|
فصول من تاريخ المسرح العراقي - الطقوس الدرامية المقدسة ،والتقمص والتشخيص عند قدامى العراقيين
لطيف حسن
الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 02:51
المحور:
الادب والفن
التشخيص كما جاء معناها في القواميس المتداولة ، كلمة مشتقة من الاسم ( شخص) وجمعها ( اشخاص)، تطلق على الانسان وغيره ، ذكرا او انثى ، وعند المولدين تعني التمثال المصنوع من الحجر ، و(التشخص) تراءى بصورة شخص آخر ، وأشخص به ، أغتابه ، و أظهره بما هو ليس فيه من صفات .
فالتشخيص من هذا المعنى ، هو تماهي الشخص بصورة شخص آخر مجازيا ( انسانا او حيوانا وغيره ) أي أعادة تشكيل لصورة شخص آخر معين ( ولبس جلده ) ، و تقمص وتقليد حركات وسلوك الآخر ( في حالة الانسان الصياد ) والأدعاء بأمنلاك الطاقات والقدرات الأعجازية للألهة على البشر عن طريق التظاهر بالتوحد بها.( في حالة الكاهن )
فهو يقترب من فعل التمثيل الدرامي كثيرا ، ويشكل اصله وبداياته ، ولايتطابق مع كل شروط دراما المسرح ، التي نبحث هنا عنها في الطقوس الدينية ، و معتقدات سكان الرافدين القدماء . .
الرافدينيون في هذا الباب هم من اقدم الشعوب التي عرفت التشخيص الهادف كسلوك في الحياة ، و الذي يقوم به الحاكم.منذ نشوء فكرة السلطه والملكية والتقسيم الاجتماعي في بلاد سومر ، وسخر حكام هذا الشعب الذي مازال أصله غامضا على علماء الاجناس والتاريخ ، طقوس التشخيص سواء في المعبد أوفي البلاط أو في الشارع ، لتأكيد سلطة الكاهن المقدسة التي لابد منها ، دنيويا على الناس .
كل نتاجات فنون وآداب سكان الرافدين القديمة التي وصلتنا لحد الان من (جداريات ونحوت ورقم مسمارية والكثير من الاختام ألأسطوانية والأناشيد وابتهالات الصلوات ) التي تعود الى مستهل الالف الثالث قبل الميلاد والذي نستدل من هذا العصر كما هو متفق عليه ،على انه عصر بداية تبلور رمز السلطة الممثلة (بالملك الكاهن ) ، و تدور جميع هذه النتاجات الثقافية تقريبا حول حالة قيام الملك بتقمص وتشخيص الكائن القوي الخارق ألآخر ، لفرض وتسويغ سلطته على الرعية .
في المراجع الرافدينية القديمه التي جائتنا من هذه الفترة والفترات التي تلتها نجد ان الملك او الحاكم كان يسمي نفسه مرة بالراعي ، ومرة اخرى بالبستاني ، ومنحوتات هذه الفترة تظهر الملك عادة وهو يحمل صولجانه الذي هو عبارة عن عصا الراعي ، ولفة على شكل حلقة من الحبال ، وبعضهم يحمل فأسا أو منجلا رمز المزارع ، ومن الجدير ان نذكر ان صفة الراعي للملك او الحاكم المجازية هذه مازالت مستمرة الى يومنا هذافي عالمنا المعاصر ، فيقال الملك يرعى رعيته ( أي شعبه ) ، فقد ارتبط منذ ذلك اليوم الغارق في القدم في الحضارات الرعوية والزراعية ، اسم الراعي بالحاكم والسلطة ، وأسم الرعية وهي ( الماشية في الاصل) بالشعب والامة ، وهذا نجد انعكاسه في آداب العبريين فيما بعد ، الذين كتبوا توراتهم في بلاد الرافدين ، ووصفوا ملوكهم بالرعاة ، كالنبي شاؤول الراعي والنبي داوود الراعي ، وتحدثوا عن موسى النبي المؤسس الذي امتهن الرعي بعد الخروج من مصر ، وقاد العبريين الراعاة نحو ارض الميعاد .
ومن اقدم ماوصلنا من وثائق مكتوبة ، تتحدث عن الملوك والحكام السومريين الذين عاشوا قبل الطوفان ، التي تقول:- - حكم الأله دوموزي الراعي ، البلاد (36000 سنة). - وايتانا الراعي الذي صعد الى السماء وثبت اركان البلاد ، كان ملكا حكم ( 1060 سنة ). - وحكم الملك الأله لوكالبندا الراعي ( 1200 سنة ). .....الخ.
لاشك ان اسماء هؤلاء الملوك الملقببين بالرعاة، والذين دخلوا عالم الاسطوره والخرافة بعد موتهم ، والمدد الفلكية التي حكموا فيها الواردة الى جانب اسمائهم، هي ارقام خيالية لاتمت الى التاريخ بصلة ، وهناك جدل لم ينقطع حول تفسير هذه الارقام المذكورة في القائمة ، ولم يتمكن العلماء حتى هذا اليوم ان يعطوا جوابا مقنعا عنها ، هذه الارقام لاتهمنا شيئا في البحث هنا ، كل مايعنينا من أمر القائمة انها تربط بين فكرة الملك والراعي ، ومدى قدم تصور الانسان الرافديني لهذه الفكرة ، التي قد تكون لها جذور حقيقية صحيحة ، اذ لابد ان الملك الاول في مجتمع ( زراعي – رعوي ) قد مارس مهنة الرعي والزراعة فعليا في البداية، وبقيت هذه الصفة ملازمة للملوك في العصور التاريخية التالية ، وقام الملوك الذين جائوا من بعد هذه السلالة بأستعارة لقب الراعي من هؤلاء الاجداد باعتبارهم نخبة من البشرالأوائل من الذين قاموا باعمال بطولية خارقة اكتسبوا عليها صفة الألوهية ، أن تقمص وتشخيص صورة الجد الملك الأله كان يهدف بالدرجة الاولى الى فرض السلطة المطلقة للملك المعاصر الآني على الناس ، التي تشبه السلطة و الدور الذي يضطلع به الراعي تجاه الماشية ( رعيته) ، ان وضع الحاكم في الدولة السومرية الناشئة لايختلف عن وضع راعي الماشية في شيء ، فكلاهما عليه ان يتصرف بشؤون رعاياه بشكل مطلق ، فالملك يتدبر امور شعبه ويسوسه وفق حكمته آخذا بنظر الاعتبار الظروف والحاجات ، وهو مفوض من الآلهة بان يفكر ويقرر بدلا عنها ، والراعي يتحكم في شؤون الماشية كما يشاء ، ويرعاها بالاسلوب نفسه ، اذ انه يتحكم في امرها وفي شؤون حضائرها ويمارس عليها الرعاية وكامل السيادة .
