|
لليسار در
حيدر عوض الله
الحوار المتمدن-العدد: 2013 - 2007 / 8 / 20 - 05:34
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ زمن لا بأس به، ينشغل اليسار الفلسطيني على تنوعه السياسي بأسئلته الوجودية الخاصة بمستقبله وموقعه في النظام السياسي والاجتماعي الفلسطيني غير المتبلور حتى اللحظة لأسباب عديدة، أهمها الاحتلال الإسرائيلي و أخطرها انقلاب حركة حماس كقوة سياسية رئيسية على الإطار المؤسسي الناشئ للنظام السياسي وتفجيره، في محاولة معلنة لإنتاج منظومة سياسية قائمة على احتكار السلطة، واحتلال النظام السياسي بكامله، ولفظ التعددية السياسية، باعتبارها خطراً رئيسياً على حاكميتها السياسية. والسبب الثالث ذو مدلول بنيوي؛ وهو ميوعة النظام الاجتماعي الفلسطيني؛ أي عدم تبلور كتل اجتماعية واضحة الهوية والمصالح تنتج حركة سياسية معبرة عنها وعن مصالحها، في مواجهة كتل اجتماعية مضادة لها بالمصالح والأهداف. ومن هنا ليس مفاجئاً أن تعثر في الخريطة الاجتماعية للأحزاب الفلسطينية على تمثيل لكتل وفئات اجتماعية متناقضة من حيث المكانة والمصلحة الاجتماعية والاقتصادية، وهذا الوضع يعبر بصورة مباشرة عن حقيقة هلامية وهشاشة التبلور الاجتماعي جراء افتقاد القواعد الإنتاجية والتنموية التي يتبلور موقع ومكانة الكتل الاجتماعية على أساسها، ناهيك طبعاً عن التشوهات الاجتماعية والحضرية التي ينتجها الريف والمخيم كأحزمة فقر تلعب دور سياسي واجتماعي وسيكولوجي مشوّه، تشوّه موقعهم الاجتماعي في العملية الإنتاجية والتنموية. هذه التشوهات والميوعة المزمنة في التبلور والاصطفاف الاجتماعي والإنتاجي، تنتج بالضرورة تشوهاً سياسياً وفكرياً استناداً إلى العلاقة الجدلية بين البنية التحتية والفوقية، وهذا التشوّه يمتد لأحزابها السياسية ومؤسساتها المدنية باعتبارها جزءاً من البنى الفوقية. من هنا نفهم المساومات التي لاتنتهي للأحزاب السياسية على تعارض برامجها، مع بعضها البعض. وبالرغم من انتمائي الفكري للماركسية، فإنني بت على قناعة شبه راسخة بأن كسر مسار الجمود والتشّوه في البنى الاجتماعية وسياقاتها السياسية في هذه المنطقة، التي يمسك فيها "الأموات بتلابيب الأحياء"، لايتحقق إلا بشرط إطلاق العنان للحياة الليبرالية، خاصة ببعديها السياسي والاجتماعي، كمقدمة يبدو أن لاغنى عنها لتحقيق مقدمات الحداثة. ألم تزدهر الماركسية في الحاضنة الليبرالية؟؟ يعتقد اليسار الفلسطيني أن الظروف ناضجة تماماً لولادة حركة سياسية جامعة لكل القوى اليسارية التي تتشابه بالبرنامج الاجتماعي وإلى حد ما برؤية النهاية المتوجبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعليّ أن أعترف بأنني ممن بذلوا جهداً في البحث عن الصيغة السحرية لولادة هذه القوة اليسارية المنشودة، دون أن أوفق، ولا أعتقد أن أياً من المتحمسين لهذه القوة، أفراداً وأحزاباً، قد عثروا على ضالتهم لهكذا ميلاد، بالرغم من التداخل الشديد للوطني بالاجتماعي الناجم عن تشكل السلطة الوطنية الفلسطينية وضلوعها المباشر في إدارة احتياجات سكانها المتنوعة. وإذا تجاوزنا "التشاطر" الفصائلي لبعض القوى اليسارية في استخدام بعض الأشكال الوحدوية التي أقيمت على طريق بناء "حركة اليسار" لتحقيق مكاسب تنظيمية صغيرة ومباشرة ثم انهارت، فإن مهمة كهذه تبدو شبه مستحيلة بالرغم من نضج الظرف السياسي المباشر ليس إلا، ولا نعني السياسية هنا باعتبارها تكثيفاً لنضج اقتصادي واجتماعي، بل بالمدلول المباشر لها ، أي صراع سياسي مباشر على السلطة وسط مخاطر تفكك "النظام" السياسي الوطني جراء الصراع الطاحن بين القوتين الرئيستين، والذي تسببت فيه وبشكل مباشر حركة حماس. فاليسار الفلسطيني لم ينمُ كحركة يسارية في أتون معارك اجتماعية وفكرية واضحة، بل نما نظرياً على أساس اصطفاف برنامجي- أيديولوجي، وتمثيل نظري ليس إلا. ففي الوقت الذي اكتظت فيه برامج اليسار بالدعوات لتمكين الفئات الكادحة والفقيرة، كانت قوة سياسية كحركة حماس، المؤمنة عقائدياً بالتراتب الطبقي كقدر ميتافيزيقي، تقدم إجابات ملموسة لمشكلة كتلة كبيرة من السكان فقيرة ومحتاجة من خلال عشرات الجمعيات الخيرية، الممولة طبعاً لأغراض سياسية بحتة. وفي إطار هذه المعركة غير المتكافئة بين البيانات اليسارية والكوبونات الحمساوية، استطاعت حركة حماس أن تصوغ قاعدتها الاجتماعية المعدة تكتيكياً لرفعها إلى السلطة، وهي قاعدة تتعامل بحكم التشوهات والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية البنيوية مع مصالحها المباشرة اليومية، متجاوزة مصالحها الإستراتيجية التي تعبر عنها نظرياً قوى اليسار. إن استمرار انهيار محاولات اليسار لبناء حركة يسارية جامعة يعود بالأساس إلى ميوعة وتفتت القواعد الاجتماعية التي تستند إليها، ناهيك عن انشغاله بكل ما هو يومي وتكتيكي، "وتقديس" هياكله التنظيمية الضيقة وشبه النخبوية باعتبارها هدفاً وجودياً من الدرجة الأولى!!
#حيدر_عوض_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تضليل بامتياز
-
قواعد جديدة
-
تقاطع مصالح
-
المربع الذهبي
-
كلام قي اوانه
-
لعبة جديدة
-
اغتراب النص في الخطاب الديني
-
ايران في مرمى النيران
-
اوهام متجددة
-
انهيار التنظير القومي للوحدة
-
العولمة
-
انتحار معلن
-
فتح- استنفذت قدرتها على هضم تناقضاتها الداخلية على مفترق طرق
...
-
الدمقراطية المتوحشة
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|