|
تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!
نايف أبو عيشه
الحوار المتمدن-العدد: 2009 - 2007 / 8 / 16 - 03:30
المحور:
كتابات ساخرة
من واقع الحياة قبل ان اكتب هذه الخاطرة كنت اهيئ نفسي للكتابة عن ظاهرة اطلاق النار والمفرقعات النارية التي تلعلع في الاعراس والمناسبات ، وبضمنها الاحتفال بنتائج الثانوية العامة . ما دعاني لتغيير اتجاه الكتابة هو ما قرأته عن طموحات واهداف الطلبة الاوائل في الفرع العلمي المتمثل في دارسة الطب وخدمة الوطن والشعب . وقبل الغوص قدماً في الموضوع ، فاني تذكرت زيارتي يوماً لاحد الاطباء ، للاستفسار عن نتائج فحوص مخبرية متباينه ، وقبل أن يجيبني عن سؤالي ، تابعت موضحاً له رأي الذي اجتهدت به حول اسباب اخنلاف تلك النتائج ، والتي وافقني عليها الطبيب نفسه ... تحدثنا عن بعض الظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع ، والاوضاع السياسية والاقتصادية بشكل عام ، ولم يتعد اللقاء بيننا ، الذي تحول الى دردشة في مواضيع شتى اكثر من عشرين دقيقة ، لم يحضر خلالها اي مريض لعيادته ، وعندما نهضت لاغادر ، صافتحه وشكرته ، ومن منطلق الذوق والاخلاف والواجب ، سألته : تأمرني بشئ يا دكتور ؟ تجهم وجهه فجأة وقطب جبينه ورد بسرعة : ثلاثين شيكل ! قلت بدهشة : ولكنك لم تكشف علي كمريض ، ولم تعطني علاجاً ، قال بالحاح : هاي استشارة طبية يا استاذ !! أحسست بالغبن ، وقلت غاضباً ، وانا اخرج النقود من جيبي : الله اكبر هاي سلبطة عينك عينك !! رميت له النقود على الطاولة ، وخرجت غاضباً ، والوم نفسي على هذه الزيارة ، التي لم تفدني بشئ ، وقلت بنفسي " ليتني تصدقت بها على فقير !! وعندما ابتعدت مسافة كافية عن المكان ، سمعت احد الاصدقاء ، ينادي من بعيد ، قطعت الشارع مسرعاً وبعد ان تصافحنا ، وتبادلنا التحية ، اخبرته بما حدث معي للتو ، فرد قائلاً : لا تندهش يا صديقي ، فانا قبل عدة أيام ذهبت الى عيادة احد اطباء الجلد ، وكانت العيادة فارغة من المرضى ، دخلت وسألته ، ونا واقف ماداً كفي امامه ليراها : هل هذه صدفية ، رد بهزة رأسه : لا هذه حساسية ! شكرته واستدرت لاخرج من العيادة ، فاذا به يقول : ثلاثين شيكل ، سألته بدهشة ، ولو على ايش بدك مني ثلاثين شيكل ؟ قال : كشفيه ! صرخت به ، وانا اقف عند الباب : انت لم تلمس يدي ، ولم تعطني دواء ولا ابرة ، ولا شئ مجرد سألتك بكلمة ورديت بكلمة ، بدك كشفية ثلاثين شيكل ؟ اجابني بالحاح : نعم هاي تعتبر كشفية ...! خرجت وانا اقول ، : لن اعطيك شيكل واحد ، واعلى ما بخيلك اركبه !! قلت لصديقي بعد ان انهى قصته : انت اكثر جرأة مني !! رد بمرارة : ليس الموضوع جرأة ، ولكن كل ما معي عشرين شيكل ، اشتريت بها خبر وخضار للبيت ، وشعرت انه يريد سرقتها مني بدون وجه حق ، ولولا تصرفت بهذه الطريقة ، لكان الاولاد بدون غداء ! كثيرة هي الحوادث المشابهة التي تحدث والمرات التي يتذمر بها الناس ، عندما يذهبون لعيادة الطبيب ، فالبعض يدفع عشرين ، واخر ثلاثين ، واخر أربعين ، وخمسين حتى سمعت ان بعض الاطباء يأخذ سبعين ، وثمانين شيكل ! ترى هل يسأل الطبيب اي من مرضاه ، عن وضعهم الاجتماعي والمعيشي ، اذا كانوا يعملون ام لا ! وما عدد الاولاد لديهم وعدد الاولاد الذين يدرسون في المدارس والجامعات ، وكيف تدبروا نقود العلاج ؟ وتأتي نبرته الحادة كالسيف ....كذا شيكل !! وهنا لا بد من طرح السؤال المنطقي ، لماذا يترك الموضوع ، يقرر فيه كل طبيب على هواه وحسب ضميره ، المبلغ الذي يتقاضاه مقابل الكشفية ، والتي تختلف في عيادته ، عنها في بيته ، وعنها اذا ما اضطر اهل المريض احضاره للبيت ، فعندها يتضاعف المبلغ ! لمذا لا تقوم السلطة الوطنية ووزارة الصحة بتحديد السقف الاعلى للكشفية وفقاً لماهيتها ، ومكانها وزمانها ، والا يبقى المواطن المريض حائراً وتائهاً في دوامة المنافسة بين الاطباء الذين ما ان يعودوا للوطن حاملي شهادات مزاولة مهنتهم الانسانية تجاه شعبهم ، حتى نراهم في زمن قياسي ، اقاموا العمارات والفيلات الضخمة ، واشتروا السيارات الفارهة ، وصارت ارصدتهم في البنوك اكثر من سبعة ارقام . أخيراً نقول مبروك للاوائل في الفرع العلمي ،وتهنئة لكل الطلبة الناجحين ، ولكن يا اطباء المستقبل ، لا تنسوا العبارات التي تعهدتم بها امام شعبكم ، وانفسكم وضمائركم ، انكم تريدون من وراء دراستكم ، خدمة شعبكم ووطنكم ، والا يكون همكم الاكبر جميع النقود في زمن قياسي !!
#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|