أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - كاظم المقدادي - الملف النووي الدولي والإزدواجية الأميركية















المزيد.....


الملف النووي الدولي والإزدواجية الأميركية


كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 613 - 2003 / 10 / 6 - 03:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



الدكتور كاظم المقدادي

   تابعت وسائل الإعلام العالمية والعربية، وتتابع، ببالغ الإهتمام، الموقف الأمريكي من البرنامج النووي الإيراني،والتهديدات الموجهة لإيران من قبل الإدارة الأميركية، وضغوطها السافرة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحويلها الى أداة لخدمة مشاريعها،وإنجرار الإتحاد الأوربي الى جانب الحملة الأميركية على الحكومة الإيرانية،الرامية للي عنقها،وخنقها بالتهمة النووية، وتوجيه رسالة لبقية "الدول المارقة"-وفق التوصيف الأميركي.. بينما مرت وسائل الإعلام، مر الكرام، على اَخر مستجدات البرنامج النووي الأمريكي وتداعياته، رغم كونها أخطر بكثير من البرنامج النووي الإيراني في تهديدها للأمن والسلم العالميين.
إنتهاك جديد للمعاهدات الدولية
    في 17 أيلول / سبتمبر الماضي أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي  قراراً أنهى بموجبه الحظر على تطوير الأسلحة النووية،من خلال سماحه باستئناف التجارب النووية تحت الارض،ورفضه، في الوقت نفسه، لمشروع قانون يدعو لوقف تطوير قنابل "بنكر بسترز"-اسلحة نووية صغيرة تستخدم لاختراق التحصينات العميقة.وبهذا القرار تضرب الولايات المتحدة عرض الحائط، بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي وقعت في عام 1996، ومثلت تطوراً نوعياً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي وقعت في عام 1968 وهدفت الى عدم انتشار الاسلحة النووية الى خارج الدول النووية الخمس المعروفة ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن الدولي، مع إلتزام هذه الدول بالتفاوض بصدق للتوصل إلى نزع كامل للسلاح النووي على النطاق العالمي،وبموجبها تتخلى الدول غير النووية عن الابحاث المتعلقة بالتقنية النووية، وتطوير هذه التقنية، والحصول عليها، مقابل الاستفادة من الاستخدامات النووية في الاغراض السلمية.والقرار ينسف قرار مجلس النواب الاميركي، الذي علق التجارب النووية في الولايات المتحدة منذ 1992، وكذلك لحظره، في وقت سابق من العام الجاري،استخدام الاموال الفدرالية لتمويل اسلحة نووية صغيرة.
    وللقرار الجديد خلفية تكللت بنجاح " صقور" البنتاغون بإقناع البيت الأبيض بـ"ضرورة استئناف التجارب النووية لتاكيد فعالية الاسلحة النووية الموجودة "، فطلب من الكونغرس رفع قانون صدر في 1993 يعرف باسم تعديل "سبرات-فارس" يستبعد إجراء أي بحث لتطوير الأسلحة النووية التي تقل زنتها عن خمسة أطنان.وراحت واشنطن تعارض اتفاقية حظر التجارب النووية الموقعة عام 1996، رغم توقيعها عليها.ورفض مجلس الشيوخ، الذي كان يهيمن عليه الجمهوريون،عام 1999، الاتفاقية الموقعة من قبل الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون.وشرعت إدارة بوش بسلسلة من المناورات والخداع.