ان ربط مصطلح الراعي بالملك ، كان يجري التأكيد عليه بسلسلة من الطقوس التعبدية والصلوات اليومية ، يقوم بها الناس لخلق الاحساس لديهم بان العمل الذي يؤديه الراعي هو عمل طبيعي لابد منه وهو مفيد ولصالح الماشية ، وبالتالي مفيد الدور المشابه للملك بين الناس ويصب في صالحهم ، فراعي الماشية هو من طينة أعلى وجنس آخر متقدم على الماشية، (جنس البشر) ، لذا جرى ربط السمو والنبل بالملك من دون الرعية ، ولكي يختلف عنهم يرفع مقامه عن مستوى البشر الى مقام الالهة ، لذلك اكتسب الملك كل صفات وصلاحيات الراعي في تعامله مع الرعية ، فكما يفعل الراعي في ان يكون قاس اذا شذ احدهم عن القطيع او لزم الامر ذلك ، وفي نفس الوقت هو عادل ورحيم وحنون عليهم في الاحوال الاعتيادية ، يوفر لها المأكل و الامان و السلام وهو قوي وقادر على ان يدفع عنهم المخاطرالخارجية المتمثلة بالذئاب والحيوانات المفترسة التي تتربص بهم في كل وقت ، في المقابل من واجب الناس ان يقبلوا حق الملك عليهم ويخضعوا له بالكامل كواجب ، فكما الراعي كان يدير حضائر الماشية و يهيمن على منتوجاتها من لحوم و حليب وصوف وشعر وكل مصائرها مسخرة وفق رغبته ، كان عليهم قبول حق هيمنة الملك الحرة عليهم ، و التحكم والتصرف الحر بالمنتوج والخيرات الاجتماعية العامة . (1)
ان فكرة ( الملك الراعي ) رغم انها تنسب بداياتها وطقوسها التشخيصية والرمزية ، الى العراقيين القدامى حصرا ، لم يمنع ان تظهر نفس الفكرة والطقس التشخيصي بعد ذلك عند اقوام اخرى ايضا ، على الاغلب ظهرت بشكل منفصل عند مرور هذه الاقوام بمرحلة ظهور المدن والتقسيم الاجتماعي و الطبقات ، كما هو في الحضاره الصينية القديمة مثلا التي من غير المعروف لحد الان ان كانت لها علاقة مسبقة عند النشوء بحضارة السومريين ام لا ، هذا يؤكد ان التشخيص والتقمص نشاط بشري قديم ، بدأ جنينيا مع الدين ومنذ مرحلة الصيد ، ومارسه الكاهن الملك فيما بعد في المجتمعات الزراعيه والرعوية عند نشوء الملكية والدوله . فهو فعل اصيل في النفس البشرية ، موجود عند الانسان ، منذ ان يبدأ الطفل بعد الولادة باكتساب المخيلة ، ويستعين بها لتفسير اسئلة العقل والظواهر الطبيعية والحياتية المحيرة التي تمر عليه لاول مرة ، ومحاولته المقارنة و احلال المتشابه من الظواهر بعضها بمواقع البعض الآخر ، و يعتبر التقمص والتشخيص وأنسنة الأشياء ، احد وسائل التعبير والتواصل البشري التي استخدمها و التي سيقت فترة تعلمه اشارات الكلام ، فهي اذن فطرية وواحدة في الانسان حصرا في كل مكان وزمان ولانجدها في الحيوانات الاخرى ، نجدها لدى الاطفال ، و نجدها في بقايا المجتمعات الانسانية البدائية الصغيرة الى حد هذا اليوم في افريقيا السوداء واستراليا ، نتناولها هنا كنموذج لما كان عليه الانسان الصياد الاول في فجر انسانيته ، فعندما كان يعود هذا الصياد القديم من رحلة الصيد الى موقع قبيلبته في الكهوف ، واثناء أعداد لحم الطريدة للتناول جماعيا ، يبداء الصياد البطل بمحاولة سرد وقائع الصيد الخطيرة بالرقص والتشخيص حول النار الموقدة ، تارة تشخيص للطريدة وتارة للصياد نفسه ، او قد يقوم اثنان من الصيادين المشتركين في الصيد نفسه بتشخيص حادثة الصيد ، أحدهم يشخص الطريدة والاخر يشخص الصياد البطل . واعتبر هذا هو الشكل الاول للتقمص والتشخيص ( التمثيل مجازا ) كتعبير و نقل الاخبار والانطباعات الى الجماعه ، عرفه الانسان في تجمعاته الاولى في كل مكان تقريبا ،
ان الملك الكاهن هنا عند العراقيين القدامى مشخص واع يعرف ما يريد ان ينقله في عملية التشخيص الرمزي بطقوسه الرعوية المقدسة التي يقوم بها ، يستخدم اكسسوارات وادوات تساعده في تشخيص الراعي ، ( الجد الأله) ، يستخدم عصا الراعي (كصولجان )، ومنجل وفأس البستاني ، واحيانا يرتدي جلباب الراعي الخشن المصنوع من اللباد الصوفي، كرمز للشخص المقدس الاخر، تماما كما يستعان الان بالاكسسوارات في المسرح للندليل على رمز الشخصية المقصودة . ومن المحتمل ان الملك الكاهن كان في طقوسه هذه يلبس الاقتعة المختلفة للشخوص التي يتقمصها في داخل جدران المعبد ، ويربط على ظهره اجنحه ويعتمر قلنسوة ذات قرون رمز الآلهة ، و يحرص على ان يخلق جوا دراميا موحيا لايخلوا من الرهبة و الاثارة والابهار والخشوع بالاستعانة بتأثير البخور والشموع و ظلمة المعبد من الداخل لزيادة التركيز ، ويحرص ان بنحر الاضاحي بنفسه بصفته الكاهن الاكبر وويغمس يديه بدمائها ويلطخ جدران المعبد بها على اصوات الدفوف و عزف الموسيقى والنواح والصلوات والانشاد ، صنع جوغير عادي مقصود ، كما يحدث في المسرح الآن ، ومازال رجال الدين على أختلاف الاديان التي يتبعونها حريصين لحد الآن على توفير عناصر خلق الجو التعبدي هذا بالنقل عن هذا الاصل ، وتوارثته جميع بيوت العباده المختلفة في عالم اليوم .
ومن المؤكد ان الملك الكاهن عند السومريين في الواقع لا بعمل راعيا في حياته العادية ( رغم أنه كان يمتلك القطعان الكبيرة من الماشيه التي يرعاها فعليا بدلا عنه أناس آخرون )، وانما فقط في المناسبات الطقسية التي كان يتحتم عليه ان يظهر كرمز، متقمصا ومشخصا دور الراعي وهو يعتني بالماشية ويقدم منها الاضاحي بنقسه على مذبح المعبد ، وينشد الاناشيد ويتلوا الصلوات التي تدعو الى ان تحل بها البركة وزيادة العدد ، وعادة ما يقوم الكاهن بهذا الدور في أول ايام عيد جز الاصواف في الربيع من كل سنة، فمن غير المنطقي ان ينصرف الملك الى اعمال الراعي وادارة شؤون الماشية كليا على حساب تسيير امور الدولة ودوره الاساسي فيها كملك.
