|
الكلمة الحرة والكلمة المستبدة
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2017 - 2007 / 8 / 24 - 05:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
للكلام روائح وألوان وكلما قلّت كلماتنا كلما إزدادت قيمتها وكلما إزدادت قيمتها كلما إزدادت حريتنا وكلما إزدادت الحرية كلما إزدادت الناس رفاهية وكلما إزدادت رفاهيتنا كلما أحسسنا أننا أحرار ومن يشعر بطعم الحرية ولو مرة واحدة بحياته تصبح لديه رغبة بإقتناء الكلمة الحرة وهذه دعوة للجميع من أجل تذوق طعم الحرية . ولنتذوق طعم الحرية في السجون والمعتقلات ولنكن مستعدين أن نقتني الكلمة الحرة كما نقتني في بيوتناالأثاث المنزلي ولنأكل معا الحرية خبزا ساخنا . ما ألذ الحرية لم أذق طعاما في حياتي مثل طعام موائد الحرية .
الكلمة الحرة هي الكلمة التي تشق على الطغاة عصا الطاعة وهي التي تنتشر بين الناس كما تنتشر رائحة العطر والزهور والياسمين والكلمة الحرة هي الكلمة التي لا تنحني للسياسة ولا للفرد ولا لحكمه المتعصب. غالبية الحكام العرب تتحول أراؤهم إلى كتب مقدسة مع ان كلماتهم تافهة في المجتمعات الديمقراطية الحرة ولكنها ذات قيمة عالية في المجتمعات المحكومة للفرد وأهوائه وتطلعاته . والكلمة الحرة هي التي تحرر العقول من ظلامها وتحرك خلايا الدماغ وتحثها على التفكير وكلمة الحاكم المستبد هي الكلمة الجامدة التي لا تقف عند علامات الترقيم ولا تهتم بالفواصل. الكلمة الحرة تقتل الطغاة والمستبدين وتكشفهم للناس فتسقطهم من مراتبهم العليا إلى منزلة ما دون الصفر المأوي. الكلمة الحرة هي كلمة الشعب التي تقف على حدود الفواصل والنقاط وعلامات الترقيم وكلمة المستبد هي الكلمة المصابة بجنون العظمة وتريد أن تحكم الناس في حياة أصحابها وبعد مماتهم. الكلمة الحرة لا يمكن لها أن تعيش في أجواء الإستبداد العربية ولا يمكن أن يبدع المثقفون العرب طالما هم في منازل بني عبس وتميم وقريش...فصحف بني عبس لا تتناسب مع أجواء العصر الحديث وكتاب بني قريش الديني لا يظهر به أي إعجاز في عصر تطور العلوم المدنية والتكنولوجية الحيوية .
الكلمة الحرة مثلها مثل الزهرة لا تعيش في أجواء الشوك والنفايات وللكلمة الحرة رائحة زكية وللكلمة المستبدة رائحة كريهة نشتمها على بعد أميال قبل وصولها إلينا .
الكلمة الحرة تتحول في المجتمعات العربية إلى تصفيق وهتافات بدل أن تبقى إسلوب نقاش وحوار وتتحول الأقلام إلى مدافع رشاشة ويتحول الحبر الأزرق إلى دم أحمر أحمر أحمر! غامق.
الكلمة الحرة تزعج الحكام العرب فيبنون لها مصائد تصطاد المغفلين ويخرسون الألسنة بالدعايات ويوضفون عساكر هدم للحريات وينغصون على الناس حياتهم ويزعجوننا بكثرة موآمراتهم على الكتاب والأدباء والشعراء لذلك عمر المثقف في الدول العربية قصير جدا جدا جدا .
والكلمة الحرة لا تقطع بالسكين ولا بحد السيف والكلمة الحرة تعيش أكثر من كلمة الحاكم الفردي المستبد وللكلمة الحرة أجنحة كأجنحة الطيور وأجنحة الملائكة وصاحب الكلمة الحرة يعيش أكثر من قاتله وجلاده وسيافه . وحكم الفرد المستبد مهما تعالى في جبروته يبقى مستبدا وهو يعلم أن الناس غير مقتنعة بإسلوبه في الحكم والسياسة لذلك فهو يضطر لشراء ولاء الناس له بالأموال والذهب والفضة أما أصحاب الكلمة الحرة فإن الناس تدفع لهم ولا يدفعون هم لأحد .
