|
ع الماشي/ لندن الشعراء والحلم
أحمد الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2013 - 2007 / 8 / 20 - 06:56
المحور:
الادب والفن
عن تداعيات زيارة لندن الأخيرة – والأولى في خمس ٍ وأربعين عاما ً- والتي شاءت لها الأقدار أن تكون بعد عامين بالتمام والكمال (07-07-07)، عقب تفجيرات أنفاقها المرير... لندن جمهورالعلماءِ والمفكرينَ التي أريد، لامشوهي وجهها بالتاريخ من بلفورد وأيدن ورهط وزراء خارجيتها المتعاقبين، ووزارة المستعمرات والكومنويلث. أيقتضي الأمر أن أقول لكم بأني قبّلت أرض مطارها عند الهبوط كي تصدقوا بأني أمقت ذاك الأرهاب الأعمى الذي أودى بحيوات الخمسة والخمسين الأبرياء في محطة الأنفاق، ومادامَ يودي بالعشرات من أبناء جلدتي كل يومٍ هناك بالعراق؟ ...حسنا ً أنكم تصدقون، ولكن نصيحتي ألا تحاولوا القراءة كثيرا ً بين السطور فعبثا تفعلون، لأن محبة ً لاللغزاة في أرض البصرة مسقط رأسي، فلا تزايدنّ عليّ في ذلك ... فأني أستوي بذاك والحسن البصري ذاته...ولكني -إن تسأل ِ- قد قبلتُ الأرض بين يدي ويليام شكسبير وجورج برناردشو، تشارلز ديكنز وجورج صاند، تشارلز داروين واسحاق نيوتن...وفريدريك أنجلز. نعم أنا ابن الفيحاء وجامعتها الغراء...أنا ابن التانمةِ (1)، أنا نديمُ معتقي (المستكي) من أجود تمورها...وإن مات لي من الخؤولة فرد ٌ متشمعُ الكبدِ منها، لهوَ خيرٌ من متشمعي العقول بها، لايقرعون الأكؤس منها صرفة ً خشية أختلاط الراحِ بالماء ِ، يحيلُ صفاءَها كدرا ً ملامسة ُ بعض ِالثلج ِعلى استحياء ِ. وقوفا ً على الاطلال بها صحبي، لندنُ الشقراءُ وساحة ُ البيكاديللي أنيسة ُ الناظرِ، وضالّةُ الزائرالحائر ِ، قد ضُمِّنت الدراما بساحة الطرفِ الأغرِّ خطبة المجد الغابر، تستنهض همم البريط (2) أثكلهم موت حبيبهم هازمُ المغامر ِ (3). ونفقها الذي تجسدُ جدرانُه ملحمةَ َ ثورةِ الصناعةِ، معجزةَ الماضي والحاضر ِ. وقفة ً بأحد سباع الركن للصرح ِ الشامخ ِ تحية ٌ، وحسبُ تحيةِ أبن السبيل العابر ِ جديرة ٌ بمن أوقف الماردَ عن غيّه وأعاده الى قمقمهِ، فمنعها من غزوٍ جائر ِ . ما لنزيل الحفرةِ لم يُقم صرح صلاح الدين أعلى من لوردهم شبرا ً بشابرِ. ولكن لامني سكان المقابرالجماعية فطأطأت لهم أحتراما ً، أن جرمَهُ فينا مزوّقٌ بالدم الخاثر ِ . تقهقرت ُ عائدا ً أدراجي الى (شبربوش) حسب نطق أبناء جلدتي لها وقد ظننتها من منازل الجوادر ِ. فلما نزلت بها وجدتها (shepherd bush) عشبة الراعي أو نحو ذاك، ولكن هيهات أن أنطقها كذا، أحتراما ً للتعريب الحاصل في أسمائها على يد النسيبِ والرهطِ الثائر ِ . لمضيفي مسكنٌ بضواحيها الخرِبةِ، والتي صارت تنوء بالحمل مما أختلط الصواميل بالهنود فيها نثرة ناثر ِ . قد تذكرت شكوى أحد شعرائنا الذي تبرم من العيش فيها وقد شكى من براز الكلاب على أرصفتها! اليوم أشكو له براز الهنود على وجهها، وبصاقهم في وجه سائحيها القادمين من جهة المشرق، لأنهم أبدا ً أتباع العنصرالقوقازي او الآري الآسر ِ. قد سائتني معاملتهم الفجة وهم الباعة والنادلين، الأدلاّء والمنادين في كل المحافل والميادين، وهم معشر التجار والسماسر ِ . ولكن لابأس فأنها لبغدادَ أخت ٌ بشوارعها الواسعة والمكتظة بالحافلات الحُمر ِ مزدوجة الطوابق تموج بين أعالي الأشجار غير عابئة ٍ بما تحتها من الزحام العابر ِ . دلفتها هروبا ً من (أجوَر رود) المكتض بالخليجيات، تُسلـّمني الى ثعابين الأنفاق في جادّة (أوكسفورد)، تبتلعني (الحية) تارةً وأخرى أرتقي (الأدرجا)، بجوّها الماطر ِ. كان لأسماءِ المحطاتِ وقعا ً يستعيد من ذكرى الطفولةِ لعبة َ نَرْد. (4) مدائنٌ حفرت أسماءَها عميقا ً بذاكرةِ التاريخ ِلارقعةَ َ اللعبِ قـَط. سأرتاد المحطاتِ كما رواها الحلمُ، دون عناءِ من لايعرف الخط. وياجرذانَ متفجراتٍ سحقا ً................كفيلٌ بهزيمتكم محظ ُ قِط. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) التانمة أصل التنومة /وهي ماأستوى من الأرض البطحاء بين مصبين مائيين...يُراد بهما الكارون وشط العرب، يوم كانت الأحوازُ أمارةً عربية ً واحدة...فلما تقهقرت الى حدودها الحالية، سميت تصغيرا التنّومة، ولازال يحدها شط العرب وجدول تفرع منه اسمه نهر الحوامد/نسبة ً للقبيلة المعروفة بها/.....أخرجه ُ الزيدي أحمد.
(2) البريطانيين أختصارا ً على وصف قائدهم والترجمة المطابقة للكاتب.
(3) اللورد نيلسون الذي هزم نابليون بونابارت في موقعة واترلو.
(4) لعبة عالمية اسمها "مونوبولي"...نسختها المحلية تعرف بلعبة بغداد.
#أحمد_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|