|
المشاكل الاجتماعية التى اوجدتها مرحلة ما بعد سقوط النظام 3 -الفساد
عبدالله مشختى احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2000 - 2007 / 8 / 7 - 10:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفساد كان موجودا فى العراق بانواعها السياسى والاجتماعى والمالى والخلقى وكانت المسألة نسبية من منطقة لاخرى حسب نمط السكان الذى كان يعيش فيها ، ولم يكن مستشريا ولم يكن بامكان الباحثين تعميمها عراقيا وكانت تتوقف ايضا على نوع السلطة التى تحكم البلد والقونين الاجرائية بحق مرتكبى الفساد سواء كانت فى اجهزة الدولة ومؤسساتها او فى المجتمع عامة . اعد حرب الخليج وفرض الحصار على العراق انتشرت كل انواع الفساد بشكل لم يسبق له مثيل وبشكل غير معهود ، حيث كان العديد من ذوى المراكز واصحاب الظائف فى الدولة العراقية مستعدين لبيع اية معلومات سرية للدولة او وثائق لقاء المال وخاصة الذين كان دخلهم محدودا او كانوا محرومون من امتيازات النظام الصدامى . حيث كان راتب الموظف او العسكرى لا تكفيه لوحده فقط عدة ايام فكيف الامر لاعالة اسرة كاملة بهذا الراتب الضئيل ، وكذلك ادت معاناة العديد من الاسر الى ان تعرض اعز شئ للبيع من المدخرات والارصدة وحتى الجسد . بعد سقوط النظام واحتلال العراق ودخول الاحزاب السياسية الى الساحة العراقية واستيلائهم على السلطة والمؤسسات المهمة للدولة سالت لعابهم للموارد المالية الكثيرة فانتهزوا الفرصة كى لاتفوتهم لانهم كانوا على علم بان هذه الفرصة لن تتكرر ثانية فاستولوا على كميات ضخمة من الايرادات الوطنية من المبالغ التى استولوا عليها بكل الوسائل ولم يكن مهما لهم ان كانت هذه الوسائل شرعية او غير شرعية المهم ان يثروا من موارد الشعب العراقى قبل ان يتركوا كراسى الحكم والمسئولية . والفساد انواع كثيرة ومن التى شاعت وانتشرت فى العراق او شاعت بعد سقوط النظام ولو كانت موجودة ولكنها استفحلت وسنذكر اهمها التى اثرت على وضعية المجتمع العراقى : 1 – الفساد المالى : يعد هذا النوع من الفساد الاكثر شيوعا وانتشارا الان فى المجتمع العراقى بدأ من القمة اى السلطلت العليا فى الدولة العراقية ونزولا الى العامل والفراش والحارس والمستخدم ، فكم من المبالغ الضخمة هربت الى الخارج واكتشفت من قبل الاجهزة الحكومية فى الاردن وبيروت ودمشق وغيرها من الدول التى حاول اصحابها تسفير تلك المبالغ اليها ومن ثم الهرب من العراق ليعيش فى احدى هذه الدول فى بحبوحة ودون ان تصل اليه يد العدالة للشعب العراقى . وقد حاول كل من موقعه ان يؤمن لنفسه قدر من المال الحرام كى يؤمن حياته بعد طرده واخراجه من فوق كرسى المسؤولية ، ونذكر القصة الواقعية من دائرة ذات مردود مالى حيث اقدم الحارس الى ادخال سيارات اهلية الى كراج سيارات المخصص للدائرة مقابل الف دينار لكل سيارة وعنما انكشف امره استدعاه المسئول فى الدائرة للتحقيق معه وقال له كيف تتصرف هكذا بممتلكات الدولة فاجابه الحارس سيدى لقد رأيت واحسست بانكم جميعا تسرقون وتنهبون مال الدولة والدائرة فقلت لنفسى انا ايضا ساتصرف مثلهم ولكن بطريقتى الخاصة ، هكذا وصلت الامور فى مؤسسات ودوائر الدولة الصغيرة فكيف بالكبيرة فحدث ولا حرج . وهناك المئات بل والالاف من القصص التى تروى عن هذا الواقع المر فى عراقنا اليوم وهناك قصص حقيقية