حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 2011 - 2007 / 8 / 18 - 10:31
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
خبر صغير ورد فى جريدة الاهرام المصرية بتاريخ 17-8-2007 حول حادث غرق صبيين صغيرين لا يزيد عمر كل منهما عن اربعةعشر عاما, وذلك اثناء استحمامهما فى نهر النيل بالقرب من مدينة شبرا الخيمة المصرية, حوادث الغرق والمرور والقتل والانتحار حوادث يومية. يروح ضحيتها شبان وشابات, وكذلك
اطفال ومعمرين , وهناك ماسى وفواجع قد تجدها وراء الكثير من الاحداث التى تؤدى الى مصرع الانسان فى مصر , احيانا يكون الفقر الشديد سببا, واحيانا كثيرة يكون الموت بسبب جنون الرفاهية, واحيانا اخرى يكمن السبب فى اشتداد وطأة الظلم والتسلط والفساد .
لكن حادث احمد وبيشوى كان حادثا مختلفا , وكأنما وقع ليقول لنا كمصريين انتبهوا , لا تدمروا انفسكم , لا تسيروا الى الجحيم بارجلكم , ولا تتبعوا خطوات الشيطان, ولا تسيروا فى ركاب الشر والشرير, لقد دفعت الحاجة الى الترفيه البرىء , وارتفاع درجة حرارة الجو , وانعدام الفرص امام هذين الصديقين, الذين
يقضيان اجازة الصيف فى حيهما العشوائى الخانق ,الى ان يقررا الذهاب الى النهر القريب للاستحمام والتصييف المجانى, البديل المتاح امامهما , فهما لا يملكان القدرة على السفر حتى الى شاطىء الاسماعيلية القريب , ولا كان لديهما عضوية باحد الاندية التى بها حمامات سباحة.
باقى القصة معروف ومعلوم كما نشر , نزل الصديقان اللذان لا يفترقان الى النيل , ثم خرج بيشوى لشعوره بالارهاق , فاذا به يجد صديقه احمد يصارع الغرق, فهرع لانقاذه , فغرقا معا الى الابد , وانتشلت جثتيهما ليتم اكتشاف انهما ممسكين بايدى بعضهما حتى النهاية, هذه هى القصة وهذه هى النهاية, ولدا فى حى واحد وتصادقا فى حى واحد , وعانيا معا الفقر والحاجة , كما تشاقيا وغامرا واستمتعا فى نهر وارض واحدة حتى ماتا معا تحت نفس الظرف والواقع.
الذى انا متأكد منه ان المقدس بيشوى والمرحوم احمد , لم يكونا قد تلوثا بعد , كانا مصريان حقيقيان , لم يهتما بترهات واحقاد تهم من يروجها ويعمل من اجلها,ولا اهتم اهلهما بترسيب وترضيع القيم المتخلفة المتدنية التى تؤدى الى رفض كل منهما للاخر , كما انهما كانا فى سن البراءة والفطرة السوية , تلك الفطرة التى جعلت بيشوى يهرع الى انقاذ صديقه , دون اية حسابات , ترتكز على الانانية الفردية المتفشية , او ترتكز على نظرة عنصرية تتمنى موت الاخر وفنائه , تماهيا مع احقاد ودوافع شنيعة غير انسانية او حتى حيوانية, مات بيشوى واحمد نموذج المصريان الاصيلان اللذان لم يحجر على افكارهما خائن , ولم يهتك برائتهما جاهل .
المجد لله فى الاعالى و وفى الناس المسرة وعلى مصر السلام , وانا لله وانا اليه راجعون ---
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