ومنها التنصل من إتفاق الرئيسين بوش وبوتين، في قمتهما بتكساس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، على خفض الرؤوس النووية بما يتراوح بين 1700 و2200، وأن يصل خفض الرؤوس النووية- بموجب معاهدة "ستارت 2 "-  من 7000 إلى 3500 رأس بحلول عام 2007، وقدم البنتاغون مقترحات لتخزين بعض الأسلحة النووية، بدلاً من تدميرها، بذريعة" الحاجة لها"،اثارت حفيظة مؤيدي الحد من التسلح، الذي حذروا بان تخزين الاسلحة الأمريكية من شأنه ان يشجع روسيا على الاقدام على نفس الخطوة، خصوصا وان سيطرة الحكومة هناك على المخزون النووي لا تبعث على الاطمئنان- بحسب تعبير "نيويورك تايمز"، في 9/1/2002.وأعلن توم زامورا كولينا- مدير «برنامج الامن العالمي» التابع لمجموعة من العلماء المؤيدين للحد من التسلح النووي، بان الولايات المتحدة اذا خزنت سلاحا نوويا، فإن روسيا ربما تقدم على نفس الخطوة..وفعلاً رفضت روسيا بشدة الخطط الأميركية بشأن تخزين الأسلحة النووية، وحذرت واشنطن من تحويلها لاتفاقات خفض التسلح النووي بين البلدين إلى مجرد حبر على ورق. وقال المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر ياكوفينكو إن خفض الرؤوس الحربية النووية لدى البلدين يجب أن يتم بصورة جذرية على أرض الواقع، معتبراً أن أي تراجع أو تبديل لهذه الاتفاقات يجعلها مجرد حبر على ورق.وأكد مصدر مسؤول في رئاسة الأركان الروسية بأن موسكو ستعارض أي تراجع أميركي عن خطط خفض الرؤوس النووية.وقبل أيام حذرت روسيا من أنها قد تعيد النظر في عقيدتها العسكرية، وخصوصا في مجال الاسلحة النووية- كما سيرد لاحقاً.
دركي نووي دولي
   مع مواصلة الإدارة الأمريكية لنهج النفاق والرياء والكذب والتضليل بشأن أسلحة الدمار الشامل، وتحديداً النووية، لدى الدول الأخرى، شرعت تفرض من نفسها دركياً ومدعياً وحاكماً- تحاكم من تشاء، وتبرئ من تشاء، بحجة  "حرصها" على "حماية "  أمن العالم من الخطر النووي ، متجاهلة فقدانها، منذ زمن بعيد، لمصداقيتها أمام شعوب العالم، بوصفها الدولة الوحيدة التي لم تكتف  بما حققته من انجازات خارقة في مجال تصنيع وتخزين الاسلحة النووية والنيوترونية، التي كانت تكفي، في وقت ليس ببعيد، لتدمير الكرة الأرضية سبع مرات.ولم تنس شعوب العالم بعد بأنها الدولة الأولى والوحيدة في العالم التي استخدمت القنبلة الذرية، في هيروشيما وناغازاكي، مجربة مدى قدرتها الفتاكة بالبشر والطبيعة.وقد تجاوز عدد ضحاياها، لحد الآن، أكثر من 231 ألف يابانياً..ولا جرائم الحرب التي إقترفتها بحق الشعب الفيتنامي.
    والولايات المتحدة لم تلتزم عملياً بإيقاف التجارب النووية، وواصلت تطوير الأسلحة النووية، وإنتاج المزيد والمزيد منها، رغم ما تملكه من خزين ضخم. ولم تتورع عن استخدام سلاح اليورانيوم المنضَّب، المصنع من النفايات النووية،وتكرار إستخدامه في حروبها ضد العراق- في عامي 1991 و 2003، وضد يوغسلافيا- في عامي 1994 و 1999، وضد أفغانستان- في عامي2001/2002، والذي ترتب عليه ليس فقط تشوه الأجنة  وموتها في أرحام الأمهات،الى جانب الاصابات المذهلة بالأورام السرطانية، وتلف الكبد والكليتين، والإعتلالات العصبية والعضلية الوخيمة، بل تعداه الى معاناة أكثر من 200 ألف من جنودها وجنود حلفائها –بحسب خبراء أمريكيين وبريطانيين- مما اصطلح على تسميته «مرض حرب الخليج» و  "مرض البلقان"..