بما ان الحضارة السومرية رعوية – زراعية ، فانتاجها الثقافي والفني برمته يدور حول الخصب ، والرعي ، وفصول السنة ، وطقوس العباده عندهم شديدة الارتباط والانشغال بهذه الاغراض ، وقد أحتوت هذه الطقوس ،على حالات عديدة من التقمص والتشخيص الدرامي الطقسي الصاخب، حالها حال جميع طقوس الاديان والعبادات الاخرى في العالم التي لاتخلوا منها ، لكنها تتميزعند سكان وادي الرافدين ، وهذا واضح بجلاء في احتفالاتهم الطقسية المهرجانية ، التي يكرسون بالكامل هدفها المباشر على تأكيد حق الملك الكاهن في حكم الرعية ، بتفويض قوي من الآلهة .
لاشك ان السومريين كانت لهم ريادة البدايات والافكار الجنينية الاولى في صياغة الحضاره الانسانية العالمية بدءا من ولوج البشرية الى مرحلة ألتاريخ بفضلهم في أختراعهم الكتابة ، هذا لايختلف عليه احد ، الا ان هذه الاكتشافات التي توصلوا اليها وتنميتها فيما بعد لم تبق في نطاق المبدعين السومريين وحدهم ،(غير معروف لحد الان اصل السومريين والمناطق الاصلية التي نزحوا منها سوى انهم من غير الاصل السامي او الهندو اوربي وتختلف هيئاتهم ولغتهم عن هذين الاصلين ، فلغتهم المكتوبة مقطعية تشبه في نظامها ، نظام لغات بعض الشعوب التي سكنت ضفاف بحر قزوين ، وهذا السبب لايقطع تماما في ان تكون نسبتهم من هذه المناطق ) لاشك ان الحضارة السومرية وانجازاتهم التي هي اليوم اشبه باللغزفي اعجازها ، لم تظهربمعزل عن خلفيتهم الثقافية السابقة وتأثيرات الاقوام الاخرى التي اختلطوا بها قبل ان يستوطنوا بلاد الرافدين وينشئوا حضارتهم ، وعندما توقفت هذه الحضارة دفعت بأفكارها الى الامام وساهمت في تطويرها فيما بعد ، شعوب واقوام اخرى كالأكديون بشكل خاص ، ومن بعدهم ألبابلييون والآشوريون والكلدانيون والفرس والفراعنة ، و أخيرا الاغريق والرومان وغيرهم من الشعوب الاخرى ، لذا ليست هناك حضارة أنزلها الله كاملةعلى شعب واحد بالذات، اوخلقها قوم وجنس واحد بمفرده دون تأثير ومساهمات من سبقهم وعاصرهم ومن جاء من بعدهم من البشر والاقوام الاخرى ، ويلاحض على كل من تناول حضارة العراق القديمه من الباحثين العراقيين وبعض العرب انهم يغضون البصر عن حقيقة ان اى حضارة هي نتاج عالمي مشترك ، ويحاولون جهدهم في البحث والتبريربالدرجة الاولى على ان العراقيين او الاصل العربي ، هم فقط كان لهم السبق الاول في هذا الجانب ، والفرادة في ذلك الجانب ، وهم الاوائل في كذا وكذا ، كأنما لم يكن غيرهم على الارض في عصرهم ، وبذلك يتوصلون الى نتائج غير صحيحة ، وهمية مبالغ فيها ، بعيدة عن الموضوعية في قراءة التاريخ ، فعلم الحفريات والتقدم المتواصل في فك طلاسم الآثار ، يضيف الينا كل يوم معلومات جديدة عن العصور التاريخية الغابرة ، فنحن لم نكن نعرف حتى اواسط القرن التاسع عشر عندما ظهر علم السومريات ، وجرى التمكن من قراءة وفك رموز آثار تلك الفترة ، ان هناك شعبا قديما كان يعيش فيما بين وادي الرافدين اسمه الشعب السومري ، والمعلومات التي كانت متوفرة عن سكان وادي الرافدين عموما غير دقيقة حتى ذلك الوقت ، والتي كانت مستقات عن ما ورد في التورات من اخبار واساطير عن البابليين والسبي وما سموه بارض شنعار ، وأعتقد العالم انهم الشعوب ألأقدم التي سكنت المنطقة ، ومازال كتاب تاريخ الحقب القديمة مفتوحا و غير مكتمل لحد هذا اليوم ، و القناعات القديمة عنها تبقى غير ثابتة ، وعرضة للتغيير بفعل الكشف عن حقائق جديدة متواصلة بأستمرار ، اضافة الى حاجتنا في العراق اليوم لأعادة كتابة وتصحيح تاريخنا الذي يتناول هذه الحقب ، والكشف عن الحقيقة الموضوعية المغيبة ( 4) والمنطق يقول ان السومريين الذين استوطنوافي العراق منذ نهاية العصر ( الحجري البرونزي ) لم يسكنوا ارضا خالية من البشر ، لابد ان هناك اقوام كانت تسكن المنطقة قبل السومريين لانعرف عنهم وعن حضارتهم شيئا الآن .
لم يستمر طويلا حكم دول المدن السومرية ، فقد انشغلت طوال فترة وجودها بحروب توحيد المدن الصغيرة، وصد هجمات الشعوب الجبلية الفارسية من الشرق ، والحيثيون من الشمال ، و بدو صحراء الجزيرة الساميين من الجنوب والغرب ، ضعفت ووهنت قوة دويلات المدن السومرية بمرور الزمن ولم تستطع ان تواصل الصمود طويلا امام زحف بدو الجزيرة القوي والمنظم عليها بقيادة سرجون الاكدي الذي ازاحهم تدريجيا عن الحكم ، وحصرهم في دويلات صغيرة تابعة ومهادنة له ، وعين عليها حكاما من الساميين ، مؤسسا الامبراطية الاكدية القوية ، واليوم لايمكن تناول الحضارة الاكدية بشكل منفصل عن الحضارة السومرية ، فقد ورث هذا البدوي الخشن حضارة سومر المدنية جاهزة من كل الوجوه ، وأنصهر فيها ، مختطا لنفسه منذ البداية نهجا ، سار عليه من بعده ملوك اكد من اولاده ، يتطابق تماما مع نهج ملوك سومر الاوائل ، وتشبهوا بهم كثيرا ، وقد تفاعل الأكديون بأيجابية كبيرة والى اقصى المديات مع الارث الحضاري السومري المديني وتعلموه وتمثلوه بعمق ، اخذوا منهم الدين ، بنفس الآلهة ( أعطوها أسماء آلهتهم السامية القديمة) بطقوسها و جميع مراسيمها التعبدية ، والقانون ونظم الحكم ، واستفادوا من كامل منتوجهم الابداعي والثقافي ، الكتابة والملاحم والنحت والبناء والمعمار وأستخدام العجلة والري والفلك .. الخ من منجزات السومريين الرائدة ، اخذوا منهم كل شيء تقريبا وبنوا عليها حضارتهم لاحقا .
