هل نفتح ‮ ‬النوافذ ونمنع الهواء؟‮!‬

حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 1990 - 2007 / 7 / 28 - 11:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

إحدى المفارقات الباعثة على الدهشة،‮ ‬لا بل وعلى الأسى،‮ ‬في‮ ‬بلادنا في‮ ‬الوقت الراهن أن البعض‮ ‬يريد أن‮ ‬يجمع بين نقيضين‮: ‬فتح النوافذ وفي‮ ‬الآن ذاته منع الهواء من التدفق من خلال هذه النوافذ‮.‬ هل ذلك ممكن؟‮!‬ المنطق‮ ‬يقول إن ذلك‮ ‬غير ممكن‮. ‬من‮ ‬يركب البحر لا‮ ‬يخشى من الغرق،‮ ‬كما‮ ‬يذهب إلى ذلك الشاعر الأندلسي‮ ‬الجميل‮. ‬طالما اخترنا الإصلاح عنوانا لما نريد أن نقوم به،‮ ‬فعلينا أن نعي‮ ‬بأن لهذا الإصلاح شروطه ومقتضياته التي‮ ‬لا تصح معها المواربة أو التردد‮.‬ خطوة واحدة إلى الأمام تعقبها خطوات إلى الوراء،‮ ‬فنحار ما إذا كنا نتقدم فعلا أم أننا نراوح في‮ ‬المكان نفسه‮. ‬ والمراوحة كما تدل تجارب كل الأمم ليست ثباتا في‮ ‬نفس المكان،‮ ‬إنما هي‮ ‬عودة إلى الوراء،‮ ‬ذلك أن الزمن ليس في‮ ‬حال من السكون،‮ ‬وإنما في‮ ‬حال من الحركة،‮ ‬ومن‮ ‬يقف مكانه سيجد أن الزمن تخطاه‮.‬ لا نقول بحرق المراحل،‮ ‬ولكننا نعلم أن حجم ما هو أمامنا من مهام على قدر كبير من الضخامة مما‮ ‬يتطلب‮ ‬سرعة ومثابرة وحسما وقدرة على اتخاذ القرارات الصعبة التي‮ ‬يجب أن تقطع مع الماضي‮.‬ الحاضر،‮ ‬خاصة في‮ ‬عالم متحرك كعالمنا،‮ ‬وفي‮ ‬زمن سريع الإيقاع مثل زمننا،‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يدار بذهنية الماضي‮ ‬وبأساليبه،‮ ‬خاصة وان الجميع أقر بأننا تراجعنا على أكثر من صعيد‮ ‬يعود الى ترددنا في‮ ‬الإقدام على الخطوات التي‮ ‬كانت مطلوبة في‮ ‬الماضي‮.‬ كيف نريد أن نقوم بالشيء ونقيضه في‮ ‬الآن ذاته‮: ‬على سبيل المثال لا الحصر،‮ ‬نصدر قانونا‮ ‬يكفل حرية العمل النقابي،‮ ‬ثم نقول للعاملين في‮ ‬الحكومة،‮ ‬وهم قوة عمل كبيرة لها من الحقوق الشيء الكثير‮: ‬لا‮ ‬يحق لكم تأسيس نقاباتكم؟‮!‬ نطرح الشفافية شعارا،‮ ‬لكن بعض أجهزتنا الحكومية لا تتردد في‮ ‬جرجرة موظفيها،‮ ‬بمن فيهم قادة الجمعيات المهنية للجان التحقيق،‮ ‬كما هو الحال مع رئيس جمعية الأطباء،‮ ‬لا لشيء سوى أنه أدى،‮ ‬بحكم موقعيه المهني‮ ‬والنقابي‮ ‬دورا‮ ‬يتصل بفكرة الشفافية؟‮!‬ نقول بحرية الصحافة،‮ ‬وتقتضي‮ ‬الأمانة القول إن سقف هذه الحرية ارتفع بشكل ملحوظ،‮ ‬ولكننا نستصدر من القضاء قرارات تمنع الصحافة من تناول موضوعات‮ ‬ينشغل بها الرأي‮ ‬العام،‮ ‬ونتبنى تشريعات تجيز حبس الصحافي‮ ‬بسبب تعبيره عن رأيه‮.‬ نقول بالاعتماد على الكفاءات من العناصر الوطنية،‮ ‬والبلد مليئة بالكثير منها،‮ ‬ولكننا لا نثق إلا في‮ ‬العنصر المستورد من الخارج،‮ ‬مع احترامنا لكل الجنسيات،‮ ‬لذا ليس‮ ‬غريبا أن تنشغل البلد في‮ ‬كل مرة بضجة‮ ‬يثيرها‮ »‬خبير‮« ‬جرى الاستغناء عن خدماته لهذا السبب أو ذاك،‮ ‬أو بفضائح وصفقات مالية مدوية أبطالها من هذه الخبرات المستقدمة،‮ ‬بسبب خوفنا المزمن من الكفاءات المحلية‮.‬ لا‮ ‬يمكن فتح النوافذ ومنع الهواء من التدفق منها،‮ ‬لأننا بعد ذلك لن نصدق أن هذه النوافذ مفتوحة أصلا‮.‬

#حسن_مدن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات