زياد اللهاليه
الحوار المتمدن-العدد: 2010 - 2007 / 8 / 17 - 09:39
المحور:
القضية الفلسطينية
بالأمس القريب ومنذ ثلاثة عشر عاما وحركة حماس تنتقد كل شاردة وواردة من ممارسات السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية من الاعتقالات السياسية التي طالت كل القوى الوطنية والإسلامية الرافضة لاتفاقات أوسلو وما أفرزته تلك الاتفاقيات من تداعيات على المشروع الوطني الفلسطيني برمته والاستفراد بالقرار السياسي الوطني الي ان جاءت التجربة الديمقراطية وما أفرزته من انتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية أوصلت الإخوة في حركة حماس الى السلطة لتنقلب بعد ذلك علي السلطة وتأخذ بخيار الحسم العسكري الدموي في قطاع وما افرزه هذا الانقلاب من تداعيات على القضية الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني وتقسيم وحدة الوطن الى كنتونات سياسية وتدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني والذي أصاب الشارع الفلسطيني بالوهن واليأس وفقدان الأمل وما يحدث في قطاع غزة من فضائع تفوق التصور والقدرة على الاحتمال من القتل والاعتقالات السياسية وكبح وقمع الحريات وانتهاك الحرمات وتحويل السلطة الى سلطة بوليسية لهو دليل قاطع على ان هذه الممارسات غريبة عن ثقافة وتقاليد وسلوك شعبنا ولا تمت الى ديننا الحنيف بصلة وإنما تعبر عن ثقافة مهزومة ومأزومة وعن فكر سياسي وأيدلوجي قائم على إنكار وقتل واجتثاث الآخر معزز ومطعم بثقافة الديماغوجيه واستغلال العواطف الدينية لدي المجتمع الفلسطيني والعربي والإسلامي لتحقيق مآرب وأهداف سياسية حزبية رخيصة وضيقة وإصدار فتاوى تبيح استباحة الدم الفلسطيني تحت مسميات وأحكام لا تمت الى الدين الإسلامي بصلة والإسلام منها براء وان دلت على شئ إنما تدل على مدي الانحطاط السياسي والأخلاقي والقيمي والإنساني لمصدري تلك الفتاوى ومطبقيها وتعبر عن مدي الانحدار التعبوي والثقافي والتنظيمي والإفلاس الفكري والسياسي وتعبير حقيقي عن حالة التخبط والدوران في حلقة مفرغة
لقد انتقدنا منذ البداية حالة الاستقطاب والصراع مابين فتح وحماس وقلنا من البداية ان تناقضنا وصراعنا مع الاحتلال فقط ويجب ان لا نحرف البندقية الفلسطينية عن مسارها وأهدافها لكي لاتتحول الى بندقية فلتان وبندقية مأجورة تأتمر بأوامر خارجية وقلنا ان المستفيد الوحيد من الصراع الداخلي هو الاحتلال اولا وأخيرا ولا يوجد فلسطينيا ما نتصارع علية فكل شئ وهمي وحتى ما يسمي السلطة هو وهمي وحذرنا من الانجرار الى حرب أهلية حتى آلت الأحداث الى ما آلت إليه من أحداث دموية لم تشفع لأحد لا إخوة السلاح ولاحرمة الدم الفلسطيني كل شئ استبيح وانتهك ولم يبقى خطوط حمراء او حرمة لشئ
ان محاولة حركة حماس إخفاء صراعها على السلطة والمراكز والمناصب والمصالح والاستفراد بالقرار الوطني والسياسي مع حركة فتح بل ومنظمة التحرير الفلسطينية وتحويله وكأنة صراع مابين فسطاطين فسطاط الحق وفسطاط الباطل , بين الخونة والعملاء وبين المقاومة والشرفاء , بين التنازل والتفريط وبين التمسك بالثوابت ومابين الاستسلام والخنوع ومابين المقاومة والصمود هو دليل حقيقي على التضليل والخداع والأكاذيب التي تروج لها حركة حماس عبر وسائل الأعلام التى تمتلكها وعلى رأسها فضائية الأقصى التي كان لها الدور الكبير في زرع بذور الفتنة والانقسام والتحريض على القتل والنهب والسلب وإثارة الفتن والإشاعات وتشويه صورة المقاومة والمقاوم الفلسطيني , باعتبار ان من خاض الكفاح المسلح من خمسينيات القرن الماضي وحول قضية الشعب الفلسطيني من قضية لاجئين الى قضية شعب ووطن وخاض الحروب من معركة الكرامة الى حرب الاستنزاف ضد الاحتلال الى قلعة الشقيف وسن الفيل وبيروت الغربية الى خطف الطائرات ليلى خالد ووديع حداد ودلال المغربي وابو جهاد وابو عمار وابو على مصطفي وعمر القاسم والانتفاضة الأولى والثانية والأجنحة العسكرية لمنظمة التحرير وغيرهم والقائمة طويلة وسجل الشرف حافل وغني ومعروف للقاصي والداني فيما تعتبر حركة حماس من عمر اصغر شبل من اشبال الثورة الفلسطينية بالمقابل تتشدق حركة حماس بالثوابت والمقاومة وعدم الاعترف بالاحتلال ومن وراء الكواليس
تقوم الحركة بالبحث عن قناة اتصال او وساطة من اجل فتح حوار للمساومة على القضية الفلسطينية كما فعل السيد احمد يوسف عبر وثيقة الدولة ذات الحدود المؤقتة مع الأوروبيين او عبر اللقاءات المكوكية التي قام بها الزهار فى الثمانينيات مع القيادات الصهيونية في تل أبيب وهذه اعترافاته او عبر الوساطة التركية لفتح قناة اتصال مع الإسرائيليين وحركة حماس او عبر الوساطة الروسية ايضا , في المقابل توقفت حركة حماس عن المقاومة منذ انخراطها في السلطة