الا انه لسبب غير معروف ومحير ، قام ( نرام سين ) ، نجل سرجون قبيل سقوط امبراطورية أكد ، بتدمير مدينة نفر ، وكانت مدينة بالغة القدسية والأهمية عند السومريين ، ودنس ونهب تماثيل الآلهة الموجودة في معبد ( انليل) ، واضطهد بقسوة وشرد كهنتها ، وهدم المدينة بعد سبي دام اياما ثم احرقها ، الا انه لم يلبث حتى هزم بدوره هزيمة شنيعة على يد الحيثيين من الشرق والشمال ، اذ اجتاحوا امبراطوريته الاكدية وبقايا مدن سومر واحالوهما يبابا ولم تقم لهما قائمة بعد ذلك( 2 ) الا بعد قرون ، و على يد العاموريون القادمون من الغرب .
ان ماقام به نارام سين الاكدي بمدينة نفر السومرية لم يكن غريبا أو خارجاعلى اعراف واخلاق العالم القديم في الحروب ، بل تواصلت هذه الاعراف عند كل الشعوب تقريبا في طريقة تعامل الغازي المحتل الانتقامية القاسية للمدن المغتصبة .
كانت الخطوة الأولى للغازي المنتصر بعد الاحتلال ، هي السيطرة على معبدها الرئيسي ، الذي هو بمثابة المركز االسياسي في ادارة الحكم (المركز الآيدولوجي للدولة ) و ( مقر الكهنة الحكام ) رجال السلطة الفعليين ،الذين يطردون في هذه الحالة من المعبد بعد ان يجري الاستيلاء على كل ما يملكون من اموال وأطيان ويجردون من ما لديهم من امتيازات والقاب ، وفي اغلب الاحيان كانوا يقتلون ، ثم تحل الآلهة الحامية الجديدة للمحتل، وتماثيلها وطقوسها وكهنتها محل تماثيل وكهنة آلهة المدينة المهزومة ، وتظهرعندئذ في المدينة طبقة جديدة من الكهنة ، من الذين نجو من الموت ، وأصبحوا عاطلين لا عمل لهم ، طبقة منبوذة ، مجردة من سلطتها القديمة لاتملك شيئا ، ولاتجيد صنعة معينة تعلمتها في حياتها تعتاش منها غيراجادة الغناء والتراتيل ، المكتسبة من ادائها الطويل لشعائر الآلهة القديمة في المعبد ، وقد تجيد العزف على آلة موسيقية او اكثر و تحفظ الملاحم والقصائد والاناشيد الدينية على ظهر قلب، وتعرف اسرار وطريقة أداء الطقوس المقدسة ، وممارسة تطبيب الامراض ورمد العيون وتحضير الادوية المختلفة من الاعشاب بخلطها مع بعض المواد المعدنية والعلاج بالتعويذات والادعية .
وقد تشكلت في الفترة الاكدية القصيرة العمر التي لم تدم اكثر من مائة عام ، فرق غنائية جوالة على عربات ، من قبل هؤلاء الكهنة المنبوذين ، الذين امتهنوا الكدية بالغناء وترديد الاناشيد والصلوات المقدسة وتلاوة القطع الحوارية الدينية الخاصة بالآلهة القديمة وعروض درامية طقسية ، وكان هؤلاء المنبوذين يلقون عادة تعاطفا و ترحيبا وتشجيعا من الناس المغلوبة على امرها من الاجنبي المحتل ، وقد استغلها الكهنة المنبوذون ، الذين هم ايضا ساسة منزاحون بالقوة ، في تجميع حركة المعارضة أحيانا ، وتحريضها الناس عن طريق تمجيد الماضي والايام الخوالي والحنيين الى الزمن الذي كانت فيه الآلهة القديمة هي السيدة على المدينة ، والتي كان البشر يرفلون بضلها بالسعادة الغامرة.
لربما سبقت هذه التجربة ، قوافل الغجر الرحل على العربات ، الذين كانوا يمرون بدويلات سومر قادمون من الهند ، وكانوا لايمتلكون حرفة محدده يعتاشون منها ، و الى هذا اليوم نجدهم يعتاشون على الكدية وأداء الرقص والغناء الشعبي الخاص باقوامهم .
ليست هناك اية ادلة تثبت ان فرق الكهنة الغنائية الجوالة التي كانت تجوب اطراف المدينة النائية والقرى والاسواق والبيوت ، وتظهر على الهامش في احتفالات رأس السنه والمناسبات المهرجانية والاحتفالية ، وتقدم أيضا خدماتها الطبية المتمثلة بعمل التعاويذ والادعية والسحر لعلاج الامراض ، وتجمع بعض النذور والعطايا والصدقات من الناس ، ان عروضها التي قدمتها من على عرباتها الجوالة ، لاتشبه ماكان يقدمه الغجر على عرباتهم او ان هذه العروض قد تطورت الى ما هو ابعد من الشكل المقدس الذي كانت تقدمه ايام زمان في المعبد ، فقد كانت العربة آنذاك اقرب الى معبد متنقل لاله سري محضور ، منه الى عربة جوقة غنائية ودرامية متنقلة . وبقيت اسيرة السكونية المطبقة للمقدس لفترة طويلة جدا ، ولم تتخلص من مجال أسارها نحو مدى الدنيوي الحر طوال الفترة التي عاشها العالم القديم الذي يسبق ظهور الامبراطورية الرومانية .
لربما فضل فكرة عربات الغناء السومرية الجوالة ، قد وجد له فيما بعد انعكاسا في فنون الشارع الفولكلورية عند الشعوب الاخرى في العالم بعد قرون طويلة من الزمان ، ولربما تم خلال هذه القرون , لاسيما في العصر الروماني ، التي شهد تفاقم الصراع الاجتماعي وتفجره ، فيما بين طبقة السادة الاحرار الذين يشكلون حفنة ، وطبقة العبيد الاغلبية ، التي ساعدت في بلورة شروط انضاج شكل وتقاليد فنون الشارع الشعبية الرافضة للأوضاع والظروف التي تعيش فيها العامة وطبقة العبيد ، والتي شكلت عاملا من عوامل انهيار وسقوط الامبراطورية الرومانية ، هذه الفنون التي أكتملت وانتعشت في العصر الوسيط ، و التي من بين ذيولها ، المساخرالنقدية المرتجلة في اوربا ( ديلارتي)، وفن ( الأخباري) في العراق وباقي بلدان الشرق العثماني ، وفنون الاسواق والفرجة في شمال افريقيا والمغرب العربي ، وأنتعاش وانتشار فن خيال الظل شعبيا منذ اكتساح المغول للعالم ، وأغلبها فنون ناقدة للوضع الاجتماعي، خارجة عن مراقبة وتوجيه وسيطرة السلطة ، يقوم بها عادة المنبوذون.
