|
شيوخ مرفوعون وإمام منصوب وشيعة مجرورون
أبو الكيا البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 2018 - 2007 / 8 / 25 - 09:10
المحور:
كتابات ساخرة
إن القيم والضمير والثقة والسمعة الطيبة وغيرها الكثير من المفاهيم والصفات المحمودة هي أشياء جيدة لكنها لا تصلح منفردة أو مجزأة أو مجتمعة للبناء الحضاري والاجتماعي والاقتصادي...الخ لذلك شرعت القوانين وتم البحث عن الضمانات والوسائل المختلفة لغرض سلامة التطبيق وسلاسته وحسن الأداء وسلامته، وفي غياب القوانين يمكن أن تعمل المفاهيم المذكورة بحدود واطر ضيقة ولأوقات قصيرة الأمد، الأمر الذي يعني فيما يعنيه شيوع الفوضى وتغليب القوة كأحد أهم عناصر حل المشكلات وهذا ما حصل و يحصل في العراق.إن الوصول إلى حالة من التوازن في ما يعرف بميزان القوى في هذه الحالة يمثل احد أهم الحلول الممكنة في ظل توقف ارادات الحوار وشعور احد الأطراف بأنه الأقوى.إن احد التحليلات المبسطة للحالة العراقية المعقدة يمكن فهمها فهما تاريخيا في ضوء هيمنة السنة على مقاليد السلطة والقوة ومنذ حادث السقيفة.صحيح أن الشيعة والسنة هي اصطلاحات ظهرت لاحقا إلا إن للقضية جذورا تمتد إلى بدايات نشوء الإسلام كدين يقود حركة المجتمع بما يعرف حاضرا بالدولة الدينية فأصحاب الحل والعقد كان منقسمين إلى فئتين أصحاب الثروة والمال والجاه والمغانم وسائر الناس من المعدمين والعبيد الذين فكت رقابهم والفقراء والمساكين وأصحاب الصفة وسواهم، ولكل من الفئتين قياداتها الاجتماعية والسياسية.ولقد أسهب احمد صالح عباس في كتابه الشهير الذي صدر قبل عقود عدة (اليمين واليسار في الإسلام ) في قراءته للطبقة السياسية الحاكمة آنذاك قراءة معاصرة. لقد استمرت الصراعات منذ ذلك الحين والى يومنا هذا وخاصة في العراق إذ كانت هذه الصراعات تتخذ طابع الاضطهاد السلطوي وحسبكم كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم للشيخ الإمام أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي المتوفى سنة 592 هجرية الذي يطنب بروايات الفتن المتسببة عن قمع أهل الكرخ من الرافضة ومن يوصفوا بالعيارين ومن سواهم ومنعهم عن ممارسة طقوسهم في البكاء على أئمتهم وأحوالهم كما يروي الفعل الاجتماعي والسياسي المقابل لهذه الأفعال مما يشير بوضوح إلى ما ذهبنا إليه من قدم الأزمة وغيبوبة اللحمة في الكيان السياسي في العراق.إن الأزمات غالبا ما تخمد بفعل عقود اجتماعية أو سياسية معلنة أو غير معلنة ليأخذ المتصارعون وقتا مستقطعا ليمارسوا صراعاتهم من جديد.تبدأ حكاية النظام السياسي في ظل الإسلام في العراق منذ وفاة الرسول(ص) وأمر سقيفة بني ساعدة حيث طلب عمر بن الخطاب من أبي بكر أن يمد له يده ليبايعه ثم يدعو سائر المسلمين بعدها لبيعته، فعل سياسي من معسكر اليمين معسكر البورجوازي.كل ذلك جرى بغياب شيوخ وقادة المعسكر الثاني، فئة اليسار ممن انشغلوا بتجهيز النبي ودفنه، معسكر الفقر والحريات الجديدة. .ولسنا بصدد ذكر الحوادث التاريخية، فقد اشبع الأمر بحثا وخلافا واختلافا.لكننا نريد الإشارة إلى الشرعية الدينية والأخلاقية لهذا العمل الذي تأسس عليه نظام الحكم في الدول الإسلامية لغاية سقوط الدولة العثمانية وما زالت آثاره سارية النفاذ إلى يومنا هذا، فمن قال إن النبي لم يوص بالخلافة إلى أي من خلق الله بدليل ناهض أو غير ناهض أو حتى دون دليل عليه أن يقنع الآخرين ومن أصحاب المعسكر الثاني خاصة بشرعية هذا الفعل، ثم هل يعقل أن يستمر تأثير هذا الفعل كل هذه المدة دون أن يعارضه احد أو يقاومه جماعة ؟لماذا قتل عثمان بن عفان إذن وهو من شيوخ معسكر اليمين البورجوازي ذاته؟ بل لماذا ثار الحسين ومن بعده؟.كل ذلك يشير إلى عقم مشروع عمر في اخذ البيعة لصاحب الرسول وصاحبه. ثم هل أن الصحبة دليل القدرة على إقامة العدالة؟ فإذا كان الأمر كذلك فنحن المتأخرون قد غمطنا الله، تعالى حقنا في أن نكون صحابة ونحكم بما انزل لندخل الجنان الأرضية و السماوية.