رواء الجصاني
الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 05:29
المحور:
الادب والفن
عبر كتابات ولقاءات وبرامج تلفزيونية مختلفة في الفضائيات ووسائل الاعلام الأخرى، شاركت نخب أدبية وسياسية عديدة في استذكار الجواهري الكبير، بمناسبة السنة العاشرة على رحيله في دمشق الشام، بتاريخ السابع والعشرين من تموز 1997... وقد رافق كل ذلك، وسبقه، مهرجان ببغداد، وفعاليات ثقافية متميزة في أربيل والسليمانية قبل بضعة أسابيع... ومن المؤكد أن ما تعيشه البلاد من بلاء الإرهاب، وما ينجم، ويترتب عليه من ويلات ومآسٍ، قد ساهم في ألا تتسع المناسبة لمزيد من الفعاليات ذات الصلة.
... ونزعم أن استذكار الجواهري وتراثه الفكري وعطائه الوطني والانساني، احتفاء بالقيم والمواقف التي حمل لواءها الشاعر العظيم وروّج لها طوال حياته المديدة التي قاربت القرن كما هو معروف... كما نزعم أيضاً أن بعض الصمت حيال ذلك الاستذكار إنما يعبّر عن خلاف وتضاد بين مواقف واتجاهات ورؤى في النظرة للحياة ومتطلبات الارتقاء... ولن نفصل في تقييم تلكم التقاطعات، تاركين لأصحاب الفطنة والألباب هذه المهمة غير العسيرة بالتأكيد، للتوصل إلى النتائج التي يرون.
... والصمت الذي نتحدث عنه هنا، في هذه الحالة، وشبيهاتها، ليس جديداً على متبنيه، من حاسدين ومتخلفين وشوفينيين وطائفيين وعنصريين وأسلافهم. فقد حاولوا وما برحوا، عبر صمتهم المريب – فضلاً عن الرياء والجحود والزيف والتزييف – أن يعتّموا على مفاهيم وقيم التنوير التي تبناها الجواهري، شعراً وفلسفة ومواقف رائدة، منحازة إلى المنطق والعقل والتحضر... ونزعم ثالثة أن أولئك وأشباههم، ممن تصدى لهم الجواهري، هم المعنيون في بائيته الشهيرة عام 1949: "لقد ابتلوا بي صاعقاً متلهباً، وقد ابتليت بهم جهاماً كاذبا"... كما عنى بعض جمعهم الذي: "يخشى اللصوص فيذبح العسسا... يزهى بفارسه إذا افترسا، وبضوء نجم ساطع طُمسا" عام 1984...
وعلى أية حال، وأخرى، فان الفيصل الأصدق كان، ولم يزل، الوعيّ والوجدان والضمير، وذلك ما سيثبته قادم الزمان، حين تنطفيء وتخمد صراعات الأيدي والسلاح والأحقاد والدجل، ويطمسها التاريخ، ليحل مكانها "صراع" العقول والأفكار وتلاقحها الهادف للنهوض، كما تعلمنا تجارب الشعوب والأمم الصاعدة، وهو ما بقي يشغل الجواهري عقوداً، وجاهد مكافحاً بالفكر والقلم من أجل سيادته، وواضعاً كل عبقريته، وموهبته، من أجل شيوع تلك المفاهيم... وكم خشي أيضاً من سيادة الليل البهيم على البلاد ومجتمعها، محذراً ومنذ أربعينات القرن الماضي: "أرى أفقاً بنجيع الدماء تنوّر، واختفت الأنجم... وجيلاً يجيء ، وجيلاً يروح، ونار إزاءهما تضرمُ"... وتلكم نبوءة أخرى مما تحفل به سيرة الشاعر العظيم.
#رواء_الجصاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