    وللتأكيد على مواصلة تطوير أسلحتها النووية نشير الى إستخدام القوات الاميركية في أفغانستان والعراق أسلحة مصنعة من اليورانيوم المخصب- بحسب خبراء أمريكيين وبريطانيين. ونشير هنا الى مثالين:الأول-إستخدامها للمرة الاولي قنبلة جديدة في افغانستان،اختراقت الصخور والخرسانة من نوع ترموباريت،أبان الغارات التي شنتها طائراتها علي تجمعات لمقاتلي القاعدة و طالبان في 2/3/2002.وقد إعترف قائد مشاة البحرية ماتيو كلي: "استخدمنا قنبلة حرارية خلال العملية، وهي المرة الاولي نستخدم فيها هذا النوع من القنابل". وقال خبراء الدفاع ان القنبلة الجديدة التي تسمي" بلو -811 اس" قادرة علي اختراق الارض والخرسانة المسلحة والصخور، لتصل الي اعماق المغاور ولا تنفجر قبل ان تصل الي هدفها، محدثة موجات من الصدمات والانفجارات المتتالية.وقد ألقت الطائرات الاميركية اكثر من 80 قنبلة من هذا النوع في منطقة تقع جنوب مدينة غارديز.ولم يكشف النقاب بعد عن حجم الضحايا وتأثيرها على المدنيين الأبرياء.. والثاني-إستخدامها في الحرب الأخيرة على العراق سلاحا سريا فتاكا كفل لها التفوق فى معركة المطار التى سبقت دخولها الى بغداد فى التاسع من نيسان / أبريل 2003-بحسب خبراء عسكريين روس،أكدوا لصحيفة "الزمان" العراقية، في 23/4/2003: "ان القوات الأميركية استخدمت سلاحا سريا وغامضا أدى الى نتائج باهرة، حيث كان ذلك السلاح يفصل جلد الجندى العراقى عن عظامه ويتركه محترقا ليموت خلال ثوان"، مشيرين الى أن عددا كبيرا من جنود وضباط الحرس الجمهورى هلكوا بهذا السلاح الفتاك..
تحذيرات جديدة
    لم يعد سراً أن الإدارة الأمريكية،وهي تسعى لفرض "نظامها العالمي الجديد"، تمارس الضغوط والتهديد والترهيب، الى جانب الكذب والتزوير، ضد كل من يعارضها ويقف بوجه محططاتها الأمبريالية،ساعية لخنق الحكومات المناوئة بالتهم النووية، بينما البنتاغون يواصل برنامجه النووي الخطير.وقد أثارت هذه السياسة العدوانية حتى أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي.فأعلن أدوارد كينيدي: " في الوقت الذي تدعو الدول الاخرى الى وقف برامجها للاسلحة النووية تحث الادارة الأمريكية الخطى لتطوير اسلحتها النووية الجديدة" .وحذر كينيدي من ان نتيجة ذلك قد تكون "سباقا جديدا للتسلح النووي".وقالت ديان فراينشتاين امام الكونغرس:"بسعينا لتطوير اسلحة نووية جديدة فاننا نبعث برسالة بان الاسلحة النووية لها دور واستخدام مستقبلي في المعارك". واضافت "هذا الاتجاه خاطئ برأيي وسيؤدي الى وضع امريكا في خطر اكبر في المستقبل". واستشهدت فراينشتاين بالعلماء الذين يقدرون ان تدمير هدف على عمق الف قدم في الصخور سيتطلب استخدام سلاح نووي مضاد للتحصينات بقوة 100 كيلو طن، اي حوالي 10 اضعاف حجم القنبلة التي اسقطت على هيروشيما. واضافت فايشتاين " اننا نجعل شعبنا وحلفائنا اقل امناً، وليس العكس، اذا ما فتحت الولايات المتحدة الباب لتطوير واختبار ونشر هذه الاسلحة النووية الجديدة".