ليس غريبا أن يتخذ البرلمان التركي قرارا ليس في صالح الأمة التركية ولا في صالح العراق ، طالما أن النظرة قصيرة المدى تتحكم في هذا البرلمان .
إن إرسال قوات تركية إلى العراق في الوقت الذي يرفض فيه مجلس الحكم العراقي هذا الإجراء ، يجعل من القوات التركية جيشا غير مرغوب فيه ، سيما وان مجلس الحكم يمثل غالبية أو معظم القوى السياسية العراقية ، بأحزابها وأطيافها التي تمثل القوميات المختلفة في العراق من العرب والكرد والتركمان والكلدان والاشور وغيرهم .
إن إرسال قوات عسكرية تركية ما هو إلا نتيجة لحسابات خاطئة من الضروري التنبيه عليها وتصحيحها، وسيتضح هذا الخطأ اكثر يوم تقع الخسائر بين الجنود الأتراك الذين سيصبحون لقمة سائغة لقوى متعددة لن تتوانى في إيقاع اكبر الخسائر بها .وقد كانت للقوات السورية تجربة مماثلة أواسط أعوام الستينات من القرن الماضي إذ أرسلت إلى كردستان العراق للمساهمة في الحرب القذرة ضد الشعب الكردي فعادت إلى بلادها تئن تحت وطأة الخسائر رغم أن الجيش السوري اكثر قربا للعراقيين من الجيش التركي الذي لا يكن له العراقيون كثيرا من الود ، وبصراحة نقول إن تورط الجيش التركي في العراق سيجعل منه طرفا في معادلات جديدة عليه أن يتوقع نتائجها الفادحة .
وبهذه المناسبة ندعو القوى السياسية التركية إلى العمل الجاد على منع هذه الحملة العسكرية من التوجه إلى العراق قبل فوات الأوان ، وان الأحزاب التركية تقامر بمستقبلها السياسي إن هي تطامنت إلى مثل هذه القرارات التي لن تعود إلا بالمتاعب والمشاكل للامة التركية التي تعيش فوضى المشاكل السياسية والاقتصادية .
وفي الوقت نفسه يتحتم على القوى الوطنية العراقية وتنظيماتها في الخارج تنظيم حملة إعلامية واسعة لمعارضة قرار الحكومة التركية والتأثير على الرأي العام الأوربي ليضغط على تركيا لتغيير قرارها بأسرع وقت خدمة لمصلحة البلدين العراق وتركيا ، وتجنبا لوضع المزيد من الحطب على النيران المشتعلة في العراق ، خاصة وان تدخل دولة جارة مثل تركيا في العراق يفتح شهية الدول الأخرى المجاورة لزج أنوفها في الساحة العراقية المتشابكة والحافلة بما لا طاقة للعراقيين على تحمله ، وان افضل الحلول للقضية العراقية هو أن يترك الأمر للعراقيين أنفسهم لوضع الأمور في نصابها .
• كاتب وأستاذ جامعي / رئيس نادي القلم العراقي في السويد