|
الإرهاب في المغرب يمشي على أربع قوائم؟
الحيداوي احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2016 - 2007 / 8 / 23 - 11:00
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
جاءت العملية الانتحارية ليوم 13 غشت 2007 بمدينة مكناس،التي أصيب فيها فقط منفذها هشام الدكالي خريج المدرسة المحمدية للمهندسين تخصص كهرباء،وسط صيف ساخن نتيجة تفجير فضائح مسؤولين آمنين، ومحاكمات عسكريين وصحافيين وحقوقيين. صدق السيد وزير الداخلية بن موسى في إعلانه عن التهديدات الإرهابية، في استهداف المغرب وخصوصا القطاع السياحي والأجانب عموما. هذا الإعلان يظهر كفاءات المخابرات المغربية في اصطياد المعلومات المتبادلة مع الأجهزة الأجنبية من جهة ،ومن جهة أخرى رغم التحذيرات وحالة الاستنفار في درجة الخطر ،استطاع هشام الدكالي أن يتفجر بالقرب من حافلة السياح،دون أن يصيب لا السياح، ولا المارة الذين تغص بهم الساحة ، إلا من رجال الشرطة الغائبين في مكان استراتيجي كهذا و في حالة استنفار كهذه. هذه العملية الأخيرة مهما اختلفنا حولها بين وصفها عملية انتحارية أو عملية إرهابية أو حادثة،لن تغير من واقع القضية شيئا كما ارتضت المصالح الامنية أن تنعتها، حيث جعلت الكثير من المحللين من كان يربط ظاهرة الإرهاب بالشخص الانتحاري ووضعه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، تماشيا مع التنظير الميكانيكي الذي يعتمد على تفسير مادي وواقعي لظاهرة الإرهاب كالأمية والفقر و الانتماء التكفيري... لكن إذا اعتبرنا هذه العملية إرهابية فالشخص يظهر انه ليس تكفيري بطبيعة وظيفته في مديرية الضرائب،وليس ظلامي لأنه لاينتمي إلى جماعة متطرفة إلا إذا اعتبرنا أن كل التيارات الإسلامية متطرفة،وليس أمي لأنه مهندس . وليس فقير لأنه يملك سيارة وشقة وراتب شهري، وليس جاهل أو ساذج حتى يمكن شحنه وغسل دماغه. إن التفسير الميكانيكي لظاهرة الإرهاب وربطه بالبنية الفقيرة والجاهلة والمهمشة،تم استغلاله من طرف البعض لحصر القضاء على ظاهرة الارهاب من خلال تحسين البنيات التحتية، هذا ماجعل عملية مكناس نقطة تحول في فكر ونظرة المحللين لتقييم المقاربة الأمنية كما سطرتها الدولة في حربها على الإرهاب لتصبح الإشكالية - هل العمليات التي وقعت في المغرب إرهابية أم لا؟ - لماذا العمليات الإرهابية في المغرب تستهدف القطاع السياحي فقط ؟ لماذا لانجد من وراء هذه العمليات أشخاص متهمين بالانتماء إلى الجماعة المقاتلة المغربية؟بل لماذا لانجد هذه الجماعة و المغاربة الأفغان في تنفيذ هذه العمليات ؟. - هل نجحت أم فشلت الأجهزة الأمنية في حربها على الإرهاب؟ لتقييم المقاربة الأمنية نجد أنفسنا أمام فريفيين كل واحد ينتصر لرأيه بوقائع ملموسة. الفريق الأول: يرى أن المقاربة الأمنية نجحت في تضييق الخناق على التيار التطرفي، والعمل على كسر شوكته، بترصد حركات المنتمين لهذا التيار التكفيري، وشل قنوات التواصل بينهم، حتى أصبحت عملياتهم محدودة وفاشلة. بل نجحت اكثر في اعتقال خلايا استقطاب المغاربة المجاهدين، حيث استطاعت المخابرات المغربية أن تحد من تدفق المغاربة للذهاب إلى العراق ومناطق أخرى.حيث أصبحت نسبة المجاهدين المغاربة في العراق نسبة ضئيلة بالمقارنة مع السابق. الفريق الثاني: يرى أن المقاربة الأمنية فشلت في حربها على الإرهاب للاعتبارات التالية: 1- اثر كل حالة استنفار قصوى في درجة الخطر، يستطيع الانتحاري أن يصل إلى القيام بعملية انتحارية. 