وأعربت فراينشتاين وكنيدي،في مقال في «لوس انجلوس تايمز» يوم 23 / 9/ 2003، عن الاسف لاستمرار الرئيس بوش الأبن في تنمية وتطوير الترسانة النووية الاميركية، في الوقت الذي يدعو فيه الى تشاور دولي بشأن الحد من الانتشار النووي.وقالا :" ان الرئيس بوش يأتي اليوم الى الامم المتحدة للدفاع عن حظر الانتشار النووي.لكن ذلك سيعطي انطباعا بالكذب لدى جزء كبير في العالم، لاننا في الولايات المتحدة ننطلق في برنامج جديد وخطير لتطوير جيل جديد من الاسلحة النووية».واشارا الى ان البيت الابيض طلب 21 مليون دولار من الكونغرس لتطوير نوعين من السلاح النووي ولا سيما الصواريخ المضادة للتحصينات «بنكر بسترز». وتساءلا «كيف يمكن ان نطلب من ايران وكوريا الشمالية التخلي عن برنامجهما النووي في الوقت الذي نقوم فيه نحن بتصميم وانتاج واختبار اسلحة نووية جديدة ؟».وقال السناتور الديموقراطي جاك ريد- ممثل ولاية لونغ آيلند: لقد استغرق الأمر أكثر من  50  سنة لفرض حظر على الأسلحة النووية بمختلف اشكالها وانواعها،  والآن شرعت ادارة الرئيس بوش تتحدث عن تحويرها الى اسلحة تكتيكية، إنه منحى محفوف بالمخاطر.وقال السناتور الديموقراطي كارل ليفن:ان رفع الحظر من شأنه تشجيع نشر مثل هذه الأسلحة الى البلدان الاخرى، مما يعني اضعاف حجة واشنطن الراغبة في مثل هذه الأسلحة لأنها تسير في الطريق الذي تطالب الآخرين عدم السير فيه..
ذرائع كاذبة
   يتذرع مسؤولو الادارة الأميركية لمعاودة التجارب النووية  بـ" مخاوف من تقادم المخزون النووي الأميركي"،من بين ما يتذرعون به كذباً.ولتأكيد ذلك نشير الى طلب مشروع الموازنة الأميركية لعام 2004 الذي نص على تخصيص مبالغ مالية " لتمويل تطوير قنابل نووية صغيرة قادرة على الدخول عميقا جدا في باطن الأرض لتدمير مراكز قيادة ومراقبة ومخازن ذخيرة ومخابئ محتملة تحت الأرض"،وهو ما دفع بمساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التسلح جايانتا دانابالا الى إنتقاد المشروع. وقال، في مقابلة على موقع تلفزيون ARD الألماني على الإنترنت ، في 26/4/2003 :" إن هذه الأبحاث ستشكل خطوة إلى الوراء، وضد ما نريده- الحد من عدد الأسلحة الذرية ", مشيراً الى مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حظر انتشار الأسلحة النووية، الذي يوشك ان ينعقد في جنيف.وأضاف دانابالا: " إذا ما تخطى شخص ما حظر استخدام السلاح النووي, فستفتح أبواب جهنم. ستقوم دول أخرى عندئذ باستخدام سلاحها النووي، وكذلك ستفعل مجموعات إرهابية, وسنغرق في ظلام نهاية العالم".وأكد المسؤول الدولي أن على القوى النووية أن تفهم من جهة أخرى أن الدول التي لا تملك القنبلة النووية "لا تتساهل حيال تمييز نووي، لأنها ستشعر هكذا أنها معرضة للهجوم". وأضاف محذرا "ينبغي أن ندرك أن التحرك بهذه الطريقة يشجع أولا هذه الدول على تطوير أسلحة نووية سرا "..