أن هناك من يقول جازما ان الادب الرافديني القديم قد احتوى على نصوص مسرحية كانت تمثل ، ويستشهد ببعض الملاحم التي منها الخليقة ، ونزول عشتار الى العالم السفلي وكلكامش وغيرها من قصائد واناشيد دينية ، وعدد من الحواريات ( السيد والعبد )..الخ . لربما هم على حق ، ولكن لم يوردوا أدلة علمية محكمة على ان هذه النصوص كانت تقدم فعلا على المسرح ، وأستندوافي تعليلاتهم أحيانا على تأويل وتحميل النص الطقسي بأكثر من ما يحتمل ،
لاشك ان قرائن عديدة متوفرة تثبت بشكل جازم ان العراقيين القدامى عرفوا التشخيص والتمثيل الطقسي في المعبد وفي احتفالاتهم الدينية العامة ، حالهم حال جميع اقوام البشر الآخرين تقريبا ، وان وقائع اسطورة الخليقة بالذات كانت تشخص بشكل أكيد في اليوم الرابع من ايام اعياد (رأس السنة عند السومرين والبابليين والاشوريين) ( 5) ، فقد كان من النوع العرض المهرجاني الذي يشترك في ادائه الجميع ، الملك والكهنة والجمهور وكانت تتلى في هذا اليوم ملحمة الخليقة بالكامل ، وقد يرافقها للتعبير والأيضاح ألتشخيص والرقص والغتاء الجماعي وبعض الحركات الرمزية وتتخللها الحوارات القصيرة ،
ولهذا المهرجان مكان خاص مقدس يقام عليه يسمى ( أكيتو ) أو بيت الاحتفالات ، كان مبنيا في كل المدن السومرية ومن بعدها المدن البابلية والآشورية وغيرها ، يقع في مرج خارج المدينه ، او في بستان على اطراف المدينة ، ( يذكرنا بتأثيرفكرة اختيار هذا المكان على اختيار المكانات التي كانت تقام فيها اعياد باخوس في اليونان ) لم يجري التوصل لحد الان الى شكل بناء وطراز بيت الاحتفالات لاندثاره ، ( لان مادة البناء التي استخدمها سكان الرافدين في البناء ، كانت من الطين وطابوق اللبن الغير مشوي الذي لايقاوم الزمن وعوامل الطقس ) الا انه قد عرف من أساساته بأنه مستطيل الشكل ،وهناك حفرة غير معروف الغرض من احداثها تقع في طرف المستطيل ، بالقرب من الجزء الذي من المعتقد انه كانت تقدم فيها الفعاليات الطقسية ، وجرى تخمين ان هذه الحفرة لربما كانت تؤدي الى قبو يمثل مجازا العالم السفلي ،
أن مايجري في ايام اعياد رأس السنة ( وعددها أحد عشرة يوما ) تبدأ في اليوم الاول من نيسان ، هو احتفال طقسي اكثر منه مسرحي ، يلعب الجمهور فيه دورا أساسيا كمشارك و يشكل جزءا من العرض ، اشبه باحتفالات باخوس في بعض الوجوه ، وقريبة الشبه بالتشابيه الحسينية الطقسية للشيعة،
أن طقوس اليوم الخامس وما يليه من ايام أعياد رأس السنة عند سكان الرافدين ، تستحق التوقف عندها ، والقاء الضوء عليها لغناها بطقوس التقمص والتشخيص الجمعي ، وقد أخترت اعياد بابل لتوفر المصادر الأكيدة الكافية عنها ،
يتوجه الملك في هذا اليوم من قصره الى معبد المدينة الرئيسي المخصص لعبادة الأله مردوخ ، وقد تجمعت فيه جميع تماثيل الآلهة القادمة من معابدها ، ان كانت معابد صغيرة في المدينة ، أو من المعابد الكبيرة في المدن البعيدة ، لزيارة كبير الآلهة مردوخ في هذا العيد ،
يصعد الملك مباشرة الى الغرفة العلوية السابعة في الزقورة ، ليلتقي بالكاهن الاكبر ، حيث يجرد الكاهن ، الملك من شارات الحكم التاج ، وختم الملك و الصولجان (رمزعصا الراعي ) وحلقة الحبال ( رمزأيضا لأدوات الراعي ) ، ويضعها أمام قدمي تمثال الأله مردوخ ، ثم يصفع الكاهن الملك على خده ، ويشد له أذنه ، ويرغمه على الركوع امام التمثال ، ويطلب منه الأعتراف بخطاياه ، يبدأ الملك بالولولة والبكاء ويعلن برائته من كل فعل أذى تعرضت له بابل خلال السنة المنقضية ، وقد يعترف ببعض الاخطاء الطفيفة التي يطلب الصفح عنها ، ويباركه الكاهن بعد ذلك ويتركه ليبيت ليلته مع الكاهنة الكبرى ، حيث يتم زواج الخصب المقدس بين الكاهنة ( التي تتقمص شخصية عشتار ) والملك ( الذي يتقمص شخصية الأله تموز ) .
خلال مكوث الملك عند الكاهنة ، يأخذ الكاهن شارات سلطة الماك وتاجه وخاتمه من بين قدمي تمثال مردوخ ، ويسلمها الى أحد الرعاع ليحكم المدينة كما يشاء ليوم واحد ، ومن طريف مايذكر التاريخ انه في أحد اعياد رأس السنة ، نصب في هذا اليوم بستاني الملك ، وفي اثناء ممارسة الملك زواجه المقدس ، قتل من قبل كهنة المعبد المتواطئة في مؤامرة لأزاحته عن الحكم ، وبقى البستاني متوجا يحكم بابل ثلاثين عاما اعتبرت من أكثر فترات الحكم استقرارا وازدهارا .(6)
ومن عادة الملك المتوج ليوم واحد ، ان يوقف العمل بقوانيين الدولة ، ويطلق سراح المجرمين من السجون ، ويبيح ممارسة كل المحرمات والممنوعات ، وتطلق في الشوارع الخيول الشموسة والثيران الهائجة ، وتعم الفوضى والصخب المدينة بكاملها ،
وفي اليوم السادس من العيد يتوجه الناس في مواكب الى المعبد يطالبون فيها الكاهن، ان يعيد التاج والختم وشارات الحكم الى الملك الاصلي ، حتى يعيد الأمور في المدينة الى نصابها ، ويسود النظام والهدوء والامان عليها من جديد .