وصاحب الكلمة المستبدة تموت كلمته بعد وفاته وغالبا قبل أن يدفن ويواري جسمه التراب وصاحب الكلمة الحرة تعيش كلمته ما دامت الأرض تدور والسماء زرقاء . وبعيش صاحب الكلمة الحرة بين الناس وفي قلوبهم وأفئدتهم وصاحب الكلمة المستبدة تعيش كلمته فقط في قصره وبيته ولا تتعدى الأذن الوسطى أما الكلمة الحرة فإنها تخترق الصدر والرئتين لتعيش في القلوب والعيون المدمعة. وصاحب الكلمة المستبدة تختنق وتحترق في مزابل التاريخ وتشهد على نذالة صاحبها وخسته وحقارته وصاحب الكلمة الحرة تشهد كلمته على رقة قلب صاحبها وحيويته ومهارته في إشباع القلوب والضمائر الحية . وللكلمة المستبدة أعوان مأجورون كأعوان هارون الرشيد الذي قالت له زوجته حين رأت الناس قد تركت الخليفة في موسم الحج وذهبت إلى زين العابدين : هذا هو السلطان الحقيقي يا هارون وليس سلطانك الذي يجمع بالسيف والدنانير. ولصاحب الكلمة الحرة عشاق ولصاحب الكلمة المستبدة فئران وجرادين ومجانين غير مسؤلين عن تصرفاتهم وللكلمة الحرة عشاق مسؤلين عن عشقهم وحبهم وعن تصرفاتهم . وللكلمة المستبدة سيوف وبنادق وللكلمة الحرة عطور وزهور من أفخم أنواع الزهور. وصاحب الكلمة الحرة تجد له جلاد واحد وسياف واحد يقتله الجلاد والسياف كي يعيش صاحب الكلمة المستبدة أما صاحب الكلمة الحرة فإنه يموت كي يعيش من بعده مليون إنسان وإنسان يضحي من أجل نفسه ومن أجل شرف الكلمة ومن أجل الأطفال والأرامل والمتعبين في السماء والأرض. وأصحاب الكلمات المستبدة يقاتلون وظهورهم مكشوفة للتاريخ وللناس بلا شرف وبلا حماية وأصحاب الكلمة الحرة ظهورهم ساخنة ومحمية وعليها علامات إستفهام ودلائل تدل على عذرية أفكارهم.
الكلمة الطيبة صديقتي والكلمة المستبدة عدوتي وعدوة جيراني وأصدقائي وأحبابي . والكلمة الحرة لها أصدقاء ومعجبون من كل الإتجاهات ولأصحاب الكلمة المستبدة قتلة ومأجورون وقابضوا ثمن على نذالتهم وخسة أخلاقهم . ولأصحاب الكلمة المستبدة عاهرات وراقصات دماؤهن فاسدة ولأصحاب الكلمة الحرة سماء ونجوم وكواكب وأغاني للربيع والمطر والصيف
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القادة العرب
-
أدب الطغاة
-
الديمقراطية للإنتهازيين وحياتنا جافة
-
مجتمع الماركسيين
-
رسالة إلى كتاب الحوار المتمدن
-
المجتمع المدني العراقي 1
-
الديموقراطية الأردنية على ضوء الإنتخابات النيابية القادمة 20
...
-
موجز تاريخ البشرية حتى عصر العملة الذهبية
-
مستقبل الإنتخابات النيابية في الأردن 2007م
-
مشاهد كوميدية على خشبة الإنتخابات البلدية في الأردن2007
-
لماذا الله؟
-
السرعة والجمود في المجتمعات العربية
-
إلقاء القبض على مثقف أردني بتهمة تعاطي الديمو قراطية
-
مستقبل العلاقة بين الحكام العرب والشعب مع توضيح شكل العلاقة
...
-
رسالة من يساري عربي إلى بعض العرب
-
الإثارة والنقد في المجتمع العربي
-
بين كل مسجد ومسجد مسجد ,وبين كل مؤسسة إجتماعية ومؤسسة إجتماع
...
-
مثقف أردني يشهد على النظام الديكتاتوري
-
مثقف أردني يحكي قصة إظطهاده
-
تجارة حرب الخليج
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|