|
في بوادر حسن النوايا الإسرائيلية
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 2014 - 2007 / 8 / 21 - 10:41
المحور:
القضية الفلسطينية
.......في كل قمة تجمع الرئيس الفلسطيني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي " أولمرت "، يجري الحديث عن بوادر حسن نية إسرائيلية تجاه الفلسطينين، وما أن تنفض القمة حتى نكتشف أن مثل حسن النوايا هذه، يجري التخلي عنها تحت حجج وذرائع أن تنفيذها من شانه الإضرار بما يسمى بأمن إسرائيل، وكأن الذي يحتاج الأمن هم الإسرائيليين، وليس شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض بشكل ممنهج ومنظم ورسمي لحملة من القمع الإسرائيلي المتواصل والتي تطال البشر والشجر والحجر، ولعل الجميع شاهد صور التنكيل بالأطفال الفلسطينيين على الحواجز الإسرائيليلة التي التقطها وبثتها الصحافة الإسرائيلية، والجميع يذكر أنه في القمة الأخيرة التي جمعت عباس مع " أولمرت " جرى الحديث عن إزالة حواجز " محاسيم " طيارة وحواجز ثابتة، للتسهيل على الشعب الفلسطيني على الأقل في إطار الحركة والتواصل والتنقل، لكي نكتشف أن " الجبل تمخض فولد فأراً " حيث أن الحواجز الثابتة والمقدر عددها ب82 وأكثر من 452 حاجز طيار أخذة بالزيادة، حيث أن أي مسافر من القدس إلى بيت لحم يلحظ ذلك بوضوح تام، فأكثر من خمسة إلى ست حواجز يومياُ في الطريق تستوقف الفلسطيني وتعيث تفتيشاً في أدق خصوصياته وتدمر نفسيته وتجعله " يعاف " جلده، وكل ذلك من أجل السلام وخدمة السلام، وأنا متيقن لو أن 1/100 من هذه الممارسات إستخدمت بحق أي مواطن إسرائيلي لقامت الدنيا وما قعدت حول إنتهاك حقوق الإنسان واللاسامية، ولربما تطلب أمريكيا جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث هذه المسألة، أما إذا كان الأمر يتعلق بفلسطيني أو عربي فهذا عمل مشروع ، لأن كل فلسطيني ، بل وحتى عربي هو مشروع " إرهابي " حتى يثبت عكس ذلك، عدا التفتيش على الحواجز الثابتة والذي أصبح دخولاً وخروجاً ، وعندما يجري الحديث عن أن إسرائيل تدرس القيام ببوادر حسن نية في شهر رمضان الفضيل مثل إطلاق سراح أسرى، وهذه " السمفونية " التي باتت لا تقنع حتى أصغر طفل فلسطيني ، وهي تأتي فقط من أجل ذر الرماد في العيون، فهذا الملف حتى هذه اللحظة لم يجري بحثه بشكل جدي، وإسرائيل ترى في الأسرى الفلسطينيين ورقة مساومة وإبتزاز، ومقابل إطلاق سراح جزء مهم منهم ، فإنه يتوجب على الفلسطينيين تقديم ثمن سياسي ،وهم يتعاملون معنا بلغة التاجر " شايلوك " ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق " نتنياهو " قال أنه لن يحصل الفلسطينيون على شيء مجاناً ومقابل حصولهم على أي شيء وحتى لو كانت حقوقهم الشرعية ، فعليهم ان يدفعوا ثمناً مقابل ذلك ، فمقابل 255 أسير فلسطيني شارفت محكومياتهم على الإنتهاء أطلقت إسرائيل سراحهم مؤخراً، بعد طول جدال ونقاش في المؤسسات الأمنية والدوائر العسكرية الإسرائيلية، فيما يسمى ببوادر حسن النية، جرى إعتقال 350 فلسطيني في الثلاثة أسابيع الأخيرة ، تحت حجج وذرائع أنهم مطلوبون لأجهزة الأمن الإسرائيلية، وزيادة تصاريح دخول العمال اللسطينيون إلى داخل الخط الأخضر من أجل العمل، أو السماح لسكان الضفة بالدخول إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى، نجد ان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي " آفي ديختر " يحذر من أن مثل هذه التسهيلات قد تمس بالأمن الإسرائيلي، فإذا كانت مثل هذه الأمور الإنسانية، تشكل خطرا على أمن إسرائيل، فهذا يعني أن الذهنية والعقلية الإسرائيلية القائمة على الإستعلاء والغطرسة ومنطق القوة، غير مستعدة وجاهزة لصنع سلام مع الشعب الفلسطيني، وهي تريد من اللقاءات مع الجانب الفلسطيني، مجرد لقاءات أعلامية وعلاقات عامة، والظهور أمام العالم وكأن إسرائيل معنية بالسلام، والمفاوضات من أجل المفاوضات، أي مفاوضات عبثية لا تقود إلى إنهاء الإحتلال وإقامة دولة فلسطينية ، و"أولمرت " نفسه والذي أشبعنا وأتحفنا حديثاً وتطبلاً وتزميراً عن التنازلات المؤلمة مع الفلسطينيين في سبيل السلام ، صرح بشكل واضح ولا لبس فيه ولا يقبل التأويل، أنه لا لعودة اللاجئين الفلسطينين، ولا للعودة لحدود الرابع من حزيران/ 1967، والقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وضمن هذه الرؤيا وهذا المنطق الإسرائيلي، لا أعرف عن أي سلام يجري الحديث ؟