وواقعية ولكن فى النهاية من كان كبش الفداء او الضحية كان امثال ذلك الحارس السئ الحظ ولم تطال يد الاجراء والقانون اولئك الذين يأخذون بناصية المسؤولية والحكم . وعندما تحين الفرصة وتحت الضغط الشعبى لاتخاذ اجراءات ما فانها تتخذ بحق الافراد والموظفين البسطاء ولن يتم اخضاع اى مسؤول كبير للمحاكمة واكثر الاجراءات قساوة بحق هؤلاء المسئولين يكون اما التقاعد بما كان يملكه من امتيازات سابقة ان لم تضف له اخرى لانه قدم خدمات مميزة لبنى منطقته خلال فترة وجوده فى ذلك المنصب او المركز او يحولونه الى دائرة اخرى ليسرق هناك كونه غريب فى موقعه الجديد ولا احد يعرف سجله الملئ بالنياشين والاسمة السحرية فى النزاهة والاخلاق . او يوفرون له مبلغا ماليا كبيرا ويرسلونه الى الخارج ليتوارى عن الانظار فترة وينسى الناس امره لاعادته بعد فترة ويحيطون حوله هالة بعد ان يشترى لنفسه شهادة دكتوراه فى تخصص معين ليكون مؤهلا لاستلام منصب اكبر من ذى قبل . اية مهزلة نعيشها فى عصرنا الحالى فى العراق الجديد وفى ظل ديمقراطية العراق الجديدة . 2 – الفساد الادارى : امسى الان من اكثر انواع الفساد شيوعا فى عراقنا الجديد من حيث اداء الموظفين او رءساء الدوائر الذين يجلسون على كراسيهم الهزازة وراء ابواب مقفلة الا لمن كان قريبا له او من عيلته وعشيرته او حزبه او من اصدقائه الذين ترتبطهم مصالح مادية او غيرها ويكون جل حديثهم عن اخر موديلات السيارات او اخر تصاميم الفلل الاوربية الحديثة التى وصلت للبلاد فى حين ان اكثرية الشعب العراقى يعيشون تحت الخيم او فى الاكواخ او البيوت التى لاتصلح لان تكون مأوى للانسان او يلتحفون السماء . الترشيحات للتعيينات او الايفادات او البعثات فهى محجوزة مسبقا فى اكثر الاحوال لمن لمنتسبى الاحزاب ومن ثم لاقرباء وذوى المسئولين وان لم يتوفر النصاب من هؤلاء فسينتقل رئيس الدائرة او المسؤول الى الاقربين ومن ثم الى العصبة والى العشيرة والاصدقاء وان لم يتوفر ضمن هذا الجمع كله عندئذ يعلن للملأ مع العلم ان اية وظيفة ومهما يكن متواضعا لن تمنح لاى شخص الا ان يكون مزكيا من قبل حزب ما واعرف الكثير من الخرجين من كليات مهمة ولم يتم تعيينهم او تعيينهن لانهم لا ينتمون للحزب المسيطر فى المنطقة المعنية ولدى نماذج من البصرة ومحافظات عراقية اخرى ناهيك عن البحث فى الدوائر فان الموظفين فى العديد من الدوائر يجلسون ويتسامرون الاحاديث اثناء الدوام والمراجعين ينتظرونهم لانجاز معاملاتهم او ان بعضهم يضعون العوائق امام المراجعين كى يبتزوا منهم مبلغا من المال وكم من حالات حدثت فى العديد من الدوائر ان المواطن الذى لن يكون له صديق او معارف فى الدائرة المعنية ستبقى معاملته لعدة ايام لا تنجز . 3 – الفساد اليساسى : انتشر هذا النوع من الفساد فى فترة احتدام الصراع على السلطة بين الاحزاب والقوى السياسية فبدأت بشراء الانسان بالمبالغ كى يضمن عدم التجائه الى الطرف الاخر او ان الحزب الفلانى قد قام نتيجة لهذا الصراع باحتضان القبيلة الفلانية والعشيرة الفلانية من اجل ضمان ولائهم لهذا الحزب او ذاك وكان نتيجة كل ذلك هدر العديد من المبالغ التى لو خصصت ووزعت بعدالة لغطى حاجة اكثرية المعدمين من العراقيين . من ناحية اخرى ادى شراء الولاءات الى قيام الاحزاب بقبول وترشيح ذوى هذه القبائل والعشائر فى مراكز