    وقبل هذا بعامين كشفت " واشنطن بوست" النقاب عن أن المسؤولين بوزارة الدفاع الأميركية يعكفون على دراسة مشروع لتطوير سلاح نووي جديد يتميز بقدرته على النفاذ إلى مخابئ ذات طبقات سميكة دون أن تبعث منه إشعاعات كبيرة. وقال مستشار لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد: إن السلاح الجديد للردع. وقالت الصحيفة، في 14/4/2001، إن رئيس قسم المختبرات النووية بوزارة الطاقة الأمريكية كتب تقريرا يقول فيه "إن أسلحة ذات إشعاع نووي أقل مع نظم توصيل دقيقة من شأنها أن تساعد المسؤولين الأميركيين في إمكانية تدمير أهداف مخبأة أو تقع في أعماق أبعد تحت الأرض وتحقيق أضرار جانبية أقل في نفس الوقت".لكن المشروع جوبه بإنتقادات حادة أكدت  بإن مثل هذا السلاح لن يمكنه النفاذ إلى أعماق كافية تمنع الحطام النووي من الانتشار في المحيط القريب من الموقع المستهدف، ومن مخاطره.
   وفي 14/8/2001 ذكرت مجلة "نيوزويك" الأميركية أن الولايات المتحدة تعمل بهدوء  لتحديث ترسانتها النووية عبر برنامج يتكلف مليارات الدولارات على مدار عشر سنوات، مشيرة إلى أن رئيس إدارة الأمن القومي للطاقة النووية جون غوردن هو الذي يتولى هذه الخطوة. وقالت المجلة، دون تحديد مصادرها: إن مساعدين للرئيس الأميركي جورج بوش قلقون من هذه الخطوة التي سوف تزيد الجدل حول الأولويات العسكرية لهذه الإدارة. وأضافت بأن غوردن- قائد القوات الجوية السابق- حصل على قرض داخلي بقيمة 800 مليون دولار في ميزانية العام 2002 لتمويل بعض جوانب المشروع.
    وجاء الكشف عن هذه المعلومات في وقت كان يقوم فيه وزير الدفاع  دونالد رامسفيلد بزيارة لروسيا، ودعا هناك إلى ضرورة تخفيض حجم الترسانة النووية للبلدين.والغريب انه بعد 3 أشهر من الزيارة إمتنعت الولايات المتحدة عن المشاركة في المؤتمر الدولي الذي عقد في 11/11/2001 برعاية الأمم المتحدة، الذي نظم لتشجيع فرض حظر عالمي على تجارب الأسلحة النووية التي يتم إجراؤها تحت الأرض، والسعي إلى مراجعة التقدم الذي تم إحرازه نحو المصادقة على اتفاقية الحظر الشامل على التجارب النووية، التي تحظر كل التفجيرات النووية سواء في الغلاف الجوي للأرض أو الفضاء الخارجي أو تحت الأرض.والأغرب ان وزارة رامسفيلد نفسه مارست على الإدارة الأميركية ضغوطاً، طيلة أشهر، كي لا تشارك في الاجتماع المذكور.وكان مسؤولو البنتاغون يأملون التعجيل بتقويض اتفاقية حظر التجارب النووية، التي لم تدخل حيز التنفيذ، لأنها لم تحصل على التصديقات اللازمة من الدول المعنية.ويذكر ان الاتفاقية تعزز اتفاقية مبرمة عام 1963 تحظر التجارب في الغلاف الجوي، واتفاقية في عام 1974 تفرض قيودا على التفجيرات تحت الأرض.وزعمت إدارة بوش الأبن إنه بدون هذه التجارب "لا يمكنها ضمان سلامة الأسلحة النووية الأميركية"، مع أن منتقدي هذه التجارب أكدوا علمياً بأن التجارب المخبرية التي تجرى بواسطة الكمبيوتر ووسائل التكنولوجيا الأخرى كافية.