، وعن أية بوادر حسن نية ؟ أم أن الزعماء والقيادات العربية والفلسطينية، والذين يواصلون تقديم التنازلات المجانية لإسرائيل، تحت يافطة هجوم السلام العربي، لكشف إسرائيل وتعريتها وفضحها، والذي يصل بنا لتلبية كل الإشتراطات والإملاءات الإسرائيلية، بإسم الواقعية والعقلانية ومحاربة التطرف، وغير ذلك من الإسطوانة المشروخة والبضاعة الفاسدة ، التي من الصعب تسويقها وبيعها، وفي المقابل كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي من أقصى ما يسمى باليسار الصهيوني " لطيف دوري " وحتى أقصى اليمين الإسرائيلي " آفي إيتام " وليبرمان " متفقين على لاءاتهم، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين ولا لعودة القدس، وهي عاصمة أبدية لإسرائيل، ولا لإزالة الكتل الإستيطانية الكبرى، وهل تحت يافطة ما يسمى بالعقلانية والواقعية، مطلوب منا وإذا ما رفضت إسرائيل القبول بقرارات الشرعية الدولية، أن نتخلى عنها لصالح الرفض الإسرائيلي ، حتى لا نتهم " بالأرهاب " وبعدم الرغبة في السلام ، فنحن العرب تخلينا عن كل ثوابتنا ولاءاتنا ، فمن لاءات الخرطوم الثلاثة لا للصلح ولا للمفاوضات ولا للإعتراف، إلى نعم للصلح والمفاوضات والتطبيع قبل الإعتراف، وإسرائيل تواصل تعنتها ورفضها والتعاطي معنا وفق منطق الغطرسة والقوة، وكلما رفضت مطلوب منا نحن أن نتنازل ونستجيب، هذه التنازلات والإستجابات، اوصلتنا إلى حد أن يعتبر وزير الأمن الداخلي " آفي ديختر " أنه مجرد تقديم تسهيلات في النواحي الإنسانية للسكان المحتليين، والتي كفلتها كافة الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، أنها تنازلات مؤلمة وقد تضر بأمن إسرائيل، وهم يريدون أن يوصلنا إلى أن مجرد السماح لنا كفلسطينين بالصلاة في الأقصى أو حتى الدخول إلى القدس وداخل الخط الأخضر من أجل العلاج والعمل، هو بمثابة تنازلات مؤلمة وهذا أقصى ما يستطعيون تقديمه ، فلا دولة ولا عودة ولا قدس ولا حدود، ونحن الفلسطينيون بحاجة إلى أن نعي جيداً، أنه بدون وحدتنا وإستمرار تمسكنا بحقوقنا وثوابتنا ، فإن الإحتلال سيختزل حقوقنا إلى مجرد قضايا إنسانية تصريح عمل هنا ، وإزالة كومة تراب هناك ، والسماح بالوصول إلى القدس من أجل الصلاة في الأقصى أو زيارة الأماكن المقدسة، أو تصريح لعمل أو جلب بضاعة من داخل الخط الأخضر وغيرها . بقلم راسم عبيدات القدس – فلسطين 20/8/2007
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين سماحة الشيخ حسن نصر الله ووليد جنبلاط
-
الساحة الفلسطينية ومسلسل الجواسيس
-
القدس قبل عشرين عاماً
-
القدس هجمة إسرائيلية
-
ضيعونا ما بين غزة ورام الله
-
الملف الفلسطيني بين - لافروف - و - رايس -
-
أعراس - للفشخرة - والجاه الإجتماعي
-
دور مؤسسات المجتمع المدني في الخروج من المأزق الفلسطيني الحا
...
-
حسن النوايا / تمخض الجبل فولد فأراً
-
فلسطينياً / المطلوب توحيد الجهد المبادراتي
-
من مالكي بغداد إلى مالكي رام الله
-
لا يجوز الإستقواء بمؤسسات فاقدة لشرعيتها
-
بعد تحرير - آلن جونستون - المطلوب جمع سلاح العشائر و- طخيخة
...
-
-أولمرت - وملف الأسرى الفلسطينيون
-
قمة العقبة لم تزل حاجز العوجا ، وقمة شرم الشيخ لن تزل حاجز ح
...
-
سياسة العصا والجزرة التي قوضت أوسلو ، هل تقوض حكومة الطوارىء
...
-
شرعية ولا شرعية حكومة فتحسطين وحكومة حماسستان
-
غزة والسيناريوهات المحتملة
-
رسائل - أولمرت - لبشار الأسد
-
الصيف يزداد سخونة على الجبهة السورية..
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|