مسؤولية ومناصب مهمة وهم لا يستحقونها او غير اكفاء بالمرة وغير مؤهلين لهذه المراكز مما ادى الى الاستياء العام من لدن الشعب الذى كان يطمح ان يتبؤ المناصب والمراكز المهم اناس اكفاء ويخدمون شعبهم لا ان يعملوا ويكدوا من اجل ملأ جيوبهم وجيوب توابعهم . ان الاحزاب قد تمكنت خلال فترة زمنية قصيرة من جمع مبالغ خيالية فكيف اتت هذه الاموال ومن اين الم تكن تلك الاموال ملك للشعب العراقى مهما واين يكن مصدره لان هذه الاحزاب تنادى بتمثيل مصالح الشعب افلا يعنى هذا ان الاحزاب هى ملك للشعب ام ان الاحزاب كل منها تمثل مصالح طائفة او مجموعة من منتسبيه وليس كل منتسبيه عدا المحظوظين والمقربين واعدادهم قليلة جدا . 4 – الفساد الاجتماعى او الخلقى : سبق وان تحدثت عن ذلك فى مقال سابق وهو مرتبط بهذا العنوان حيث ادت الاوضاع الجديدة الى تفرقة شمل العوائل وتسابق الاهل والاقرباء وراء المال والمصالح وتناسوا علاقة الرحمة والانسانية التى تجمع بعضهم ببعض وامسى الانسان مستعدا لان يخون اهله وشقسقه وصديقه من اجل مصالح مادية وامسى القتل وسفك الدماء ظاهرة طبيعية عند العديد من ابناء العراق الذين كانوا يفجعون بمجرد سماع القتل او الذبح وامسى اليوم من الامور الطبيعية .
#عبدالله_مشختى_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انسحاب التوافق من الحكومة هل ستدع المالكى يسير امور الدولة ب
...
-
العراق لن تكون حرا فى ظل المحاصصة الطائفية
-
المشاكل الاجتماعية التى أوجدتها مرحلة ما بعد سقوط النظام في
...
-
المشكلات الاجتماعية التى أوجدتها مرحلة ما بعد سقوط النظام في
...
-
هنيئا ومبروك للعراقيين هذا الفوز الكبير
-
الرهانات الامريكية على دول الجوار العراقى لن تجديها نفعا
-
المجرمون وحدهم يحولون الافراح الى مأساة
-
ما يفرقه السياسة يوحده الرياضة
-
الى جميلة كردستان
-
17 تموز 1968 امست نقطة سوداء فى تاريخ العراق الحديث
-
الكرد والاسلام السياسى
-
هل نحن الشرقيين نمارس الديمقراطية فى الحياة الحزبية
-
لتكن ذكرى 14 تموز 1958 رمزا لاستقلال العراق
-
انه لعجيب امر العرب!!!!!!!!!!
-
لمصلحة من يستهدف مسيحيوا العراق
-
هل انت يسارى ؟ اذن كيف؟
-
برلمان وحكومة اقليم كردستان -- هل تحرر المراة الكردية من ظلم
...
-
اليسار بين التيار الاصولى والديمقراطى فى العراق اليوم
-
النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدنى والاحزاب
-
المادة 140 من الدستور العراقى لماذا كل هذه المعارضة؟
المزيد.....
-
حاول تثبيتها فسقطت منه في البحر.. شاهد ما التقطته كاميرا تحت
...
-
علماء يكتشفون سببًا محتملًا لإعادة بناء نصب -ستونهنج- قبل آل
...
-
أحبّها بعمق.. قد يصدمك ما فعله رجل ليبقى بقرب حبيبته
-
فيديو يظهر محاولة اقتحام سجن مكسيكي بعد أعمال شغب دامية.. شا
...
-
-العنف الطائفي بعد الإطاحة بنظام الأسد أقل حدة مما كان متوقع
...
-
آلاف السوريين يحتشدون في ساحة الأمويين في الجمعة الثانية بعد
...
-
إل ألتو البوليفية: -المنازل الانتحارية- مهددة بالانهيار والس
...
-
فنلندا تجدد رفضها فتح الحدود مع روسيا
-
ليبيا.. ضبط شبكة نشطت في تصنيع وبيع الخمور المغشوشة في بنغاز
...
-
مصر تدين اعتداء الدهس في ألمانيا وتؤكد رفضها كل أشكال الإرها
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|