين تلقى اتصالا من أوكرانيا
- مصر.. اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - سويسرا في القلب-1-