سلام عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1993 - 2007 / 7 / 31 - 12:01
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يرفعونه عاليا على رماحهم, ينظرون اليه من فجوات مخابئهم. يتأملون, بشهوة قاتلة, رقع الزمان المحفورة على محياه, يتحسسون أثر البقع الداكنة, لدم سال على نسيجه الشفيف, يتشممون رائحة البارود, التي تلطّخ حواشيه المذهّبّة, فينكمشون على أنفسهم, مثل ليلة باردة, متدثرين بعري الوهم.
## # ##
يرفعونه عاليا على رماحهم, فينظر اليهم من عليائه: يرى البحر, بحره, سفائن تمخر صوب العصور، يرى الجبل, جبله, مرفوعا كنخلة الأزل، يرى السهل, سهله, مبسوطا كمهد الأبدية. يسترق السمع, كعادته السرمدية, فتهدل في أذنيه أجراس التاريخ, وتهطل الصلوات من غيمة الفجر, واحدة إثر أخرى, وهي تغسل المآذن.
## # ##
هم ينظرون اليه, الى عريه الفريد, الى ارتجافته الدائمة مصلوبا في هواء الله, وهو ينظر اليهم بقلبه الخافق. هم ينظرون اليه من مخابئ أرواحهم, الى قدميه العاريتين, الى المسمار المغروس في مشط القدم, الى نافورة الدم, تلون بلاط مسجد الكوفة، ينظرون اليه صغارا, كأطفال المدارس المشاكسين, صغارا كجراء ضالة, كصغار النمل, تبحث عن مائدة الشتاء في برد الشتاء. وهو ينظر اليهم من سمائه المضيئة, كمن يرى رعشات هاربة من مزق الزمان ومن شظايا البروق, يراها تومض ثم تخبو, تومض ثم تخبو, ذاهبة الى سدف النسيان.
#سلام_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