خيبة أمل الناجين من الكارثة النووية
    في الذكرى الثامنة والخمسين لجريمة إستخدام الولايات المتحدة للقنبلة الذرية ضد هيروشيما وناغازاكي، وجه محافظ هيروشيما السيد تاداتوشي اكيبا إنتقاده  للاهتمام العالمي المتزايد بالتكنولوجيا النووية، معبراً عن حلم الناجين من القصف، على مدى سنوات طويلة، بعالم خال من الاسلحة النووية، وخيبة أملهم من  ان هذا الحلم لا يجد سبيله لأن يصبح حقيقة، كما يبدو جلياً، منبهاً الى  ان جميع الاسلحة النووية تمثل " الشر كله، وهي ليست انسانية، ولا قانونية، حسب القانون الدولي"، منتقداً الولايات المتحدة بشدة لتقويضها الجهود المبذولة لاخلاء العالم من الاسلحة النووية، محذراً بان  معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية "على وشك الانهيار بسبب رغبة واشنطن في تطوير ما لديها من تكنولوجيا نووية، وبخاصة سعيها الى تطوير جيل جديد من القنابل النووية الصغيرة".
   ودعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، في رسالة ألقيت خلال المراسيم التي أقيمت في هيروشيما، في 6 اَب/أغسطس 2003، إلى تسريع عملية نزع الأسلحة النووية ومنع انتشارها، مشيراً:"على الرغم من أن البعض قد يقول إن عدم استخدام السلاح النووي منذ 1945 يعد إنجازا، إلا أن عشرات الآلاف من مثل تلك الأسلحة والتي لا يُعرف عددها الدقيق ما زالت في ترسانات التسلح عبر العالم، وإن هناك مؤشرات أخرى مقلقة، برزت في السنوات الأخيرة، مثل حيازة الأسلحة النووية من قبل بلدان غير نووية، ومساعي تحديث الترسانات النووية الحالية، وتطوير أنواع جديدة من الأسلحة النووية. كما أن احتمال وقوع الأسلحة النووية أو القنابل المشعة في أيدي الإرهابيين أصبح بدوره مبعثا على القلق البالغ".
      من جهته، اتهم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية د. محمد البرادعي الولايات المتحدة الأميركية بالازدواجية في التعامل مع القضية النووية.ودعا واشنطن بأن تكون قدوة لبقية العالم من خلال خفض ترسانتها النووية ووقف برامج البحوث، مشيرا إلى مطالبة الحكومة الأميركية الدول الأخرى بعدم امتلاك أسلحة نووية وفي الوقت ذاته تسلح نفسها. وقال البرادعي، في حديث لصحيفة "شتيرن" الألمانية الاسبوعية في 26/8/2003، إنه لا توجد أسلحة نووية جيدة وأخرى سيئة.وطالب القوى النووية الخمس وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين بإبداء الاستعداد أمام العالم لنزع سلاحها النووي.وفي تناوله لخطة الرئيس الأميركي بوش لإقامة درع وطنية للدفاع الصاروخي، إنتقد البرادعي:  "تمتع عدد صغير من الدول بامتياز الاحتماء بدرع واقية من الهجمات النووية، بينما يفتقر بقية العالم لمثله"..
فاقد الشيء لا يعطيه !
    في مجال الأسلحة لم تخط الولايات المتحدة الأمريكية خطوة واحدة جدية على طريق إستعادة مصداقيتها المفقودة،وإنما بالعكس، فهي ليست فقط واصلت صدارتها فى الهيمنة على سوق السلاح بالنسبة للعالم الثالث، واحتفظت بالمركز الأول للعام الثامن على التوالى خلال عام 2002 - طبقا لأحدث تقرير صدر فى هذا الصدد عن دائرة خدمات البحوث التابعة للكونجرس الأميركي ضمن سلسلة التقارير السنوية التى تصدرها هذه الدائرة، بل وكانت واشنطن تزيد، في كل يوم يمر، من شكوى خبراء حظر الانتشار النووي بما تقوم به من تقويض لهدف نزع السلاح العالمي، من خلال اهتمامها باستكشاف الأسلحة النووية الأصغر نطاقا، مثل القنبلة النووية الخارقة للتحصينات.وقد حذرها المناوؤن للجيل الجديد من الأسلحة النووية أكثر من تحذير وتحذير بأنها ستشكل منطلقاً لسباق جديد للتسلح النووي..