عندها يستجيب الكاهن ، ويعيد شارات الحكم والتاج والخاتم الى الملك الذي يخرج في اليوم السادس من المعبد ومعه تمثال الأله مردوخ، ثم يسيربصحبة تمثال مردوح في موكب نحو بيت الاحتفالات خارج اسوار المدينة ، تتبعه جميع تماثيل الآلهة الزائرة ، والناس المرحبة والمهللة بعودته للحكم مجددا، وعند ما يصلون بيت الاحتفالات ، يجري تشخيص مقطع من ملحمة الخليقة التي هي قتل مردوخ لتيامت ، وهنا يتقمص الملك ويشخص الاله مردوك وهو يصارع و يقتل الآلهة تيامت الذي يستعاض عنها بثور وحشي او حيوان كاسر مكبل بالشباك ، كرمز لها .
ولكي نوضح التصورات الممكنة عن العرض الطقسي لهذه الملحمة، نتناول اسلوب كتابة النص ، أن ملحمة الخليقه مكتوبه كلها تقريبا بأسلوب الرواية والأخبار عن حدث تم في زمن سحيق ، وهذا يدلل انه كان راوي واحد او اكثر من الكهنة على الاغلب يقوم بالتلاوة ، فأسلوب الحوار المتقابل الذي يميز أدب المسرح ، لايوجد في الملحمة الا في مقاطع نادرة ، مما يدلل على ان أغلب مقاطع الملحمه كانت تروى ، و تشخص بعض المقاطع القليلة التي فيها صراع محتدم ، فالاسلوب الذي كتبت به الملحمه تبدأ بالأستهلال بخبر كوني تم في الماضي السحبق كألآتي :-
حينما في العلى لم يكن للسماء أسم وفي الدنى لم تكن الارض شيئا مذكورا ولما لم يكن في البدء غير ( أبسو) ابو الجميع والأم ( تيامت ) التي ولدتهم جميعا وكان مائهما ممتزجين معا ولم تكن اليابسة ، ولاضحضاح يرى ولم يكن أي من الآلهة قد ولد بل ولاذكرت اسماؤهم ،ولاكتبت اقدارهم
.... ثم يتحول الاسلوب الأخباري الوصفي في مقطع معين من الملحمة الى شبه حوار قصير على لسان ( مردوخ ) و ( أبسو ) يغيب فيها استخام الفعل الماضي في الكلام ، ليحل محلها صيغة فعل الامروالمخاطبة والفعل المضارع .
أجل ياابي ، اقضي على ضجيجهم المزعج فتنل بذلك الراحة في النهار والنوم في الليل
ثم تصف الملحمة رد فعل الآلهة ( ابسو ) على كلام ( مردوخ ) فتذكر :-
فتهلل وجه ( أبسو) لهذا القول بسبب الشر الذي دبره ضد الآلهة من ابنائه
فهو اذن نص من المحتمل انه كان يؤدى تمثيلا لتوفر عناصر العرض فيه بوضوح ، ضمن طقوس ديانة سكان الرافدين القدامى بدءا من السومريين (3)
لقد جرت ومنذ العشرينات الرجوع الى كنوز تراثنا الرافديني هذا ، واستلهم الادباء بعض احداثها التاريخية وشخصياتها المهمة كمسرحية ( نبوخذ نصر ) وفي الأربعينات ( شمسو ) و( الاسوار ) لخالد الشواف ، وتجارب عادل كاظم بدءا من نهاية الستينات ( تموز يقرع الناقوس ) و( الطوفان ) وغيرها ،
الا ان هناك تجارب تطبيقية رائدة على نصوص ادبية قديمة تعود الى فترة سومر وبابل قام بها لأول مرة سامي عبدالحميد ، والجديرة بالتوقف عندها، أذ قدم الملحمة البابلية الشهيرة ( كلكامش ) على المسرح ، دون تدخل كبير منه على النص الاصلي المعتمد ، المترجم بأمانة عن الالواح القديمة ، وقد نجح العمل لان ورائه فنان متمكن أستطاع اكتشاف المكنوز الدرامي في النص وخلق منه العرض الذي أراد ، ليقول ان ملحمة كلكامش تصلح ان تقدم على المسرح ، او ليقول انها مسرحية فعلا ، السؤال هنا هل استطاع الرافديون تقديم هذا النص حقا في ايام البابليين ، وعلى النحو المبهر الذي قدمه سامي عبدالحميد اليوم على المسرح ؟ لاأعتقد ذلك ، وليس هناك لحد الان مايدلل عى ذلك ، لآنه لم يرد في سومر او بابل ذكر أسم شخص يدعى ( بالممثل ) يمتهن هذه المهنة كما هو عند الاغريق و الرومان فيما بعد ، أوظهر شعراء كما في اليونان كانوا يؤدون بأنفسهم مسرحياتهم التي كتبوها ، ولم تكن هناك تقاليد في بلاد الرافدين القديمة لاقامة مباريات مسرحية سنوية تقدم فيها جوائز للمؤلفين كما في اليونان، وهي (لاتشبه من كل الوجوه المهرجانات الطقسية الدينية السنوية التي تقام في بلاد الرافدين في كل عام ) ، كان هناك الكاهن فقط ، والنصوص الدينية الطقسية ، والعرض لايتجاوز التلاوة والترتيل
( ملحمة كلكامش ) قطعة ادبية تناقش معظلة كونبة محيرة للعقل البشري ، وتحاول ان تجيب عليها ، وهي رغبة الانسان لتجاوز الموت والفناء الذي فرضته عليه أقدار الآلهة منذ ولادته ، وسعيه الخائب في آخر المطاف في الحصول على عشبة الخلود التي سرقتها منه الحية ، الموضوع كله يدور في السماء والمقدس والعالم الاخر البعيد ( زمانا ومكانا ) عن العالم الأرضي الفاني ، لربما كانت تتلى وترتل هذه الملحمة كطقس في المعبد ، او قد تقراء فقط في القصور الملكية لمتعة الحكام بأعتبارها قطعة ادبية ، وليس هناك ما يدل او يؤكد لحد الان على انها كانت تمثل في ذلك الزمان ، لااحد يعرف لحد الان ، رغم ان ملحمة ( كلكامش ) هي قصيدة محكمة البناء دراميا ، تقترب من ان تكون مسرحية ، وقد كتبت من قبل عدد من المؤلفين المجهولين وليس مؤلفا واحدا ، (ولو ان من جمعها ونقلها كتابة على الرقم سجل عليها اسمه ) قبل أن يولد المسرح بصيغته الاغريقية بعشرات القرون ، لأن ظروف ولادة وصياغة المسرح الذي نعرفه اليوم ، لم يتوفرالاعند شعب الاغريق لاحقا بعد قرون طويلة ، أي لم تحن آنذاك في بلاد الرافدين نضوج الشروط الضرورية لظهور المسرح ، ولافي أي منطقة أخرى من العالم بما فيها اليونان ، فالعقل البشري عموما كان ما يزال بمرحلة الطفولة ، أي ما يزال حبيس مشاغل الكون والغازها وحلوله الاسطورية والخرافية التبريرية للمعضلات ، و لم يكن قد تجاوز بعد همومه الكونية ، ولم يتحررمنها ليدخل في جدل مع التاريخ والماده ويرتفع بذلك عنده مستوى سيادة التفكير والتفسير العقلاني للظواهر ، ان توفر هذا الشرط في وعي الشعوب ، هو الامر الحاسم في ظهور المسرح الانساني لديها ، مع باقي العوامل المترابطة ، التي منها الأستقرار والمدنية والرفاه والديمقراطية .
