|
كاتم الصوت!!!!
رحاب الهندي
الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 10:43
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
لم يفطن شهريار في حياته أن هناك من سيأتي ليكتم صوت الإنتقام في داخله، ويفجر حب التشويق والإنصات والدهشة لمدة تجاوزت الألف ليلة وليلة! لعبت شهرزاد معه لعبة كاتم الصوت بمهارة وذكاء، وجرت من تحته البساط لتقلب معادلة كتم الصوت الذي يعني الموت والقهر إلى كتم صوت الإنتقام ليتولد الحب وتتولد الحياة!
كان لكاتم الصوت في حياة شهريار أسبابه التي يعدها مبررة حين إكتشف خيانة زوجته، فعاث في الأرض إنتقاماً من بنات جنسها ليشفي غليله، والمفارقة إنه إنتقم فقط من بنات جنسها فقط بينما إكتفى بالإنتقام من الشخص نفسه الذي مارس معها الخيانة!! هو تحيز ذكوري إذن وأناني حيث إنه لم يأمر بقتل الرجال في بلاده، بل استخدم الفتيات سلماً لتفريغ شحنات القهر الذي سكنته ومارس الانتقام بوحشية مع فتيات لا ذنب لهن سوى إنهن إناث! لكن الأنثى الجميلة الذكية غيرت مجرى حياته كلها وهو يستمع إليها طوال الليل مستكشفاً طاقات الخيال والتشويق حتى إذا جاء الصباح رفض قتلها منتظراً ليلة أخرى ليستمع إلى تكملة حكايتها، وهكذا استطاعت شهرزاد أن تنقذ نفسها وبنات جنسها من انتقام محقق! لكن رغم قدم اسطورة شهرزاد وشهريار، مازالت جريمة كتم الصوت يمارسها البعض بعنجهية وبلا مبالاة وتحت حجة الدفاع عن الشرف متناسين تماماً إن الشرف لا علاقة له بالأحاسيس الإنسانية الرقيقة الجميلة، وإن شرف المرأة لا يختلف عن شرف الرجل إلا ضمن مقاييس إجتماعية عقيمة، فكيف يكون الحب خللاً بالشرف للمرأة بينما يشاركها الحب رجلاً، ولماذا الإنتقام من المرأة فقط بينما الرجل الحبيب يسارع لإختيار أخرى يعيش معها قصة حب جديدة!! يقول البعض إنها عادات وتقاليد وقيم المجتمع ويقول البعض إن المرأة تكسر رقبة أهلها، ويقول البعض الآخر، (الرجل شايل عيبه) هذه المقولات التي لا تجد صدى إلا لدى المتمترسين وراء غرائزهم، ماهي إلا حجج ليفعلوا ما يحلو لهم تحت عباءة سوداء لا يراهم أحد ويتناسوا تماماً أن عين الله لا تنام!! ولعل في حكاية دعاء تلك الفتاة الطيبة الهادئة التي أحبت شاباً من غير مذهبها وعشيرتها، أرادت أن تثبت لنفسها أن الحب ليس له وطن ولا جنسية ولا مذهب، وإن ما شعرت به تجاه الشاب عاطفة سامية تمنت لو يوافق أهلها لتتوج بالزواج. حاول الشاب الحبيب أن يتقدم لأهلها أكثر من مرة لكنهم رفضوه بحجة الاختلاف ولم يتفهموا أن الحب قد يقتل الاختلاف ويفتح باباً للتقارب والمحبة وبناء النفس الإنسانية التي تكاثرت فيها الشوائب في زمننا هذا، ما نقلته الحكايا ونشرته الصحف، إن هذا الحب لم يرحم دعاء، لكنه كان سبباً لكتم صوت الحياة عنها باتفاق عشيرتها على قتلها. وباجتماع متفق عليه تجمع شباب العشيرة حولها ليكون موتها عبرة لمن في عمرها أن من تحب مصيرها الموت! هكذا وببساطة يقتلون الحب والأحبة! اختفى الحبيب، ووجدت دعاء نفسها أمام مواجهة كتم الصوت والحياة، كانت الحفرة في استقبال جسدها الحي لينهال عليها التراب وهي حية!! وحين تلاشى صوتها تحت التراب، إنتفض رجال العشيرة زهوا وخيلاء، وغاب وجه القانون تماماً إلا قانون الغاب. غابت دعاء عن وجه الحياة بلا ذنب أو جريرة سوى أنها أحبت إنساناً من غير عشيرتها ومذهبها!! والغريب المضحك المبكي أن بعض رجال عشيرتها متزوجون من عشائر أخرى!! لماذا يقتلون الحب، وهو الشعور الجميل الذي سكن في قلب كل إنسان، وعاش فترة ينعم به وبعذابه، لماذا يحرم على الفتاة أن تحب ويصفق للشاب ويباركون له حبه. ولماذا لا يخاف أهله على محبوبته من أهلها لو عرفوا سر هذا الحب! حياتنا تنغمس في متناقضات وآفات لا نستطيع التحرر منها إلا إذا اقتنعنا أن المحبة واحدة والعقاب يجب أن يكون “لو كان له مبرر” واحد. قد تكون دعاء انموذجاً واحداً سمعنا به بينما هناك مئات أمثال دعاء لم نسمع بقصصها ربما كان عقابها اجرامياً بمعنى الكلمة، لكنه كان للأسف عقاباً تشاورياً بين مجموعة من الرجال الذين اعتبروا ان دعاء تستحق الموت لمجرد انهم عرفوا حكاية حبها!! لم يقف أحدهم أمام المرآة ليكتشف حقيقة نفسه وحقيقة حكايا الحب التي مر بها منذ مراهقته وحتى اجتماعه ليقر ويقرر أن دعاء تستحق الموت وحتى لو اعترف بهذه الحقيقة أمام نفسه فلا شيء يغيره وهو مطمئن لهذه النتيجة، لن يوبخه أحد، لن يناقشه أحد، بل سيتضاحكون ويباركون له، وبالتأكيد لن يقرر أحد وبالإجماع قتله لمجرد أنه أحب! كارثة تحل بالمرأة في زمن كثرت فيه الكوارث أن يكتم صوتها بكاتم صوت بلا ضمير ولا عقل سوى أنه كاتم صوت يلعب به مجموعة من الرجال بحجة أنهم مجتمع ذكوري بحت وأنهم جميعاً وبلا استثناء (يشيلون عيبهم).. ياللعيب!!
#رحاب_الهندي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يهدم الحب ؟
-
دعاء امرأة منكسرة
-
لماذا؟؟
-
خطأ أن نقع في الحب !!!
-
الهروب من بوتقة القهر !!
-
امراة متوحدة
-
الرجل المنصف في الزمن غير المنصف !
-
المراة تستحق الضرب
-
الخيانه بين الحب والجسد
-
حين كنت ضدي
-
النساء وحدهن في محرقه الرجل العسكري
-
مراهقه المراة الأربعينيه حقيقه لماذا يستنكرها المجتمع
-
الحب المستحيل في النصف المجنون
-
جارالقمر ! شمس ولعبه الأختباء
-
حكايا حب معاصرة 5
-
حكايا حب معاصره 4
-
أعلنت عليكم الحرب
-
الحب احتراقا
-
مقابله مع الفنان عبد الستار البصري في احدث اعماله المسرحيه
-
حكايا حب معاصره 3
المزيد.....
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
-
الحقيقة وراء تأثير وسائل منع الحمل على وزن النساء
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل الآلاف من النساء والفتيات بمناس
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|