|
أمل دنقل شاعرا عاطفيا
عبد المنعم عبد العظيم
الحوار المتمدن-العدد: 1999 - 2007 / 8 / 6 - 11:20
المحور:
الادب والفن
منذ رحل هذا الشاعر الجنوبى الأسمر عن عالمنا والاف الأ ضواء تتسلط على ساحة حروفه القوية الرصينة الصادقة المعبرة العميقة وكأنها تتعرف لأول مرة على الثراء الفنى الذى رحــــل صاحبه بعد رحلة حياتية قصيرة انهكه فيها المرض اللعين والحروف التى لم تعرف الانحناء ، عـــــاش فيها مطاردا من الجلاد والمحقن يصارع السوط ومشرط الطبيب وألام المرض الخبيث حتى ودع دنيانا هذا الشاعرالذى قالوا فى مقدمة ديوانه الذى جـــــــمع اعماله الكاملة بعد وفاته واصدرته دار روزاليوسف القاهرية ,, ليس أمل شاعرا يتغنى بالقصائد انه يمسك السكين ويكتب به الكلمات،، هذا الشاعر الذى اتسم بالصلابة والذى كان يقول : لقد قتلت عبر سنوات العذاب كل أمل ينمو بداخلى قتلت حتى الرغبات الصغيرة والضحــك الطيب 0 وعندما نعته الكاتب كمال الملاخ بالشاعر العاطفى ثارت ثائرة النقاد وقال أحدهم انه لم يقـــرأ شعر أمل دنقل ولم يعرفه لأن أمل لايكتب بالقلم ولكن يكتب بالسكين0 وقال الشاعرأحمد عبدالمعطى حجـــازى :أن أمل فى حديثة صريح قاطع عنيف لايعبأ باللياقة ولا يلقى بالا للاستدراك انما يواجه هدفه بغير تحوط أو مداراه 0 وكان أمل يقول أريد أن يكون عقلى هو السيد الوحيد لا الحب ولا الجنس ولا الأمانى الصغيرة اننى لا أقبل كلمة رقيقة من أمرأة لأن هذا سيضطــــرنى الى الترفق معها وهذا يعنى التودد اليها وهذا يمثل الضعف الذى لايغتفر 0 كان أمل يخجل من مجرد وصفه بالشاعرلأن وصف الشاعر يقترن فى أذهــــــــــان الناس بالرقة والمشاعر الفياضة والنعومة 000 وهو القائل : اه لو أملك سيفا للصراع اه لو أملك خمسين ذراع لتسلمت بايمانى الهرقــلى مفاتيح المدينة00 كان يبدو مزهوا بالقوة والعنفوان والقلب الذى لايعرف العــــــــواطف ويخاطب الناس:
ايها الناس كونوا اناسا00 هى النار وهى اللسان الذى يتكلم بالحق 00 لاتدخلوا معمدانية النار 00 كونوا لها الحطب المشتهى00 والقلوب الحجارة 00 وقد كان يعزى هذا الى نشأته الصلبة الخشنة الجافة وتزمت والده الازهرى وطبيعتة الصعيدية يقول فى قصيدته الكعكة الحجرية : ايها الواقفون على حافة المذبحة00 اشهروا الأسلحة 00 سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحه 00 والدم انساب فوق الوشاح 00 المنازل أضرحة 00 والمدى أضرحة 00والزنازن أضرحة00 فاشهروا الأسلحة00 رايتى عظمتان وجمجمه 000 وشعارى الصياح00 ثم يقول فى دفتر الاستقبال : لاتسألى النيل أن يعطى وأن يلدا لاتسألى ابدا 00 انى لأفتح عينى حين افتحها 00 على كثير ولكنى لا أرى أحدا00 ويقول فى فقرات من كتاب الموت : كل صباح0أفتح الصنبور فى ارهاق00 مغتسلا فى مائه الرقراق00 فيسقط الماء على يدى دمى 00 وعندما أجلس للطعام