إن العقل يرفض نظرية اخذ البيعة التي بدأت بمد اليد من قبل عمر ثم بالتنصيص والوصية من قبل أبي بكر، ثم قيام عمر في نهاية خلافته بتسمية ستة من الصحابة، خمسة منهم من كبار البورجوازيين وواحد فقط من غيرهم لذر الرماد في العيون، وهو الباحث عن خالد بن الوليد وسالم مولى حذيفة اللذين توفاهما الله قبله ليوليهم وكأن الساحة خالية إلا من الأموات البورجوازيين أو من كان هواه على هواه في الجاهلية، ويجدر بنا ذكر اشتراط الخيار لأحد الستة وبخلافه فمصيرهم الموت عند عدم الوصول إلى نتيجة حاسمة..أنهم أصحاب الشورى..سندهم القرآني وأمرهم شورى بينهم اللوحة المثبتة على جدران المجالس البرلمانية العربية وخلف منصة الرئيس، رئيس المجلس أو رئيسه لا فرق!.لقد أسس الشيخان لدكتاتورية ما زلنا نعاني منها في العراق حتى اليوم، فما زال يعتقد معظم الاسلامويين المسيسين بضرورة إعادة ما يسمونه أمجاد الخلافة الإسلامية وكأن ما حصل للفقراء من عامة الناس من قتول وتمييز طبقي وطائفي واثني وحرمانهم حتى من البكاء على مصائبهم بحجة البكاء على الحسين وأبيه وأخيه وذريتهم من ضحايا منهج البيعة والشورى المزعومة واخذ البيعة بقوة السلاح لاحقا لا يكفيهم.لقد جعل الله مقام (الشيخان) مرفوعا خلافة قواعد المنطق والتاريخ وحتى اللغة بنظر أصحاب نظرية أخد البيعة.أما الشيخين (انصبهما أو اجرهما )أنا خلاف قواعد اللغة لأنهما منصوبين بفعل الواقع فهما السيستاني لا أقول فيه السيد لأنه يفضل الانتساب إلى سيستان شانه شان المرجعيات الإيرانية في العراق ولا يهمه أمر العراقيين والشيعة منهم خاصة وهو الذي يملك معظم خيوط اللعبة السياسية في العراق بل هو اللاعب الرئيسي فيها بموجب منصبه وموقعه على راس المرجعية فهو المرجع والإمام والأعلم والأصلح..كما يقولون لكنه مع كل هذا فضل الجلوس على دكة الاحتياط ساكتا متفرجا فان لم يكن الأمر كذلك فأين هو مما يحصل؟ وأين هي شجاعته التي يقتضيها موقعه؟.أيعقل أن يقول إن قتل نصف الشيعة فلا تردوا في الوقت الذي أصبح هذا الهدف ماثلا أمام خصوم الشيعة الذين سيعملون أن يصبحوا دعاة الديمقراطية وأهلها بعد أن تركوا العراق حفاظا على سلامتهم وسلامة أبنائهم وتركوا مجاميع البعث والقاعدة والجماعات المرتبطه بهما لممارسة القتل الجماعي لأبناء الطائفة التي يفترض بالشيخ السيستاني كما يسمونه هم أن يحرص على حسن تمثيله لها.لو قال السسيتاني من يجرأ على إزهاق روح شيعي واحد فانا سأعمل كذا وكذا لاكتفى القوم بما اهرقوه من الدماء الشيعية، ولكنه يبدو غير مهتما بشيعة العراق وبما يحصل لهم. إما الشيخ الآخر فأنا أهنأه على حسن أداءه واهني قومه على إخلاصه لقضيتهم فقد كان ضيفا كريما لقناة الرافدين بتحليله ورؤيته الأمر الذي جعلني أقارنه مع اكبر مراجعنا وهو ذلك الجنابي الهاوي لأمر السياسة وبمنزلة حفيد للسيستاني.انه يعرف ما يريد، يربأ بنفسه عن ذكر المسميات الطائفية ويتهم المالكي بالطائفية في الوقت الذي تكاد تزكمك ريحه الطائفية عبر الأقمار الصناعية لتعمد إلى تعقيم تلفزيونك من الدرن الذي لابد انه قد علق به عقب كل نبرة من نبرات صوته الجنابي المجانب للحق والعدل... شيخانا الاولان ماتا بعد أن قاما بدوريهما..ترى ماذا سيكون من أمر شيخينا الشيخ السيستاني والسيد الجنابي ؟هل من منقصة للسيستاني إن هو خرج أمام الملا من على شاشة حتى لو كانت محلية معلنا فيها عن وجوده ؟ثم من يقول هناك شخص اسمه على السيستاني أما يمكن أن يكون قد مات أو جن أو خرف ؟.كيف نعرف انه قادر على الاتصال بنا وعبر أي وسيله وما هي اللغة وهل من حقنا أن نعرف شيئا عن حياته وهمومه وماذا نمثل بالنسبة له هل نحن شيعة؟هل نحن مسلمون؟أم إننا نمثل موردا للخمس والحقوق وموارد للحنث باليمين وكفارات الذنوب التي تزداد يوما بعد يوم بسببه وبسبب جنابي العصر عبد الناصر والشيخان المرفوعان بالبيعة.أولئك هم المرفوعون و(المنصوبين)فما بالنا نحن (المجرورين)من كل صوب بسلطة تاريخ الرفع المقدم وبنصب نصاب مقدس..يبدو الشيعة بحاجة لمراجعة قواعد التاريخ العربي وقواعد المرجعية وقواعد النحو العربي.
#أبو_الكيا_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيد احمد العراقي :أصعب جنسية لأفقر مواطن
-
الشيخ شلندخ مقاربة سايكوبولوتيكية جنوبية جدا جدا(2)
-
الشيخ شلندخ مقاربة سايكوبولوتيكية جنوبية جدا جدا
-
خلص...الحل مع حسنة ملص !
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|