أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شجاع الصفدي - حوار أخير على أعتاب السفر














المزيد.....

حوار أخير على أعتاب السفر


شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)


الحوار المتمدن-العدد: 2009 - 2007 / 8 / 16 - 03:58
المحور: الادب والفن
    


التقينا, لم يدرك أي منا حجم المسافة, كنتُ على شفا الانهيار, وكانت على أعتاب السفر.
تدركني هاوية, وتحملها غيمة.
يعبر كلٌ منّا الآخر, ونعود إلى البداية
ويبدأ حوارٌ بين عصفورةٍ تعشق السفر, وأرض تقدس البقاء..
تقول: أما زلتَ كيانا لا تغيّره عوامل الزمن ؟
فأجيبها: من يرحل يختار وجهته, ومن يبقى هو الوطن, فأيّنا الحقيقة وأيّنا الخيال ؟ من يغادر أم من يبقى؟
• كن واثقا أن جذورك راسخة بروحي كطيفٍ أزلي يهدهدني عند البكاء.
• حتى جذور الأشجار تموت سيدتي
• نعم لكنها تموت بأرضها
• من يظن ذلك مخطئ, فبعد أن تموت الشجرة يأتي من يقتلعها ويكون مصيرها مجهولا, قد تحترق, قد تقطّع وتوزع في بقاع الأرض.
قد تصبح جزءً من أثاثٍ منزلي, أريكة, خزانة, أو سرير لا أكثر.
• سيدي: احتراقها وتقطيعها بعد الموت لا يضير شيئا، فماذا يضير الشاة بسلخها بعد ذبحها ؟
• هذا إن ماتت بأرضها وليس حين تقتلع بفعل فاعل, وحتى بعد الموت, ألا يضير الشجرة الأصيلة أن تصبح مجرد مقعد أو طاولة بين الجدران ؟
أهذه كرامة الأشجار التي خلقت لتموت واقفة ؟
• قد لا تكون أثاثا, لم تفترض ذلك ؟
• ماذا ستصبح ؟ شجرة زينة مثلا ؟
• بل شجرة يانعة ومثمرة في أرضٍ طيبة.
• بعض الأشجار التي اعتادت أرضا ما، لو انتزعت من تربتها تموت مهما حاول البعض إحياءها.
• هنا فلسفة معقدة سيدي
• لا تعقيدات في تراب الأرض, لو نظرتِ من ناحية علمية ستجدين العقد دوما تكمن في جذوع الأشجار, ولا أعتقد حتى أن موتها واقفة يمنحها هيبة الشجرة الشامخة أو تحميها من تحويلها لأثاث منزلي .
وفي أحسن الأحوال قد يصنع منها بابا لعبور الحياة.
• لم أعهدك بهذه القسوة, وحتى الأبواب قد يكون عطاؤها عظيما فيعبر الآخرون من خلالها للحياة.
• ليست قسوة بل واقع, فالأبواب كتب عليها أن تبقى مكانها, يعبرها الآخرون وهي قابعة بنفس المكان, ومع عوامل الزمن يصبح لها صريرا مزعجا, قد يعتاده الرواد, وقد يملّونه يوما فيرغبون بالتجديد.
• إنّ العبور من الأبواب والانزعاج من صريرها بفعل عوامل الزمن متعلق بطبيعة الرواد ولا يمكن الحكم أو التنبؤ بطبيعة هؤلاء الرواد قبل وقوع الأقدار.
• لذلك من حق الأشجار أن تجرّب, فهذه مفاهيم ما يسمى بسنّة الحياة كما يحلو للأشجار تسميتها ؟
• في هذه الحياة لكل شئ سنّته ومسماه, حتى الحب, ولا شئ كامل أبدا.
• نحن من نصنع النقصان في الأشياء والأحوال والأشخاص والأماكن, وبتنا نختلق النقصان حتى في المشاعر, لنبرر الأحداث الدائرة. وها نحن بسبب هذا نقع في وحل الحياة بلا طوق نجاة.
وبالتالي حب الشجرة لأرضها أو المخاطرة بتجربة ستكون سيان ؟
• أجل, أعترف, نحن من نصنع النقصان في الأشياء والأحوال والأشخاص والأماكن والمشاعر أيضا.
• حسنا, فهمت
• وتبقى الأرض " أرضي " سر غموض هذا الكون, وقد تعودت أن تحتوي أرضي حماقاتي.
• ليكن, وهذه قبلة على جبينك, أودعكِ كما تودع الأرض جذع نخلة تفارقها للأبد.
• أحبك...
• قد نلتقي بعد عام, بعد عشرين, بعد خمسين, من يدري ؟ , وحينها تكون الأرض ميتة في بقاءها والأشجار قد أثمرت.
• إلى اللقاء إذن.
وعادت لتمتطي غيمة, و عُدتُ أنا للسفر.



#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)       Shojaa_Alsafadi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أروقة الأمس
- سفر في قطارين منفصلين
- نكسة غزة
- غريبان على ناصية جسد
- لسنا من الدمع في شئ
- وما زال الحب في مرحلة البكارة
- العرافة وحكايا السفر
- شهد الروح في خواتم البكاء
- الفزاعة المساندة
- الزعتر السياسي
- وعند فراقنا سيبكي القمر
- التشريعي والتصريحات الغير مشروعة
- ابحثي عن مفر
- فوز حماس والمعادلات الصعبة
- وأسدل كلانا الستار
- قراءة نقدية للمجموعة القصصية - اقتلاع - لبشرى أبو شرار
- رحلة سفر
- قد مرّوا في حياتنا
- شغف الخلود
- شهوة الرحيل


المزيد.....




- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...
- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شجاع الصفدي - حوار أخير على أعتاب السفر