أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حمزة الجواهري - الأتراك قادمون، فأين المفر؟















المزيد.....

الأتراك قادمون، فأين المفر؟


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 617 - 2003 / 10 / 10 - 01:46
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



التاسع من تشرين الأول 2003
كخامصات الدوابي يسيرون، بخطى وئيدة ولكن بثبات لا ينقصه العزم ولا الانتباه، فالعيون آذان وأنوف وأصابع وألسن كما هي أيضا عيون. فبالرغم من وعرة الطريق، تلك المليئة بحقول الألغام، يسير (كنابه فكر في خفارة خامل) نحو هدف محدد، يقول كلمته أمام الجميع دون تردد رافضا الوصاية من أحد، وغير آبه لمن يريد النيل منه أو الإقلال من شأنه، فالطريق طويل والحمل ثقيل وكلاب الطريق المسعورة يتعالى نباحها رغم ما ألقموه لها من حجارة. تلك هي مسيرة مجلس الحكم الانتقالي في العراق. فأيُ مشقة تلك!
لقد سبق المجلس الجميع برفضه دخول الجيش التركي إلى العراق، رغم معرفة أعضاء المجلس إنه من الصعوبة بمكان إن يبقوا متمسكين بموقفهم هذا، إذا ما أصرت الإدارة المدنية للاحتلال من السماح لهذا الجيش بالدخول.
إن من المعروف جدا هو إن الولايات المتحدة ترغب بدخول أية قوة دولية لتولي الأمور وتحل محلها من أجل تخفيف الخسائر بين صفوف الجنود الأمريكان من ناحية، وتخفيف الأعباء المالية الباهظة لوجود الجيش الأمريكي في العراق من ناحية أخرى، فكلا الأمرين بغاية الأهمية للولايات المتحدة في الوقت الراهن. والأمر الأكثر أهمية من هذا وذاك هو إن الأتراك لو جرح لهم جندي في العراق فإنهم سيغرقون الأرض دما، مما سيخلق حالة ردع يتمنى الأمريكان لو إنهم يستطيعون تحقيقها. ها نحن نسمع اليوم تصريحات من رامسفيلد مفادها أن ليس هناك من يعارض دخول هذه القواة إلى العراق، ولا ندري ما إذا كان رامسفيلد على علم بأن الرفض الذي جاء من مجلس الحكم الإنتقالي في العراق مجرد ذر للرماد في العيون، أم إنه تجاهل قرار المجلس؟ خصوصا وإن ما كان يتمناه أن يحصل، ومنذ اليوم الأول لإعلان الحرب، قد حصل ذلك هو دخول تركيا في التحالف بمختلف الطرق؟ في الواقع لا يمكن أن نقول إنه ذرا للرماد في العيون من قبل المجلس حين يأخذ هذا الموقف ويعلنه على الملء، ومن ثم يأتي رامسفيلد ليفسد هذا السيناريو لمجرد إعطاء تصريح فقط. إذا فالرفض حقيقة وليس مجرد ذر للرماد في العيون، هذا بالإضافة إلى أن ليس هناك سابقة تجعلنا نشكك بمصداقية المجلس الذي عودنا على أن يقول لنا الحقيقة مهما كانت مرة، ونحن نعرف جيدا مدى وعورة الطريق.
فما الذي يدعوا المجلس أن يأخذ هذا الموقف الذي يتحدى به رغبة الولايات المتحدة والبلد مازال تحت الاحتلال؟ وبذات الوقت يعرف تماما، إن الولايات المتحدة كانت تنتظر المشاركة التركية على أحر من الجمر؟
من المعروف إن لتركيا أطماع لم تعد خافية على أحد، بل ويتشدق السياسيون الأتراك بالإعلان عن تلك الرغبات المريضة في العراق وبالتحديد نفط العراق، ويعتبرها السياسيون الأتراك من المواقف الوطنية التي يجب أن يتبناها كل مواطن تركي.
بكلمة أكثر وضوحا، إن الأتراك يعتبرون أن لهم حقا في العراق وثروته النفطية، ويعتبر هذا الادعاء من الثوابت الوطنية التركية التي لا يناقش عليها أحد هناك في تركيا.
إن الكثير من التركمان اليوم فرحين، بل ويرقصون لمثل هذا الإعلان من إنه سيزيد من قوتهم ويجعلهم أعزة بعد أن كانوا يعتقدون نهم أذلاء أمام جيرانهم من العرب والأكراد، فوجود القواة التركية سيجعل من التركمان أصحاب اليد الطولى في المنطقة وبالتالي سيحققون مكاسب لا يجدون في الوضع الحالي إنها قد تحققت، طبعا ليس جميع الأخوة التركمان يفكرون بهذه الطريقة، ولكن هذا الشعور موجودا لدى الكثير منهم رغم إحساسهم بالانتماء للوطن العراقي الذين يريدون منه المزيد، كما هو الحال بالنسبة لجميع أطياف الشعب العراقي، ذلك أن تعسف السنين العجاف في ظل نظام لا يحترم الإنسان، جعل من الجميع يعتقد إن كنوز الأرض جميعها لا تكفي لتعويض الحيف الذي أصابهم. إن هذا الشعور لا يقتصر على التركمان فقط، ولا الأكراد لوحدهم ولا العرب ولا الآخرون من العراقيين، وهم كثر، ما شاء الله. فنحن جميعا نشترك بهذا الشعور الذي ربما سيكون سببا في ما لا تحمد عقباه.
إن الأتراك، وكما أسلفنا، يتكلمون بثقافة المنطقة عموما، أي ثقافة العنف والقسوة المفرطة، وهذا ما سيجعل من أيديهم أثقل حين تقع على رؤوس الأطفال أو النساء أو الشيوخ وكل الأبرياء في المنطقة التي سيتواجدون فيها، أيا كانت المنطقة.