2- إن المخابرات المغربية تعلم علم اليقين أن الجهاد لم يبدأ بعد في المغرب. حيث أن العمليات التي استهدفت المغرب محلية وارتباطها مع القاعدة فكريا أكثر منه عضويا.حيث لا نجد عناصر من المغاربة الأفغان أو الجماعة المقاتلة المغربية في تنفيد هذه العمليات الإرهابية في المغرب.لهذا فالأجهزة لا تتخوف من قيام فكر تطرفي داخل السجون المغربية.لأنها تعلم أن الفكر الجهادي المتطرف لايمكن اعتقاله أو سجنه،كما تعلم أن جل المعتقلين في قضايا السلفية الجهادية ليس لهم فكر جهادي استشهادي، أكثر من تعاطفهم مع القاعدة والشعوب المضطهدة،كما نجد في إحدى محاضر( ف و ش ق) : " المسمى زيد" الذي لعب دورا مهما في ترسيخ النهج الجهادي في فكر "المسمى عمر"،عن طريق مناقشة أحوال المسلمين بالعالم و الاضطهاد الذي يتعرضون له من قبل قوات الغرب، بالمناطق التي تشهد توثرا كالشيشان ، البوسنة ، فلسطين والعراق ، و غيرها . وهو الشيء الذي كون في روح الماثل أمامكم النواة الأولى لنشاطه الجهادي ". هل فشل المخابرات المغربية في القضاء على الفكر الجهادي الذي لم يتبلور عمليا على ارض الواقع وبقي مقتصرا على التعاطف مع القاعدة والشعوب المقهورة، هو نتيجة حتمية لفشل أمريكا في القضاء على الفكر الجهادي للقاعدة ؟. فشل أمريكا في القضاء على الفكر الجهادي للقاعدة: فشلت أمريكا منذ أن ساهمت في إنتاج الفكر الجهادي للقاعدة ،عندما اختلفت المصالح بينهما في أفغانستان وقت انهزام الاتحاد السوفياتي ،فكانت بداية خلق فكر جهادي للقاعدة يذهب في منحى أكثر تطرفا وأكثر تزمتا،لتصبح الحرب مفتوحة مع أمريكا. مع توالي الأحداث، استطاعت أمريكا أن تحد من خطر القاعدة، لكنها لم تستطع القضاء على فكرها. فأمام غطرسة أمريكا وسعيها للسيطرة على ثروات الدول الإسلامية كالعراق ودارفور وغيرها،تعمل على نشر فكر جهادي عالمي عند المسلمين،وفكر عالمي مناهض لأمريكا عند غيرهم. جعلت أمريكا من الفكر الجهادي الذي كان محصورا في أفغانستان ،فكرا عالميا ،بل كونيا عابرا للقارات يصيب كل العقول وكل الطبقات وكل الأجناس. هذه القناعة التي وصلت إليها أمريكا عن مدى خطورة الفكر الجهادي على مصالحها،جعلها تفكر في القضاء عليه من مرجعيته الأساسية القرآن،حيث أن الجهاد ليس مرتبطا بالأشخاص وإنما بالفكر الإسلامي. فأين شيوخ القاعدة ،أسامة بن لادن،وأيمن الظواهري ،والملا عمر؟ - هل فشلت أمريكا في القضاء عليهم؟ فإن كان كذلك، فكيف تستطيع القضاء على فكرهم؟ - أليس فشل أمريكا في هذه الحرب يجعل المغرب سباقا لاختيار مقاربة شمولية وفكرية لتحصينه من الدخلاء؟. - إذا كانت أمريكا في كل الأحوال ستفوز بسرقة نفط الدول الإسلامية، ماذا ستجني الدولة المغربية من هذه الحرب؟. كل ما هو إسلامي إرهابي: إذا كان من حسنات هذه الحملة الأمنية أن أظهرت للجميع تغلغل فكر تطرفي تكفيري في المجتمع المغربي،بل فكر مرضي متشدد ،فان جل المعتقلين الإسلاميين في ملف مايسمى السلفية الجهادية لا ينتمون لهذا الفكر التكفيري هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد المصالح الأمنية تقوم بتقديم ما يسمى خلايا إرهابية بتهم اقرب إلى الخيال بالمقارنة مع العمليات الإرهابية التي عرفها المغرب. ولنأخذ الخلية المعروفة بشبكة التونسي والمتهمة بتفجير الدبلوماسية الأمريكية عن طريق قنوات الصرف الصحي ، و ضرب حلف الناتو وايطاليا والدنمارك،قد يستغرب الإنسان كيف تهم من هذا النوع تكتب في محاضر الاتهام بدون أدلة مادية، والجميع يعلم أن قنوات الصرف الصحي في المغرب لاتتسع حتى للجرذان. أما تهمة التخطيط لضرب ايطاليا والدنمارك وحلف الناتو، أظن أن