أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حيدر السلامي - صهوة الفرْش














المزيد.....

صهوة الفرْش


حيدر السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 1999 - 2007 / 8 / 6 - 11:05
المحور: كتابات ساخرة
    


أحد أصدقائي وهو مثقف يحترف الأدب والصحافة وجه لي سؤال: هل تصلح الديمقراطية للعراق؟ اعتدلت في جلستي وتنحنحت كما يفعل المحللون السياسيون ـ وما أكثرهم اليوم ـ عندما تستضيفهم فضائية ما ونظرت في وجه صاحبي متفرساً كالذكي لعلي أظفر بإجابة كبيرة توحيها إلي عيناه أو قسماته وأعدت التنحنح مرتين أخريين وقلت: باعتقادي.. لكنه وللأسف قاطعني قائلاً: أرجو أن تكتب لي الجواب على الورق فليس لدي الوقت لأسمعك وأنت تغني على ليلاك..! ضحكت طبعاً وشكرته على صراحته.. وفكرت: إن الرجل على باب الله ويحق له ما طلب، ثم تساءلت مع نفسي أيضاً: أين يجد المرء من يسمعه في هذا الزحام والصخب المزبد بالأفكار والشعارات والتنظيرات الملأى والفارغة؟!
ومثلما يحصل دائما لم أهتد إلى جواب عن سؤالي هذا، فامتشقت اليراع ورحت أسطر رأيي بالديمقراطية وصلاحيتها للعراق وابتدأت مجدداً بعبارة في أعتقادي أن الحكم بصلاحية أو عدم صلاحية الديمقراطية لمجتمع ما، إنما يتطلب أولاً: الفهم العميق والدقيق لهذا المفهوم السياسي الغربي، وثانياً: دراسة الخصائص الثقافية للمجتمع الذي يراد فيه التبشير أو الدعوة للديمقراطية.
ونحن من منطلق إيماننا واعتقادنا بأن الإسلام نظام شامل له القدرة على استيعاب الحياة بكل تفاصيلها وجوانبها المختلفة، وأن لقوانينه وتشريعاته الصلاحية الكاملة والنافذة إلى يوم القيامة.. من هذا المنطلق نعتقد بأن الديمقراطية لا تعدو وصفها آلية وإجراءً محكوماً بعوامل الزمكانية والراسخ الذهني الموروث والمرتكز الثقافي وسائر العوامل الأخرى.
ونعد الديمقراطية شعبة من شعب الشورى الإسلامية وهي تجد في الأخيرة بذرتها الأولى التي أنبتها الإسلام في أرض الواقع منذ بزوغ فجره أيام كان الغرب يرزح تحت نير الاستعباد والتوحش في فترته الظلامية.
هكذا إذن نفهم الديمقراطية وبهذا المقدار نتعاطى معها أي كآلية نصل بواسطتها إلى حالة من المشاركة الفعلية بين جميع الأطراف والاتجاهات في صنع القرار الذي يهم الجماعة ويحترم حق الفرد في التعبير والمعارضة.
لكن هناك من ينظر إلى الديمقراطية كنظام سياسي متطور لإدارة شؤون الدول والشعوب وهناك من يستغرق في المفهوم الديمقراطي ويصل به ـ كما الإسلام ـ إلى مستوى النظام الحياتي الشامل والدائم والكامل ويعده فلسفة ومنهجية للفكر والسلوك معاً وينعت المذهب الديمقراطي بأنه التيار الجارف لكل ما سبقه أو المستقبل الحتمي للبشرية جمعاء.
إن هذا الاختلاف في الفهم أو النظر إلى الديمقراطية يؤدي إلى نتائج تصورية وفعلية مختلفة ويفضي إلى صراع دائر غير منقطع الأمر الذي قد يضيع على الشعوب الكثير من فرص الارتقاء في سلم التكامل الحضاري لأنه سيكون بمثابة الاجترار والدوران في الفلك الواحد أو المراوحة في ذات النقطة وسيوجد حالة من الوهم والفراغ.