وكما استعان سامي عبد الحميد بشكل كبير بأصل ملحمة كلكامش وعرضها كما هي تقريبا على المسرح ، قدم عوني كرومي في برلين وهولندا ولندن تجربة اخرى ناجحة، ولكن هذه المرة كان فيها التدخل و اعداد النص للعرض المسرحي واضحا ، الذي أستند بشكل أساسي على نص حوارية ( السيد والعبد ) الشهيرة ، وقد غاب عن بالهما،( سامي عبد الحميد وعوني كرومي ) ان الملحمة والحوارية اللتان عولجتا على المسرح المعاصر لم يكتبا في الاصل الى المسرح، والاغريق ، لم يقدموا ملاحمهم ( الالياذة والاوديسة ) على المسرح قط كما هي ملحمة ، وانما استلهموا منها و أستفادوامن مجموع الميثولوجيا اليونانية التي كانت متوفرة لديهم ، الافكار والابطال وكتبوا وصاغوا نوعا جديدا من الفن والعرض له قواعده المختلفة الصارمة ، هو (المسرحية). .
ان الادب الطقسي الرافديني القديم ، كما هو حال آداب الشعوب القديمة الأخرى ، زاخر أيضا ببذورفن المسرحية ، لاسيما الحواريات التي لم يكتمل فيها شروط المسرح ، فمثلا لو أجتزأنا الحوار الذي تم في اللقاء بين كلكامش وانكيدو بعد موته ، يتحدث انكيدو عن عذابات القبر وأهوال العالم السفلي في أحد مقاطع ملحمة كلكامش ، بقى مجرد حوارعارض كجزء من الملحمة ، لم يتغير أو يستخدمه شخحص آخر بشكل ارقى يقترب من المسرح ، ولو كان المسرح كظاهرة معروفة آنذاك ، لوجد حتما هذا المقطع ، ومقاطع أخرى كثيرة طريقها الى الأقتباس الى المسرح ، ولأمكن ان نصنف مواضيعها بجدارة بمقام مواضيع التراجيديات العظيمة التي وجدناها فيما بعد عند اليونان ،
أن الألواح الطينية الكثيرة التي عثر عليها في المعابد القديمة وفي مكتبة آشور بانيبال في نينوى والقصور الملكية الاخرى ، تحوي على العشرات من التعاويذ والحوارات المبثوثة كمقاطع في النصوص المختلفة او بشكل منفصل ، التي يغلب على بعضها طابع الحوار والجدل البسيط ، وتخوض أحيانا في مواضيع ليست دينية تماما ، بعضها تعليمي حياتي يلقن بها الاطفال الذين يتعلمون الكتابة والقراءة والعمليات الحسابية الاربعة والطقوس على ايدي الكهنة في المعبد ، فعقل مواطن الرافدين كان يتجه بلا شك في فتراته الاخيرة نحو اعتاب الفلسفة المتقدمه ، الذي لو تم ، لتغير مسار التاريخ العالمي برمته عن ما هو عليه اليوم ، ألا أن الحروب المتتالية وما نجم عنها من انقطاعات حادة في تطور الفكر والحضارة وعدم استقرار النظم السياسية والاجتماعية ، لم تفسح المجال في امام الفكر الرافديني القديم ان يتقدم اكثر ، وتوقف عن النقطة التي واصل منها الاغريق قيادة الحضارة العالمية فيما بعد .
عندما نقول عن الحضارة الاغريقية انها وحدها من دون كل حضارات العالم القديم قد تمكنت من ان تحول الدرامامن طقس ديني موجه الى السماء ، الى حفل دنيوي موجه الى الانسان ، وموضوعه الانسان الذي نعرفه اليوم ، لانها أستطاعت ان تحرر العقل قبل غيرها ، وهذا لايغبط او يقلل من شأن دور الحضارات الرائدة الاساس الاخرى ، والدور المشترك لجميع حضارات العالم المترابط في هذا البناء ، فكما تولد الحضارات في بلد ما ، فانها تموت في نهاية المطاف في هذا البلد ، وتفسح المجال امام ولادة حضارات اخرى في بلدان اخرى .. وهكذا
ويفرض منطق الديالكتيك حتمية تداول الشعوب المتتالي وانتقال مركز قيادة الحضارة في العالم لمن هم اكثر حيوية واحساسا بالعصر .
ان الحضارات الشرقية التوحيدية ، التي لم تتمكن من التقدم بالدراما الموجودة في طقوسها المقدسة ، تعود في الاساس الى طبيعة سكونية وخلود المقدس في هذه الاديان، فالديانة العبرية اكملت اركانها الثابتة وتبلورت في وادي الرافدين ، و في احضان وتحت تأثير حضاراتها القديمة بالذات ، ثم فرزت عنها المسيحية عندما انتقلت الى فلسطين ، وبعدها من على نفس قاعدة التوحيد المشتركة ، نشأ وظهر الاسلام في الجزيرة.
وبقيت هذه الاديان وفية لما كانت تعتقده منزلا عليها من تعاليم كاملة لاتمس ، ولم تتأثر كثيرا بجديد الشعوب الاخرى خلال قروون طويله الا مايعزز من تعاليمها السماوية المطلقة ، وبقيت هذه الحضارات الروحية تدور حول نفسها في حلقة مفرغة منعزلة ، مرتبطة بشدة بقيم الماضي وعقلية عصور نشأتها الاولى ، في الوقت الذي كان فيه العقل في اوربا يقطع اشواطا بعيدة في مجال التحرر من المسلمات الساذجة القديمة في تفسير أسئلة الطبيعة والحياة التقليدية ، واعتمدوا الشك و الجدل والعلم في اكتشاف الحقيقة ، وبرز عندهم الانسان على حساب الآلهة في صنع التاريخ ، ولم يستفق العقل في هذه الحضارات الروحية في المنطقة العربية والشرق خصوصا من السبات ، الا بعد غزو نبليون لمصر ، والثورة الصناعية ، وعندها بدأت المواجهة التي مازالت ضارية بين المركز الجديد للحضارة العالمية ، المسرع الخطى بشكل كاسح و مذهل نحو المستقبل ، وبين قيم الشرق النائم ، ويوثوبيا عوالمه الرومانسية المستحيلة ،
____________________________________________________________________ 1- ( رمز الراعي في بلاد الرافدين )راجع ص5 –ص 11 - الزه زايبرت – ترجمة محمد وحيد خياطه – دار العربي للطباعة والنشر التوزيع– الطبعة الاولى - دمشق 1988 .