النوايا التركية كما تراها زرقاء اليمامة عن بعد:
كما أعلن مع قرار الموافقة على إرسال قواة، وكأن الأتراك كانوا ممتنعين في حقيقة الأمر، من إن مناطق تواجدهم سيكون بتلك المنطقة الواقعة شمال غرب العراق، بدءا من الحدود التركية، التي لا يعترفون بها ضمنا، ونزولا إلى بغداد لتكون كل المنطقة في الجانب الغربي من دجلة تحت سيطرة هذه القواة، وفيها سيكون نفط الشمال في الموصل وكركوك تحت السيطرة، وهذا هو المطلوب وطنيا وما سيحقق الحلم الكبير الذي عاشوا به منذ معاهدة سايكس بيكو ولحد الآن، وفي هذه المنطقة أيضا، الموصل أم الربيعين وكركوك وكل المناطق التي يتواجد فيها التركمان الذين يعتبرونهم كامتداد للأمة التركية وحدودهم هي التي يجب أن تشكل الحدود الجغرافية الحقيقية للدولة التركية التي حلم بها أتاتورك أبو الأتراك، وهذا الحلم الذي دخل في برامج معظم الأحزاب الوطنية التركية. ولأجل التمويه الساذج، فإن مركز قيادة هذه القواة ستكون تكريت وليس كركوك.
هذه المنطقة ستجعل من الطوق، الكماشة، حول المناطق الكردية محكما، وتلك هي المآرب الأخرى من عصى موسى.