أما المتطلب الثاني وهو دراسة المجتمع الموصوف له الديمقراطية فإنه من الضروري واللازم الشروع بهذه الدراسة وتحليل نتائجها لمعرفة وتشخيص سبل تمكين المجتمع من تقبل هذا التغيير الذي قد يتصادم مع الكثير مما يزخر به واقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي وربما يتناقض والبنى الفكرية والدينية التي يرتكز عليها ذلك المجتمع.
وبالنسبة للشعب العراقي فالملاحظ أن جميع التغيرات التي طرأت عليه لحد الآن هي تغيرات فجائية يمكن تسميتها بتغيرات الصدمة إذ لم تسبق أي تغيير على المستوى السياسي خاصة أية ثقافة ولم تمهد لأي تغيير أية أرضية اجتماعية ضمن نسق علمي ومدروس وإنما يحدث التغيير بسرعة خاطفة فيعصف بالحياة العراقية دون سابقة ويحيل بين عشية وضحاها النار رماداً والزرع صفصفاً لدرجة أن دعاة التغيير أنفسهم لا يستوعبون هذا التغيير ولا يستطيعون هضمه بينما هم يسيرون في زوبعته.
وهكذا هو الحال بالنسبة لتدشين الديمقراطية إذ جاءت إلى العراق مع الصواريخ عابرة القارات وبسرعة البرق أو الموت الخاطف لم تسبقها نذر ولا بشائر فكيف نطلب من الشعب بلمحة أن يفهم ويستوعب ويقبل على ممارسة الديمقراطية مؤمناً بالجملة بأنها ضرورة حضارية ومتطلب للمرحلة السياسية التي يمر بها الوطن ؟!
هذا مع افتراض وجود الترجمة الأمينة للفكرة قولا وتطبيقا أما في حال غياب هذه الترجمة الفورية التي يقوم بها الساسة الأمناء فستظهر لنا مشكلة أخرى من نوع خاص.
في ضوء ما تقدم.. نخلص إلى القول بأننا يمكن أن نحكم بعدم صلاحية الديمقراطية للعراق خلال الخمس السنوات الماضية باعتبارها تجربة مررنا بها ووقفنا على نتائجها على أية حال.. كما أننا لا يمكن أن نحكم بصلاحية الديمقراطية للخمس السنوات القادمة في ظل هذه المعطيات اللهم إلا أن تحدث المعجزة فيتأهل الشعب العراقي ويتهيأ لاستقبال مولوده الجديد أو القادم الغريب والمثير للشك عبر المحيطات والقارات (الديمقراطية) بشكل واعٍ ومؤدلج وغير مصطنع.
وبعد هذه السطور التي أنزلتها من العالم الذهني غير المتجانس لوناً إلى العالم السليلوزي الأبيض الناصع قلت في سري: هل ستحظى هذه الكلمات المقيدة بالحبر والورق بما لم تحظ به وهي حرة متقلبة على اللسان من فرصة التلقي وبآلية القراءة هذه المرة بدل السماع ؟! علماً أن الأولى تتطلب جهدا أوفر من الثانية.. ولما لم أجد ـ كالعادة ـ أجابة عن سؤالي بادرت إلى تأكيد حقيقة باتت ترافقنا كالظل مفادها: (محد إله خلك يسمع وكلمن حاير بروحه) وهنا تثاءبت مرتين وبدلاً من أن أركب صهوة الفرس للجهاد، ركبت صهوة الفرش وسافرت إلى نوم عميق.



#حيدر_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لستُ.. لستُ
- أربعٌ قصار
- لوافت
- الأول الأخير..
- المحكمة..
- مُت وحيداًً
- سنعبر المحن
- أفكار بالصوت العالي
- الخطاب الديني عبر الأثير
- تجلىّ لي المارد
- أمن كربلاء.. وتساؤلات أظنها مباحة
- هل تكفي 10 مليون دولار لحقن دمائنا ؟!
- نصبح وتصبحون
- التغيير في العراق .. هامش إعلامي
- كفاك أم قبة؟
- برلمانيون ولا عجب
- سر بي أو سر بدوني
- تارانفلا ..
- بعض تحديات المرحلة
- في الإعلام والثقافة وحريتهما


المزيد.....




- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حيدر السلامي - صهوة الفرْش