(الجزء الثالث)
[ نصّ مفتوح ]
..... .... ....
يغارُ إخوتي منّي
يبكونَ وهم يردِّدون
أولادُكِ حولكِ
فلماذا تلحّين
على حضورِ أخينا التائهِ
من سماءِ الغربةِ؟
من أين سنحضرُ لكِ صبري
الأرضُ قاسيةٌ والسماءُ عاليةٌ
تحرّكُ سبابتَهَا دلالةَ الرفضِ
أحدُ اخوتي يتذكّرُ صورتي
تفضّلي هوذا صبري
بسمةٌ من بين تجاعيدِ الموتِ
ترتسمُ على محيّاها
تمسكُ صورتي
تقبّلني قبلةً واحدة
ثمَّ تعبرُ غمامَ الحياةِ ..
دمعتي لم تتوقفْ طوال الليل
اتمتمُ وحدي معَ أوراقي
في الطابقِ التاسعِ
من تلالِ الفراقِ
فراقُ الروحِ عن الروحِ
دموعٌ ساخنة انسابَتْ
فوقَ خدودِ غربتي
انكسرَتْ شجرة من جذعِهَا
في ركنِ الحوشِ
تسارعَتْ خشونةُ الريحِ
رذاذاتُ مطرٍ تناثرَتْ فوقَ المآقي
من بعد آلافِ الأميالِ
طفرَتْ دمعتي
أبكي مثلَ طفلٍ فقَدَ أبهجَ اللُّعَبِ
يرحلُ الإنسانُ
كأنَّهُ نسمة عابرة
ما هذه الصرخة يا صديقي؟
صرخةُ الغربةِ
صرخةُ الرحيلِ
أم صرخةُ الإنتصارِ!
لا إنتصار يلوحُ في الأفقِ
لدى الكائنِ الحيِّ
الإنسانُ رحلةٌ مكتنـزة بالهزائمِ
أجسادنُا تزولُ
كما تزولُ خصوبة المروج
كما تترهّلُ الأعشاب البرّية
وحدُهُ الشعرُ يبقى شامخاً
مثل قبّةِ السماءِ
وحدُهُ الشعرُ يبقى شامخاً
مثل قبّةِ السماءِ
الكلمةُ لا تزولُ
تبقى ساطعةً فوقَ جدارِ الزمنِ
متلألئةً فوقَ شواطئِ الروحِ
أتوقُ إلى أزقّتي الطينيّة
إلى جاك إيليا
إلى نعيم إيليا أتوقُ إليكم ..
إلى تلكَ البراري
إلى ذاتي المفهرسة مع النسيم
أيّتها الذاتُ المنشطرة
كشهبٍ هائجة من وهجِ الصباحِ
المتعانقة بحبقِ العشقِ
معَ أغصانِ الكونِ!
.... ..... ..... يُتبَع!
ستوكهولم: آب 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا بإتّفاق خطّي مع الكاتب.