2- ( اينانا ودوموزي عند السومريين )راجع ص 15 – ص 25 – س. ن . كريمر – ترجمة نهاد خياطة – دار العربي للطباعة والنشر والتوزيع– الطبعة الاولى – دمشق 1988 .
3- ( الاسطورة في بلاد الرافدين – الخلق والتكوين - ) راجع ص26 – ص 27 – عبدالحميد أحمد - منشورات دار علاء الدين – الطبعة الاولى – دمشق 1988 .
4- من المؤسف ان نذكر هنا ان كتب التاريخ المدرسي الحالية في العراق التي تتناول بشكل خاص الحقب التاريخية الاولى التي تشكلت فيها حضارة وادي الرافدين ، كتبت في العشرينات من القرن الماضي ، من قبل مؤلفين شوفينيين متعصبين قوميا ، ابتعدوا كثيرا في سرد الوقائع والتحليل ، عن الموضوعية المطلوبة في هكذا كتب ، بهدف ابراز دور لايخلوا من الانحياز المبالغ فيه للعرق السامي في خلق وصنع الحضارة الرافدينية القديمة ، وليس أظهار التفاعل معها فحسب كما هو في الواقع ، ولم يتوقفوا طويلا عند السومريين بسبب عرقهم المختلف عن العرق السامي ، وأغفلوا حقيقة فضل السومريين الاوائل بناة اصل الحضارة الرافدينيةعلى الساميين ، التي اخذوا منها الكثير عن طريق الاختلاط بهم ، وفضلهم على السامين الرحل في الاستقرار والتمدن ، وأهملوا في هذه الكتب بشكل واضح مساهمات كل الاقوام الاخرى التي مرت على العراق من غير الاصل السامي في رفد حضارة وادي الرافدين السومرية بهذا القدراوذاك ، في مقدمتهم الفرس والاغريق والرومان ،والحيثيين و الذين نعتوهم بالقبائل الجبلية المتوحشة ، ولم يتطرقوا الى تفاعل المغول الايجابي بالحضارت التي كانت قائمة في البلدان التي فتحوها ، ومن بينها بلاد ما بين النهرين ، ولم يذكروا عنهم لتبشيعهم سوى أخبار جحافلهم المدمرة التي احتلت العراق بقيادة هولاكو . لم يشيروا الى الجانب الآخر من حقائق التاريخ الظرفية ، وهو تشا به سلوك الفاتح الوحشية الواحدة في ذلك الزمان تجاه المدن المفنوحة ، وتجاوزوا حقيقة ان الساميون الاوائل ، البدو النازحون من الصحراء ، الذين كانوا يشبهون باقي الشعوب في هذا الجانب ، لم يكونوا اقل توحشا في اكثر الاحوال ، عن الحيثيين والمغول ، او اكثر تحضرا منهم . ان حقبة الاستيطان والزراعة ونشوء المدينة والدولة والحضارة في التاريخ ، شهدت صراعا دمويا ضاريا ، بين هذه الشعوب المتوطنة المتحضرة المدافعة بضراوةعن منجزاتها ، وبين البدو والرعاة الرحل الغزاة ، ، وقد انتصرت المدينة والمدنية في آخر المطاف في كلا حالتي نتائج الصراع ، أي في حالة رد العدو الخارجي و الانتصار عليه ، او في حالة الاخفاق العسكري في هذه الحرب واضطرارها للآستلام والتراجع ، ففي الحالتين المدينة والتحضر هما المنتصران ، لان المدينة والحضارة استطاعت ان تمتص تتمثل وتعيد صياغة اخلاق الغازي المختلف ، والمتخلف عنها زمنيا بما يناسبها ، ووطنته ومدنته ، و ان هذه العملية اخذت وقتا طويلا من التفاعل والاندماج .
5- عثر على لوح طقسي في آشور ، يتضمن تعليمات حول طريقة الاحتفال برأس السنة البابلية ، يقول بالتحديد بوجوب ( تلاوة ) ( لربما تشخيص ) ملحمة الخليقة في اليوم الرابع بالتحديد ، ويحتوي النص على مقطع مجتزأ طويل ، ويحتمل ان اكثر من عرض واحد ذا طابع طقسي كان يشخص في هذا اليوم ، فالملحمه تبدأ بأفتتاحية بعبارة ( عندما كان .... ) على خلاف ملحمة كلكامش الآدبية التي لاتتضمن افتتاحية كهذه ، في ملحمة كلكامش نلمس دوما وجود مستمع يتابع بشغف مسيرة البطل ، ويطالب بتفاصيل رحلته الجديدة عليه ، وهو مستقل ومنفصل عن ما يجري فيها ، كأي متلقي محايد لعمل يغيب عنه الشروط التي لابد منها في القطعة الطقسية ، بينما في ملحمة الخليقة قد صيغت بأسلوب يشوبه الغموض يغيب عنه الجمهور الذي يبدو انه جزء مشارك في اعادة صياغة احداث الملحمة ، مما يدلل على ان الهدف من الملحمة هو التأثير في الجمهور واشراكه في فعل الملحمة كطقس ، على سبيل المثا ل لو قارنا وصف قوس مردوخ في ملحمة الخليقة ، بسائر الاسلحه التي توصف في ملحمة كلكامش ، في ملحمة الخليقة الوصف مقتضب ويركز على الفعل فقط تقول – (هو خلق قوسا واستخدمه سلاحا ، وبهذا السلاح نحرت تيامت ، وأنتهت الفوضى .. ) أي اننا لانلمس ان هناك جمهورا حاضرا يسأ ل كيف تمت ؟ وكم كلفت ؟ لكننا في ملحمة كلكامش يتم اعلامنا بالكيفية ( جلس الحرفيون ، وفكروا بالأمر ، صنعوا فؤوس الباشوم ، وصنعوا سيوف الحصينوم ، كل واحدة منها ثلاث وزنات ، وسكبوا سيوفا عظيمة تصل الواحدة منها وزنتين ...الخ) راجع ص 278 ( اساطير من بلاد الرافدين - ستيفاني دالي – ترجمة نجوى نصر – الناشر بيسان للنشر والتوزيع – بيروت 1997
6- أكيتو او اعياد رأس السنة البابلية - كراس لطه باقر – بغداد – 1961 .
#لطيف_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصول من تاريخ المسرح العراقي - الفنانون الذين أضطروا لحمل ال
...
-
فصول من تاريخ المسرح العراقي - المسرح العراقي في الخارج
-
فصول من تاريخ المسرح العراقي - كربلاء وتشابيه المقتل والتعاز
...
-
فصول من تاريخ المسرح العراقي - دين الاسلام وفن المسرح في الع
...
-
حول مشروعي البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي
المزيد.....
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
-
الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا
...
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|