ان ممارسات حركة حماس هي تعبير عن الوجه الحقيقي للحركة وما تمثله من فكر وثقافة وتربية وتعبئة هي امتداد للفكر التكفيري الذي شوه صورة النضال الفلسطيني وصورة الإسلام والمسلمين وحول الإسلام من دين العدل والتسامح والمحبة والتآخي الى دين الإرهاب والقتل والتكفير والتخوين واستباحة الحرمات والتمثيل بالجثث مما كشف عن الصورة الحقيقية لحركة حماس التي تعتبر نفسها تمثل الوسطية في الإسلام او الإسلام المعتدل فمن رأى صور النهب والسلب والتدمير للممتلكات العامة والخاصة من قبل حركة حماس تتماثل الى ذهن المواطن العربي مباشرة صورة احتلال بغداد وما تعرضت له من عمليات سلب ونهب من رأى صورة استسلام افراد الاحهزة الامنية وخروجهم من مراكزهم الامنية تتماثل اليه صورة سيطرة قوات الاحتلال الاسرائيلى على المقاطعة في اريحا واختطاف امين عام الجبهة الشعبية من رأى صورة قتل والتمثيل بجثة سميح المدهون قائد كتائب شهداء الاقصى تتراءى الى ذهنه صورة الشهيد شاكر حسونة الذي استشهد في مدينة الخليل حتى الاحتلال لم يفعل بحسونة ما فعلوة بالمدهون , من رأى الأطفال الثلاثة الذين قتلوا على ايدي حماس وقذف المواطنيين من فوق الأبراج السكنية وقصف المنازل بالقذائف الصاروخية وقذائف الار بي جي والاعتقالات واسعة النطاق ضد عناصر حركة فتح في القطاع واختطاف البعض واعدامهم في الشوارع وتقطيع اوصال البعض وتعرض البعض لعمليات التعذيب الوحشية , وانزال العلم الفلسطيني من فوق المؤسسات الوطنية واستبداله بعلم حزبي , وقمع الحريات ومنع وسائل الاعلام من تغطية الاحداث ومصادرة الكاميرت ووسائل البث وما تعرضت له إذاعة الشعب التابعة للجبهة الشعبية ومصادرة كافة أجهزتها حتى أدوات المطبخ لم تسلم من النهب ومنع الصحفيين من تغطية المسيرة السلمية لفصائل منظمة التحرير والاعتداء على قيادة فصائل المنظمة وعلى الصحفيين ,وتدمير النصب التذكاري للجندي المجهول والاعتداء على الأعراس الفلسطينية ومصادرة البسمة والفرحة عن وجوه أهلها واستخدام أسلوب التكفير والتخوين في إسكات الخصوم السياسيين وتأليب المجتمع عليهم لدليل واضح على ان هذه الحركة هي امتداد للفكر التكفيري وقد مارست الحركة هذا الأسلوب قبل انخراطها في العمل النضالي والوطني عام 1987 حيث ان سلوكها وممارساتها في تلك الفترة لم تختلف عن ممارساتها اليوم لمن نسي او تناسى في المقابل يهدد السيد محمود الزهار بنقل تجربة قطاع غزة الى الضفة الغربية حينما يقول اعتبروا يا من انتم في الضفة وفقدتم الاتصال مع الله والوطن"، وكأن السيد الزهار يأخذ أوامره من الله مباشرة وهو الوصي الوحيد علي هذا الشعب وبتصريح رباني
اعتقد ان تلك الممارسات والتصريحات تجعل تخوفنا مشروع وتنذر بخطورة القادم الذي يهدد المستقبل الديمقراطي وتكريس ثقافة الهيمنة وكبح الحريات والاعتقالات السياسية وحرية الاحزاب والتيارات السياسية وتهديد النسيج الاجتماعي والثقافي للشعب الفلسطيني عامه وتجعل المستقبل الفلسطيني والقضية الوطنية في مهب الريح وتتطلب من الجميع الوقوف وقفة واحدة والدفاع عن المشروع الوطني وعن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والذي سقط تحت رايتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ولا يمكن لحركة حماس ان تشطب هذا التاريخ وتلغي هذا التمثيل بقوة السلاح وعلى غره
من هنا يجب إعادة العلاقة مع التيار الإسلامي على أسس وثوابت جديدة مبنية على أساس ان لا تناقض الا مع الاحتلال وثوابت وقوانين تفصل بين الجمعيات الخيرية والإنسانية والاجتماعية والدينية والمساجد وبين الحزب والحركة وان تكون هذه المؤسسات من اختصاص الحكومة والوزارات المختلفة لكي لا تستخدم في الاستقطاب السياسي والتأثير الحزبي
في المقابل لايعني اننا نوافق ونقبل ما قامت به الأجهزة الأمنية وبعض التيارات التي كانت مستفيدة من حالة الفلتان الأمني وعدم استقرار الوضع الفلسطيني وقد أدناها وندين الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية ونعتقد انها تتجاوز الحريات وتتعدي على امن وامان المواطن وتنتهك ابسط حرياته ويجب التوقف عن تلك الحالة سواء في الضفة او غزة والتراجع عن أسلوب الحسم العسكري وعلى حماس ان تنزل من فوق الشجرة والجلوس على طاولة المفاوضات لتوافق والرجوع الى الشعب صاحب الكلمة الأولى والأخيرة والخروج من عنق الزجاجة .
#زياد_اللهاليه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