سيناريو محتمل جدا:
الأتراك وما عرف عنهم من دهاء بحياكة المؤامرات سيكونون في مكان لم يكونوا ليحلموا به يوما منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية ولحد الآن، ففي هذه المنطقة يوجد كل التنوع الإثني والمذهبي والعرقي والسياسي العراقي، هذا عدا عن التنوع الجغرافي في المنطقة، مما سيسهل عليهم مهمة تنفيذ المؤامرات التي تؤدي إلى تفتيت الوحدة الوطنية العراقية وبالتالي انفراط العقد، أو إشعال الفتنة الكبرى، وهذا بالتحديد ما يريدون. فلو حدثت الفتنة العراقية الكبرى، سوف لن يبقى إلا القليل جدا لتقسيم العراق، وهكذا ستكون المنطقة من بغداد وحتى شمال الموصل منطقة تركية بشكل تلقائي كنتيجة لسيطرة قواتهم عليها من قبل التقسيم.
الدول العربية آلائي يتمنعن وهن الراغبات، في دخول العراق، سيتمنعون أكثر حين تتم دعوتهم لدخول العراق بجيوش لحفظ السلام، ولكن في النتيجة سيوافقون دون رغبة منهم، طبعا، ولكن لحفظ للسلام كما أسلفنا ومن أجل الأخوة العربية فقط. ولكن عند التقسيم سيكون لكل منهم حقا كما للأتراك. أما إيران المسكينة فإن مآربها في العراق ليست بالكثيرة، وهي لا تريد شيئا على الإطلاق، وإنما هم أبناء الجنوب الذين يريدون جمهورية إسلامية، وإن إيران ستجد نفسها مرغمة على مساعدتهم لتوحيد العراق وإقامة الجمهورية الإسلامية على أرض العراق الحبيب لهم، أما نحن، أي الذين كنا يوما ما عراقيون، فلا أحد سيصدق إننا نحب هذا البلد وسنكون بحاجة إلى إثباتات وأدلة مادية.
أين سيكون الأمريكان من هذا السيناريو الجميل لإحلال السلام على أرض الرافدين؟ هل ستكفيهم مئة ألف جندي لوقف هذا الإعصار الذي سيمزق كل شيء؟ وقتها سنجد السيد رامسفيلد يتدفأ على موقد في بيته الريفي كأي متقاعد لا شأن له بالأمر، وربما سيدير المذياع أو قناة التلفزيون على محطة فوكس الإعلامية وهي تصوغ التبريرات لخروج الجيش الأمريكي المحرر من العراق، وترك الأمر للأمم المتحدة ممثلة بالسيد غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق. السيد سلامة بدوره سيعمل على تهدئة الأمور ولكن جهود السلام الحميدة التي يقوم بها مع القوى المتصارعة قد باءت بالفشل، وسيظهر على محطة الجزيرة وهو مهموم غير راض على جميع الأطراف، ومذيع الجزيرة فيصل القاسم يهدئ من روعه، وله طبعا رؤيا خاصة من خلال برنامجه الشهير الاتجاه المعاكس، حيث هو من حذر ومنذ اليوم الأول الذي أعلنت به أمريكا نواياها لإسقاط نظام صدام، الذي سيكون آن ذاك ليس دمويا، لأن ليس هناك من سيعترض، سيأتينا فيصل القاسم من الاتجاه المعاكس وسيناقش مسألة عودة أمريكا للعراق ومدى جدواها، وستكون نتيجة التصويت لمن يدفع آن ذاك.
هذا ما تراه عيون زرقاء اليمامة عن بعد،
الأتراك قادمون، فأين المفر؟

 



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام ديمقراطي أم العزف على أوتار مقطعة؟
- أخطر مؤامرة على العراق تنفذ على يد غسان سلامة والأمم المتحدة
- سلاما إلى أرض العراق – 3 - إرهاب بين النهرين
- سلاما إلى أرض العراق – 2 - ثرثرة فوق النهرين
- سلاما إلى أرض العراق – 1 - قصة العودة من المهجر
- ما بعد العملية القيصرية لولادة التوأم السيامي- فصل المشرع ال ...
- من إشكاليات مشروع الديمقراطية في العراق
- العراق الجديد والجامعة العربية
- الحرب القادمة على أرض العراق
- مصر ترى إن مجلس الحكم ليس شرعيا وصدام هو الرئيس الشرعي للعرا ...
- الجامعة العربية - كيان منافق مشروع سياسي قومي يحمي الأنظمة ع ...
- التظاهر حق للجميع أين الأحزاب الوطنية مما يجري في العراق؟!
- حقيقة ما يسمى بالمقاومة في العراق
- للديمقراطية لسانها الطويل وصوتها المسموع، أما التكتم فأمه مر ...
- إلى الدكتور كاظم حبيب، أزيدك من الشعر بيتا
- صفحات الإنترنت هي الساحة الإعلامية الوحيدة لنا في المهجر
- لم يكن البرلمانيون العرب وحدهم من أهان الشعب العراقي
- حتى أنت يا عبد الله النفيسي؟!متابعات لإعلام فضائية الجزيرة
- على لجنة التنسيق والمتابع تحمل مسؤولياتها - العراق لكل العرا ...
- الديمقراطية تعني إنهاء البعث


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حمزة الجواهري - الأتراك قادمون، فأين المفر؟