    ولم تكن تلك التحذيرات مبالغة! إذ سرعان ما أكدت صحتها الأحداث المتسارعة.فها هي وزارة الدفاع الروسية تحذر حلف شمال الاطلسي  من انها قد تعيد النظر في عقيدتها العسكرية، وخصوصا في مجال الاسلحة النووية، اذا بقي حلف الاطلسي كتلة عسكرية تعتمد عقيدة هجومية. وجاء في خطة لتحديث القوات المسلحة الروسية، نشرت نصها وزارة الدفاع: اذا بقي حلف الاطلسي تحالفا عسكريا، مع احتفاظه بالعقيدة العسكرية الهجومية الحالية، فان ذلك سيستدعي اعادة نظر معمقة للتخطيط العسكري الروسي، تشمل تغييرات في الاستراتيجية النووية.علماً بأن روسيا والولايات المتحدة إتفقتا في اطار اتفاقية جديدة لنزع الاسلحة في اَيار/ مايو 2002، على خفض ثلثي ترساناتهما النووية الاستراتيجية الحالية..وقامت باكستان بإجراء تجربة جديدة على صاروخ قادر على حمل شحنة نووية.وقال مصدر رفيع باسم هيئة الاركان العامة للقوات المسلحة الباكستانية:«ان باكستان اجرت بنجاح تجربة صاروخ بالستي «ارض ـ ارض» محلي الصنع وقصير المدى،يبلغ مداه 290 كلم، من نوع « حتف ـ3  غزنوي»..وتواصل تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لدرجة أن الأخيرة هددت بإنتاج قنابل نووية جديدة..وفي الوقت نفسه صعدت الولايات المتحدة من ضغوطها على إيران، عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي هددت بعرض الملف النووي الأيراني على مجلس الأمن، مع أن إيران أعلنت أكثر من مرة بأنها لا تسعى الى إنتاج سلاح نووي..ومن يدري  ما الذي ستجلبه الأيام القادمة، في بقع أخرى من العالم، رداً على الغطرسة الأميركية، ومشاريعها الأستراتيجية والعسكرية المهددة للأمن والسلم العالميين !
    والسؤال الذي يطرح نفسه:هل يحق لمن يقوض نزع السلاح النووي العالمي، ويهدد السلم العالمي، مفتعلاً التوتر الدولي، أن يكرر الزعم بـ "حرصه" على "حماية " أمن العالم من الخطر النووي؟!! 



#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)       Al-muqdadi_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستحداث وزارة للبيئة ضرورة اَنية ملحة !
- الموقف من قضية المرأة العراقية
- الى متى يبقى أطفال العراق ضحايا لمخلفات الحرب ؟
- إنتشار التسمم الإشعاعي في التويثة وقوات الإحتلال لا تحرك ساك ...
- لمناسبة الخامس من حزيران- يوم البيئة العالمي تجاهل التلوث ال ...
- الأول من حزيران -عيد الطفل العالمي
- الولايات المتحدة والتلوث الإشعاعي في العراق
- الولايات المتحدة والبيئة العراقية
- الأمم المتحدة تحث على مواجهة التلوث وبقايا اليورانيوم المنضب ...
- كي لا تتكرر ماَسي اليورانيوم المنضب في العراق
- خامسة عشر عاماً على كارثة حلبجه.. والخطر ماثل
- للحقيقة والتأريخ وفاءاً لذكرى شهيد الشعب والوطن وصفي طاهر ور ...
- الحرب الأمريكية القادمة لن تجلب للعراقيين سوى الكوارث والمحن ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنض ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا اليورانيوم المنضب - الق ...
- صحيفة إستبيان لبحث علمي خاصة بالعراقيين
- مبروك لدعاة الحرب !!!


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - كاظم المقدادي - الملف النووي الدولي والإزدواجية الأميركية