مرغما00 ابصر فى دوائر الأطباق 00 جماجما00 جماجما 00 مفغورة الأفواه والأحداق00 هكذا يبدو أمل دنقل شاعر متحجر المشاعر صخرى المزاج لايعرف العاطفة حتى أن الكاتبة عبله الروينى أرملة الشاعر قالت عنه فى كتابها الجنوبى انه كان شديد الصــلابة كالجرانيت الصخرى فهو قادر دائما على كتمان انفعالاته بل وأحيانا على اظهار عكسها0 ولعلنى أرى ان أمل دنقل استطاع ان يخدع الجميع فوضع على وجهه قناعا زائفا أخفى به وجهه الحقيقى الذى يتدفق عاطفة ويتفجر حبا وهو الذى يملك وجدانا جياشا بالمشاعر الرقبقة مهـــــما حاول ان يوهم الناس ان العاطفة لديه لحظة ضعف حاول أن يطردها من حياته0 هل افتقد العاطفة هذا الشاعر الذى قال : ووقفنا فى العيون الخرس00 قول لايذاع 00 يخنق اللحن 00 فتدميه اعاصير المستباح0بين اطراق 00 وحزن القلب 00 اضناه الوداع00 وهل صخرى ذلك الذى قال : ونظرت فى عينيك من عبر الدموع00 عينان خضروان كالخلد الرطيب00 فرأيت احزانا توسوس فى الربيع00 وحنان وجـــد صادق لم تبصريه 00 أن أمل قلب يبشر بالحب يقول فى قصيدته الملحد: لكم جئت للحب أزجى القرابين 00 والحب عبد له سؤدد أتيتك يوما صغـــــــــــيرا غريرا 00يجاذبنى نورك المـــوقد وحفت اليك بحــــــــار الدموع 00 يلوح خلفـــــها المعبد وهو القائل أيضا : وأنا المسىء اليك ياحبى المنتظر00 فأنا تراب مندثر 00ولأنت طاهرة كحبات المطر 00 وهل بعد ذلك شك فى ان امل دنقل كان شاعرا عاطفيا بنفس الدرجة التى تميز فيها كشاعر سياسى ولعله كان صادقا عندما قال الشاعر بلاحب كالشعر بلا معنى يقول فى قصيدة من ديوانه مقتل القمر احدق فى خطوط الصيف فى شفتيك00 يعوى داخلى الحرمان00 لهيب أدمى الشوق00 مصباحان يرتعشان واهرب نحو عينيك 00 يطالعنى الهوى والله والغفران او قصيدته التى يقول فيها: شاء الهوى أن نلتقى سهوا00 كم كنت افتقدك 00ياوجهها الحلوى00 والعجيب أن أمل كان حريصا على عدم نشر قصائده العاطفية مثل قصائده (حب/راحلــــة /اذكرينى/الملحد/ نانا/ الوداع/ ستأتين لى / الموزة السمراء ) رغم ماتحمله من عاطفة متدفقة وصفاء كنور الفجر 0 ربما أراد ألا يراه أحد فى لحظة ضعف ولعل رفيقة رحلته السيدة عبلة الروينى كانت صادقة عندما قالت : كتب أمل عن صديق له هذه الكلمات فخلته يكتب عن نفسه ( كنت دائم الخـوف من أن يكتشف الناس كم أنت رقيق فيدهسوك بسنابكهم )0
#عبد_المنعم_عبد_العظيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمونوفيس الضائع بين شامة وطامة وممنون
-
قدم المومياء بين رسام وقصاص
-
رؤية حول مجالس الأمناء والآباء فى تطوير العملية التعليمية لل
...
-
أدريس أفندى ينقذ بوابة معبد الكرنك
-
الأمير والحلم
-
الطفل الأنجلو مصرى فى بيت فرنسا بالأقصر
-
مجذ وب سيدى توت
المزيد.....
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|