الفضل يعود لجهازنا الأمني الذي استطاع أن يقضي على خلية اخطر من القاعدة وأفرادها لا يتجاوزون تسعة. لهذا يصبح الالتزام الإسلامي كقيمة مضافة لأي عمل إجرامي أن يصنف عملا إرهابيا والعكس صحيح. إذا حاولنا أن نطبق هذه القاعدة بمقارنة عملية مكناس و عملية أسفي ،من منطق وجود عنصر التدين وحجم الخسائر نجد أن: - هشام الدكالي نفد عملية الانتحار يوم عيد ميلاده،مما يظهر انه فضل هذا اليوم لرمزيته بذاته وليس بالفكر الذي يحمله. - نفد عمليته بالقرب من حافلة سياح،كان هو الضحية فقط. أما عملية أسفي كما نقلتها جريدة الصباح يوم 15 غشت 2007 تحت عدد 2285 بعنوان " مقتل امرأتين وإصابة خمسة أشخاص بعد إضرام النار فيهم بأسفي" حيث أفادت مصادر الصباح "أن المتهم اعترف أمام عناصر الشرطة القضائية ان سبب ارتكابه للجريمة يعود إلى امتعاضه من وجود خليلته في جلسة مشبوهة رفقة أشخاص آخرين بالمنزل الذي أضرم النار فيه". بالنظر إلى العمليتين أليس عملية أسفي اخطر وأفظع من العملية الانتحارية لهشام الدكالي؟ أليس جريمة أسفي ينقصها الانتماء الديني لتقوم القيامة وتتحرك الآلة البوليسية لاعتقال الآلاف، وتساندها بعض الأبواق الدعائية التي تصب الزيت على النار. هذه الأبواق التي تساهم في انتشار تطرف معين باسم الحداثة والديمقراطية و حقوق الإنسان، التي تستمد سلطتها من توجه بعض أجهزة الدولة للعمل ضد المجتمع الحداثي والانتقال الديمقراطي بمفهومه الصحيح،وذلك بإشاعات التفرقة بين مكونات المجتمع المغربي لتبقى هذه الرؤوس خالدة في الزعامة، ومن بعدها مريدها. عندما نسمع تصريح زعيم سياسي في المغرب على رأس حزب وطني تقدمي يطلب بخلق جبهة للتصدي للظلاميين والمتطرفين في الانتخابات، بطبيعة الحال قد يصاب المرء بالحسرة من مثل هذه التصريحات التي تسعى إلى دق مسمار في نعش التطرف ،فالمصرح هنا يفهم أن المتطرفين والظلاميين قد تركوا له الانتخابات ومؤسسات الدولة ،إذن من المقصود بهذا التصريح ؟ - أليس الأحزاب الإسلامية التي قبلت اللعبة السياسية بشروطها الحالية؟ - لو صدرت هذه التصريحات من زعيم إسلامي ضد الأحزاب التقدمية، ما ذا كان سيقع؟ - أم أن تصريح السياسي والزعيم اليساري ينم عن حقد ضد الإسلاميين لكونهم هزموا الاتحاد السوفياتي؟. إن فشل المقاربة الأمنية في القضاء على الفكر الجهادي أو غيره، يستدعي من الجميع مراقبة عمل هذه الأجهزة الأمنية، وطرح مقاربة فكرية وتنمية شاملة ومستدامة،حتى نحافظ على امن وسلامة المواطن والدولة. فالعمليات الانتحارية لايمكن لأي عاقل أن يجد لها تبريرات ،كيفما كانت دوافعها، و الأكثرعندما تكون الجهة المدبرة لهذه العمليات الإرهابية في هذا البلد العزيز غير معروفة. فما الفرق بين انقلابي الأمس عسكريين ومدنيين وبين ما يسمى السلفية الجهادية اليوم ؟. وما الفرق بين مجاهدي الأمس الذين استشهدوا من اجل استقلا ل بلدانهم وبين مجاهدي الشيشان وأفغانستان والعراق وفلسطين اليوم ؟.
#الحيداوي_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمليات التفجيرية في المغرب هي تسييس الإرهاب أم ترهيب السيا
...
-
المقدس والمدنس في عرف الحاكمين بحقوق الإنسان في قضية ﺇ
...
-
حقيقة الإرهاب المغربي بين دهاء الإسلاميين و ذكاء المخابرات؟!
-
الصفعة الامريكية على الخد المغربي المتسامح او اقرار الحقيقة؟
-
فصام الشبكات الإرهابية أم المخابرات المغربية؟ !
-
فوبيا الإرهاب وخرافة التهم في المغرب
-
الشبكات الارهابية ومحاكم التفتيش بالمغرب
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|